أقرأ أيضاً
التاريخ: 20/12/2022
1024
التاريخ: 10-1-2016
2075
التاريخ: 7-9-2018
1829
التاريخ: 24-3-2021
2137
|
هل يمكن أن تنسى ذلك القلب الذي يحتضن طفلك؟
هل يمكن أن تتجاهل ذلك المهد التربوي الكبير؟
هل يمكنك أن تلغي (اُم) أطفالك، ذلك الأثر الفعال في التربية؟
كلا.. لا أحد يقول بإلغاء (الأم) من عملية التربية.. ولكن الغريب والمدهش، أن هنالك الكثير من الرجال يلغـون الأم عملياً وعلى أرض الواقع.
وإلا دعنا نتساءل:
هل هنالك صورة واضحة لدور الأم في التربية عند الآباء؟
وإذا كانت الصورة.. هل هنالك تحمل لهذا الدور؟
هل الرجال يعتمدون على زوجاتهم، ويعقدون الأمـل على أدائهم لمسؤولية التربية؟
وكم هي نسبة الاعتماد أن وجد:
ماذا عن الأمهات في مجتمعنا الإسلامي هل هن حقـاً ذلك المعهـد التربوي، والمدرسة الفاضلة لتنشئة الأطفال الصالحين؟
ذلك لأن الطفـل.. يخلق في رحم أمه.. وينشأ في حضنها، ويفتح عينيه للحياة في وجهها، ويترعرع في كنفها، ويتعلم المشي على يديها، ويتعلم النطق من كلماتهـا وأحاديثهـا، ويعرف الأمـور من خلالها، ويقتدي بتصرفاتها وأخلاقها ويتتلمذ في مدرستها.
وبالتالي.. فالطفل جزء لا يتجزأ من أمه، لحمه لحمها، ودمه دمها، وروحه روحها، وحبه حبها، وبغضـه بغضها، وسيرته سيرتها، وأفكاره أفكارها.
وكيفما تكون الأم.. يكون الطفل.. فإن كانت صالحة نتج عن ذلك ابن صالح، وإن كانت سيئة لا تنبت غير ولد السوء.
ولقد صدق من قال: (قل لي كيف زوجتك أقل لك كيف أولادك).
إذن نستطيع القول أن الأم تشكل العامل المؤثر والفعال في عملية التربية وهي ذلك السر الأكبر، فكيف يجب أن تكون؟ وماذا يجب عليـك تجاهها؟ وما هي المسؤولية التي من المفترض أن تقوم بها تجاه الأبناء؟
قبل الإجابة على ذلك لنا ملاحظة:
إذا كان لا بد للأطفال أن يدخلوا في مدرسة الأم سنين طويلة فإن ذلك يعني أنه لا بد من الاعتناء والاهتمام بهذه المدرسة، ولا بد من التوجه المركّز إليها، وصيانتها، وتشذيبهـا من المساوئ وجعلهـا نـمـوذجية في المنهج والبرنامج وحسن التدريس.
وبالتالي لا يجوز تركها، بل أن إهمالهـا يعتبـر خيانة عـظمى بحق الأجيال.
أو ليس جيلنا الحاضر.. هم أطفال الأمس، الذين هم نتائج صياغة الأمهات السالفات؟
لا أحد ينكر أن تأثيرنا في المجتمع هو نابع من تأثير أمهاتنا علينا، فإن كنا اليوم ـ مثلاً ـ نصدق مع الناس، ونؤدي الأمانات إلى أصحابها، ونعمل الخير، ذلك لأن أمهاتنا لم تكن تكذب معنا ولم تخنا، ولم نكن نرى إلا عمل الخير والصلاح منهن.
ومن هنا.. فلا بد من تركيز الاهتمام، وصب الجهـد لتربية النساء، وخلقهن خلقاً جديداً، حتى يؤتين أكلهن بإذن الله عز وجل.
يقول الشاعر:
(الأم مدرسة إن أعددتها ... أعددت جيلاً طيب الأعراق).
وتلك مسؤولية المجتمع ومسؤولية الزوج معاً.
ونحن هنا نتطرق الى مسؤولية الزوج وواجباته تجاه زوجته هذه الأم، التي نعقد الأمل عليها في صناعة الإنسان الصالح ومن ثم الأمة المؤمنة.
فما هي مسؤولية (الأب المربي) تجاه زوجته (الأم المربية)؟
نجعل - هنا ـ بعض النقاط الهامة، التي ينبغي لك كأب أن تلتفت إليها بالنسبة الى أم أطفالك، وهي كما يلي:
أولا: لا تسحق قراراتها.
تمتلك الأم هالة من القدسية والهيبة والاحترام في قلب أبنائها، وبهذا يكون كلامها مهيوباً وأوامرها نافذة، ومؤثرة في نفوس الأبناء.
ولكن الذي يفسد كل ذلك هم بعض الآباء الذين لا ننعتهم إلا بالخيـر، هؤلاء يسحقون قدسية الأم في أبنائهم بمرور الزمن.
وذلك حينما يتعارض رأي الزوج وزوجته في أمر ما.. فيضطر الزوج الى أن يقول لأبنه مثلاً (اترك كلام أمك.. ما عليك.. إسمع ما أقول لك أنا..)، وهكذا.
قد يضطر للتفوه بهذا القول حينما يكون عازماً على الخروج وطفله يريد الذهاب معه، وقد جاء حافياً، ولأن الاب على عجل من أمره، فإنه يأمـر الطفل بالخروج حافياً.. فيمتنع الطفل عن الخروج امتثالا لوصايا أمـه..
لكن الأب هنا يقول له: ما عليك شيء.. تعال معي!!
فيقول الطفل: أن أمي ستعاقبني!
يقول الأب: سوف أصدها عن ذلك ولا أسمح لها بالتجرأ عليك!
وبهذا يكون الأب قد سحق قرارات زوجته، وأفقد قيمتها في نفوس أبنائه، وذلك يعني بالتالي خروج الأبناء من زمام الأم.
ثانياً: احترمها
إن إحترامك زوجتك أمام أبنائك يزيدها وزناً وأهمية بالغة تكون لها خير رأسمال، وتعطيها قوة في الشخصية. ومتانة في التأثير.
ولعل عدم احترام الزوج لزوجته وكذلك الزوجة لزوجها يعد أحد أبرز الأسباب الباعثة على إنحلال دور الأبوين في تربية الأبناء تربية صالحة ونقية.
وعدم الاحترام ـ أيضـاً ـ يسقط القدسية والهيبة لكـل طرف أسيء في احترامه.
واحترام الزوجة أمام الأبناء يعني عدة أمور:
1ـ أن تتمنع عن الدخول في شجار معها.
2ـ أن لا تستهزئ بما تقول وتصنع.
3ـ أن لا تكيل إليها السب والشتائم.
4ـ أن لا تنتقدها إلا سراً.
5ـ أن لا تسحق قراراتها.
6ـ أن تصدقها وتحسن الظن بها.
ثالثاً: دعها تقرأ في هذا المجال
إذا لم نجد الأم تقوم بدورها التربوي السليم فإن السبب الأكبر في ذلك يرجع الى جهل الأمهات وضحالة ثقافتهن التربوية.
وحتى اللواتي يقرأن كتب تربية الأطفال.. فإني لا أعتقد أن قـراءتهن تتجاوز خمسة كتب أو أقل من ذلك.
إننا نريد إعداد المرأة للتربية حتى تكون بمستوى الخبير والمستشـار التربوي.
وهل هنالك من يعترض؟ لماذا إذن لا تصـل الأمهـات الى درجة الاجتهاد في هذا المجال؟
ترى هل تشكو نساؤنا انعداماً للوقت، أم إنهن يشتكين فراغاً قاتلاً في أغلب الأحيان وللأسف!!
إن هذا الفراغ الواسع الذي يسيطر على نسائنا أن لم يُستغل جيداً، فإنه ينقضي بسفاسف الكلام، وبأتفه الأعمال، شئنا أم أبينا.. أليس كذلك؟
من هنا كان على الزوج الكـريم أن يحاول اقتناء أي كتـاب صـالـح يستعيره أو يشتريه ببعض الدراهم، ثم يأمر زوجته بمطالعته وفق رؤية واضحة ومنهاج سليم، وهدف مرسوم حتى تهتـدي الطريق وتنطلق ـ لوحـدهـا ـ تقـرأ الكتب، وتطالع الأبحاث، وتستقرأ التجارب والنظريات في هذا المجال.
ولا ضير من أن تضيف إلى رفوف مكتبتـك رفـاً آخـر يضم الكتب التي تخص تربية الأطفال.
كما لا تنس أنك مطالب بقرائتها أيضاً قبل زوجتك.
رابعا: أتعب على تربيتها.
لا يشك أحد أن المسؤول عن تربية الفتاة هو الأب والأم، ولكن ماذا لو انتقلت هذه الفتاة الى بيت الزوجية.. حينئذ من سيكون المسؤول الأول عن تربيتها وتنشئتها كزوجة أولاً، وكأم ومربية للأبناء ثانياً؟
نحن لسنا مع أولئك القائلين أن المسؤولية تنتقل عن الأب بانتقال الفتـاة الى الزوج، فالأب يبقى مسؤولاً عن أبنتـه، ولكن لا ننسى أن المسؤول الآخر هو الزوج، وتأتي مسؤوليته بالدرجة الأولى هنا.
ونحن نلاحظ أن الفتاة حينما تتزوج وتنتقل الى كنف زوجهـا لتقضي حياتها في ظل شريك العمر.. نلاحظ، أن الزوجة تبدأ لتكون جزءاً من شخصية زوجها، أو تكون صورة طبق الأصل له.
وقد قيل: أن النساء على دين أزواجهن:
فالزوجة المحبة لزوجها تحاول أن تقتدي بزوجها، وهي أول الناس الى الإيمان بأفكاره ومعتقداته، وأقرب المتأثرين به إيجاباً أو سلباً.
ولذلك يعد من السهل على الزوج تغيير زوجتـه أو تبديـل قنـاعتهـا، وصياغتها وفق شخصية جديدة ينشؤها هو.
ومن هنا فإذا أردت ابناءاً صالحين ـ قبل ذلك ـ يكون لزاماً عليك أن تعد أماً صالحة، ولن تحصل على كل ذلك ما لم تقم بتربية زوجتك.
بل وتبذل قصارى جهدك في هذا السبيـل أو لا تتزوج إلا من إمـرأة تكون ـ أنت ـ على ثقة واطمئنان لجدارتها على التربية السليمة.
وعلى أي حال فالزوج مسؤول عن تربية زوجته وتهذيبها من كل الصفاة السيئـة مثـل الـكـذب، والحسـد، والغيبـة، والسب والشتم، والـفـسـق والفجور، والأنانية، وحب الدنيا، وارتكاب المعاصي وما الى ذلك.
وإن لم يفعل فلينتظر ابناءاً يحملون هذه الصفاة.. ولا ينفع ـ حينئذ - نصحه وإرشاده لهم.
فمهما بلغ الأب من العلم والمعرفة، ومهما بذل الجهـد البـالـغ في التربية والتأديب لا يستطيع تربية أبنائه على الوجه الصحيح طالما لم يعيـر زوجته اهتماماً وتركها على عواهنها دون تربية وتعليم.
ذلك بحكم تواجـد الأبناء الكثير قرب أمهاتهم، وسرعة تأثرهم بها وبسلوكها.
هذا بالإضافة الى أنك لو قمت بتربية زوجتـك تربية صالحة فإنـك - آنئذٍ ـ تكون قد حزت على من يشاطرك مسؤولية التربية، ويتحمل قسماً كبيراً منها.
ويصبح من الواجب الأكيد إعداد الأم لدور التربية إذا ما كان الأب لا يستطيع التفرغ بتاتاً لتربية أبنائه.
خامساً: علمها طرق التربية
قبل أن تمارس زوجتك التربية، وأثناء قيامها بالتربية، لا بد أن تكون - أنت ـ المعلم والموجه والمرشد لها.
أي يكون من الجدير بك أن تعلم زوجتـك طرق التربية الصحيحة ولا تبخل عليها بما تعلم، وحين قيامها بمباشرة التربية، يحسن بك أن تكـون الموجه لها، فترشدها الى الصواب والخطأ، عن ارتكاب الأخطاء في أسلوب التربية.
وبالطبع فإن كل ذلك يجب أن يكون ضمن أجواء يلفهـا الاحترام، ويسودها التفاهم والاتفاق.
سادساً: أعطِها وزناً ثقيلاً.
إن الأب الذي يأتي الى الدار، ويسأل زوجته عن واحد واحد من أبنائه ممن من آذاها، ولم يطعهـا ثم يعاقب كل من ارتكب جرماً بحقها بأسلوبه المفضل، أو يجمع أبناءه ويبدأ يحثهم على طاعة أمهم، ويبيّن لهم حقوقها عليهم وعظمتها عند الله.. إن هذا الأب هو الزوج الرشيد الذي يعطي الوزن الثقيل لزوجته أمام أبنائه.
وفيما يلي بعض الأحاديث التي تبين حقـوق الأم، والتي يجب أن يذكرها الأب لأبنائه:
يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام): (أمـا حق أمـك فـأن تعلم أنها حملتـك حيث لا يحتمل أحد أحداً، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحـد أحداً، ووقتـك بجميع جوارحها، ولم تبالِ أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحي وتظلك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد، لتكون لها، فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه)(1).
وذات يوم جاء رجل الى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: (يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أباك)(2).
ويقول الإمام الباقر (عليه السلام): (قال موسى بن عمران: يا رب! أوصني؟ قال: أوصيك بي، فقال: رب أوصني؟ قال: أوصيك بي ـ ثلاثاً ـ قال: يا ربّ أوصني؟ قال: أوصيـك بأمك، قال: يا رب أوصني، قال: أوصيك بأمك، قال: يا رب أوصني؟ قال: أوصيك بأبيك ...)(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار ج74، ص6.
2ـ المصدر السابق ج74، ص49.
3ـ المصدر السابق ج74، ص67.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|