المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الاسرى النوبيون والسوريون.
2024-05-07
أعمال الوزير رخ مي رع.
2024-05-07
مخابز المعبد.
2024-05-07
واجبات الوزير رخ مي رع.
2024-05-07
رخ مي رع وعلاقته بمصانع آمون وضياعه.
2024-05-07
{الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يـستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا}
2024-05-07

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


صور عيب المحل في القرار الإداري  
  
5400   03:29 مساءً   التاريخ: 28-3-2022
المؤلف : سرى عبد الكريم ابراهيم الجبوري
الكتاب أو المصدر : عيب المحل في القرار الاداري
الجزء والصفحة : ص79-93
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القانون الاداري /

أن مخالفة محل القرار الإداري للقانون والذي ينتج عنه عيب المحل لاتقع في صورة واحدة بل تتخذ أوضاعاً ثلاثة. فيتمثل عيب مخالفة القانون (عيب المحل) إما في قيام الإدارة بعمل تحرمه القاعدة القانونية أو في امتناعها عن عمل توجبه أو أن عيب المحل قد ينشأ عن تأويل القاعدة القانونية وحملها خطأً على معنى غير الذي قصدته. وإما أن تكون المخالفة نتيجة الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية على الوقائع. هذا وقد عبرت عن هذه الصور محكمة القضاء الإداري المصرية في حكم لها إذ تقول (( أن مدلول مخالفة القوانين واللوائح يشمل كل مخالفة للقواعد القانونية بمعناها الواسع, فيدخل في ذلك : أولاً : مخالفة نصوص القوانين واللوائح, ثانياً : الخطأ في تفسير القوانين أو في تطبيقها وهو ما يعبر عنه رجال الفقه الإداري بالخطأ القانوني , ثالثاً : الخطأ في تطبيق القوانين و اللوائح على الوقائع التي بُنيّ عليها القرار الإداري وهو ما يعبر عنه بالخطأ في تقدير الوقائع)) (1) ونحن نستطيع أن نحدد من خلال الفقرة هـ من البند ثانياً من المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة , صور عيب مخالفة القانون, حيث جاء في هذه الفقرة (( يعتبر من أسباب الطعن بوجه خاص ما يأتي :

1- أن يتضمن الأمر أو القرار خرقاً أو مخالفة للقانون أو الأنظمة أو التعليمات

2 -   أن يتضمن الأمر أو القرار خطأ في تطبيق القوانين أو الأنظمة أو التعليمات أو في تفسيرها..)) (2) و (3) .

وعلى أساس ما تقدم حدد الفقه والقضاء الأوضاع التالية لمخالفة المحل للقاعدة القانونية

أولاً :- المخالفة المباشرة للقانون.

ثانياً :- الخطأ في تفسير القانون.

ثالثاً :- الخطأ في تطبيق القانون على الوقائع.

المطلب الأول

المخالفة المباشرة للقانون

لقد ذكرت هذه الصورة الفقرة  1/هـ  / ثانياً / المادة 7 من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة (1979) المعدل المذكورة آنفاً حيث بينت انه يعتبر من أسباب الطعن في الأمر أو القرار الإداري هو أن يتضمن خرقاً أو مخالفة للقانون أو الأنظمة أو التعليمات . وقبل أن نسترسل بالكلام عن التعريف بالمخالفة المباشرة للقانون , لابد أن نتوقف قليلاً عند نقطة مهمة نصت عليها الفقرة أعلاه, حيث أوردت تعبيرين هما , خرق القانون ومخالفته, فما هو الفرق بين هذين التعبيرين.

أن مفهوم خرق القانون هو إسناد الأمر أو القرار الإداري إلى أساس ليس له وجود في النظام القانوني للدولة مطلقاً , وبعبارة أدق انه ليس في مصادر مشروعية القرار (4) .

والمثال على ذلك هو حالة ما إذا أصدرت إحدى الجهات الإدارية قراراً بفرض عقوبة انضباطية بحق احد موظفيها إلا انه يظهر بأنه لم يكن لتلك العقوبة وجود في القانون حتى يصلح النص الذي يتضمنها أساساً شرعياً للقرار الانضباطي (5) . وقد جاء في احد قرارات مجلس الانضباط العام بأنه ظهر للمجلس أن التنبيه ليس من بين العقوبات المنصوص عليها في المادة السادسة من قانون انضباط موظفي الدولة رقم  69لسنة 1936 المعدل وان المادة24 من القانون المذكور حددت اختصاص اللجنة والمجلس العام بفرض أي عقوبة من العقوبات الواردة فيه مع مراعاة أحكامه . لذلك يكون الحكم بعقوبة التنبيه على المعترض, مصدراً مخالفاً للقانون (6)  . فقرر نقض قرار لجنة الانضباط آنف الذكر وإعادة الأوراق إليها لاتخاذ القرار أما بالبراءة أو بتوجيه إحدى العقوبات المبينة حصراً في المادة السادسة من القانون المذكور (7) .

أما المخالفة المباشرة للقانون (8)  فأنها تحدث عندما تتجاهل الإدارة القواعد القانونية الملزمة لها تجاهلاً كلياً أو جزئياً وذلك بإتيانها عملاً من الأعمال المحرمة بهذه القواعد أو الامتناع عن القيام بعمل تستلزمه (9) . أي أن مخالفة نصوص القانون قد تكون ايجابية أو سلبية

أولاً:- المخالفة الايجابية للقاعدة القانونية:-  

تقع مخالفة الإدارة الايجابية للقاعدة القانونية عندما يخالف قرارها حكم تلك القاعدة كأن تصدر الإدارة قراراً تخرج به على حكم هذه القاعدة وما يلزم لتطبيقها أو عندما يكون موضوع القرار الإداري الذي اتخذته محرماً عليها التعرض له بناءً على نص قانوني من درجة أعلى من مرتبة القرار الإداري فيأتي القرار على نقيض ما تقضي به القاعدة (10)  .وهذا النوع من المخالفات يكون واضحاً في الواقع العملي مثل حالة قيام الإدارة بإصدار قرار بتسليم احد اللاجئين السياسيين مخالفة بذلك النص الدستوري الذي يحظـر عليها تسليم اللاجئين السياسيين أو أن تلجأ الإدارة إلى التنفيذ المباشر في حالة لم ينص عليها القانون .

ثانياً:- المخالفة السلبية للقاعدة القانونية:-

وتتمثل هذه المخالفة في حالة امتناع الإدارة عن تطبيق القاعدة القانونية أو رفضها تنفيذ ما تفرضه عليها من التزامات وبغير سبب منطقي. ويحدث ذلك عندما يلزم القانون الإدارة بالقيام بعمل معين أو إجراء تصرف محدد فإذا اتخذت الإدارة موقفاً سلبياً إزاء هذا الالتزام فأنها تكون قد ارتكبت بذلك

مخالفة للقانون. كأن ترفض الإدارة منح ترخيص لأحد الأفراد رغم استيفائه جميع الشروط القانونية إذا كان القانون يلزمها بمنح الترخيص في هذه الحالة (11). ويندرج تحت هذه الصورة أيضاً امتناع الإدارة عن تنفيذ قانون معين دون سبب منطقي . حيث أن الإدارة وان كانت تملك بعض السلطة التقديرية في اختيار الوقت الملائم لتطبيق القانون إلا أنها لا تملك أن تؤجل تطبيق القانون إلى ما لانهاية لأن ذلك يشكل مخالفة مباشرة للقانون (12) .

ولا يؤثر في قيام عيب المحل أن تكون المخالفة المباشرة للقانون قد وقعت في صورة ايجابية أو سلبية فالنتيجة في الحالتين واحدة وهي بطلان القرار الإداري .

والحقيقة أن حالة المخالفة المباشرة للقانون تعتبر ابسط الحالات في العمل وما على طالب الإلغاء إلا أن يثبت قيام القاعدة القانونية التي يستند إليها وان الإدارة قد تجاهلت هذه القاعدة كلياً أو جزئياً  (13) . إلا أن هذا الإثبات قد تعتريه بعض الصعوبـــة إذا كانت القاعـــدة غير مكتوبــة وهنا يبرز دور القاضي الإداري الايجابي في الإثبات والذي يكون له بالغ الأثر في تيسير مهمة المدعي في الاضطلاع بعبء الإثبات المُلقى على كاهله (14) .

على انه كثيراً ما يثور الخلاف حول وجود القاعدة القانونية كمنازعة الإدارة في وجود عرف إداري واجب الإتباع أو عدم احترام مبدأ من المبادئ القانونية العامة أو إلغاء كلي أو جزئي لقاعدة قانونية ذلك أن شرعية القرارات الإدارية إنما تتقرر استناداً للقواعد القانونية التي كانت نافذة المفعول عند صدور هذه القرارات وليست القواعد القانونية السابقة لصدورها أو اللاحقة (15).

وتنحصر مهمة القاضي الإداري في تحديد القاعدة القانونية الواجبة التطبيق مع مراعاة التدرج في تلك القواعد وذلك بخضوع القاعدة الأدنى للقاعدة الأعلى بشرط أن تكون تلك القواعد نافذة بحق الأفراد (16) . ونظراً للتطور السريع للتشريع في الوقت الحاضر فأن معظم تطبيقات المخالفة المباشرة للقانون يكمن في معرفة القانون النافذ والملغى من الأحكام القديمة لصدور تشريع جديد  (17) . هذا وقد ألغى مجلس الانضباط العام عندنا قرارات إدارية عديدة لاستنادها إلى قاعدة قانونية ملغية وفي احد قراراته ذهب المجلس إلى أن ( ومن حيث المشروعية فقد وجد المجلس أن مشروعية تطبيق الفقرة 3 من البند أولاً من قرار مجلس قيادة الثورة رقم 45 لسنة 1991 أن هذا التطبيق يشوبه البطلان لأن قرار الفصل صادر بتاريخ 7/6/1994 في ظل قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 الذي تتضمن المادة 25 منه على إلغاء قانون انضبـاط موظفي الدولة رقم 69 لسنة 1936 المعدل ولا يُعمل بأي نص يتعارض وأحكامه ويترتب على إزالة التعارض العمل بقانون الانضباط ولا يُعمـل بالفقرة 3 من قرار مجلس قيادة الثورة رقم 45 لسنة 1991 لأن الواقعة يسري عليها نفاذ قانون الانضباط الذي جرى العمل به في 2/9/1991 وبالتالي لا يُعمل بقرار 45 لسنة 1991 كأداة قانونية لفصل الموظفين..) (18).  

المطلب الثاني

الخطأ في تفسير القانون

يحدث الخطأ في تفسير القانون إذا قامت الإدارة بتفسير القاعدة القانونية بطريقة خاطئة (19)  . ويقصد به إعطاء القانون غير المعنى الذي قصده المشرع وهذه الصورة أدق واخطر من الحالة السابقة لأنها خفية (20) . لأن الإدارة في هذه الحالة عند اتخاذها لقرار معين لاتنكر القاعدة القانونية الواجبة التطبيق ولا تتجاهل وجودها كما هو الحال في الصورة الأولى, وإنما تعطي لها معنى وتفسيراً غير المقصود منها أي أن هناك تفسيراً للقاعدة القانونية تتمسك به الإدارة وتفسيراً مختلفاً يتمسك به من يطعن بالقرار الإداري ويحسم هذا الخلاف القاضي الإداري (21).  فكلمة الفصل هنا تعود للقاضي الإداري الذي يراقب مشروعية أعمال الإدارة عن طريق دعوى الإلغاء وبالتالي فأن الإدارة ملزمة بالتفسير الذي يتبناه القضاء خصوصاً المحـاكم العليا حتى لو كان هذا التفسير لا يتفق مع حرفية النص ما دام متفقاً مع روحه (22). وقد يقع هذا الخطأ بغير عمد من الإدارة وقد يتم على نحو عمدي من جانبها.

أولاً:- الخطأ غير المقصود في تفسير القانون.

ويرجع هذا الخطأ إلى وجود غموض أو إبهام أو عدم وضوح في القاعدة القانونية موضوع التفسير , فينتج عن ذلك أن تقوم الإدارة بتأويلها إلى غير المقصود منها قانونـاً وهذا الخطأ قد يغتفر للإدارة , وخاصة في الحالات التي تكون فيها صياغة النص محل التفسير واضحة الغموض والإبهام وهذا هو الغالب (23).  

ثانياً :- الخطأ المقصود في تفسير القانون.

وهذا الخطأ في التفسير لا يغتفر للإدارة فالقاعدة القانونية تكون على درجة من الوضوح بحيث لا تحتمل الخطأ في التفسير ولكن الإدارة تتعمد التفسير الخاطئ . وتتعمد الإدارة في سبيل التحايل على القانون تفسير القاعدة القانونية بصورة خاطئة يبعدها عن المعنى الذي أراده المشرع (24).  وهناك أمثلة عديدة لهذا الخطأ المتعمد منها قيام الإدارة بإصدار قرار بأثر رجعي معلنة انه قرار تفسيري لقرار إداري سابق فهذا تحايل واضح من جانبها على قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية (25)   . وأيضاً حالة إعطاء الإدارة تفسيراً للقاعدة يتضمن إضافة  أحكام جديدة لم تتضمنها وقد حكم القضاء بان كل زيادة أو تحديد للأحكام التي تتضمنها القاعدة القانونية يعد غير مشروع وتفسير القاعدة القانونية بشكل يؤدي إلى تطبيقها على حالة لا تنطبق عليها وأيضاً تفسير القاعدة الواجبة التطبيق بشكل يسمح بإضافة شرط لم تتضمنه القاعدة (26) . وقد يختلط عيب المحل بعيب الغاية فيتعين البحث في حقيقة قصد الإدارة من وراء هذا التفسير الخاطئ وهنا يتبدى انحراف السلطة الإدارية عن الغرض القانوني لتحقيق غرض أخر غير ما حدده القانون, وفي هذا الصدد وضع مجلس الدولة المصري قاعدة (( انه لا وجه للتفسير إلا حيث يكون ثمة غموض موجود بالقانون )) (27).

ومن أكثر تطبيقات هذه الصورة أن تحاول الإدارة إقحام أحكام جديدة لم ترد في القانون فمن المسلم به مثلاً أن الإدارة إذا كان من حقها أن تصدر أنظمة لتنفيذ القانون, إلا انه ليس من حقها أن تضمن هذه الأنظمة أحكاماً جديدة ,بل ينحصر دورها في وضع الشروط اللازمة لتنفيذ الأحكام الواردة في القانون , فكل زيادة أو تجاهل يعد غير مشروع (28) .

وإذا كان الخطأ في التفسير عمدياً أو بدون عمدٍ فأن خطأ الإدارة في تفسير القاعدة القانونية يتسم بالدقة و الخطورة لأنها تعطيها معنى يخالف إرادة المشرع مما يؤدي إلى خلق قاعدة قانونية جديدة لم يأتِ بها المشرع وهذا ابتداع لا تملكه الإدارة لما فيه من اعتداء على سلطة المشرع وتجاوز من الإدارة لدورها الذي يقتصر على تنفيذ التشريع على الوجه الذي قصده المشرع (29).

ومن المتفق عليه أن للإدارة حق في تفسير النصوص القانونية حتى تستطيع ممارسة نشاطها وحتى تصل الإدارة إلى غاية التفسير وهي الوصول إلى معنى النص المتفق مع روح التشريع فأن عليها أن تتبع الأصول العامة للتفسير والتي استقر القضاء على ضرورة التزام الإدارة بها حيث أن الأصل في تفسير النصوص القانونية وتفهم مدلولها أن تحمل ألفاظها على ما يقضي به الاصطلاح والعرف القانونيـان لاما تقضي به الأوضاع اللغوية ما لم يقم دليل من النص على أن المشرع استهدف بلفظ معين معناه اللغوي لا معناه القانوني (30).

كما أكدت المحكمة الإدارية العليا في مصر على ضرورة التزام الإدارة بالمبادئ العامة لتفسير النصوص التشريعية ومنها أن التشريع اللاحق ينسخ التشريع السابـق وان النسخ قد يكون صريحاً أو ضمنياً (31).

وعلى الإدارة وهي بصدد التعرف على أغراض التشريع أن تبحث عنها أولاً في نصوص هذا التشريع قبل التماسها من الأعمال التحضيرية وإذا كان النص واضحاً صريحاً مطلقاً فلا سبيل إلى تخصيصه وتقييد إطلاقه بالرجوع إلى المذكرة الإيضاحية (32).

ومن تطبيقات محكمة العدل العليا في الأردن في مجال الخطأ في تفسير القانون قولها (( أن المعنى الذي قصده الشارع في قانون المطبوعات من اشتراط حُسن السمعة لتولي أعمال معينة هو أن يكون من يتولى هذه الأعمال محمود السيرة لم يسمع عنه ما يشينه أو يحط من قدره بين الناس حائزاً لما يؤهله للاحترام الواجب للمهنة التي يرغب في مزاولتها , وعلى ذلك فسوء السمعة يجب أن يكون مرجعه ضعف في الخُلق وانحراف في الطبع يدفعان بالرجل إلى طريق الرذيلة ويجنبانه طريق الفضيلة والشرف حتى يشيع عنه قالة السوء وان مجرد اعتناق مبدأ سياسي خاص دون أن يقترن هذا الاعتناق بنشاط معاقب عليه في القانون لاينطوي بحد ذاته على سوء الخُلق)) (33).

المطلب الثالث

الخطأ في تطبيق القانون على الوقائع

تطبيق القانون يعني – بصفة عامة – إنزال حكم القانون على الحالة المادية أو الواقعية والقانونية التي تحدث في الواقع وتستدعي ذلك. وفي مجال القرار الإداري , فأن تطبيق القاعدة القانونية يعني إنزال الحكم الذي تقضي به على سبب القرار, أي على الحالة الواقعية التي حدثت واستدعت إعمال حكم هذه القاعدة فيها (34).

فإذا ما استوجب المشرع لتطبيق القاعدة القانونية تحقق حالة واقعية معينة أو تحققها على نحو معين فإذا تخلفت هذه الوقائع أو لم تستوفِ الشروط التي يتطلبها القانون أدى ذلك إلى بطلان القرار الصادر على أساسها (35).

وللقضاء أن يراقب الوقائع ويتحقق من سلامتها حتى يتوصل إلى القول بمشروعية القرار أو عدم مشروعيته. فقد انتهت الفكرة الخاطئة التي ترى أن رقابة الإلغاء إنما هي رقابة قانونية لاتمتد إلى الوقائع وبذلك فأن من المسلم به أن للقضاء الإداري أن يفحص الوقائع بالقدر الذي يمكنه من الحكم على سلامة تطبيق القاعدة القانونية.

هذا وتعتبر الرقابة على الوجود المادي للوقائع والرقابة على التكييف القانوني لهذه الوقائع مسألة دقيقة حيث يختلط عيب مخالفة القانون مع عيب السبب (36)

وفي هذه الصورة من مخالفة القانون تقوم نوع من العلاقة المباشرة بين كل من محل القرار الإداري وسببه تستدعي هذه العلاقة التمييز بينهما :- فأن عيب المحل يعني أن الإدارة رتبت الأثر القانوني لحالة معينة خلافاً لما يقتضيه القانون أما عيب السبب فيتعلق بوجود أو عدم وجود الحالة القانونية أو الواقعية ومدى مشروعية ذلك الوجود بحيث يمكن للإدارة أن تتدخل بقرارها بناءً على وجود ومشروعية تلك الحالات وذلك لمعرفة مدى صحتها من الوجهة الواقعية ومن جهة مطابقتها للقانون نصاً و روحاً (37).

ورقابة القضاء في مجال تطبيق الإدارة للقانون في قراراتها تنصب على  :-

أولاً - التحقق من حدوث الوقائع المادية:- أي التأكد من قيام الواقعة التي تستند إليها الإدارة في إصدار قرارها الإداري بمعنى التحقق من الوجود المادي للواقعة أو الوقائع التي صدر القرار على أساسها (38)  .فإذا ثبت لقاضي الإلغاء أن الوقائع التي استند إليها القرار لم تحدث بالفعل فأنه يلغي القرار الصادر بشأنها لانعدام الأساس القانوني الذي يقوم عليه كما في حالة إلغاء قرار بإحالة موظف إلى المعاش بناءً على طلبه لثبوت عدم تقديمه أي طلب بذلك أو سحبه للطلب قبل صدور القرار (39).

 

ثانياً- تقدير الوقائع الثابت حدوثها:- للتأكد مما إذا كانت تبرر إصدار القرار  فلا يكفي لإقرار مشروعية قرار إداري من جهة مطابقته للقانون, أن تستند الإدارة في إصداره إلى وقائع مادية, بل يجب أن تستوفي تلك الوقائع الشروط التي يتطلبها القانون لتكون مبرراً لاتخاذ القرار (40) .فإذا نسبت الإدارة إلى موظف أفعالاً معينــة وعاقبته على أساسها, فأنه لا يكفي أن تكـــون تلك الوقائع صحيحة بل يجب أن تكون مكونة للجريمة التأديبية التي تستوجب العقاب (41).       ومن الجدير بالإشارة إليه أن رقابة القضاء على الوجود المادي للوقائع وعلى تكييفها القانوني , أو على كفايتها لتبرير القرار الصادر , لا يشمل كل القرارات الإدارية ففي بعض القرارات يكتفي القضاء بالتحقق من الوجود المادي للوقائع , دون أن يمد رقابته إلى التكييف القانوني لها وذلك في المسائل الفنية التي لا يستطيع القاضي البت فيها مثل تقدير إجابة طالب في ورقة إجابة الامتحان , وان كان يراقب الخطأ المادي في حساب أو رصد الدرجات (42) .

ثالثاً- مراقبة مدى ملاءمة القرار للوقائع :- كان الرأي السائد لدى الفقه والقضاء الإداريين انه ليس للإدارة أن تراقب ملاءمة القرار من حيث مطابقته للوقائع فإذا ما ثبت للقاضي الإداري صحة الوقائع التي كانت سند الإدارة في إصدار القرار وان هذه الوقائع كافية كمبرر لإصداره كان مثل هذا القرار سليماً حيث تقف عند هذا الحد رقابة القضاء على مشروعيته فليس للقاضي الإداري اختصاص في الرقابة على ملاءمة إصدار القرار (43) . فالأصل أن الإدارة تتمتع بحرية اختيار الوسيلة المناسبة لمواجهة الوقائع. وعلى هذا الأساس ليس للقضاء الإداري أن يعقب على مدى ملاءمة العقوبة للجريمة التأديبية حيث أقرت المحكمة الإدارية العليا في مصر هذا الأصل في حكم لها (( للقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع , وصحة تكييفها القانوني , إلا أن للإدارة حرية تقدير أهمية هذه الحالة و الخطورة الناجمة عنها)) (44).

إلا انه يبدو أن القضاء بدأ يتدخل في هذا المجال فيراقب مثلاً مدى تناسب العقوبة التأديبية للمخالفة المرتكبة فالمحكمة السابقة قد عدلت عن قضائها في أحكام حديثة أكدت على ضرورة توافر التناسب بين الجرم والجزاء التأديبي الذي وقعته الإدارة على الموظف كشرط لمشروعية قرار الجزاء (45) .

وأيضاً فأن سلطة القضاء قد تمتد إلى هذا الجانب (جانب الملاءمة) في حالات نادرة إذا ما كانت مشروعية القرار متوقفة على ملاءمته للحالة الواقعية أو القانونية التي صدر على أساسها واغلب ما يكون ذلك بالنسبة لاستعمال الإدارة لسلطات البوليس الإداري في تقييد الحرية الفردية وهذا ما قرره مجلس الدولة المصري في حكمه الصادر في 9 ابريل 1953  (46).

______________

1- ينظر حكم محكمة القضاء الإداري في14/4/1948. أشار للحكم د.ماهر جبر نصر/الأصول العامة للقضاء الإداري)قضاء الإلغاء)/دار النهضة العربية/القاهرة/1995-1996/ص384

2-  يلاحظ أن الفقرة هـ المشار إليها أعلاه تتكلم عن المخالفة للقانون أو الأنظمة أو التعليمات وباعتقادنا كان يمكن الاكتفاء بلفظ القانون لوحده فهو يُغني عن ذكر الأنظمة والتعليمات لأن مفهومه يشملها وأيضا فأن مصادر المشروعية غير محصورة بذلك كما رأينا في المبحث السابق فلو اكتفى المشرع بعبارة (مخالفة القانون) وانتهى عند ذلك لكان ذلك أدق في التعبير واشمل لجميع مصادر المشروعية لأن كلمة القانون –كما رأينا- تفسر في هذا المجال بالمعنى الواسع لتشمل جميع مصادر المشروعية المكتوبة منها وغير المكتوبة.

3-  أن القانون لم يكن دقيقاً في الإشارة إلى صور عيب المحل , لأنه أورد المخالفة المباشرة للقانون ضمن السبب الأول من أسباب الطعن أما الخطأ في التطبيق و الخطأ في التفسير فأوردها ضمن السبب الثالث من أسباب الطعن , د. غازي فيصل مهدي/ الحدود القانونية لسلطات محكمة القضاء الإداري في العراق/ مجلة العدالة / العدد 2 / نيسان / 2001 / ص92

4-  د. عصام عبد الوهاب البرزنجي/ مجلس شورى الدولة وميلاد القضاء الإداري العراقي / مجلة العلوم القانونية /المجلد 9/العددان 1 و 2 / 1990/ ص259و260

5-  حنان محمد مطلك القيسي/ الرقابة القضائية على الملاءمة بين المخالفة و العقوبة في القرارات التأديبية/ رسالة ماجستير/ كلية القانون/ جامعة بغداد/ 1994/ ص40و41  

6-  والصحيح أن يقال (لا أساس لها في القانون) انظر خضر عكوبي يوسف / موقف القضاء العراقي من الرقابة على القرار الإداري / رسالة ماجستير / كلية القانون / جامعة بغداد / 1975 / ص218 /هامش2

7-  نشرة ديوان التدوين القانوني / العدد الأول/ مطبعة دار الحرية للطباعة والنشر/ بغداد/ 1972 / ص111

8-  نقصد بمخالفة القانون هنا مخالفة جميع القواعد القانونية التي تعتبر الإدارة ملزمة باحترامها أثناء إصدار القرار الإداري   انظر ما قبله ص39ومابعدها

9-  د. عبد الغني بسيوني عبد الله / القضاء الإداري / الطبعة الثالثة/ دار المعارف للطباعة والنشر /الإسكندرية/ 2006/ص624

10-  د. فهد عبد الكريم أبو العثم/ القضاء الإداري بين النظرية والتطبيق/ دار الثقافة للنشر والتوزيع/ عمان/ 2005/ ص357

11-  د. عبد الغني بسيوني عبد الله /المصدر السابق/ ص624

12-  د. مصطفى أبو زيد فهمي / القضاء الإداري و مجلس الدولة / الطبعة الثالثة / مطبعة المعارف /1966

 / ص498

13-  د. عمر محمد الشوبكي / القضاء الإداري / الطبعة الاولى  / المطبعة العربية للعلوم الإدارية / عمان / 2001  / ص331 , و د. سليمان محمد الطماوي / القضاء الإداري ( قضاء الإلغاء) / الكتاب الأول / دار الفكر العربي/ القاهرة /1967

/ ص869

14-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / أوجه الطعن بإلغاء القرار الإداري في الفقه و قضاء مجلس الدولة / الطبعة الثانية/ مطابع دار الحسين / 2004/ ص194

15-  د. فهد عبد الكريم أبو العثم/ القضاء الإداري بين النظرية والتطبيق/ دار الثقافة للنشر والتوزيع/ عمان/ 2005  / ص357-358

16-  د. عمر محمد الشوبكي/ مصدر سابق/ ص332, و د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق/ ص869

17-  د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق/ ص870

18-  قرار مجلس الانضباط العام المرقم 228/1994 في 7/12/1994 ( غير منشور ) وبنفس المضمون ينظر القرار 9/1995 في 25/1/1995 والقرار 429/1994 ( غير منشورين )

19-  د. عبد الغني بسيوني عبد الله /المصدر السابق/ ص626

20-  د. فهد عبد الكريم أبو العثم/المصدر السابق/ ص358

21-  د. جورجي شفيق ساري/ قواعد وأحكام القضاء الإداري / الطبعة الخامسة/ دار النهضة العربية/ القاهرة/ 2002-2003/ص539

22-  د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق/ ص873

23 -  د. عبد الغني بسيوني عبد الله /المصدر السابق/ ص626و627

24-  د. فهد عبد الكريم أبو العثم/المصدر السابق/ ص358

25- د. عبد الغني بسيوني عبد الله /المصدر السابق/ ص 27  

26-  د. جورجي شفيق ساري/ قواعد وأحكام القضاء الإداري / الطبعة الخامسة/ دار النهضة العربية/ القاهرة/ 2002-2003 / ص539    

27-  د. فهد عبد الكريم أبو العثم/المصدر السابق/ ص359

28-  د. سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق/ ص874

29-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص197 

30-  المحكمة الإدارية العليا في مصر , طعن رقم 368 لسنة 13 ق , جلسة 11/4/1970   د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة / أوجه الطعن بإلغاء القرار الإداري في الفقه و قضاء مجلس الدولة / الطبعة الثانية/ مطابع دار الحسين / 2004 / ص195 

31-  المحكمة الإدارية العليا في مصر , طعن رقم 2158 لسنة 37 ق , جلسة 26/1/1992  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص195 

32-  المحكمة الإدارية العليا في مصر , طعن رقم 453 لسنة 11 ق , جلسة 6/5/1967     د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص196 

33-  قرار رقم 57/53 ص139من مجلة نقابة المحامين العدد3 السنة2 د.فهد عبد الكريم أبو العثم/المصدر السابق/ ص359و د.عمر محمد الشوبكي/المصدر السابق/ص335  

34-  د. جورجي شفيق ساري/ المصدر السابق/ ص540

35-  د. سليمان محمد الطماوي /كتابه في النظرية العامة للقرارات الإدارية /وقد سبقت الإشارة إليه/ ص841و842 و د. عمر محمد الشوبكي/ المصدر سابق/ ص336

36-  د. سليمان محمد الطماوي /كتابه في قضاء الإلغاء/وقد سبقت الإشارة إليه/ص875

37-  د. إبراهيم طه الفياض /القانون الإداري / مكتبة الفلاح للنشر و التوزيع/1988/ ص329

38-  د. فهد عبد الكريم أبو العثم/المصدر السابق/ ص360

39-  د. جورجي شفيق ساري/ المصدر السابق/ ص543 

40-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص200 

41-  د. سليمان محمد الطماوي /المصدر السابق/ ص876

42-  د. جورجي شفيق ساري/ المصدر السابق/ ص545 

43-  د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة/ المصدر السابق/ ص201 

44-  حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر الصادر في14/4/1956 مجموعة أحكام السنة الأولى/ص687 ذكره د. سليمان محمد الطماوي /المصدر السابق/ ص878  

45-   وكان ذلك بخصوص قرار أصدرته الإدارة بفصل موظف لاعتدائه على احد رؤسائه في العمل , حيث ألغت المحكمة قرار الفصل لعدم التناسب الواضح بين ما ارتكبه الموظف من ذنب وما وقعته عليه الإدارة من عقاب . المحكمة الإدارية العليا في مصر ,طعن رقم 415 لسنة 25 , جلسة 7/2/1984/ مجموعة السنة 29/ص613/ ص878

46-  أحكام السنة 3 ص43/ ذكره د. سليمان محمد الطماوي /المصدر السابق/ ص879  




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






العتبة العباسية تختتم فعاليات حفل التكليف الشرعي في قضاء عين التمر بكربلاء
طالبات مدارس عين التمر يرددن نشيد التكليف الشرعي
الطالبات المشاركات في حفل التكليف الشرعي يقدمن الشكر للعتبة العباسية
حفل التكليف الشرعي للطالبات يشهد عرض فيلم تعريفي بمشروع (الورود الفاطمية)