أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-12-2017
2768
التاريخ: 13-5-2016
3458
التاريخ: 28-6-2017
2683
التاريخ: 29-3-2017
5392
|
لقد صرّح القرآن الكريم بأن العهد التاريخي للبشرية قد بدأ بظاهرة وجود النبوّات وبعث الأنبياء وإرسال الرسل . الذين مضوا يقودون مجتمعاتهم نحو حياة أفضل ووجود إنساني أكمل ؛ مما يمكن أن نستنتج منه أنّ إشراق النبوّة وظهور الأنبياء في المجتمعات البشريّة يعتبر بداية العصر التاريخي للبشرية .
قال تعالى : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213] لقد قضت حكمة اللّه ورحمته بإرسال الأنبياء حاملين إلى الإنسانية منهاج هدايتها الذي يخرجها من عهد الغريزة إلى عهد العقل ، ومن منطق الصراع الذي مرجعه الغريزة والقوّة إلى منطق النظام ومرجعه القانون . . وخرج المجتمع البشري بالنبوّات عن كونه تكوينا حيوانيا - بيولوجيّا إلى كونه ظاهرة عقلية روحية وحققت النبوّات للإنسان مشروع وحدة أرقى من وحدته الدموية البيولوجية . . .
وهي الوحدة القائمة على أساس المعتقد ، وبذلك تطوّرت العلاقات الإنسانية مرتفعة من علاقات المادة إلى علاقات المعاني . والاختلافات التي نشأت في النوع الإنساني بعد إشراق عهد النبوّات غدت اختلافات في المعنى ، واختلافات في الدين والمعتقد ؛ فإن أسباب الصراع لم تلغ بالدين الذي جاءت به النبوّات بل استمرّت وتنوّعت ، ولكن المرجع لم يعد الغريزة بل غدا القانون مرجعا في هذا المضمار . والقانون الذي يتضمنه الدين يكون قاعدة ثابتة لوحدة الإنسانية وتعاونها وتكاملها (1) .
وأوضح الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) في الخطبة الأولى من نهج البلاغة - بعد أن استعرض تاريخ خلق العالم وتاريخ خلق آدم ( عليه السّلام ) وإسكانه في الأرض - أن إشراق النبوّة وتسلسلها على مدى العصور هو المحور في تاريخ الإنسان وحركته نحو الكمال كما صرّح به القرآن الكريم موضحا منهجه في التعامل مع التاريخ .
قال ( عليه السّلام « . . . واصطفى سبحانه من ولد ( آدم ) أنبياء ، أخذ على الوحي ميثاقهم (2)، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم لمّا بدّل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم (3) ، فجهلوا حقّه ، واتّخذوا الأنداد معه (4) ، واجتالتهم الشياطين عن معرفته (5) ، واقتطعتهم عن عبادته . .
فبعث فيهم رسله ، وواتر إليهم أنبياءه ؛ ليستأدوهم ميثاق فطرته (6) ، ويذكّروهم منسيّ نعمته ، ويحتجّوا عليهم بالتّبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول (7) ، ويروهم آيات المقدرة : من سقف فوقهم مرفوع ، ومهاد تحتهم موضوع ، ومعايش تحييهم ، وآجال تفنيهم ، وأوصاب تهرمهم (8) ، وأحداث تتابع عليهم .
ولم يخل اللّه سبحانه خلقه من نبيّ مرسل ، أو كتاب منزل ، أو حجّة لازمة ، أو محجّة قائمة (9) .
رسل لا تقصّربهم قلّة عددهم ، ولا كثرة المكذّبين لهم : من سابق سمّي له من بعده ، أو غابر عرّفه من قبله (10) .
على ذلك نسلت القرون (11) ، ومضت الدهور ، وسلفت الآباء ، وخلفت الأبناء .
إلى أن بعث اللّه سبحانه محمّدا رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، لإنجاز عدته (12) ، وإتمام نبوّته .
مأخوذا على النبيّين ميثاقه ، مشهورة سماته (13) ، كريما ميلاده ، وأهل الأرض يومئذ ملل متفرّقة وأهواء منتشرة ، وطوائف متشتّتة ، بين مشبّه للّه بخلقه ، أو ملحد في اسمه ، أو مشير إلى غيره (14) .
فهداهم به من الضّلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة ، ثم اختار سبحانه لمحمّد ( صلّى اللّه عليه واله ) لقاءه ، ورضي له ما عنده ، وأكرمه عن دار الدنيا ، ورغب به عن مقام البلوى ، فقبضه اليه كريما ( صلّى اللّه عليه واله ) ، وخلّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في أممها إذ لم يتركوهم هملا بغير طريق واضح ، ولا علم قائم » (15) .
إنّ بشائر الأنبياء السابقين بنبوّة الأنبياء اللاحقين تنفع الأجيال المعاصرة لهم وكذا الأجيال اللاحقة ؛ إذ تفتح عيونهم وتجعلهم على أهبة الاستقبال للنبيّ المبشّر بنبوّته ، كما أنّها تزيل عنهم الريب وتعطيهم مزيدا من الثقة والاطمئنان .
على أن اليأس من الاصلاح إذا ملأ القلب يجعل الانسان يفكر بطرق أبواب الشّر والخيانة ، فالبشائر بمجيء الأنبياء المصلحين تزيل اليأس من النفوس التي تنتظر الاصلاح وتوجّهها إلى حبّ الحياة وقرع أبواب الخير .
وتزيد البشائر إيمان المؤمنين بنبوّة نبيّهم ، وتجعل الكافرين في شكّ من كفرهم ، فيضعف صمودهم أمام دعوة النبي إلى الحقّ ممّا يمهّد لقبولهم الدعوة .
وإذا أدّت البشارة إلى حصول الثقة فقد لا تطلب المعجزة من النبيّ ، كما تكون النبوّة المحفوفة بالبشارة أنفذ إلى القلوب وأقرب إلى الاذعان بها . على أنّها تبعّد الناس عن وطأة المفاجأة أمام واقع غير منتظر ، وتخرج دعوة النبيّ عن الغرابة في نفوس الناس (16) .
على أن الأنبياء جميعا يشكّلون خطا واحدا ، فالسابق يبشّر باللاحق ، واللاحق يؤمن بالسابق . وقد تكفّلت الآية ( 81 ) من سورة آل عمران بالتصريح بسنّة البشائر هذه.
_____________
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|