أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2014
6869
التاريخ: 9-11-2014
15100
التاريخ: 2024-08-26
372
التاريخ: 22/10/2022
1413
|
لا إشكال في أنّ قول المعصوم عليه السلام - نبيّاً كان أو إماماً - حجّة في مقام كشف مراد اللَّه - تبارك وتعالى - من ألفاظ كتابه العزيز، وآيات قرآنه المجيد؛ لما ثبت في محلّه من حجّية قوله، أمّا النبيّ صلى الله عليه وآله فواضح، وأمّا الإمام ؛ فلأنّه أحد الثقلين (1) اللذين امرنا بالتمسّك بهما، والاعتصام بحبلهما، فراراً عن الجهالة ، واجتناباً عن الضلالة.
فمع ثبوت قوله في مقام التفسير، ووضوح صدوره عنه عليه السلام لا شبهة في لزوم الأخذ به، وإن كان مخالفاً لظاهر الكتاب؛ لأنّ قوله عليه السلام - في الحقيقة - بمنزلة قرينة صارفة، ولكن ذلك مع ثبوت قوله عليه السلام إمّا بالتواتر، أو بالخبر المحفوف بالقرينة القطعيّة.
وقد وقع الإشكال والخلاف في أنّه هل يثبت قوله عليه السلام من طريق خبر الواحد، الجامع للشرائط المعتبر، فيما إذا أخبر عن المعصوم عليه السلام بحكم شرعيّ عمليّ؛ لقيام الدليل القاطع على حجّيته واعتباره، أم لا؟ ربما يقال بعدم الثبوت في مقام التفسير، وإن كان يثبت به في مقام بيان الأحكام الفقهيّة والفروع العمليّة، ففي الحقيقة إذا كان قوله عليه السلام المنقول بخبر الواحد في تفسير آية متعلّقة بالحكم يكون حجّة معتبرة، وأمّا إذا كان مورد التفسير آية لا تتعلّق بحكم من الأحكام العمليّة، فلا يكون خبر الواحد الحاكي له بحجّة أصلًا؛ وذلك لأنّ معنى حجّية خبر الواحد، وكذا كلّ أمارة ظنّية، يرجع إلى وجوب ترتيب الآثار عليه في مقام العمل.
وبعبارة اخرى : الحجّية عبارة عن المنجّزيّة في صورة الموافقة، والمعذّريّة في فرض المخالفة، وهما - أي المنجّزيّة والمعذّريّة - لا تثبتان إلّافي باب التكاليف المتعلّقة بالأعمال فعلًا أو تركاً، فإذا كان مفاد الخبر حكماً شرعيّاً أو موضوعاً لحكم شرعيّ يكون الخبر حجّة؛ لاتّصافه في هذه الصورة بوصف المنجّزيّة والمعذّريّة.
وأمّا إذا لم يكن كذلك - كما في المقام - فهذا المعنى غير متحقّق؛ لعدم تعقّل هذا الوصف في غير باب الأحكام، إذن فلا محيص عن الالتزام بعدم حجّية خبر الواحد في تفسير آية لا تتعلّق بحكم عمليّ أصلًا.
والتحقيق : أنّه لا فرق في الحجّية والاعتبار بين القسمين؛ لوجود الملاك في كلتا الصورتين.
توضيح ذلك : أنّه تارةً : يستند في باب حجّية خبر الواحد إلى بناء العقلاء واستمرار سيرتهم على ذلك، كما هو العمدة من أدلّة الحجّية على ما حقّق وثبت في محلّه (2) واخرى : إلى الأدلّة الشرعيّة التعبّدية من الكتاب والسنّة والإجماع، لو فرض دلالتها على بيان حكم تعبّديّ تأسيسيّ.
فعلى الأوّل : - أي بناء العقلاء - لابدّ من ملاحظة أ نّ اعتماد العقلاء على خبر الواحد والاستناد إليه، هل يكون في خصوص مورد يترتّب عليه أثر عمليّ، أو أ نّهم يتعاملون معه معاملة القطع في جميع ما يترتّب عليه؟ الظاهر هو الثاني، فكما أنّهم إذا قطعوا بمجيء زيد من السفر يصحّ الإخبار به عندهم، وإن لم يكن موضوعاً لأثر عمليّ ولم يترتّب على مجيئه ما يتعلّق بهم في مقام العمل؛ لعدم الفرق من هذه الجهة بين ثبوت المجيء وعدمه، فكذلك إذا أخبرهم ثقة واحد بمجيء زيد يصحّ الإخبار به عندهم، استناداً إلى خبر الواحد، ويجري هذا الأمر في جميع الأمارات التي استمرّت سيرة العقلاء عليها؛ فإنّ اليد مثلًا أمارة لديهم على ملكيّة صاحبها، فيحكمون معها بوجودها، كما إذا كانوا قاطعين بها، فكما أنّهم يرتّبون آثار الملكيّة في مقام العمل فيشترون منه مثلًا، فكذلك يخبرون بالملكيّة استناداً إلى اليد.
وبالجملة : إذا كان المستند في باب حجّية خبر الواحد هو بناء العقلاء، لا يبقى فرق معه بين ما إذا أخبر عادل بأنّ المعصوم عليه السلام فسّر الآية الفلانية بما هو خلاف ظاهرها، وبين نفس ظواهر الكتاب التي لا دليل على اعتبارها إلّا بناء العقلاء على العمل بظواهر الكلمات، وتشخيص المرادات من طريق الألفاظ والمكتوبات، فكما أنّه لا مجال لدعوى اختصاص حجّية الظواهر من باب بناء العقلاء، بما إذا كان الظاهر مشتملًا على إفادة حكم من الأحكام العمليّة، بل الظواهر مطلقاً حجّة.
فكذلك لا ينبغي توهّم اختصاص اعتبار الرواية الحاكية لقول المعصوم عليه السلام في باب التفسير، بما إذا كان في مقام بيان المراد من آية متعلّقة بحكم من الأحكام العمليّة، بل الظاهر أنّه لا فرق من هذه الجهة بين هذه الصورة، وبين ما إذا كان في مقام بيان المراد من آية غير مرتبطة بالأحكام أصلًا.
وعليه : فلا خفاء في حجّية الرواية المعتبرة في باب التفسير مطلقاً.
وعلى الثاني : الذي يكون المستند هي الأدلّة الشرعيّة التعبّديّة، فالظاهر أيضاً عدم الاختصاص؛ فإنّه ليس في شيء منها عنوان «الحجّية» وما يشابهه حتّى يفسّر بالمنجّزيّة والمعذّريّة الثابتتين في باب التكاليف المتعلّقة بالعمل؛ فإنّ مثل مفهوم آية النبأ على تقدير ثبوته ودلالته على حجّية خبر الواحد إذا كان المخبر عادلًا، يكون مرجعه إلى جواز الاستناد إليه، وعدم لزوم التبيّن عن قوله، والتفحّص عن صدقه، وليس فيه ما يختصّ بباب الأعمال.
نعم، لا محيص عن الالتزام بالاختصاص بما إذا كان له ارتباط بالشارع، وإضافة إليه بما أ نّه شارع، ولكن ذلك لا يستلزم خروج المقام؛ فإنّ الإسناد إلى اللَّه - تبارك وتعالى - وتشخيص مراده من الكتاب العزيز، ولو لم يكن متعلّقاً بآية الحكم، بل بالمواعظ والنصائح أو القصص والحكايات أو غيرهما من الشؤون التي يدلّ عليها الكتاب أمر يرتبط بالشارع لا محالة، فيجوز الإسناد إلى اللَّه - تعالى - بأنّه أخبر بعدم كون عيسى عليه السلام مقتولًا، ولا مصلوباً وإن لم يكن لهذا الخبر ارتباط بباب التكاليف أصلًا.
وبالجملة : لا مجال للإشكال في حجّية خبر الواحد في باب التفسير مطلقاً.
نعم، قد وقع النزاع في جواز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد - بعد الاتّفاق على عدم جواز نسخه به - على أقوال، وحيث إنّ المسألة محرّرة في الاصول (3) لا حاجة إلى التعرّض لها هنا، مضافاً إلى أنّ القائل بالعدم فريق من علماء السنّة على اختلاف بينهم أيضاً (4) , وأدلّتهم على ذلك واضحة البطلان ، فراجع.
______________________
1. يلاحظ بحار الأنوار : 23/ 104 - 166 ب 7 وغيره، وقد تقدّم في ص 172.
2. سيرى كامل در اصول فقه : 10/ 576 - 589.
3. سيرى كامل در اصول فقه : 8/ 505 وما بعدها.
4. انظر الإحكام في اصول الأحكام للآمدي : 2/ 347 - 352، المسألة الخامسة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|