أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-07
650
التاريخ: 2024-05-06
589
التاريخ: 2024-03-11
823
التاريخ: 2024-05-01
541
|
نبذة عن قرطبة وشهرتها
ومن أشهر مدن الأندلس مدينة قرطبة - أعادها الله تعالى للإسلام - وبها الجامع المشهور، والقنطرة المعروفة بالجسر.
وقد ذكر ابن حيان أنه بني على أمر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، ونصه، وقام فيها بأمره على النهر الأعظم بدار مملكتها قرطبة الجسر الأكبر الذي ما يعرف في الدنيا مثله، انتهى.
وفيها يقول بعض علماء الأندلس (1) :
بأربع فاقت الأمصار قرطبة ... منهن قنطرة الوادي، وجامعها
هاتان ثنتان، والزهراء ثالثة، ... والعلم أعظم شيء، وهو رابعها وقال الحجاري في " المسهب " : كانت قرطبة في الدولة المروانية قبة الإسلام، ومجتمع أعلام الأنام، بها استقر سرير الخلافة المروانية، وفيها تمحضت خلاصة القبائل المعدية واليمانية، وإليها كانت الرحلة في الرواية إذ كانت مركز الكرماء، ومعدن العلماء، وهي من الأندلس بمنزلة الرأس من الجسد، ونهرها من أحسن الأنهار، مكتنف بديباج المروج مطرز بالأزهار، تصدح في جنباته الأطيار، وتنعر النواعير ويبسم النوار، وقرطاها الزاهرة والزهراء، حاضرتا الملك وأفقا النعماء والسراء. وإن كان قد أخنى عليها الزمان، وغير بهجة أوجهها الحسان، فتلك عادته وسل الخورنق والسدير وغمدان، وقد أعذر بإنذاره إذ لم يزل ينادي بصروفه: لا أمان لا أمان، وقد قال الشاعر:
ومازلت أسمع أن الملو ... ك تبني على قدر أخطارها انتهى.
(153)
وقال السلطان يعقوب المنصور (2) ابن السلطان يوسف ابن السلطان عبد المؤمن بن علي لأحد رؤساء أجنادها: ما تقول في قرطبة؟ فخاطبه على ما يقتضيه كلام عامة الأندلس بقوله: جوفها شمام، وغريبها قمام، وقبلتها مدام، والجنة هي والسلام.
يعني بالشمام جبال الورد، ويعني بالقمام ما يؤكل إشارة إلى محرث الكنبانية (3) ، ويعني بالمدام النهر.
ولما قال والده السلطان يوسف بن عبد المؤمن لأبي عمران موسى بن سعيد العنسي (4) : ما عندك في قرطبة؟ قال له: ما كان لي أن أتكلم حتى أسمع مذهب أمير المؤمنين فيها، فقال السلطان: إن ملوك بين أمية حين اتخذوها حضرة مملكتهم لعلى بصيرة، الديار المنفسحة الكثيرة (5) ، والشوارع المتسعة، والمباني الضخمة المشيدة، والنهر الجاري، والهواء المعتدل، والخارج الناضر، والمحرث العظيم، والشعراء الكافية، والتوسط بين شرق الأندلس وغربها، قال: فقلت: ما أبقى لي أمير المؤمنين ما أقول.
قال ابن سعيد: ولأهلها رياسة ووقار، لا تزال سمة العلم والملك متوارثة فيهم. إلا أن عامتها أكثر الناس فضولا، وأشدهم تشغيبا، ويضرب
(154)
بهم المثل ما بين أهل (6) الأندلس في القيام على الملوك، والتشنيع على الولاة، وقلة الرضا بأمورهم، حتى إن السيد أبا يحيى أخا السلطان يعقوب المنصور قيل له لما انفصل عن ولايتها: كيف وجدت أهل قرطبة؟ فقال: مثل الجمل، إن خففت عنه الحمل صاح، وإن أثقلته صاح، ما ندري أين رضاهم فنقصده، ولا أين سخطهم فنجتنبه، وما سلط الله عليهم حجاج الفتنة حتى كان عامتها شرا من عامة العراق، وإن العزل عنها لما قاسيته من أهلها عندي ولاية، وإني إن كلفت العود إليها لقائل: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، انتهى.
وقال أبو الفضل التيفاشي: جرت مناظرة بين يدي ملك المغرب المنصور يعقوب بين الفقيه أبي الوليد بين رشد والرئيس أبي بكر بن زهر، فقال ابن رشد لابن زهر في تفضيل قرطبة: ما أدري ما تقول، غير أنه إذا مات عالم بإشبيلية فأريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها، وإن مات مطرب بقرطبة فأريد بيع آلاته حملت إلى إشبيلية، قال: وقرطبة أكثر بلاد الله كتبا.
وحكى الإمام ابن بشكوال عن الشيخ أبي بكر بن سعادة أنه دخل مدينة طليطلة مع أخيه على الشيخ الأستاذ أبي بكر المخزومي، قال: فسألنا: من أين؟ فقلنا: من قرطبة، فقال: متى عهدكما بها؟ فقلنا: الآن وصلنا منها، فقال: اقربا إلي أشم نسيم قرطبة، فقربنا منه، فشم رأسي وقبله، وقال لي: اكتب:
أقرطبة الغراء هل لي أوبة ... إليك؟ وهل يدنو لنا ذلك العهد
سقى الجانب الغربي منك غمامة ... وقعقع في ساحات دوحاتك الرعد
لياليك أسحار، وأرضك روضة ... وتربك في استنشاقها عنبر ورد وكتب الرئيس الكاتب أبو بكر بن القبطرنة للعالم أبي الحسين بن سراج بقوله (7) :
(155)
يا سيدي وأبي هوى وجلالة ... ورسول ودي إن طلبت رسولا
عرج بقرطبة إذا بلغتها ... بأبي الحسين وناده تمويلا (8)
وإذا سعدت بنظرة من وجهه ... أهد السلام لكفه تقبيلا
واذكر له شوقي وشكري مجملا ... ولو استطعت شرحته تفصيلا
بتحية تهدى إليه كأنما ... جرت على زهر الرياض ذيولا وفي باب اليهود بقرطبة يقول أبو عامر بن شهيد (9) :
لقد أطلعوا عند باب اليهو ... د بدرا أبى الحسن أن يكسفا
تراه اليهود على بابها ... أميرا فتحسبه يوسفا واستقبحوا قولهم " باب اليهود " فقالوا " باب الهدى " ، وسنذكر قرطبة الزهراء والزاهرة ومسجدها في الباب المنفرد بها إن شاء الله تعالى، وكذلك القنطرة.
__________
(1) سيورد المقري البيتين في الباب الرابع وينسبهما إلى أبي محمد بن عطية المحاربي.
(2) السلطان يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن (580 - 595) من أعاظم خلفاء الموحدين، كان جوادا شجاعا كريما عالما. (انظر له ترجمة في وفيات الأعيان 6: 4 وروض القرطاس: 160 (ط. فاس) وأخباره في المعجب والبيان المغرب وغيرهما من المصادر التاريخية).
(3) الكنبانية: قال فيها ياقوت: ناحية بالأندلس قرب قرطبة، وهذا تعريف قاصر، فإن الكنبانية هي الأراضي السهلة الزراعية أينما كانت، وقد ذكر ابن الخطيب الكنبانية في الحديث عن غرناطة (1: 102) وأصلها من الكلمة اللاتينية (Campania) أي الحقل أو المحرث كما يسميها الأندلسيون، وتكتب أحيانا بالقاف. (انظر ملحق دوزي: قنبانية).
(4) السلطان يوسف بن عبد المؤمن (558 - 580) ثاني خلفاء الموحدين؛ أما موسى بن سعيد فهو والد علي صاحب المغرب، كان شغوفا بالتاريخ وولي للموحدين بعض الأعمال وتوفي بالإسكندرية (573). راجع 2: 170.
(5) ك: الكبيرة.
(6) أهل: زيادة من ك.
(7) ابو بكر بن القبطرنة (ويكتب أيضا القبطورنة) أحد ثلاثة إخوة يعرفون ببني القبطورنة، والاسم من (Cap - tomo) (أي الرأس المستدير) وأبو بكر منهم هو عبد العزيز بن سعيد بن عبد العزيز البلطليوسي كان كاتبا للمتوكل ابن الأفطس صاحب بطليوس (وتوفي سنة 520ه؟) وقد ترجم له ولأخويه ابن بسام (الذخيرة القسم الثاني: 289) والمغرب 1: 367 والقلائد: 148 والمطرب: 186 والإحاطة 1: 528، وسيرد له ذكر في النفح؛ وهذه الأبيات الواردة هنا في الذخيرة: 293 والقلائد 152. أما أبو الحسين بن سراج فهو سراج بن عبد الملك ابن سراج كان والده من علماء اللغة في عصره، ونشأ ابنه كذلك بقرطبة. (انظر ترجمته في الذخيرة 1 - 2: 319 والقلائد: 116 والمغرب 1: 116 والديباج المذهب: 126 وبغية الوعاة: 251).
(8) ناده تمويلا: قل له " يا مولاي " .
(9) أبو عامر بن شهيد أحمد بن عبد الملك ( - 426) من أكابر الشعراء بعيد الفتنة القرطبية وصاحب التوابع والزوابع، انظر دراسة عنه في تاريخ الأدب الأندلسي - عصر سيادة قرطبة: 215 والمصادر مذكورة هنالك؛ وقد جمع ديوانه الأستاذ شارل بلا.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|