المنهج التاريخي

يتناول هذا المنهج الجانب التاريخي للدولة حيث يركز على فهم الماضي لتحليل الأحداث الحاضرة، فهو يدرس كيف نشأت الدولة وتطورت، ثم كيف بسطت نفوذها على نطاقها الإقليمي، ثم يتناول بالدراسة حدود الدولة السياسية وكيف وصلت الدولة إلى هذه الحدود من خلال الخرائط التى توضح مراحل نمو الدولة من نواتها عبر التاريخ. ويتطلب اتباع هذا المنهج الإلمام الكامل بالمعلومات التاريخية للدولة.

واتباع هذا المنهج ليس ضروريا لكل دراسة فى الجغرافية السياسية، لكنه يفيد عند دراسة تطور شغل الدولة لنطاقها الإقليمي، ووصولها إلى حدودها السياسية للوقوف على التغيرات التى طرأت على علاقة الدولة بالأرض على مر الزمن، كما يهتم هذا المنهج بدراسة المعاهدات والاتفاقيات التى تبرمها الدولة من وجهة نظر جغرافية، ومدى تأثير هذه المعاهدات على علاقة الدولة بالدول الأخرى.

وقد اتبع كثيرون من الألمان هذا المنهج فى دراستهم تأثرا بفكرة راتزل عن الدولة ككان حي، فصاغوا لها القوانين الجغرافية التى تتبعها لتتوسع وتنمو لتصل إلى الوضع الذى تسعى إليه. ويركز هذا المنهج على عنصر الزمن كبعد أساسي فى دراسته وذلك بتتبع أثره فى تغيير العلاقة بين البيئة والمجتمع، فهو يدور حول الماضي لتفسيره وليس لمجرد سرد الأحداث التاريخية ليمكن فهم الأوضاع السياسية الحاضرة، والمشكلات القائمة فى ضوء الماضي.

ويتميز هذا المنهج برسم مجموعة من الخرائط التى توضح مراحل نمو الدولة فى نطاق الإقليم، فنمو الدولة من النواة ووصولها إلى حدودها السياسية القائمة يحتاج إلى اتباع المنهج التاريخي. ويتناول هذا المنهج مدى التطابق بين كل من اللاندسكيب الطبيعي والبشرى من ناحية، والظاهرات السياسية من ناحية أخرى ليرى إلى أى مدى قد أوجد التاريخ ما كان يجب أن يوجد أو العكس. وقد اتبع «وتلسى » هذا المنهج فى دراسته لنمو فرنسا وتطورها التاريخي فقد بدأ بدراسة نمو فرنسا من نواتها الأولى إلى أن وصلت إلى صورتها الحالية مع الربط بين هذا النمو وبين البيئة الطبيعية للإقليم.