أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-2-2018
2013
التاريخ: 27-3-2017
1958
التاريخ: 5-3-2022
1059
التاريخ: 27-3-2017
13278
|
تطور الفكر الاجتماعي في الحضارات القديمة:
يعود الاهتمام بالبيئة الاجتماعية للإنسان إلى بداية تواجده على وجه البسيطة، فقد بدأ باكتشاف المناطق المحيطة به والتعرف على الأحوال الاجتماعية لساكنيها. ومن الأدلة المهمة على تنامي الفكر الاجتماعي لدى الحضارات القديمة، وجود مصلحين اجتماعيين كعلامة لأحد المؤسسات الاجتماعية الموجودة آنذاك. ففي مصر القديمة أدى العمل بالزراعة باعتبارها من الحرف التي تزيد من التفاعل والعلاقات بين البشر إلى ظهور النظام الأسري الذي ارتبط به، وتبعه النظام الأخلاقي؛ كالطيبة والكرم وحب الخير والتعاطف والاعتقادات الدينية المتمثلة بحب الإله وتشييد الاهرامات وتزيين المقابر.
كما تضمن ظهور النظام الأسري تجديد الكيان المجتمعي بشرياً من خلال التزاوج والتكاثر وتعويض المجتمع ما فقده عن طريق الوفاة او الهجرة أو الكوارث الطبيعية والبشرية، وقد ترك المصريون القدماء العديد من الآثار الدالة على مظاهر الثقافة التي تشير إلى فكرهم الاجتماعي، متمثلاً في القصائد التي تمجد ملوكهم والنصائح التي كتبها الحكماء والمدونات على جدران الكهوف. وقد حرم المصريون القدماء القتل والسرقة وأكل مال اليتيم والكذب والغش والزنا وهتك العرض وشهادة الزور ونبش القبور. وقد تمثلت الأخلاق المصرية في المحافظة على الروابط الأسرية وبر الوالدين ورعايتهما. ومن تعاليم المفكر (آني) إلى ابنه (حوتب) يوصيه بمساعدة المسنين والفقراء والمحتاجين، لأن النعمة لا تدوم ولأن الموت هو نهاية المطاف ولأن صاحب القلب القاسي لن ينال عطف الآلهة في الآخرة(1).
يمكن القول إن الفكر الاجتماعي في بلاد وادي النيل ارتبط بالنهر، لذا ظهر التقويم الشمسي وتطورت علاقات مصر بجيرانها ونشطت حركة الزراعة والتجارة وظهرت العلاقات الاجتماعية المتطورة، وكان ذلك نتيجة للاستقرار الذي شهدته البلاد. وحقق الاجتهاد المصري القديم إنجازات مفيدة ورائدة في المجال الجغرافي وفي مجال الاكتشافات وركوب البحر، وأسهم ذلك في تعزيز مسيرة الفكر الجغرافي القديم الذي يعد الفكر الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ منه(2).
أما الفكر الاجتماعي لبلاد فارس فقد تميز بظهور حركات الإصلاح على يد (زرادشت) المصلح الديني والاجتماعي الذي كان يدعو إلى توحيد الآلهة واعتماد إله واحد. واعتنق (دارا الأول) هذا الدين وجعله دين الدولة الرسمي، غير أن دعوة زرادشت انقرضت وتحول الفرس إلى عبادة النار وعادوا إلى الفساد والإلحاد، وتكون المجتمع من طبقات جامدة، لا يمكن الانتقال فيه من طبقة إلى أخرى. ثم جاءت دعوات لتحرير الإنسان مثل دعوة ماني ومزدك والملك قباذ. وكان الآباء يتحكمون في الأسرة، وكان للمرأة دور مهم في بعض المراحل، وكان أبناء الموسرين يلقون تعليماً كاملاً على يد الكهنة، وكانوا يدرسون كتب الطب والدين والقانون(3).
لقد أتاح التفوق الإمبراطوري الفارسي الحد الأقصى من استثمار الاحتكاك الحضاري مع مختلف الشعوب. وقد شغف الفرس في استطلاع المجهول، لذا برعوا في صناعة الأزياج(*) وعدوه ضرباً من ضروب الحسابات الفلكية التي تتلمس العلاقة بين الإنسان وحظة ومصيره من جانب، وحركة الإجرام السماوية من جانب آخر. وزخرت الأساطير الفارسية بقصص الرحالة باتجاهات العالم المختلفة، مما يؤكد الشهية الجغرافية المنفتحة في حضارة فارس ومساهمتها الفاعلة في نضوج | الفكر الاجتماعي.
في بابل سعى الاجتهاد الجغرافي إلى استشعار قيمة الرحلة الجغرافية في توسيع دائرة المعرفة الجغرافية، على الرغم من أن الرحلة الجغرافية كان لها نصيب في كل الحضارات، والأخيرة تلتمس كشف النقاب عن المجهول من الأرض وأحوال الناس وعاداتهم وتقاليدهم وطرق معيشتهم وأحوالهم الاجتماعية، وقد أسفر هذا الاجتهاد عن إسهام جيد ومناسب في صناعة الجغرافية الوصفية، وقد توصل هذا الاجتهاد إلى فرضيات مهمة من خلال التدبر والتفكير العلمي، أبرزها أن الماء أصل كل شيء، وأن قوة الخالق أساس التكوين وصناعة الحياة، واختلط هذا الاجتهاد بالأساطير والخيال(4).
أما الفكر الاجتماعي في بلاد الهند، فكان يقسم إلى اتجاهين مختلفين بحسب الديانات الرئيسة المنتشرة وهي الهندوسية والبوذية، إذ تعكس الديانة الأولى حياة المجتمع الآري الأول وما تحتويه من سذاجة وأساطير ووحشية، وهذه الديانة خاصة بالطبقات الأربع الأولى للديانة الهندوسية. أما الطبقة الخامسة فهي طبقة المنبوذين الذين اعتبروا من الأنجاس ولا يجوز لهم الاقتراب من آلهه الاسياد، لذا بقي المنبوذون في مستوى متأخر من التفكير والثقافة والوضع الاقتصادي والاجتماعي(5).
يؤكد مؤرخو التفكير الاجتماعي على أن التفكير الصيني أقدم تفكير منظم عرفه المجتمع الإنساني قبل عصر سقراط. غير أن أهم ما يميز التفكير الاجتماعي في الشرق القديم كونه ذا طابع يفتقر إلى التنظيم، وغير نابع عن دراسة مقصودة لذاتها، وانما كان مجرد انعكاس لظروف اجتماعية معينة. كذلك كان تفكيرا يعكس التجربة الشخصية لفرد ما، أي كان تفكيراً فردياً أكثر من كونه تفكيراً اجتماعياً. كذلك اتسم التفكير الاجتماعي في الشرق القديم بميله إلى النزعة المحافظة، إذ غابت عنه معاني التغيير أو الثورة أو التطور. (6)
وقد تأثر التفكير الاجتماعي عند فلاسفة اليونان بما قدمته المدرسة اليونانية المتأخرة، حيث كان الأثر المباشر للفكر اليوناني على التفكير الروماني مرتبطاً بالمدارس الفلسفية السائدة آنذاك، إلا أن تلك الأفكار قد تأثرت بالطابع الروماني وظروف حياة روما ونوعيتها.
وعلى الرغم من جهود الفلاسفة والمصلحين وما نجم عنها من إسهامات كبيرة في المجال الاجتماعي، إلا أنهم لم يتجهوا الاتجاه العلمي المعاصر في معالجتهم لشؤون الحياة والظواهر والعلاقات الاجتماعية، وذلك بسبب عدم وجود تحديد واضح لعلم الاجتماع من حيث الموضوع والمنهج والمحتوى. وقد كان لهؤلاء الفلاسفة أثر مهم في معالجة قضاياهم الاجتماعية وفقا لمعتقداتهم وفلسفتهم وتحليلاتهم للمجتمع البشري ونظمه السائدة وبنائه الاجتماعي آنذاك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حربي عباس عطيتو، الفكر الشرقي القديم، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 2005، ص60.
(2) صلاح الدين الشامي، الفكر الجغرافي سيرة ومسيرة، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1999، ص84.
(3) محمد محمود محمدين، الجغرافية والجغرافيون بين الزمان والمكان، الخريجي للنشر والتوزيع، فهرسة الملك فهد الوطنية أثناء للنشر، الرياض، 1996ص26-27.
(*) الزيج جمع أزياج أو زيجات، وهي كلمة فارسية (زيك) بمعنى السدي الذي تنسج فيه اللحمة أو خيوط النسيج المتقاطعة بالطول والعرض، لذلك سماها العرب أحياناً (الجداول) لان الجدول يتألف من أرقام أفقية ورأسية مثل خيوط النسيج. المصدر: محمد علي الفرا، الفكر الجغرافي في العصور القديمة والوسطى، ط1، مكتبة الفلاح، الكويت،1987، ص190.
(4) صلاح الدين الشامي، الفكر الجغرافي سيرة ومسيرة، مصدر سابق، ص84.
(5) محمد محمود محمدين، مصدر سابق، ص26-27.
(6) محمد عاطف غيث، علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1988، ص5.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|