المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24
أثر التبدل المناخي على الزراعة Climatic Effects on Agriculture
2024-11-24
نماذج التبدل المناخي Climatic Change Models
2024-11-24
التربة المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
نظرية زحزحة القارات وحركة الصفائح Plate Tectonic and Drifting Continents
2024-11-24

محمد جعفر بن محمد صفي الآباده‌ئي.
14-7-2016
الإِسلام والهجرة
8-10-2014
اصناف اللفت (الشلغم)
7-5-2021
رثاء لحضرة المولى ابا الفضل
19-8-2017
وصايا علي (عليه السلام) المهمة للجيش
14-10-2015
تعريف العقوبة الانضباطية
2024-07-04


الأندلسيون والعلوم والآداب  
  
2246   03:45 مساءً   التاريخ: 25-4-2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج1، ص: 220-221
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-02 558
التاريخ: 4-7-2016 10156
التاريخ: 2024-09-21 296
التاريخ: 8/11/2022 1499

 

الأندلسيون والعلوم والآداب

وأما حال أهل الأندلس في فنون (1) العلوم فتحقيق الإنصاف في شأنهم في هذا الباب أنهم أحرص الناس على التميز، فالجاهل الذي لم يوفقه الله للعلم يجهد أن يتميز بصنعة، ويربأ بنفسه أن يرى فارغا عالة على الناس، لأن هذا عندهم في نهاية القبح، والعالم عندهم معظم من الخاصة والعامة، يشار إليه ويحال عليه، وينبه قدره وذكره عند الناس، ويكرم في جوار أو ابتياع حاجة، وما أشبه ذلك. ومع هذا فليس لأهل الأندلس مدارس تعينهم على طلب العلم بل يقرءون جميع العلوم في المساجد بأجرة، فهم يقرءون لأن يعلموا لا لأن يأخذوا جاريا،

(220)

فالعالم منهم بارع لأنه يطلب ذلك العلم بباعث من نفسه يحمله على أن يترك الشغل الذي يستفيد منه، وينفق من عنده حتى يعلم، وكل العلوم لها عندهم حظ واعتناء، إلا الفلسفة والتنجيم، فإن لهما حظا عظيما عند خواصهم، ولا يتظاهر بهما خوف العامة، فإنه كلما قيل فلان يقرأ الفلسفة أو يشتغل بالتنجيم أطلقت عليه العامة (2) اسم زنديق، وقيدت عليه أنفاسه، فإن زل في شبهة رجموه بالحجارة أو حرقوه قبل أن يصل أمره للسلطان، أو يقتله السلطان تقربا لقلوب العامة، وكثيرا ما يأمر ملوكهم بإحراق كتب هذا الشأن إذا وجدة، وبذلك تقرب المنصور بن أبي عامر لقلوبهم أول نهوضه وإن كان غير خال من الاشتغال بذلك في الباطن على ما ذكره الحجاري، الله أعلم.

وقراءة القرآن بالسبع ورواية الحديث عندهم رفيعة، وللفقه رونق ووجاهة، ولا مذهب لهم إلا مذهب مالك، وخواصهم يحفظون من سائر المذاهب ما يباحثون به محاضر ملوكهم ذوي الهمم في العلوم. وسمة الفقيه عندهم جليلة، حتى إن الملثمين كانوا يسمون الأمير العظيم منهم الذي يريدون تنويهه بالفقيه، وهي الآن بالمغرب بمنزلة القاضي بالمشرق، وقد يقولون للكاتب والنحوي واللغوي فقيه لأنها عندهم أرفع السمات. وعلم الأصول عندهم متوسط الحال، والنحو عندهم في نهاية من علو الطبقة، حتى إنهم في هذا العصر فيه كأصحاب عصر الخليل وسيبويه، لا يزداد مع هرم الزمان إلا جدة، وهم كثيرو البحث فيه وحفظ مذاهبه كمذاهب الفقه، وكل عالم في أي علم لا يكون متمكنا من علم النحو - بحيث لا تخفى عليه الدقائق - فليس عندهم بمستحق للتمييز، ولا سالم من الازدراء، مع أن كلام أهل الأندلس الشائع في الخواص والعوام كثير الانحراف عما تقتضيه أوضاع العربية، حتى لو أن شخصا من العرب سمع كلام الشلوبيني أبي علي المشار إليه بعلم النحو في عصرنا الذي غربت تصانيفه

 (221)

وشرقت وهو يقرئ درسه لضحك بملء فيه من شدة التحريف الذي في لسانه؛ والخاص منهم إذا تكلم بالإعراب وأخذ يجري على قوانين النحو استثقلوه واستبردوه، ولكن ذلك مراعى عندهم في القراءات والمخاطبات بالرسائل. وعلم الأدب المنثور من حفظ التاريخ والنظم والنثر ومستظرفات الحكايات أنبل علم عندهم، وبه يتقرب من مجالس ملوكهم وأعلامهم، ومن لا يكون فيه أدب من علمائهم فهو غفل مستثقل.

والشعر عندهم له حظ عظيم، وللشعراء من ملوكهم وجاهة، ولهم عليهم وظائف، والمجيدون منهم ينشدون في مجالس عظماء ملوكهم المختلفة، ويوقع لهم بالصلات على أقدارهم، إلا أن يختل الوقت ويغلب الجهل في حين ما ولكن هذا الغالب. وإذا كان الشخص بالأندلس نحويا أو شاعرا فإنه يعظم في نفسه لا محالة ويسخف ويظهر العجب، عادة قد جبلوا عليها.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ق: العلم.

(2) العامة: سقطت من ك.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.