أنماط جغرافيا الانتخابات

تتميز الدول المتقدمة بوجود سياسة جادة لإعادة توزيع الدخول مما أعطى فرصة للأحزاب بان تحشد من وراءها الدعم الكافي من الناخبين، الذي بدوره افرز نمطا مستقرا من الاقتراع الانتخابي، فغي بريطانيا على سبيل المثال بالإمكان أن نميز بين الشمال والجنوب على أساس المصالح الاقتصادية، حيث يمثل الشمال جماعة (المنتجين) ويمثل الجنوب جماعة (المستهلكين)، وقد أثرت الأحوال الاقتصادية على نتائج الانتخابات عندما أحرز حزب العمال نتائج انتخابية أفضل في الشمال بينما حصل المحافظون على أصوات أكثر في.

وهناك نمطين من جغرافيا الانتخابات: النمط الأول جغرافية القوة والنمط الثاني جغرافية الدعم، فالأول ينتج من مصالح جماعات معينة أو دول تقوم بتمويل الأحزاب أو شخصيات معينة في الحملات الانتخابية، ولم تحفد" جغرافية القوة بنصيب من الاهتمام مماثل لما حظيت به جغرافية الدعم، وذلك لمحدودية مادتها حيث تركن السياسة إلى السرية والكتمان، فربما لا يمكن معرفة شيئا مما يدور في الدهاليز أبدا، على سبيل المثال سلوك وكالة المخابرات الأمريكية في تمويلها لأحزاب (أجنبية صديقة) أو في زعزعتها استقرار حكومات أجنبية غير صديقة لأمريكا، وبطبيعة الحال لا تتوفر صورة كاملة لفاتورة حجم هذا التمويل للأحزاب السياسية على مستوى خريطة العالم كي نعود إليها في اصدار أحكام دقيقة، ولذلك لا يمكن جدولة جغرافية القوة بالطريقة نفسها التي أمكن بها رصد جغرافية الدعم التي تتميز بتوفر مادة علمية غزيرة، فالانتخابات هي ممارسة علنية تتم من خلال القنوات السياسية والإعلامية كما أن نتائجها تعلن أول بأول مما يتيح للمراقبين مادة دسمة للبحث، وكان هذا سببا في انتعاش البحث في جغرافية الدعم الشعبي في الانتخابات في السنوات الأخيرة.

وفي جميع الأحوال تبقى الجغرافيتان - من دعم وقوة - ضروريتين لضمان فاعلية الديمقراطية. وعلينا ألا نسقط من حساباتنا جناحا من جناحي العملية الانتخابية، لمجرد أن البحث فيه صعب وشحيح المادة وكما يتضح من الشكل (53) نموذج معدل لجغرافية الانتخابات قدمه كل من بيتر تيلور وكولن فلنت، وهدفه هو تعديل دفة المسار في الجغرافيا الانتخابية تجاه نصفها المهمل ألا وهو جغرافية القوة.