أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-13
561
التاريخ: 29-8-2019
1801
التاريخ: 26/11/2022
1734
التاريخ: 2023-04-26
1336
|
يستفاد من الاية الشريفة أمور :
الأول : إتيان ضمير المتكلم المفرد في قوله تعالى : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة : 186]، للدلالة على مزيد من العطف والعناية. ومن سنته جل شأنه في القرآن الكريم أنه إذا كان في مقام إظهار الاقتدار والكبرياء والهيمنة ، يأتي بضمير الجمع غالباً ، مثل قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} [ق : 43] ، وقوله جل شأنه : {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} [يس : 12] ، وقوله عزل وجل : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} [الأحزاب : 72] ، وقوله تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] ، وقوله تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القدر : 1] ، وغير ذلك مما هو كثير.
وإذا كان في مقام الامتنان والرأفة والتحنن وإظهار المعية ، يأتي بضمير المفرد ، قال تعالى : {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } [طه : 46] ، وقال تعالى : {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا } [طه : 14] ، وفي المقام قال تعالى : { فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ } [البقرة : 186] ، فهو مشعر بالتوجه والألفة ، وتهييج الشوق - كأنه مما يشبه اختلاط المتكلم مع المخاطبين - ما لا يدركه الإعلام ، ويقصر دون بيانه الأعلام.
الثاني : الوجه في إلقاء الخطاب إلى الرسول (صلى الله عليه واله) بقوله تعالى :
{ وإذا سألك} ، لأنه (صلى الله عليه واله) قائد الأمة ورأسها ورئيسها ، بل إن ذلك ثبات له بالنسبة إلى جميع الخليقة ، للإشارة إلى أن الدعاء لا بد من وروده من بابه ، وهو خاتم الأنبياء ، فإنه الواسطة في الفيوضات الإلهية ، وخاتمة جميع المعارف الربوبية ، فهو الخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل.
وفيه نحو تعليم للناس في أن يسألوا أمهات الأمور الدينية من النبي (صلى الله عليه واله) ، أو من يتبع طريقه علماً وعملا ، مع أن أسرار الحبيب لا يعرفها إلا الحبيب.
الثالث : أن شأن العبد بالنسبة إليه عز وجل هو الدعاء ، وقد وعد تعالى الإجابة إن كان الدعاء جامعاً للشرائط ، { إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } [آل عمران : 9].
وأما السؤال عن كنهه وذاته سبحانه وتعالى ، فهو مرغوب عنه ، إذ لا يدرك الممكن كثيرة ، ولا ينفع قليلة ، بل ربما يضر ، ولذا ورد النهي في السنة عن التعمق في ذاته تعالى ، ويستفاد ذلك من قوله تعالى : {فإني قريب}، ولا معنى للسؤال عما هو قريب حاضر.
ومن العجائب أن أكون مسائلا عن حاضر لا زلت أصحبه معي الرابع : تكريم الداعي السائل بالإضافة التشريفية المعبودية في قوله تعالى : { وإذا سألك عبادي عني}، وفيه من الأدب ما لا يخفى ، وتعليم للعلماء باحترام السائل عن الحق.
الخامس : تضمين الأمر بالدعاء معنى الإجابة في قوله تعالى :
{ فليستجيبوا لي} ، فإنه بشارة باستجابة الدعاء ، ثم التأكيد بقوله تعالى : {وليؤمنوا بي} ، فإنه سواء كان خاصاً بخصوص هذه الآية ، أم عاماً لجميع التشريعات ، فإنه يدل على تحقق مفاد الآية ، واتباع ذلك بقوله تعالى : ولعلهم يرشدون ) ، وهو تأكيد آخر ، ولبيان أن الدعاء سبب الرشد ، الذي هو إصابة الحق والخير ، وإليه يشير قول نبينا الاعظم (صلى الله عليه واله): " إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء ، وأبخل الناس من بخل عن السلام ".
السادس : أن قوله تعالى : { إذا دعان فليستجيب لي} ، يدل على شروط استجابة الدعاء ، أحدها سيق لبيان الموضوع ، وهو قوله تعالى : { إذا دعان} ، فإنه معلوم مما قبله ، ولكنه ذكر لأجل التنبيه على أنه ليس كل من يدعو الله لحاجة هو داعياً لله بحقيقة الدعاء ، لفقد الانقطاع وعدم التوجه إليه تعالى ، فلا يكون هناك مواطأة بين القلب واللسان ، ولا يكون دعاء ، بل التبس الأمر على الداعي ، فيسأل ما يجهله ، أو ما لا يريده لو انكشف الأمر له ، أو يكون سؤال لكن لا من الله تعالى وحده ؛ ولذا ورد أن الله لا يستجيب دعاء من قلب لاه ، متعلق بالأسباب المادية ، أو الأمور الوهمية ، فلم يكن دعاؤه خالصاً لوجه الله تعالى ، فلم يسأله بالحقيقة.
وهذا هو المستفاد من مجمع الآيات الواردة في الدعاء والأحاديث الشارحة لها.
السابع : أن إفراد الضمير في (عني) و (إني) ، و(أجيب) ، فيه إشارة إلى أن إجابة الدعاء منحصرة به تعالى ، ولا دخل لغيره فيها ، لأنه تصرف من عالم الملكوت الأعلى في عالم الملك الأسفل ، ولا يليق بذلك غيره عز وجل.
نعم ، الاستشفاع والتوسل بعباد الله الصالحين ، الذين جعلهم الله تعالى واسطة الفيض لديه شيء آخر ، لا ربط له بإجابة الدعاء ، كما لا يخفى.
مع أن الحنان والرأفة وجذب الداعي إلى مقام القرب يقتضي توحيد الضمير ، لئلا يعرض على قلب الداعي هيبة العظمة ، فتشغله عما يحتاجه من قليل أو كثير.
كما أن في تكرار ضمير الإفراد في (عن) ، و(إني) ، إشارة إلى أن المسؤول عنه نفس القريب المجيب وعينه ، ولا فرق إلا بالإضافة الاعتبارية .
فإنه إذا أضيف إلى السائل يكون مسؤولا عنه ، وإذا أضيف إلى نفسه الأقدس يكون قريباً مجيباً ، وإن كانت إضافته من صفات فعله لا من صفات ذاته ، وفي المقام سر آخر ، لعله يظهر في الآيات المناسبة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|