أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2017
2486
التاريخ: 19-8-2017
2116
التاريخ: 28-4-2017
8616
التاريخ: 23-5-2018
2005
|
البحر يكون هادئاً والجو مشمساً أحياناً وعاصفاً وهائجاً والجو ملبداً بالغيوم أحياناً أخرى. وإن حياة الإنسان في هذه الدنيا هي بمثابة عبور من هذا البحر ويجب أن لا نتوقع أبداً أن يكون البحر هادئاً باستمرار وقليل الأمواج. وعندما نمر بفترة هدوء واستقرار ووفور النعم علينا أن نشكر الله وعندما نمر بفترة من الشدة وصعوبة العيش وضنك الحياة يجب أن نتحلى بالصبر ونقاوم ونثبت ونتصدى للأمواج العاتية والعواصف الهوجاء بعزيمة راسخة ورحابة صدر وطول بال، فالإمام علي عليه السلام يقول: [أحسن الناس حالاً في النعم من استدام حاضرها بالشكر وارتجع فائتها بالصبر](1).
إن إرادة الإنسان قوية إلى درجة أنه يستطيع بها أن يتغلب على أمواج البلاء والمصائب العاتية وأن يحطم تلك الأمواج ويوصل نفسه إلى ساحل الأمان والاستقرار والسعادة. المهم أن يعرف الإنسان ويقتنع بأن بحر الحياة يكون هادئاً وساكناً أحياناً وعاصفاً هائجاً أحياناً أخرى ومن خلال هذا الصعود والنزول وفي خضم هذا اليسر والعسر تبرز وتنشأ لآلئ الشرف الثمينة ومجوهرات الكرامة والاستقامة والصبر القيّمة. والآن أريد أن أسألك عزيزي القارئ: كيف تتعامل مع مشاكل الحياة وتقلبات الدهر؟ كيف تتصرف إذا ما وقع لك حادث ما في حياتك؟ هل تتصرف كتصرف هذه الأخت الكريمة التي بعثت لنا بالرسالة التالية:
الرسالة:... لقد فقدت أحد عشر شخصاً من أهلي وأفراد عائلتي خلال الحرب بمن فيهم والدي ووالدي وجدتي وثلاثة من شقيقاتي وأولادهن كل واحد من هؤلاء الأعزة كان يتمتع بصفات ومميزات كثيرة من حيث الأخلاق والتصرفات والحياة العائلية ولا سيما والدي ووالدتي اللذين عاشا معاً مدة أربعين عاماً في محبة ووئام وتفاهم. شقيقاتي العزيزات عشن مع أزواجهن حياة مثالية مليئة بالعبر والدروس القيمة وكن مثالاً في الصبر والقناعة والتضحية والإخلاص والوفاء والمحبة لأزواجهن وأبنائهن، وأعتقد أن التطرق إلى سيرة هؤلاء الأعزاء الذين فقدتهم وسلوكهم الخلقي وأسلوب تعاملهم، يكون مفيداً ونافعاً جدا لسائر الأسرة الكريمة ولا سيما الأخوات العزيزات في كل مكان. لذلك قررت ان أكتب إليكم هذه الرسالة لتنشروها إذا رأيتم ذلك مناسباً وتذيعوها في برنامجكم برنامج «أسس التعامل الأخلاقي بين أفراد الأسرة»...
هل تلاحظ أيها القارئ الكريم أي مظهر من مظاهر الجزع والانكسار في رسالة هذه الأخت الكريمة؟ لقد حلت بها مصيبة كبيرة ومأساة مؤلمة كأنها عاصفة هوجاء حقيقية ولكن هذه المأساة المروعة وهذه العاصفة القوية لم تؤثر أبداً في عزيمة هذه الأخت الفاضلة ولم تزعزع إرادتها وصمودها ولم تنل من عنفوانها وقوة شخصيتها وإن تلك المصيبة التي حلت بها لم تجعلها تنهار وتستسلم للأمر الواقع بل على العكس فإنها أوجدت في نفسها شعور يفوق الصبر والتحمل فقد نظرت إلى هذه المصيبة من قمة أعلى بكثير. لنتابع معاً بقية الرسالة التي بعثت بها هذه الأخت الفاضلة:
الرسالة:... إني أشكر الله لكوني تربيت ونشأت في حجر والدتي التي لم ترفع يوما صوتها أمام والدي ولم تتشاجر معه قط وعاشت معه بمنتهى الصبر والقناعة والتقشف وربت أولادها بعزة وكرامة...
لقد كان والدي عاملاً بسيطاً ورزقه الله سبع بنات ولكني لا أتذكر أبداً ان والدي فتح يوما - حتى وإن كان على سبيل المزاح - موضوع البنات والصبيان. فقد كان والدي يقول: كل ما يأتي من عند الله فهو خير وصلاح للإنسان. البنات والصبيان كلهم أمانات أودعها الله عندنا فالله يعطي لمن يشاء إناثاً ويعطي أيضاً لمن يشاء ذكوراً...
وكان والدي دائماً يعد بنفسه مائدة الإفطار في الصباح ويدعو جميع بناته لتناول الفطور اولاً، وبعد ذلك كان يخرج من البيت، وكانت والدتي تودعه كل يوم حتى عتبة البيت وكانت ندعو له بالسلامة والتوفيق وتقرأ وراءه آية الكرسي المباركة.
لقد كانت والدتي امرأة عاقلة ورزينة وهي لم تتدخل أبداً في شؤون بناتها وأصهرتها ولم تكن تسمح لبناتها أن يشتكين من أزواجهن...
إني أشكر الله الذي منّ عليّ بمثل تلك الأم الحنونة وبمثل ذلك الأب الطيب وأشكره تعالى لأن والديّ قد نالا أجرهما وثواب أعمالهما والتحقا بالرفيق الأعلى وهما قريرا العين.
أختكم ـ ح. ق.
نتقدم بجزيل الشكر لهذه الأخت الكريمة ونقول: إنه لمن سعادة المرء أن يكون عنده أولاد كهذه الأخت الكريمة وبهذا المستوى من الصبر والوعي والمعرفة ويتمتعون بمثل هذه المشاعر والأحاسيس المثلى والراقية إن أولاداً يتمتعون بمثل هذه الصفات والسجايا حيث يعتبرون المصيبة نعمة من نعم الله (يمتحن بها عباده الصالحين ويختبر من خلالها قوة إيمانهم) ويستقبلون بلايا الدنيا ومآسيها بسعة صدر وتحمل وصبر كالجبل الشامخ الذي لا تؤثر فيه الزوابع والأعاصير، هم بمثابة مجوهرات ثمينة وقيمة يحظى بها من أراد الله لهم التوفيق من الآباء والأمهات.
__________________________________________
(١) غرر الحكم ودرر الكلم.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|