أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-7-2021
16458
التاريخ: 5-10-2017
4697
التاريخ: 25-5-2022
4740
التاريخ: 2-5-2022
2448
|
ان نظام اختصام الغير لم يكن معروفاً في القانون الروماني , وانما نشأ في القانون الالماني القديم ومن الغريب أنه رغم النشأة الالمانية لهذا النظام فان القانون الالماني الحديث لا يعرفه (1)
إذْ شرع نظام اختصام الغير لكي يضفي على الخصومة المدنية بعض المرونة التي تخرجها من اطار الطلب الأصلي , وتؤدي إلى اتساعها لتشمل أشخاصاً جدد مما يؤدي إلى اتساع نطاقها من حيث الأشخاص , بما يحتمله هذا الاتساع من اتساع محتمل في العناصر الموضوعية للنزاع والتي يقصد بها محل النزاع وسببه (2).
واختلفت القوانين والفقه في تسمية هذا النظام , فقد وردت مادة الاختصام في قانون المرافعات المدنية العراقي ضمن باب الدّعوَى الحادثة واستعمل المشرع في المادة ( 69 ) منه مصطلحي " إدخال و اختصام " , ولكن قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري الملغي والنافذ عبر عمّا يسميه الفقهاء بالتدخل الجبري ( باختصام الغير )(3) , فلم يعد هناك محل لوصف التدخل بأنه جبري , وان تعبير القانون الجديد ادق من التسميات التي اطلقها الفقه على هذا النظام لان لفظ التدخل يفيد الاختيار فلا محل لأن يوصف بهذا الوصف , كما ان تعبير (تدخل جبري ) ينطوي على شيء من التناقض لان لفظ التدخل يفيد الاختيار فلا يستقم ذلك مع وصفه بأنه جبري (4). في حين اطلق عليه المشرع الفرنسي بالتدخل الجبري , إذْ خصص المشرع الفرنسي الباب التاسع من الكتاب الاول من قانون المرافعات المدنية للتدخل وقسمه إلى فصلين , تناول في الفصل الاول نظام التدخل الارادي وفي الفصل الثاني نظام التدخل الجبري (5).
إذْ اعتاد اغلب الفقه التقليدي على تسميته ب( التدخل الجبري ) , وذلك تمييزاً له عن التدخل الاختياري , لان اختصام الغير يتم دون تدخل لإرادة المُخْتَصَم (6). وقد جرى شراح قانون المرافعات المصري السابق على استعمال المصطلحات التي قال بها الفقهاء الفرنسيون , اما الفقهاء الفرنسيون فقد اطلقوا على اختصام الغير ب ( التدخل الجبري ) لإبراز فكرة ان المُخْتَصَم يدخل في الدّعوَى دون توقف على ارادته (7) , واطلق عليه بعض الفقه ( بإدخال الغير ) وبرر رأيه بأنه لا يكتسب الغير المدخل في الدّعوَى صفة الخصم دائماً (8). اما الفقه الحديث فقد هجر تسميته بالتدخل الجبري للانتقادات التي وجهت إلى هذه التسمية واخذ يطلق عليه تسمية ( اختصام الغير)(9).
إلّا ان الذي يهمنا هنا هو تعديل نطاق الدّعوَى من حيث الأطراف , إذْ اشترط قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969 النافذ وجوب توفر عدة بيانات في عريضة الدّعوَى عددتها المادة (46/3) , منها وجوب ذكر " اسم كل من المدعي والمُدّعى عليه ولقبه ومهنته ومحل اقامته... " (10) لكي تستطيع المحكمة النظر في الدّعوَى والسير فيها على وفق الأصُول المبينة في القانون وهذا يعني ان المبدأ في قانون المرافعات المدنية والقوانين المقارنة , هو ان نطاق الدّعوَى يتحدد من حيث الأطراف والموضوع والسبب طبقاً للطلبات الواردة في عريضة الدّعوَى . ولا يجوز تعديل نطاقها سواء من حيث الأطراف ام الموضوع ام السبب بعد تقديمها إلى القضاء الّا على سبيل الاستثناء . وهذا ما أشارت اليه المادة (59/3) من قانون المرافعات المدنية من انه " ليس للطرفين ان يزيدا على الدّعوَى باستثناء الدّعوَى الحادثة " .
إذْ أورد المشرع العراقي استثناء على المبدأ المتقدم في المادة ( 69 ) من قانون المرافعات المدنية , إذْ سمح بتعديل نطاق الدّعوَى اثناء نظرها من حيث الأطراف سواء بالتدخل أو الاختصام , وورد نص هذه المادة في باب الدّعوَى الحادثة إذْ يعُد اختصام الغير صورة من صور الدّعوَى الحادثة , وبما ان موضوع رسالتنا اختصام الغير فلذا سنقتصر على بيان هذا النظام فقط .
إذْ أجازت القوانين المقارنة اختصام الغير في الدّعوَى المدنية المنعقدة بين أطرافها في حدود معينة (11) , استناداً إلى نظرية الارتباط بين الدعاوى القضائية , ولكن في حدود من كان يصح اختصامه ابتداءً أو لصيانة حقوق الطرفين أو أحدهم ، لما في هذا النظام من منح الخصوم الأصليين في الدّعوَى ، وسيلة مختصرة يستطيعون بها مقاضاة شخص لم تتم مقاضاته ابتداءً رغم التمكن من ذلك ، إذْ يوفر هذا النظام للخصم وخاصة المدعي فرصة تدارك ما فاته ابتداءً .
ولم تترك القوانين التي أجازت اختصام الغير هذا الحق بيد الخصوم دون قيد أو شرط , إذْ يرجع ميل المشرع إلى تقييد اختصام الغير بحدود معينة إلى حرصه على ان تتحدد بقدر الامكان منذ اللحظة الاولى لرفع الدّعوَى حدود الخصومة القضائية فلا تتراكم جملة خصوماًت في خصومة واحدة , ولا تتشعب الخصومة الواحدة تشعباً غير منتج فيؤذى بذلك حسن اداء العدالة وما يستلزمه من سرعة فض الخصومات خاصة وان تقديم طلب اختصام الغير في خصومة قائمة هو عادة ايسر من تقديم نفس الطلب إلى القضاء في شكل دعوى جديدة مستقلة (12).
وحتى القوانين التي أجازت هذا الاختصام أجازته بشكلين , اما بناء على طلب أحد الخصوم في الدّعوَى , أو بناء على أمر المحكمة من تلقاء ذاتها . إذْ نصّت المادة (69) من قانون المرافعات المدنية على هذين الشكلين , وهي تقابل المواد (117 – 118) (13) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1968 النافذ . وهذه النصوص تقابل نص المادة (331) و (332) من قانون المرافعات المدنية الفرنسي رقم (1123) لسنة 1975.
اما على صعيد الفقه الاجرائي , فقد اختلف الفقهاء في تعريف اختصام الغير . إذْ عرف اختصام الغير بأنه ( لكل من الخصمين في الدّعوَى ان يطلب إدخال شخص ثالث فيها له علاقة بها أو ارتباط بين الدّعوَى الأصلية والطلب الموجه إلى الشخص الثالث )(14). إذْ يلاحظ على هذا التعريف انه يقصر الاختصام على طلب أحد الخصوم فقط .
وكذلك قد عرف بأنه ( تكليف شخص خارج عن الخصومة بالدخول فيها بناء على طلب أحد طرفيها الأصليين أو بناء على أمر المحكمة )(15). ويفهم من هذا التعريف أنه حصر طلب اختصام الغير بالأطراف الأصليين فقط ومن ثم لا يجوز للخصم المتدخل أو المُدخل في الدّعوَى ان يقدم طلب اختصام الغير .
كما عرف بانه ( نوع من الطلبات العارضة يترتب عليه اتساع نطاق الخصومة من حيث الخصوم فيها بإدخال شخص خارج عن الخصومة لم يكن طرفاً فيها )(16).
أو هو ( تكليف شخص من الغير خارج عن الخصومة بالدخول فيها , ومن ثم يصبح خصماً فيها أو ماثلا فيها على الاقل , وذلك بناء على طلب أحد الخصوم الأصليين أو بناء على أمر يصدر من تلقاء المحكمة نفسها دونما طلب من خصم)(17).
ويذهب رأي إلى تعريفه بأنه ( اجبار الغير على الظهور في خصومة منعقدة لاعتبارات حسن سير العدالة أو لوجود بعض عناصر النزاع في حوزة هذا الغير )(18).
أو هو ( اجبار شخص على الدخول في خصومة لم يكن طرفاً فيها , وذلك بناء على أمر المحكمة لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة ,أو بناء على طلب الخصوم بهدف الحكم على الشخص المُخْتَصَم بنفس الطلبات الأصلية أو طلب اخر أو جعل الحكم حجة عليه أو الزامه بتقديم ورقة تحت يده )(19).
يلاحظ على التعاريف المتقدمة جميعاً أنها تركز على صور اختصام الغير وهي اما بناء على طلب أحد الخصوم أو بأمر من المحكمة رغم أنهم اختلفوا في الالفاظ التي استخدموها إذْ ان الالفاظ المستخدمة كالتكليف والاجبار وغيرها هي جميعها تؤدي إلى المعنى نفسه من اختصام الغير وهو اجبار شخص اجنبي على الدخول في خصومة قائمة دون ارادته , وقسم منهم اكد على ضرورة وجود ارتباط بين الدّعوَى الأصلية وطلب اختصام الغير وتعاريف اخرى ركزت على نطاق الدّعوَى وبعضها الاخر ركزت على الغرض من الاختصام , فلكل من الفقهاء تعريف خاص به من منظاره لهذا النظام , وقد رأينا ان بعض الفقهاء يسند صفة الخصم إلى الشخص المُخْتَصَم في الخصومة في جميع الحالات وهذا خلاف الواقع إذْ لا يكتسب الشخص المُخْتَصَم صفة الخصم في جميع الحالات وإنما في حالات معينة (20).
ويمكننا ان نعرف اختصام الغير بأنه ( الزام من يصح اقامة الدّعوَى عليه ابتداءً او من يؤثر الحكم على حقوقه , بالدخول في خصومة قائمة بناء على طلب أحد الخصوم أو بناء على أمر المحكمة من تلقاء نفسها ).
نخلص من كل ما تقدم إلى ان اختصام الغير في الدّعوَى المدنية هو صورة من صور الدّعوَى الحادثة به يتم توسيع نطاق الخصومة من حيث الأطراف إذْ يتم اجبار شخص اجنبي عن الخصومة بالدخول فيها اما بناء على طلب أحد الخصوم أو بأمر المحكمة من تلقاء ذاتها وقد ينتج عنه جعل الغير طرفاً في الخصومة , ويسميه بعض الفقهاء بالاختصام بالمعنى الدقيق , وقد ينتج عنه مثول الغير في الخصومة فقط دون ان يصبح خصماً فيها وهو في هذا الفرض لا يعد اختصاماً الًا على سبيل التجوز (21) , لأنه ينتج عنه فقط مثول الغير في الخصومة دون ان يتحول إلى طرفاً فيها ولذا يطلق عليه اختصاماً تجوزاً , إذْ لفظ اختصام يفيد تحويل الغير المُخْتَصَم إلى طرفاً في الخصومة وهو ما لا يحدث في هذا الفرض الاخير (22). ونرجح تسمية هذا النظام باختصام الغير ؛ لأنه ادق وأكثر ايضاًحا لهذا المعنى من تعبير الإدخال , اضافة إلى ما ذكر اعلاه من مسوغات للأخذ بهذه التسمية .
___________
1- د . فتحي والي , الوسيط في قانون القضاء المدني , دون ناشر , 1986 , ص 458 .
2- د. نبيل اسماعيل عمر , اصول المرافعات المدنية والتجارية , منشأة المعارف بالإسكندرية , ط1 , 1986 , ص553.
3- نص المشرع المصري على هذه التسمية وجعلها عنوانا للفصل الثاني من الباب السادس من الكتاب الأول .
4-د. رمزي سيف , الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية , دون ناشر ,1970 ,ص347 .
5- لكنه داخل المواد التي تعالج الاختصام استعمل المشرع الفرنسي كلمة " يختصم " وكلمة " اختصام "
6- ضياء شيت خطاب , الوجيز في شرح قانون المرافعات المدنية , مطبعة العاني – بغداد , 1973 , ص 131 . د. احمد مسلم ,اصول المرافعات , دار الفكر العربي - القاهرة , 1969 ,ص576 . محمد العشماوي د. عبد الوهاب العشماوي , قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن , ج2 , مكتبة الآداب , ص 349 .
7- د. رمزي سيف , الوسيط , مصدر سابق , ص347 .
8- د. عبد الباسط جميعي , شرح قانون الاجراءات المدنية , دار الفكر العربي , 1966 , ص 429. د. فتحي والي , مبادئ قانون القضاء المدني , ط2 , دار النهضة العربية – القاهرة , 1975 , ص310 . د. عيد محمد القصاص , الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية , ط1 , دار النهضة العربية – القاهرة , 2005 , ص 521.
9- د. هادي حسين عبد علي الكعبي , النظرية العامة في الطلبات العارضة , ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2011 , ص 288-289 . د. نبيل اسماعيل عمر , اصول المرافعات , مصدر سابق , ص 453 د. احمد صدقي محمود , قواعد المرافعات , ص285. ومع ذلك لايزال جانب من الفقه الحديث يسمي اختصام الغير بالتدخل الجبري , د. احمد خليل , اصول المحاكمات المدنية , منشورات الحلبي الحقوقية , 2005 , ص261.
10- تقابلها المادة (63) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري حيث تنص على " يجب ان تشتمل صحيفة الدّعوَى على اسم المُدّعى عليه ووقائع الدّعوَى وطلبات المدعي واسانيدها , وذلك حتى يتمكن المُدّعى عليه من تحضير دفاعه ويتمكن القاضي من النظر في الدّعوَى على ضوء ما ورد في صحيفتها " .
11- وهذا واضح من نصوص المواد (69/2) من قانون المرافعات العراقي و (177) من قانون المرافعات المصري و (331) من قانون المرافعات المدنية الفرنسي .
12- د. احمد مسلم ,اصول المرافعات , دار الفكر العربي - القاهرة , 1969 , ص 575 .
13- نصت المادة (117) منه على ان " للخصم ان يدخل في الدّعوَى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها , ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدّعوَى قبل يوم الجلسة مع مراعاة حكم المادة 66 " ونصت المادة (118) على انه " للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى أدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة , وتعين المحكمة ميعاد لا يجاوز ثلاثة اسابيع لحضور من تأمر بإدخاله أو من يقوم من الخصوم بإدخاله ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدّعوَى ".
14- منير القاضي , شرح قانون اصول المرافعات المدنية والتجارية , ط1 , مطبعة العاني بغداد 1957 , ص 53. وقريب من هذا المعنى د. ممدوح عبد الكريم حافظ , شرح قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 النافذ , ج1 , ط1 ,بغداد 1973, ص .
15- د. عبد المنعم الشرقاوي , الوجيز في قانون المرافعات المدنية والتجارية , دار النشر للجامعات المصرية - القاهرة ,1951 , ص 318 . وقريب من هذا المعنى د. احمد ابو الوفا , اصول المحاكمات المدنية , ط2 , مكتبة مكاوي – بيروت , 1979 , ص 226-227.
16- د. رمزي سيف , الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية , ط8 , دار النهضة العربية – القاهرة , 1968-1969 , ص353.
17- د. ابراهيم نجيب سعد , القانون القضائي الخاص , ج1 , دون ناشر وسنة النشر , ص605. وقريب من هذا المعنى د. احمد مليجي , الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات , ج3 , ط7 , 2008, دار العلم والايمان للنشر والتوزيع , ص 7 . د. عز الدين الديناصوري وحامد عكاز , التعليق على قانون المرافعات , ط2, 1982 , ص322. د. سيد احمد محمود , اصول التقاضي وفقا لقانون المرافعات , 2005, دون ذكر دار نشر , ص495.
18- د. نبيل اسماعيل عمر , قانون اصول المحاكمات المدنية , منشورات الحلبي الحقوقية , 2008 , ص 302.
19- د. احمد السيد صاوي , الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية , دار النهضة العربية - القاهرة , 2008 , ص 302 . وقريب من هذا المعنى د. احمد صدقي محمود , قواعد المرافعات , ط2 , مكتبة الجامعة – اثراء للنشر والتوزيع , 2008 , ص285.
20- سناتي على بيان الحالات التي يكتسب فيها المُخْتَصَم صفة الطرف في الخصومة عند التحدث عن آثار اختصام الغير , ينظر ص 143 من الرسالة .
21- د. وجدي راغب , مبادئ الخصومة المدنية , ط1 , دار الفكر العربي , 1978 , ص 283.
22- د. احمد مليجي , اختصام الغير , مصدر سابق , ص53-54.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|