أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-1-2022
1515
التاريخ: 6-7-2019
1611
التاريخ: 18-9-2016
3207
التاريخ: 23-1-2022
2468
|
يمكن الاستدلال على القاعدة المذكورة بأمور أربعة :
١ ـ التمسك بموثقة عمّار عن أبي عبد الله عليه السلام : «كلّ شيء نظيف حتى تعلم انّه قذر ، فاذا علمت فقد قذر ، وما لم تعلم فليس عليك» [١].
ودلالتها واضحة.
وهي أهم ما يمكن التمسّك به.
٢ ـ التمسّك ببعض الروايات الخاصة التي قد يتصيد من مجموعها القاعدة الكلية.
من قبيل معتبرة حمّاد بن عثمان : «الماء كلّه طاهر حتى يعلم انّه قذر» [٢].
وموثقة حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام : «ما ابالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم» [٣] ، فان قوله : «إذا لم أعلم» يدل على كفاية الشك وعدم العلم في الحكم بالطهارة ، وهذا ليس الا عبارة اخرى عن مضمون قاعدة الطهارة.
وصحيحة علي بن جعفر : «سألته عن الفأرة والدجاجة والحمام وأشباهها تطأ العذرة ثم تطأ الثوب أيغسل؟ قال : ان كان استبان من أثره شيء فاغلسه وإلاّ فلا بأس» [٤] ، فان الحكم بعدم وجوب الغسل عند عدم الاستبانة لا وجه له إلاّ الاستناد الى قاعدة الطهارة.
وفي موثقة عمّار عن أبي عبد الله عليه السلام : «رجل يجد في انائه فأرة وقد توضأ من ذلك الاناء مرارا أو اغتسل منه أو غسل ثيابه وقد كانت الفأرة متسلخة فقال : ان كان رآها في الاناء قبل ان يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم يفعل ذلك بعد ما رآها في الاناء فعليه ان يغسل ثيابه ويغسل كلّ ما أصابه ذلك الماء ويعيد الوضوء والصلاة ، وان كان انّما رآها بعد ما فرغ من ذلك وفعله فلا يمس من ذلك الماء شيئا وليس عليه شيء لأنّه لا يعلم متى سقطت فيه.
ثم قال : لعلّه ان يكون انّما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها» [5] فان ابراز احتمال السقوط تلك الساعة انّما ينفع بناء على تمامية قاعدة الطهارة. إلى غير ذلك من الروايات الخاصة.
والاستدلال بالروايات الخاصّة المذكورة على قاعدة الطهارة يتم بشرطين : الغاء خصوصية المورد بتنقيح المناط وإلاّ بقيت خاصة بموردها ، وانحصار المستند في الحكم بالطهارة بقاعدة الطهارة وعدم وجود مدرك آخر كاستصحاب الطهارة.
ولئن تم الشرط الأوّل فالثاني غير تام لاحتمال أن يكون حكم الامام عليه السلام بالطهارة في رواية «الماء كلّه طاهر حتّى ...» مستندا الى استصحاب طهارة الماء الثابتة في بداية تولده.
وان يكون عدم مبالاة أمير المؤمنين عليه السلام في الرواية الثانية مستندا الى استصحاب الطهارة الثابتة قبل احتمال اصابة البول. وان يكون عدم لزوم الغسل عند عدم استبانة شيء من الأثر في الثوب مستندا الى استصحاب طهارة الثوب أو عدم اصابة النجاسة له [6].
وان يكون عدم غسل الثياب في موثقة عمّار مستندا الى استصحاب طهارة الماء ما دام لم يتيقّن بوقوع الفأرة فيه من البداية.
ثم انّه لو تنزلنا وسلّمنا بتمامية الشرطين المتقدّمين ومن ثمّ تسليم امكان اقتناص قاعدة الطهارة من الموارد المذكورة فيمكن أن يقال ان المستفاد من الموارد المذكورة ثبوت قاعدة الطهارة في الجملة ولا يمكن استفادة التعميم لموارد الشك في الطهارة بنحو الشبهة الحكمية أو لموارد الشك في النجاسة الذاتية ، وهذا بخلافه على المستند الأوّل فانّه يمكن التمسك باطلاقه.
٣ ـ التمسك بدعوى ان عادة الشارع قد جرت على بيان النجاسات ولم تجر على بيان الامور الطاهرة ، فهو يقول : هذا نجس أو ذاك نجس ، ولا يقول : هذا طاهر أو ذاك طاهر فان بيان الامور الطاهرة غير ممكن لعدم انحصارها بخلاف الامور النجسة.
ونظير هذا ما قيل في باب اصالة البراءة من ان عادة الشارع قد جرت على بيان المحرمات دون المباحات ، فمن عدم بيانه لحرمة شيء يفهم كونه مباحا ، وهكذا الحال في المقام.
بل ان الشك في النجاسة يرجع أحيانا إلى الشك في الحرمة ـ كما لو اريد أكل شيء مشكوك النجاسة ـ فيجري أصل البراءة بلا حاجة الى اجراء أصل الطهارة.
وإذا اريد الصلاة أو الطواف في الشيء المشكوك أمكن اجراء البراءة عن تقيد الصلاة الواجبة والطواف الواجب بعدم لبس المشكوك ، المثبت ، إذ لا دليل شرعي يدلّ على أنّ النجاسة إذا كانت باقية في رجل الحيوان فهي مصيبة للثوب وانّما ذلك ثابت بالملازمة العادية.
كما هو الحال في لبس ما يشك في كونه من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، فكما تجري البراءة عن تقيد الصلاة أو الطواف بعدمه ـ باعتبار ان المانعية انحلالية بعدد افراد المانع ، والصلاة مقيّدة بعدم كل واحد من الموانع ، والشك في نجاسة المشكوك شك في حدوث مانع جديد ومن ثمّ شك في حدوث تقييد جديد ، وأصل البراءة يقتضي عدمه ـ كذلك تجري في المقام.
هذا هو المدرك الثالث.
وهو وان كان وجيها ولكنّه خاص بما إذا كان الشك في الطهارة بنحو الشبهة الحكمية بأن شك في ان العصير العنبي إذا غلى هل حكم الشارع عليه بالنجاسة أو لا ، والأرنب هل حكم الشارع عليه بالنجاسة أو لا ، وهكذا ، ولا يتم في الشبهات الموضوعية ، كما لو شك في ان هذا الثوب طاهر أو نجس وذاك الماء طاهر أو نجس ، وهكذا.
٤ ـ التمسك بالاستصحاب بأن يقال ان النجاسة نشك في جعلها للشيء المشكوك ، ومقتضى الأصل عدم جعلها.
وهذا الطريق ينفع في الموارد التي تكون النجاسة فيها مانعا دون الموارد التي تكون فيها الطهارة شرطا فانّه بالأصل يمكن نفي مانعية النجاسة ولا يمكن اثبات شرطية الطهارة.
هذه مدارك أربعة لإثبات قاعدة الطهارة ، والمهم منها كما عرفنا هو الأوّل.
واما التسالم فلا يمكن الاستناد إليه لاحتمال مدركيته بل يجزم بذلك.
الاشكال في سند موثقة عمّار :
عرفنا ان المدرك المهم لقاعدة الطهارة هو موثقة عمار. والموثقة المذكورة طويلة ولم تذكر في الوسائل مجموعة بل ذكرت مقطّعة في أبواب مختلفة وانما ذكرت مجموعة في التهذيب [7] وذكر في آخرها الجملة المتقدّمة : «كلّ شيء نظيف ...».
وذكرت قطعة منها في الاستبصار [8] من دون أن تشتمل على الجملة المتقدّمة.
كما ذكرت قطعة منها في الكافي [9] من دون أن تشتمل على ما ذكر.
وذكرت بشكل مرسل في الفقيه [10] من دون أن تشتمل على ما ذكر أيضا.
اذن ما يشتمل على الجملة المذكورة ليس إلاّ التهذيب. واذا لا حظنا سند الرواية فيه وجدناه بالشكل التالي : محمّد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام.
ولا مشكلة في رجال السند بل كلّهم ثقات ما خلا أحمد بن يحيى المتوسط بين محمد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن الحسن فانه لم يعرف من هو.
ويوجد بهذا الاسم أشخاص بعضهم ثقة وبعضهم ليس كذلك.
وهذا الشخص «أحمد بن يحيى» موجود في سند التهذيب فقط ولا يوجد في سند الاستبصار والكافي. ولكن ذلك غير مجد بعد عدم وجود الجملة المطلوبة فيهما.
ويمكن التغلب على المشكلة المذكورة بأن السند المذكور ـ محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمّار ـ قد تكرّر من الشيخ في التهذيب والاستبصار عشرات المرّات [1١] وفي الكل ذكر من دون توسط أحمد بن يحيى بين محمد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن الحسن وانّما ذكر متوسطا فقط في هذا المورد لا غير ، وهذا ممّا يحصّل الاطمئنان بأن ذكره قد حصل اشتباها.
وبهذا البيان نفسه يمكن التغلب على المشكلة لو قيل بأن جامع أحاديث الشيعة قد أشار الى ان بعض نسخ التهذيب قد ذكر فيها الشخص المتوسط باسم «محمد بن يحيى» بدل «أحمد بن يحيى» ، ومحمد بن يحيى هو المعاذي شيخ محمد بن أحمد بن يحيى ، وهو ممّن لم يوثق بل قد استثني من رجال نوادر الحكمة.
ان الجواب عن ذلك : ان محمد بن يحيى وان كان شيخا لمحمد بن أحمد ويروي عنه إلاّ انّه يمكن حصول الاطمئنان بأن ذكره هنا قد حصل اشتباها لنفس ما ذكر سابقا خصوصا وانا لو رجعنا الى الموارد التي يروي فيها محمد بن أحمد عن محمد بن يحيى لوجدنا ان محمد بن يحيى لا يروي عن أحمد بن الحسن بل كل مورد ذكر فيه أحمد بن الحسن فهو متصل بمحمد بن أحمد بن يحيى من دون توسط شخص بينهما.
_____________
[١] وسائل الشيعة باب ٣٧ من أبواب النجاسات حديث ٤.
[٢] المصدر السابق باب ١ من أبواب الماء المطلق حديث ٥.
[٣] المصدر السابق باب ٣٧ من أبواب النجاسات حديث ٥.
[٤] المصدر السابق حديث ٣.
[5] وسائل الشيعة باب ٤ من أبواب الماء المطلق حديث ١.
[6] ولا يعارض استصحاب عدم اصابة النجاسة للثوب باستصحاب بقاء النجاسة في رجل الحيوان إلى حين الاصابة.
والوجه في عدم المعارضة : أنّ الغرض من استصحاب بقاء النجاسة في رجل الحيوان ان كان مجرّد إثبات بقاء النجاسة في رجل الحيوان ولو لم تكن مصيبة للثوب فذلك لغو وبلا فائدة ، وان كان الغرض من ذلك إثبات تحقّق اصابة النجاسة للثوب فذلك لا يتمّ إلاّ بناء على حجيّة الأصل .
[7] تهذيب الأحكام ١ : ٢٨٤.
[8] الاستبصار ١ : ٢٥.
[9] فروع الكافي ٣ : ٩.
[10] من لا يحضره الفقيه ١ : ١٠.
[١1] كما في الجزء الأوّل من التهذيب حديث رقم ١٠١١ ، ١٣٥٢ ، ١٣٧٣ ، والتهذيب ، الجزء الثاني حديث ١٤٢١ ، ١٤٦٦ ، ١٥٤٨ ، والتهذيب ، الجزء الثالث حديث ٤٦٠ ، ٤٧٠ ، ٧٠١ ، ٧٨٨ ، ٨٣٤ ، ٨٣٦ ، ٨٧٢ ، ... ويدعم ذلك أيضا ان سند الاستبصار والكافي لا يشتمل على الشخص المتوسط المذكور.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|