أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1824
التاريخ: 1-07-2015
5966
التاريخ: 12-1-2017
1913
التاريخ: 2-08-2015
1842
|
قال : ( وثبوته ذهنيّ ، وإلاّ لتسلسل ولا ينفع تعلّق الإضافة بذاتها ).
أقول : اختلف العقلاء هاهنا ، فذهب قوم إلى
أنّ الإضافة ثابتة في الأعيان ، لأنّ فوقيّة السماء ليست عدما محضا ولا أمرا
ذهنيّا غير مطابق.
وقال آخرون : إنّها عدميّة في الأعيان ،
ثابتة في الأذهان (1) ، وهو اختيار المصنّف ; وأكثر المحقّقين.
والدليل عليه وجوه ذكرها المصنّف ; :
أحدها : أنّ الإضافة لو كانت ثابتة في
الأعيان لزم التسلسل ؛ لأنّ حلولها في المحلّ إضافة أخرى ، وحلول ذلك الحلول ثابت
يستدعي محلاّ وحلولا ، وذلك يوجب التسلسل.
وأجاب الشيخ أبو عليّ بن سينا عن هذا ـ على
ما حكي ـ بأن قال : يجب أن يرجع في حلّ هذه الشبهة إلى حدّ المضاف المطلق ، فنقول
: المضاف هو الذي ماهيّته معقولة بالقياس إلى غيره ، وكلّ شيء في الأعيان يكون
بحيث ماهيّته إنّما تعقل بالقياس إلى غيره ، فذلك الشيء من المضاف ، ولكن في
الأعيان أشياء كثيرة بهذه الصفة ، فالمضاف في الأعيان موجود.
ثمّ إن كان في المضاف ماهيّة أخرى ، فينبغي
أن يجرّد ماله من المعنى المعقول بالقياس إلى غيره ، فذلك المعنى هو بالحقيقة
المعنى المعقول بالقياس إلى غيره ، وغيره إنّما هو معقول بالقياس إلى غيره بسبب
هذا المعنى ، وهذا المعنى ليس معقولا بالقياس إلى غيره بسبب شيء غير نفسه ، بل هو
مضاف لذاته لا بإضافة أخرى ، فتنتهي من هذه الطريق الإضافات.
وأمّا كون هذا المعنى المضاف بذاته في هذا
الموضوع فله وجود آخر ، مثلا : وجود الأبوّة في الأب أمر زائد على ذات الأب ، وذلك
الموجود أمر مضاف أيضا ، فليكن هذا عارضا من المضاف لذي المضاف وكلّ واحد منهما
مضاف لذاته إلى ما هو مضاف إليه بلا إضافة أخرى، فالكون محمولا مضاف لذاته ،
والكون أبوّة مضاف لذاته (2).
وهذا الكلام على طوله غير مفيد للمطلوب ؛
لأنّ التسلسل الذي ألزمناه ليس من حيث إنّ المضاف الذي هو المقولة يكون مضافا
بإضافة أخرى حتّى تقسم الأشياء إلى ما هو مضاف لذاته وإلى ما هو مضاف بغيره ، بل
من حيث إنّ المضاف الحقيقي كالأبوّة يفتقر إلى محلّ يقوم به ، وحلولها في ذلك
المحلّ إضافة إلى ذلك المحلّ يستدعي محلاّ وحلولا ويتسلسل.
وإلى هذا أشار المصنّف ; بقوله : « ولا
ينفع تعلّق الإضافة بذاتها » أي تعلّق الإضافة بالمضاف إليه لذاتها ، لا لإضافة
أخرى.
قال : ( ولتقدّم وجودها عليه ).
أقول : هذا وجه ثان دالّ على أنّ الإضافة
ليست ثابتة في الأعيان.
وتقريره : أنّها لو كانت ثبوتيّة لشاركت
الموجودات في الوجود وامتازت عنها بخصوصيّة ، فاتّصاف وجودها بتلك الخصوصيّة إضافة
سابقة على وجود الإضافة ، فيلزم تقدّم وجود الإضافة على وجودها وهو محال ، فالضمير
في « عليه » يرجع إلى « وجودها ».
ويحتمل عوده إلى المحلّ ، ويكون معنى
الكلام أنّ الإضافة لو كانت موجودة لزم تقدّمها على محلّها ؛ لأنّ وجود محلّها صفة
له ، فاتّصافه به نوع إضافة سابق على وجود الإضافة ، وأعاد الضمير إليه من غير ذكر
لفظي ؛ لظهوره.
قال : ( وللزم عدم التناهي في كلّ مرتبة من
مراتب الأعداد ).
أقول : هذا وجه ثالث.
وتقريره : أنّ الإضافات لو كانت موجودة في
الأعيان لزم أن تكون كلّ مرتبة من مراتب الأعداد تجتمع فيه إضافات وجوديّة لا
تتناهى ؛ لأنّ الاثنين نصف الأربعة ويحصل له بذلك الاعتبار إضافة النصفيّة ، وثلث
الستّة ويعرض له بهذا الاعتبار إضافة أخرى ، وهكذا إلى ما لا يتناهى ، وهو محال.
أمّا أوّلا : فلما بيّنّا من امتناع وجود
ما لا يتناهى مطلقا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ تلك الإضافات موجودة
دفعة ومرتّبة في الوجود باعتبار تقدّم بعض المضاف إليه على بعض ، فيلزم اجتماع ما
لا يتناهى دفعة مرتّبة ، وهو محال اتّفاقا.
وأمّا ثالثا : فلأنّ وجود الإضافات يستلزم
وجود المضاف إليه ، فيلزم وجود ما لا يتناهى من الأعداد دفعة مع ترتّبها ، وكلّ
ذلك ممّا برهن على استحالته.
قال : ( وتكثّر صفاته تعالى ).
أقول : هذا وجه رابع.
وتقريره : أنّ الإضافات لو كانت وجوديّة
لزم وجود صفات الله تعالى متكثّرة لا تتناهى ، لأنّ له إضافات لا تتناهى ، وهو
محال.
وقد يستدلّ (3) بأنّه لو وجدت الإضافة لزم
اتّصاف ذات البارئ تعالى بالحوادث ؛ لأنّ له مع كلّ حادث إضافة ، ولا شكّ أنّها
إنّما تحدث بعد حدوث الحادث.
وأجيب عن الوجوه المذكورة : بأنّ (4)
القائل بوجود الإضافة لا يقول بوجود أفرادها كلّها ، بل بوجودها في الجملة ، فجاز
أن يكون بعضها موجودا دون بعض.
__________________
(1) نسب القول الأوّل إلى المتكلّمين وجماعة من الأوائل
، والقول الثاني إلى طائفة من الحكماء.
لمزيد المعرفة راجع
« الشفاء » المنطق 1 : 163 والإلهيّات : 156 ـ 160 ؛ « التحصيل » : 404 ـ 412 ؛ « المباحث
المشرقيّة » 1 : 560 ـ 563 ؛ « المحصّل » : 219 ؛ « نقد المحصّل » : 131 ؛ « مناهج
اليقين » : 146 ؛ « نهاية المرام » 1 : 344 ـ 354 ؛ « شرح المواقف » 6 : 159 ـ 162
؛ « شرح تجريد العقائد » : 288 ؛ « شوارق الإلهام » : 456 ـ 460.
(2) « الشفاء » الإلهيّات : 157 ، الفصل العاشر من المقالة الثالثة.
وقد صحّحنا النقل على المصدر.
(3) انظر : « المباحث المشرقيّة » 1 : 562 ؛ « نهاية المرام » 2 :
349 ـ 350 ؛ « شرح المواقف » 6 : 160 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 289 ؛ « شوارق الإلهام
» : 456.
(4) هذا الجواب هو الاعتراض على الوجه الثاني من
المسألة كما ذكرهما العلاّمة في « نهاية المرام » 1 : 348 ، لكن الموجود في غير « نهاية
المرام » هو أنّ هذا جواب عن كلّ الوجوه من قبل الحكماء ، كما في « شرح المواقف »
6 : 161 ـ 162 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 289 ؛ « شوارق الإلهام » : 456.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|