أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-9-2016
![]()
التاريخ: 30-9-2016
![]()
التاريخ: 30-9-2016
![]()
التاريخ: 2024-12-02
![]() |
{ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } [غافر: 35].
الكبر، والتكبر، و الاستكبار الفاض متقاربة المعنى ... فالكبر (الحالة التي
يتخصص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وذلك أن يرى الإنسان نفسه اكبر من غيره، وأعظم التكبر التكبر على الله بالامتناع من قبول الحق والإذعان له بالعبادة)(1)
إن التكبر مرض نفسي اجتماعي يصاب به الإنسان حين يحس بتميزه وتفوقه على الآخرين في صفات الكمال والتقدم: كالعلم ، والمال والعبادة والسلطان ، والجاه والجمال والقوة فيشعر أنه أكمل من الآخرين علماً أو أكثر مالا، أو أقوى جسداً، أو أجمل صورة ، أو أشرف نسبا أو أشد عبادة ، أو أرقى مقاما ... هذه الأمور وغيرها أدوات، ووسائل عندما يمتلكها المرء ويشعر بافتقار غيره إليها قد يصاب بالغرور والإعجاب ، فحينئذ يشعر أنه أسمى درجة وأعلى منزلة من غيره وعلة هذا الشعور وسره : إن النفس ضعيفة أمام مغريات الدنيا إن لم يسعفها الإيمان ويرتفع بها عن تراب الأرض ويعرفها بعلة وجودها وسر إيجادها ، ومحدودية بقائها في هذه الدنيا ، وحتمية رحيلها عنها ، وحسابها على ما عملت فيها ...
ومن ناحية أخرى إن النفس فيها ميل وهوى إلى الظهور والاستعلاء وهذا أمر كامن فيها، فعندما تجد ميزة تتفوق بها على الآخرين تحاول ان تستطيل بها عليهم؛ لتسد نقصاً تشعر به من جانب آخر؟
وموجز القول التكبر حالة تحصل في النفس عندما يشعر الإنسان أن له مرتبة يفتقر لها الآخرون ويتميز بها عليهم، فيرى نفسه أعلى درجة ، وأسمى مقاما فييستعلي بها عليهم ، والسر في ذلك هو الكوامن الخفية في الصدور الخالية من معرفة الله تعالى: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 56]
ففي هذه الآية إشارة إلى تلك الكوامن التي لا تقف عند حد بل تبقى تطلب المزيد من العلو والظهور، وتجادل أهل الحق؛ لتبطل الحق بالباطل . (فهم ينطلقون من عقدة استكبار تمنعهم من الخضوع للحق الذي لا يحمي امتيازاتهم الطبقية أو طموحاتهم الذاتية(2)
وهكذا تستمر نفسية المستكبر على هذا المنوال حتى لو ملكت الدنيا بأسرها وهذا هو شأن المستكبرين دائما وأبدا 000
وحالة التجبر قد لا تختص بصنف من الناس كالملوك ، والحكام ، والعلماء بل قد توجد في أدنى الناس مرتبة. (روي ان رسول الله (صلى الله عليه واله) مر في بعض طرق المدينة وسوداء تلقط السرقين، فقيل لها: تنحي عن طريق رسول الله (صلى الله عليه واله) فقالت: إن الطريق لمعرض ، فهم بها بعض القوم أن يتناولها!
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) دعوها فإنها جبارة)(3)
والمتكبر دائماً يشعر بذلة داخلية في نفسه ، ويحاول ان يسد هذا النقص ويعوض عنه.
وقيل : (ما تكبر احد إلا لنقص وجده في نفسه ، ولا تطاول إلا لو وهن أحس من نفسه)(4).
بمنبع التكبر إذن هو الشعور بالنقص ، ومحاولة التعويض عن هذا النقص بالتكبر (وإن كثيراً من المتكبرين إنما هم اولئك الشذاذ الذين تربوا في عائلة متسافلة ، ثم تسللوا إلى مقام ما في المجتمع، وهم بذلك يريدون ان يجبروا ما هو فيهم من النقص العائلي، فهم يتصورون لأنفسهم شخصية اسمى من شخصيات سائر الناس، ويريدون ان يعلنوا عن شرفهم هذا الموهوم عن طريق الكبر والغرور)(5).
وفي مصطلح علماء النفس ان متكبر يحس (بعقدة حقارة) ... (وان شيطان الكبر لا يتطرق إلى ضمير الإنسان إلا حينما يصاب الإنسان بمرض (الإحساس بالحقارة).
وهذا الإحساس هو الذي ينتهي إلى ايجاد (عقدة الحقارة) في المريض، وهي عقدة مؤلمة مدمرة من الممكن ان تنبع عنها اخطار كثيرة وجرائم مختلفة ، وهي التي تجر المتكبر إلى المزيد من الشقاء)(6).
يقول الدكتور مك برايد : (إن تكبر اي شخص على آخر ، أو أية امة على اخرى انما يعني احتقار الشخص الآخر، أو الامة الأخرى .
وان اكثر الخصومات والمنازعات اليوم لهي ناشئة من عقدة الحقارة، وإن اتخاذ فكرة التكبر ، أو التخاصم لهو نوع من محاولة سد الفراغ الذي يحسه المتكبر في باطنه من عقدة الحقارة، وإلا فلا يتصور أي إنسان شريف طاهر الضمير، أو أي أمة، أو طبقة أو عنصر، أو قوم أو دم أي ميزة أو اختلاف بينهم وبين الآخرين)(7)
ومن أسباب التكبر النظرة الخاطئة إلى نفسه فكثيراً مما يتصور الإنسان إنه أكبر وأعلى مما هو عليه في الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ... مع الجهل بطبيعة النفس وما فيها من أنواع الضعف ... وادخارها أمام الحاجات النفسية والبدنية ، وينسى أنه يعيش في دار يسير فيها نحو الضعف والتنازل، وأنه سائر نحو الفناء كل هذه التصورات تؤدي بصاحبها إلى أن يتعالى، و ينسى سر وجوده، وعلة إيجاده.
وسبب الأسباب كلها خلو النفس من الشعور بعظمة الخالق الجبار، والجهل بضعف النفس، وخضوعها لشروط موضوعية إذا فقدت هوت النفس إلى قاع الفناء يقول الإمام علي (عليه السلام): (مسكين ابن ادم له بطن يقول: املأنى وإلا فضحتك، وإذا امتلأ يقول: فرغني وإلا فضحتك ، وهو أبداً بين فضيحتين)(8)
(مسكين ابن ادم مكتوم الاجل، مكنون العلل ، محفوظ العمل)(9).
ومن الحقائق الدامغة أن النفس إذا خلت من الإيمان بالله أصبحت ريشة في
مهب رياح الغرائز والشهوات فتهوي من سمو الإنسانية الرفيعة إلى حضيض الشيطانية المطرودة من رحمة الله تعالى .
والإنسان حين يخلوا قلبه من الشعور بالخالق القاهر فوق عباده، تأخذه الخيلاء بما يبلغه من ثراء، او سلطان، او قوة ، او جمال.
ولو تذكر ان ما به من نعمة فمن الله ، وانه ضعيف امام حول الله ، لطامن من كبريائه ، وخفف من خيلائه، ومشى على الأرض هوناً لا تيها ولا مرحاً.
والقرآن يجبه المتطاول المختال المرح بضعفه وعجزه وضآلته : { إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا } [الإسراء: 37]
فالإنسان بجسمه ضئيل هزيل لا يبلغ شيئاً من الاجسام الضخمة التي خلقها الله .
انما هو قوي بقوة الله ، عزيز بعزة الله ، كريم بروحه الذي نفخه الله فيه ؛ ليتصل به ، ويراقبه ، ولا ينساه)(10).
______________________
(1) الراغب الاصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن421.
(2) السيد محمد حسين فضل الله ، من وحي القرآن : 20/73 .
(3) ثقة الإسلام الكليني ، الاصول من الكافي : 2/309 .
(4) الراغب الاصفهاني ، محاضرات الادباء : 260 .
(5) مجتبى اللاري، دراسة في مشاكل الاخلاقية والنفسية : 108.
(6) المصدر نفسه : 107 .
(7) مجتبى اللاري، دراسة في مشاكل الأخلاقية والنفسية: 109.
(8) الشيخ جعفر الحائري ، نهج البلاغة الثاني: 275 .
(9) نهج البلاغة قصار الحكم: 419.
(10) السيد قطب، في ظلال القرآن : 5/328 .
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|