أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-01
937
التاريخ: 5-1-2022
1585
التاريخ: 20-10-2020
3830
التاريخ: 11-9-2021
1776
|
الاستراتيجية غير المباشرة :
تتضمن الاستراتيجية غير المباشرة عدة أساليب يختلف بعضها عن بعض، إلا أن بينها جامعا مشتركا هو عدم الهجوم على العدو هجوما مباشرا صريحا، وإنما يكون الهجوم في هذه الحالة خفيا غير مباشر.
والأسلوب الأول لهذه الاستراتيجية يعرف باسم (حرب العصابات)، وهي التي تقوم بها جماعات تتسلل خلف خطوط العدو أو داخل معسكراته بهدف إحداث الفوضى والتدمير وإشاعة الفتن، ثم تنسحب هذه الجماعات المتسللة إلى معاقلها بعد قيامها بمهمتها. وأحدث أمثلة لذلك ما كان يقوم به الفدائيون المصريون ضد الإنجليز أثناء احتلالهم لمصر في منطقة قناة السويس، وما كان يقوم به الفيتناميون ضد القوات الأمريكية في فيتنام.
والأسلوب الثاني للاستراتيجية غير المباشرة هو الذى كان يدعو إليه الاستراتيجي البريطاني ليدل هارت، وهو الذى يهدف إلى إحداث جبهة ثانوية في إقليم العدو، أو في إقليم دولة تابعة له بعيدا عن جبهة القتال الأساسية، مثل ما قام به نابليون حينما دخل مصر عام ١٧٩٨ ليهاجم فيها الإمبراطورية البريطانية، ومثل ما قام به الحلفاء في الحرب العالمية الثانية الذين فتحوا جبهة ثانوية حينما نزلت قواتهم في جنوب أفريقيا.
والأسلوب الثالث للاستراتيجية غير المباشرة هو إثارة الفتن داخل إقليم العدو، كأن يسعى لأن تقاتل طائفة ضد طائفة أخرى، أو أن يثور مذهب ضد مذهب آخر مثل ما يحدث في لبنان وفي العراق، أو أن تتحرك أقلية تطالب بامتيازات من الأكثرية مثل ما يحدث في العراق بالنسبة للأكراد، أو نحو ذلك مما يؤدى إلى إضعاف العدو من الداخل.
واتباع الاستراتيجية غير المباشرة عادة يكون ضد العدو الذى يكون أعظم قوة من حيث عدد الجنود والتنظيم والعتاد، أو من حيث الحلفاء الذين يتعاونون معه ويقدمون له المساعدات في صراعه. ولذلك فإن هذا التفوق هو الذى يرغم الطرف الأضعف على أن يأخذ أسلوب الاستراتيجية غير المباشرة، وذلك إما لكسب الوقت إلى أن يقوى، أو انتظارا لمساعدة قد تأتيه من الخارج فتساعده على الصمود أمام عدوه، وإما أملا في أن يضيق العدو ذرعا بطول الكفاح فيتراجع أو يسعى إلى السلام.
وقد اتبعت الاستراتيجية غير المباشرة كثير من الدول في السنوات الأخيرة، وذلك كان طبيعيا بالنسبة للدول التي كانت خاضعة للاستعمار، لأن المستعمر أقوى منها وليس أمامه إلا اتباع الاستراتيجية غير المباشرة في كفاحه ضد عدوه الأقوى. كما أن اختراع السلاح الذرى جعل الحرب الذرية أمرا مستبعدا، لأنها إذا حدثت فإنما تؤدى إلى دمار شامل لجميع المحاربين لا فرق بين غالب ومغلوب، ولذلك فإن بعض الدول تلجأ للاستراتيجية غير المباشرة تجنبا للحروب التقليدية التي قد تؤدى إلى استخدام الأسلحة الذرية. ولهذا أصبحت الدول التي لا تستطيع الأخذ بالاستراتيجية التقليدية أو الذرية تتبع الاستراتيجية غير المباشرة في صورها المختلفة، لأنها تبعد شبح الحرب الذرية التي تخشاها البشرية.
من هذا نرى أن الاستراتيجية غير المباشرة ليست هي الحرب العلنية بمفهومها التقليدي بقدر ما هي حرب جديدة تدخل في إطار ما يسمى بالحرب الباردة ولا تتعارض مع التعايش السلمي, ويسعى الطرف الضعيف في الاستراتيجية غير المباشرة إلى أن يعوض هذا الضعف المادي بالنسبة إلى العدو الأقوى بمضاعفة قواه المعنوية، ولذلك فإن التعبئة المعنوية غاية في الأهمية في الاستراتيجية غير المباشرة، سواء كانت معتمدة على شعارات حتمية التاريخ أو التحرر، أو إلى تأييد الرأى العام العالمي الذى يعد عنصرا أساسيا في الاستراتيجية غير المباشرة. كما أن الاستراتيجية غير المباشرة تستند إلى قوى الشعب، وإلى المقاومة الشعبية؛ لأن الطرف الضعيف يجب أن يعتمد على تأييد الشعب له واشتراكه في الكفاح لتعويض ضعفه أمام الطرف الأقوى. وهذا التضامن يتحقق عندما يؤمن الشعب بالأهداف السياسية التي في سبيلها يدور الكفاح، كما حدث في معظم حروب التحرير، التي خاضتها الشعوب ضد الاستعمار.
ويتطلب أسلوب الاستراتيجية غير المباشرة السعي للحصول على مساعدات من دول صديقة، مثل ما حدث أثناء كفاح الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي الذى اعتمد على مساعدة الدول العربية، تلك المساعدات التي مكنتهم من الصمود في كفاحهم إلى أن تم الاستقلال، ومثل صمود الفيتناميين أمام القوات الأمريكية بفضل المساعدات التي كانت تقدمها الصين والاتحاد السوفيتي لهم، ومثل صمود المقاتلين الشيشان ضد روسيا الذى يعتمد على مساعدة الدول المجاورة.
كما أن الاستراتيجية غير المباشرة تتطلب سرعة التنقل والتحرك للانسحاب أمام قوات العدو بعد تسديد الضربات، وذلك يتطلب أن تكون أسلحتهم خفيفة، كما يجب أن تكون لديهم دراية بأرض المعركة ومسالكها حتى يمكنهم الانسحاب والتفرق من خلالها، ومواجهة الاستراتيجية غير المباشرة يتطلب إستراتيجية مضادة مثل محاولة إضعاف قوة الفدائيين المعنوية والقوى الشعبية التي تتبع في كفاحها الاستراتيجية غير المباشرة، وذلك بالعمل على عزلهم عن مصادر إمداداتهم، ومثل ابتكار إيديولوجية جديدة مناهضة للإيديولوجية التي يكافحون من أجلها. كما يمكنها محاولة إثارة الفتنة داخل صفوف الفدائيين أو قوى الشعب، والعمل لعزلهم عن الشعب، وإنشاء قوات مناهضة لهم من مواطنيهم مثل ما قامت به ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية مع روسيا عندما استغلت القوميات المتعددة التي يتكون منها الاتحاد السوفيتي لتكوين قوات تحارب في صفوف الجيش الألماني ضد الجيش الروسي، ومثل ما قامت به بريطانيا عندما سعت للوقيعة بين العرب وتركيا أثناء الحرب العالمية الأولى، وذلك بمحاولة إثارة العرب ضد تركيا عن طريق الشريف حسين (اتفاقية حسين - مكماهون) التي انتهت بإضعاف تركيا وتمزقها من جراء انضمام العرب إلى بريطانيا ضدها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|