المنظور البيئي للصناعة

تعتبر الصناعة من اكثر النشاطات الاقتصادية اثرا على البيئة وتلوثها رغم اهميتها في التنمية والتطور, بسبب مخلفاتها الضارة الملوثة للهواء والماء والتربة , ويعتبر التلوث من العوامل التوقيعية المهمة لمعظم الصناعات , فتوقيع الصناعات في المدن في مواقع صالحة له الاثر الكبير بالارتفاع بالمستوى الصحي وخلق بيئة صحية وتجنب تلوث البيئة وما تسببه من اخطار للمدينة .اجمالا يمكن تصنيف الصناعات الى  :

- صناعات ثقيلة : وهي عادة ما تكون ملوثة للبيئة مما يتطلب توقيعها خارج المدن.

- صناعات خفيفة : وهي في الغالب صناعات غير ملوثة.

ومع ضرورة التمييز بين الصناعات , فانه من الضرورة الانتباه ومنذ البداية , انه ليس من المنطق , على الاقل في المنظور الاقتصادي حرمان المدن من نشاطها الصناعي بحجة التلوث لان ذلك سوف ينعكس على مجمل نشاط الاقتصاد الوطني لما تمثله هذه المدن من مقومات ضرورية لديمومة النشاط الصناعي وتطوره.

ان هذا المنظور التخطيطي يستند الى فكرة الموازنة في التوقيع المكاني للنشاط الصناعي في داخل المدينة وخارجها , مما يتطلب القيام بدراسات ومسوحات دقيقة فيما يتعلق بطبيعة الصناعة , خاصة الفضلات التي تطرحها من غازات وسوائل ومواد صلبة ومدى اضرارها , وعلى ضوء نتائجها توقع أية صناعة سواء في المدينة او في ضواحيها او في اقليمها بمسافات متباينة تبعا لدرجة تلويثها للبيئة. فكثيرا ما يتعرض الانسان ومكونات بيئته الى مخاطر عديدة من جراء اقامة بعض المشاريع الصناعية الملوثة مما يستدعي اتخاذ التدابير اللازمة لتفاديه عن طريق التحكم في مواقع هذه المشاريع او تأجيل انشائها او الغائها اذا استوجب الامر ذلك.

ويسري ذلك ايضا على المعامل القائمة فعلا , فاذا اتضح تأثير احدى المعامل القائمة على البيئة المحيطة بها وسكان المناطق القريبة منها يتم الغاء او ترحيل تلك المشاريع , اذا لم يتم معالجة هذه الآثار بأساليب فنية وتقنية. ان ذلك يعكس كون التخطيط البيئي للمواقع الصناعية انما يرتكز في حقيقته على ضرورة تشخيص المشكلات البيئية للصناعة من خلال التقييم البيئي لهذه الآثار ومحاولة وضع الحلول المناسبة لها مكانيا وتقنيا. وهذا يفسر كون ان حدة التلوث للمشاريع الصناعية انما يعتمد على سببين رئيسين :

الاول موقعي : ان معظم مواقع المعامل الصناعية لم تخضع للتقييم البيئي لهذه المواقع , كأن لم يأخذ بنظر الاعتبار اتجاه الرياح السائدة او مجرى النهر, أو ان مواقعها قائمة بين المناطق السكنية والزراعية او مجاورة لها وبدون وجود انطقة حماية كافية لهذه المواقع الصناعية ؛ لحماية المناطق السكنية والزراعية من اضرار الملوثات المختلفة التي تطرحها هذه المشاريع. 

الثاني تقني- فني : وهو في عدم اتباع معظم المعامل الصناعية الاساليب التقنية والفنية الحديثة لمعالجة الملوثات الناجمة عن مخلفات العملية الانتاجية , ومنها عدم استعمال المرسبات او المرشحات الكهربائية للسيطرة على ملوثات الهواء او بصورة عامة عدم اجراء المعالجات اللازمة في التحكم ومعالجة الملوثات الصناعية المختلفة قبل طرحها الى الوسط البيئي.

وهذا يعني ان اولى المتطلبات الواجب التقيد بها عند اختيار الموقع الصناعي وذات العلاقة بالأثر البيئي تتمثل في جانبين رئيسين  :

1- مجموعة من المتطلبات الموقعية الواجب التقيد بها عند اختيار موضع المشروع الصناعي.

2- ضوابط فنية واجرائية يفترض تنفيذها لمعالجة آثار التلوث وتقليل تأثيرها قدر الامكان.