برهن ناشرو صحافة جديدة أطلق عليها اسم : صحافة القرش ، ظهرت ما بين عام ١٨٣٣ - ١٨٣٧ على أن الجريدة الرخيصة الثمن والتي تحرر لاجتذاب اهتمام الناس العاديين تستطيع أن تكسب نفس المقدار الذي تكسبه أوسع الصحف انتشارا في ذلك الوقت ، وبذلك تجتذب كما كبيرا من الإعلانات التي توفر لها الاستقلال . وكانت هذه الجرائد مخصصة للشخص العادي ولم تكن مرتبطة بمصالح رجال الأعمال مثل الصحافة التجارية ، ولم تعتمد على المساعدات المالية بالولاء للأحزاب السياسية . ولم يترتب على ذلك بالضرورة تحول جرائد صحافة القرش إلى) جرائد متفوقة في تناولها لوظيفتي الأخبار والرأي ، ولكن الباب كان مفتوحا لبعضها لكي تحقق تطورات صحفية شديدة الأهمية.

وظهرت أولى مثالب صحافة القرش في اتجاهها نحو الإثارة فكانت تبزر الأخبار التي تتضمن الجوانب المثيرة للعواطف الإنسانية ، بينما تغطى على الأخبار المهمة ، كما كانت تعرض حكايات الجريمة بكافة تفاصيلها . ولكن بينما اجتذبت صحافة القرش القراء من كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية فقد عملت على تعديل اتجاهها الذى يعتمد على المبالغة في تصوير المواقف المثيرة ، وأصبح القارئ العادي يطلب انتاجا أفضل . وأبقت على النمط الشعبي في كتابة وعرض الأنباء ٠ ولكن جريدة القرش أصبحت جريدة محترمة تعرض المعلومات ذات الأهمية والافتتاحيات القيادية . وبمجرد أن اهتدت صحافة القرش الى الطريق أصبح في استطاعتها قيادة مغامرات جانبية للدخول في المنافسة على المستويات العليا لمؤسسة الصحافة ، تلك المستويات التي وصلت إليها الجرائد الرائدة .

وكان هذا هو طراز الصحافة الأمريكية في السنوات التي تلت تأسيس جريدة (صن) في سنة ١٨٣٣ بولاية نيويورك . وقد دخلت جريدة صن التي كان يحررها بنجامين داى في المنافسة ضد 11 جريدة يومية أخرى . وكانت صغيرة الحجم بالمقارنة إلى هذه الجرائد ولكنها كانت لامعة واجتذبت القراء ، وقدمت الموضوعات التي تهتم بالجوانب الإنسانية على تقارير الأحاديث السياسية القائمة . وقد خصصت محررا بوليسيا لكتابة الجواب المثيرة في أخبار الجريمة بالطريقة التي أثبتت نجاحها في جرائد لتدن . والأهم من ذلك انها كانت تباع بقرش واحد ( بنس ) بينما كانت الجرائد الأخرى تباع بستة بنسات . ومع حلول سنة ١٨٣٧ كانت جريدة صن تطبع ٣٠ ألف نسخة يوميا ، وهذا الرقم يفوق العدد الذي كانت تطبعه الجرائد اليومية الإحدى عشر الأخرى التي تصدر في نيويورك مجتمعة عند صدور جريدة صن .