المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4890 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



العلم الحصولي والحضوري  
  
9941   11:27 صباحاً   التاريخ: 1-07-2015
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : محاضرات الاستاذ الشيخ جعفر السبحاني
الجزء والصفحة : ص 107
القسم : العقائد الاسلامية / مقالات عقائدية /

عُرِّف العلمُ بأنَّه صورة حاصلة من الشيء على صفحة الذهن ، أو أنه انعكاس الخارج على الذهن عند اتصال الإِنسان بالخارج. وقد أخذ الحكماء هذا التعريف من العلوم الرائجة عن الإِنسان.

ولكن التَّعريف ناقص لعدم شموله لبعض أقسام العلم. فإِنَّ العلم ينقسم إلى حصولي و حضوري، والتعريف المذكور يناسب الأول دون الثاني. وإليك توضيح القسمين :

إنَّ الإِنسان عندما يُطلُّ بنظره إلى الخارج ويلاحظ ما يحيط به في الكون من شجر وحجر ، وشمس وقمر ، يصبح مُدرِكاً والشَّيء الخارجيُ مدرَكاً ولكن بتوسط صورة بين المدرِك و المدرَك تُنْتَزَعُ تلك الصورة من الخارج بأدوات المعرفة ثم تَنْتَقِلُ إلى مراكز الإِدراك. فالشجرُ هو المعلوم بالعَرَض ، والصورةُ هي المعلوم بالذَّات ، والإِنسان هو العالم وإنما أسمينا الشيء الخارجي معلوماً بالعرَض و الصورة معلوماً بالذَّات ، لأن الخارجَ معلوم لنا بواسطة هذه الصورة ولولاها لانقطعت صلة الإِنسان بالواقع.

وبعبارة أخرى : إنَّ الواقعية الخارجية ليست حاضرة عندنا بهذه السِّمة. لأن الشيء الخارجي له أثره الخارجي : الحرارة في النار ، والرطوبة في الماء ، والثِقَل في الحجر والحديد. ومعلوم انَّ الشيء الخارجي لا يَرِدُ إلى أذهاننا بهذه الصفات. ولأجل ذلك أصبح الشيء الخارجي معلوماً بالعَرَض ، والصورة معلومة بالذَّات لمزاولة الإِنسان دائماً للصور الذهنيَّة.

وبذلك تقف على تعريف العلم الحصولي وهو : ما لا تكون فيه الواقعيَّة الخارجيَّة معلومة بنفسها ، بل بتوسط صورة مطابقة لها. و الأدوات الحسّية كلُّها موظَّفةٌ في خدمة هذا العِلْم ـ فهو يعتمد على ثلاثة ركائز : المدرك ، الخارج ، الصورة. و لا تَظُنَّنَ هذا اعترافاً بأصالة الصورة و فرعية الخارج ، إذ لا شك أنَّ الأَمر على العكس ، فالخارج هو الأصيل و الصورة هي المنتزعة منه والحاكية عنه ، غير أنَّ الذي يمارسه الذهن و يزاوله هو الصورة الموجودة عنده لا نفس الخارج. و هذه الصورة الذهنية و سيلته الوحيدة لدرك الخارج و إحساسه.

إلى هنا وقفت على تعريف العِلْم الحصولي. و أما العِلْم الحضوري فهو عبارة عن حضور المدرَك لدى المدرِك من دون توسط أي شيء ، وله قسمان :

1 ـ ما لا يتوسط فيه بين المدرِك و المدرَك شيء مع كون المدرِك غير المدرَك حقيقةً. و هذا كالعلم بنفس الصورة المنتزعة من الخارج. و ذلك أنَّ الخارج يدرَك بواسطة الصورة ، وأمّا الصورةُ نفسُها فمعلومةٌ بالذات و لا يتوسط بينها و بين المدرِك أي شيء. فعند اتصال الإِنسان بالخارج عن طريق الصورة الذهنية يجتمع هناك عِلمان : حصوليٌّ باعتبار علمه بالخارج عن طريق الصورة ، وحضوريٌّ باعتبار علمه بنفس الصورة و حضورها بواقعيتها عند المدرِك.

وبذلك تقف على فرق جوهري بين العِلْمين و هو أنَّ المعلومَ في العلم الحصولي غيرَ حاضر لدى المدرِك بواقعيته كما عرفت ، و في الحضوري يكون المعلوم حاضراً لديه بواقعيته و هذا كالصورة العِلْمية الذهنيَّة فإنها بواقعيتها التي لا تخرج عن كونها موجوداً ذهنياً ، حاضرة لدى الإِنسان.

وبذلك يظهر أنَّ الحصوليَّ ثلاثيُّ الأطراف و الحضوريَّ ثنائيُّها في هذا القسم الأول منه.

2 ـ ما لا يتوسط فيه بين المدرِك و المدرَك أي شيء ولكنهما يتحدان بالذات و يختلفان باللحاظ و الاعتبار. و ذلك كعلم الإِنسان و دَرْكِه لذاته ، فإِنَّ واقعية كل إنسان حاضرة بذاتها لديه ، و ليست ذاتُه غائبةً عن نفسه ، و هو يشاهد ذاتَه مشاهدة عقلية و يحس بها إحساساً وجدانياً ويراها حاضرة لديه من دون توسط شيء بين الإِنسان المدرِك و ذاتِه المدرَكة. و في هذه الحالة يصبح العِلمُ أحاديَّ الأطراف بدل ثنائيِّها في الثاني و ثلاثيِّها في الأول. فالإِنسان في هذه الحالة هو العالم و هو المعلوم في آن واحد. وعندئذ يتّحد المدرِك و المدرَك و تصبح ذات الإِنسان عِلْماً و انكشافاً بالنسبة إلى ذاته. و من العلم الحضوري علم الإِنسان بأحاسيسه من أفراحه و آلامه ، فالكل حاضر لدى الذات بلا توسط صورة.

وبذلك تقف على ضعف الإِستدلال على وجود الإِنسان بتفكره ، فيقال : « أنا أفَكَّر إِذَنْ أَنَا موجود » ، فاستُدِلَّ بوجود التَّفَكُّر على وجود

المُفَكِّر (1) ، وجه الضعف :

أولا ـ إنَّ عِلمَ الإِنسان بوجود نفسه ضروريٌ لا يحتاج إلى البرهنة ، فليس تفكر الإِنسان أوضح من علمه بذاته و نفسه.

ثانياً ـ إنَّ المستدل اعترف بالنتيجة في مقدمة الاستدلال حيث قال : « أنا » أُفكر. فقد أخذ وجود نفسه أمراً مفروضاً و مسلَّماً ثم حاول الاستدلال عليه.

تعريف جامع :

على ضوء ما ذكرنا من تقسيم العلم إلى الحصولي و الحضوري يصح أنْ يُقال إِنَّ العلم على وجه الإِطلاق عبارة عن « حضور المعلوم لدى العالم » ، و هذا التعريف يشمل العلم بكلا قسميه (2). غير أنَّ الحاضر في الأول هو الصورة الذهنية دون الواقعية الخارجية و في الثاني نفس واقعية المعلوم من دون وسيط بينها و بين العالم. فالصورة الذهنية في العلم الحصولي حاضرة لدى الإِنسان غير غائبة عنه. كما أنَّ ذات الإِنسان في العلم الحضوري حاضرة لديه ، و هي فيه ، بما أنها واقفة على نفسها ، تسمى عالمة ، و بما أنها مكشوفة لنفسها غير غائبة عنها ، تُعَدُّ معلوماً ، و بما أنّ هناك حضوراً لا غيبوبة ، يسمى ذلك الحضور علماً.

وهذا التعريف جامع شامل كلَّ أنواع العلوم الحاصلة في الممكن والواجب.

علمه سبحانه حضوريٌ لا حصوليّ :

... أنَّ الذي يجب إلفات النظر إليه أنَّ عِلْمَهُ سبحانه بذاته و بفعله حضوري : أَمَّا عِلمُه الذاتي بذاته فلعدم غيبوبة ذاته عن ذاته و حضورها لديها. و أمّا علمه بالأشياء ... أنَّه على وجهين :

الأول : إنَّ العلم بالذات علم بالحيثية التي تصدر عنها الأشياء و العلم بتلك الحيثية علم بالأشياء. و بذلك يتضح أنَّ علمه سبحانه بذاته كَشْفٌ تفصيليٌ عن الأشياء على الوجه اللائق بذاته.

الثاني : حضور الممكنات لدى الواجب. لأن الممكن قائم بوجود الباري سبحانه حدوثاً و بقاءً و إنَّ قيامَه بذاته سبحانه أشبَهُ بقيام المعنى الحرفيّ بالإِسمي. و هذا النحو من الوجود لا يقبل الغيبوبة إذ هي مناطُ انعدامه و فنائه. فإِذا كانت الموجودات الإِمكانية بهذه الخصوصية ، فكيف يُتصور لها الانقطاع عنها؟ وما هو إلا فَرْضُ انعدامِها و فنائِها. فعلى ذلك فالعالَم بعامة ذراته ، فعله سبحانه و إيجاده ، و في الوقت نفسه حاضر لديه و هو أي الحضور ، علمه. فعلم الله و فعله مفهومان مختلفان ولكنهما متصادقان في الخارج.

وأمَّا أنَّ له سبحانه وراء العِلْم الحضوري علماً حصولياً أوْ لا ... فإن المشائيّين من الفلاسفة زعموا أنَّ له سبحانه علماً حصولياً أسمَوْه بالصور المرتسمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ المستدل هو الفيلسوف الفرنسي (ديكارت).

2 ـ ليس الهدف من التعريف إلا الإِشارة بوجه إلى حقيقة العلم من دون مراعاة شرط التعريف الحقيقي فلا يؤاخذ عليه بأنه مستلزم للدور لأخذ المُعَرَّف في التعريف.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.