نمو المدن في العالم

مع ظهور القوميات في القارة الأوروبية، وتشكل الإمبراطوريات العظمى، انعكس إيجابا على نمو المدن في العصور الحديثة بعد الاكتشافات الجغرافية في أواخـر القرن آل 15م وبداية القرن 16م. أي من عام 1492م حتى عام 1501م. (كريستوفر كولمبس وفاسكودي جاما). وقد أخذت المدن العواصم في النمو الهائل، على حساب المدن الصغرى في الريف واشتد نموها في أواخر القرن الـ 17 وأوائل القرن ال 18م مثل مدينتي باريس ولندن، حيث بلغ حجم الأولى نصف مليون نسمة والثانيـة نحو 3/ 4 مليون نسمة.

هذا من ناحية المدن القديمة، أما من ناحية المدن الجديدة التي أنشئت، فقد كانت تعرف بمدن البلاط حيث تجسد عظمة الأباطرة والملوك. فكانت تخطط على شكل دائري، تتوسطها القصور الملكية وقصـور الأمراء والحاشية، وتتشـعب مـن المراكز الشوارع الواسعة Boulevards كما هو الحال في قصر فرساي بباريس أما فيما يتعلـق بالعـالم الجديد، فقـد حمـل البرتغال والأسبان والإنجليـز والفرنسيون، فكرة المدينة إلى الجهات التي نزلوا بها. ولكن إنصافاً للواقع، فقـد كـانـت هناك جماعات حضارية من الهنود الحمر، مثـل المايا والأزتك والتولتيك في هضبة المكسيك الوسطى، بالإضافة إلى جماعات الأنكا في هضاب الأنديز.

وقد عرفت هذه الجماعات المدن، وأنشأت الطرق الممهدة، وبلغوا شأناً عظيماً في فن الزراعة وتجديد خصوبة التربة بالتسميد، وكانـت مـدنهم تحمـل صبغتهم الحضارية. إذ قامت مدينة المكسيك على أنقاض مدينة الأزتك القديمـة الـتـي هـدمها القائد الإسباني كورتيز Kurtize عام 1569م. وحول ممراتها القديمة إلى طرق رئيسية. كما قامت مدينة بولبـا Buelba (160000 نسمة) على أنقاض عاصمة التولتيـك القديمة التي أصبحت حالياً قرية سياحية .

ولا تنسى دور الجماعات التبشيرية المسيحية، بنشـر الـدين المسيحي بين الجماعات الهندية، فكانت هذه الإرساليات بمثابة البذور الأولى، التي نمت عليهـا التجمعات السكنية على طول امتداد الساحل الغربية، حتى الحدود الشمالية لولاية كاليفورنيا الحالية. ومن أمثلتها مدن سان دييجو ولوس أنجلوس وسان فرانسيسكو، حيث انتشر فيها المذهب الكاثوليكي، بينما بدأ تأسيس المدن الأنجلو ساكسونية في المناطق الشمالية الشرقية من القارة الأمريكية الشمالية . فنشأت مدينة منتريال ومدينـة كويبك على مصب نهر السنت لورنس، ثم تلتها مدن بوسطن ونيويورك وفيلادلفيا في القرن ال 17م. وبدا تعمير القارة من الشرق إلى الغرب، بسرعة كبيرة حتى وصـل الاستعمال الجديد إلى الجبال الصخرية.