المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



الخيار بين مبدأ الجمع بين سلطني الادعاء والتحقيق او الفصل بينهما  
  
3626   10:55 صباحاً   التاريخ: 7-1-2021
المؤلف : جلال ثروت – سليمان عبد المنعم
الكتاب أو المصدر : اصول المحاكمات الجزائية
الجزء والصفحة : ص 471-481
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

تمهيد:

تأخذ التشريعات الإجرائية الجنائية أحد موقفين من مشكلة الجمع بين سلطتي الادعاء (الاتهام) والتحقيق أو الفصل بينهما: إما أن تعهد للنيابة العامة مهمة الادعاء أي الاتهام والتحقيق في الدعوى في آن واحد؛ وإما أن تخصص قاضيا مستقلا للتحقيق. وقد أخذ بالنظام الأول المشرع المصري، بينما انحاز للنظام الثاني المشرع الثاني.

 اولا - نظام الجمع بين سلطتي الادعاء والتحقيق :

ملامح نظام الجمع بين سلطتي الادعاء والتحقيق:

تأخذ بعض التشريعات بمبدأ الجمع بين سلطتي الادعاء والتحقيق وتعهد بهما إلى سلطة واحدة، ومن بين هذه التشريعات التشريع المصري.

ويمكن إيجاز ملامح هذا النظام في وجود سلطة واحدة في النيابة العامة التي تضطلع بأعباء الادعاء (الاتهام) وأعمال التحقيق في نفس الوقت. فيكون على النيابة العامة أن تنظر في محضر الاستقصاء أو جمع الاستدلالات وتقرر واحدة من أمرين: إما حفظ أوراق الدعوى لسبب من الأسباب القانونية أو الموضوعية (1). وأما أن تقرر النيابة العامة المضي قدما في التحقيق .

وإذا قررت النيابة العامة ولوج خيار الاتهام، فإنها تحرك الدعوى الجنائية، ثم نتولى بنفسها أمر التحقيق في هذه الدعوى بهدف كشف حقيقة الجرم الواقع ومدى نسبته إلى المتهم (2).

وفي ظل هذا النظام الذي تهيمن فيه النيابة العامة على مهمتي الادعاء والتحقيق قد يسمح المشرع بوجود قاض للتحقيق على سبيل الاستثناء، وليس كقاعدة عامة.

وقد اختار المشرع المصري هذا الطريق بأن عهد إلى النيابة العامة بسلطة التحقيق (بالإضافة لسلطة الاتهام) كقاعدة عامة؛ لكنه أجاز في نفس الوقت وجود قاض للتحقيق. لكن الأخير لا يكون له مباشرة التحقيق في جريمة معينة إلا بناء على طلب النيابة العامة أو بناء على إحالتها إليه من إحدى الجهات الأخرى التي نص عليها القانون (م 67 من قانون الإجراءات الجنائية المصري).

وقد سبق للمادة 64 من قانون الإجراءات الجنائية المصري أن بينت الحالات التي يجوز فيها تعيين قاض للتحقيق. كما أردفت المادة 65 حق وزير العدل أن يطلب من محكمة الاستئناف ندب مستشار لتحقيق جريمة معينة أو جرائم من نوع معين .

ويستخلص من مجمل النصوص السابقة أن القاعدة العامة هي اضطلاع النيابة العامة بمهمة التحقيق إلى جانب مهمة الادعاء. ويجوز . على سبيل الاستثناء - أن يعهد بالتحقيق إلى قاضي التحقيق أو إلى مستشار التحقيق. لكن هذين الأخيرين ليس لهما. التحقيق بصفة أصيلة أي على نحو دائم وباختصاص ثابت محدد . بل يكون لهما مباشرة التحقيق فقط بمناسبة دعوى بذاتها؛ وينتهي عملهما بالتالي بانتهاء التحقيق في هذه الدعوى.

تقييم نظام الجمع بين سلطتي الادعاء والتحقيق :

الانتقادات: ثمة انتقادات عديدة توجه إلى نظام الجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق يمكن إيجازها في أن اضطلاع النيابة العامة وحدها بمهمتي الاتهام والتحقيق إنما يعني جمعها لصفتي الخصم والحكم في نفس الوقت.

فالنيابة العامة تعتبر خصما للمتهم إذ تقوم باتهامه. بينما تعتبر حكمة في حالة التحقيق معه (باعتبار أن التحقيق غايته الكشف عن الحقيقة فحسب، والتيقن من ثبوت الجريمة في حق المتهم، أو نفيها عنه). فسلطة الاتهام هي في حقيقة الأمر خصم للمتهم؛ أما سلطة التحقيق فتتميز بالموضوعية والحياد إذ لا صالح لها في ترجيح إدانة المتهم أو ترجيح براءته .

ويترتب على اختلاف طبيعة عمل كل من عضو النيابة العامة، والمحقق أن الأول إذا ما قام بمهمة الثاني، فمن الطبيعي أن يتأثر بما سبق أن قرره من اتهام الشخص، وسوف يميل بطبيعة الحال إلى العقيدة التي تكونت لديه بمناسبة قيامه بالاتهام.

ويضاف إلى الفقد السابق، ما يقال أيضا من خطورة إسناد مهمة التحقيق إلى النيابة العامة وما تتطلبه هذه المهمة من حياد وموضوعية : فالنيابة العامة هي شعبة من شعب السلطة التنفيذية، وبالتالي فقط تنحاز فيما تتخذه في التحقيق لما تراه هذه السلطة التنفيذية . أما قاضي التحقيق، فإن صفته القضائية الحقيقة تجعله بمنأى عن توجيهات وتأثيرات السلطة التنفيذية حيث يتمتع قضاة التحقيق باستقلال وظيفي فيما يقومون به من أعمال .

وأخيرة، يمكن القول بأن احترام حقوق وحريات الأفراد إبان مرحلة التحقيق معهم، إنما يكون أكثر ضمانة حالة وجود قضاء للتحقيق مستقل عن سلطة اتهام هؤلاء الأفراد .

المبررات: والحق أن الانتقادات السابقة، وإن كانت لا تخلو من منطق، إلا أنها ليست حاسمة في تبرير الأخذ بنظام منفصل لقضاء التحقيق عن سلطة الاتهام .

فمن ناحية أولى، نشك كثيرة في أن ضمان حياد وموضوعية من يعهد إليه بالتحقيق مع المتهم ينبع من «الشكل القانوني الذي يمارس المحقق من خلاله عمله التحقيقي؛ أو أن ضمان ذلك يتأتى من طبيعة وظيفته». فالحق أن حياد وموضوعية المحقق خصيصتان ترتبطان بضميره المهني، وثقافته القانونية، وحس العدالة لديه؛ بأكثر مما ترتبطان بطبيعة وظيفته كعضو نيابة، أو قاضي تحقيق، أو قاضي حكم. فالأصل أن هؤلاء جميعا «قضاة» لا يتمايزون فيما بينهم من حيث الضمير المهني، أو الثقافة القانونية، أو حس العدالة.

ومن ناحية ثانية، فليس من المؤكد أن رجل النيابة العامة يعتبر بالضرورة خصما في مواجهة المتهم. إذ أن عمله لا يتعدى حد محاولة الكشف عن الحقيقة. ولئن اشتهر عن رجال النيابة العامة كذلك، فليس لهذه «السمعة» من مبرر أو دليل. وإلا ما صدر عن رجال النيابة العامة هذا الكم الهائل الذي تؤكده من خلال الإحصائيات - من قرارات الحفظ ومنع المحاكمة (القرار بألا وجه لإقامة الدعوى).

وأخيرا، فليس في تخصيص قاض مستقل للتحقيق ما يضمن بالحتم كفالة وحقوق وحريات الأفراد المتهمين. بل إن هناك من يرى أن الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق فيه تشتيت للتدليل حيث سئل الشاهد أمام جهات متعددة بما قد يؤدي إليه ذلك من خلق ثغرات في التحقيق.

وعلى أي حال، ليس ثمة ما يمنع من الاعتراف بأن وجود قاض مستقل للتحقيق يمثل اليوم النظام الأكثر ضمانة - ولو من الناحية الشكلية - المنظومة الحقوق والحريات الفردية التي يخشى من الانتقاص منها إبان مراحل سيرورة الدعوى الجنائية . وقد أخذ المشرع اللبناني . من ناحيته - بنظام قاضي متخصص للتحقيق منحازة بذلك إلى مبدأ الفصل بين سلطتي التحقيق والادعاء .

ثانيا - انحياز المشرع اللبناني للنظام الفصل بين سلطتي التحقيق والادعاء :

 تمهيد:

بان لنا من العرض السابق أن نظام الفصل بين سلطتي التحقيق والادعاء يمثل اليوم النظام الأكثر قبولا من جانب معظم التشريعات الإجرائية . وقد اعتنق المشرع اللبناني هذا النظام من خلال الأخذ بآلية قاضي التحقيق المستقل عن سلطة الادعاء. وبمجرد وضع هذا القاضي

يده على الدعوى الجنائية ودخولها في حوزته يصير مختصة بتحقيقها. لكن هذا الاختصاص محدود بقيدين : قيد عيني، وقيد شخصي.

1- مبدا الأخذ بنظام قاضي التحقيق المتخصص في التشريع اللبناني

يتولى قاضي التحقيق في النظام القانوني اللبناني مهمة التحقيق في الجنايات والجنح الهامة التي تتهم النيابة العامة شخصا بارتكابها، وذلك قبل إحالة الدعوى الجنائية عن هذه الجرائم إلى المحكمة المختصة.

وهكذا يتدخل قاضي التحقيق في أغلب الأحوال عقب اتهام أو ادعاء النيابة العامة، ويكون تدخله سابقة على مرحلة المحاكمة. واختصاص قاضي التحقيق بمهمته هو اختصاص أصيل لا ينازعه فيه أحد. مع ملاحظة أن من حق قاضي التحقيق أن يندب أحد رجال الضابطة العدلية للقيام بعمل أو أكثر من أعمال التحقيق كما سبق ورأينا ولا يشمل هذا الندب استجواب المتهم أو الأمر بتوقيفه احتياطية (الحبس الاحتياطي(3).

ويستخلص اضطلاع قاضي التحقيق بإجراء كافة معاملات التحقيق بصفة أصيلة مما نصت عليه المادة 51 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني بقولها «يكون لدي كل محكمة بدائية قاضي تحقيق ويجوز أن يكون لديها قاضية تحقيق أو أكثر».

وبالإضافة إلى قاضي التحقيق، تلعب «الهيئة الإتهامية» دورة هامة من ناحيتها في مرحلة التحقيق في الدعوى الجنائية المواد من 25۰ إلى 272 من قانون أصول المحاكمات الجزائية). وللهيئة الاتهامية دور مزدوج:| فهي تعتبر جهة تحقيق ابتدائية في مواد الجنايات حيث يتعين إحالة الدعوى الجنائية في مواد الجنايات على الهيئة الاتهامية قبل إحالتها على محكمة الجنايات. كما أنها تعتبر مرجعة استئنافية (أي جهة تحقيق درجة ثانية) بالنسبة للقرارات الصادرة عن قاضي التحقيق. حيث يجوز استئناف القرار الصادر من قاضي التحقيق أمامها. ويضاف إلى ذلك ما للهيئة الاتهامية من حق التصدي» ؛ فيجوز لها أن تضع يدها على الدعوى الجنائية لمتابعة التحقيق الابتدائي والفصل فيه في أية مرحلة من مراحل هذا التحقيق.

۲ - اختصاص قاضي التحقيق والقيود التي تحد من هذا الاختصاص

يتحدد نطاق اختصاص قاضي التحقيق نوعية ومكانية: فالاختصاص النوعي يتحدد بالجنايات مطلقة، والجنح الهامة التي ترى النيابة العامة أهمية تحقيقها بواسطة قاضي التحقيق المزيد من استجلاء الحقيقة. أما الاختصاص المكاني فهو يتحدد بناء على أحد المعايير الثلاثة المعروفة في هذا الصدد: وهي مكان وقوع الجريمة، أو مكان إقامة المتهم، أو مكان إلقاء القبض عليه (م58 أ. م. ج).

وقد تعرضت المادة 66 أ. م .ج إلى الفرض الخاص بعدم اختصاص قاضي التحقيق بناء على أحد المعايير الثلاثة السابقة بقولها «إذا لم يكن قاضي التحقيق الذي رفعت إليه الشكوى قاضي التحقيق التابع له موقع الجريمة أو مقام المدعى عليه أو محل إلقاء القبض عليه تودع الشكوى قاضي التحقيق العائدة إليه.

ورغم أن الحكم السابق يتقرر بالنسبة للشكاوي المقدمة لقاضي التحقيق، فمن المتفق عليه سريانه كذلك على حالة الاختصاص بنظر الدعاوى الجنائية المحالة إليه من قبل النيابة العامة .

وفي كافة الأحوال، فإن نطاق الاختصاص المعقود لقاضي التحقيق يرد عليه قيدان يحدان منه في علاقته بالدعوى الجنائية التي ينظرها: | أولهما قيد عيني (أو موضوعي)، والثاني قيد شخصي.

أ- القيد العيني الوارد على اختصاص قاضي التحقيق بنظر الدعوى الجنائية محل الادعاء:

القاعدة هي التزام قاضي التحقيق بحدود «الواقعة» التي شملها الادعاء الذي خلصت إليه النيابة العامة. فله إذن أن يتولى التحقيق في كافة ما تشتمل عليه هذه الواقعة من ظروف وملابسات؛ ويستوي أن تتعلق هذه الظروف والملابسات بالواقعة ذاتها أم بفاعلها.

ويترتب على التزام قاضي التحقيق بالحدود العينية أو الموضوعية للواقعة ذاتها عدم جواز أن يبحث في واقعة أخرى منسوبة إلى نفس المتهم طالما لم يرد لها ذكر في الادعاء المقدم من النيابة العامة. فليس له على سبيل المثال أن يحقق في واقعة سرقة إذا كان موضوع الادعاء عن جريمة قتل. ويمتنع عليه أن يبحث في واقعة تزوير إذا كان موضوع الدعوى الجنائية محل الادعاء يقتصر على واقعة رشوة على سبيل المثال.

الاستثناءات: ورغم ذلك، فثمة حالات يجوز فيها القاضي التحقيق أن يبحث في أمور لم تشملها الدعوى الجنائية محل الادعاء . حيث يحق اله تعديل الوصف» القانوني للواقعة ذاتها، والوقائع المرتبطة بالواقعة محل الادعاء ارتباطا لا يقبل التجزئة، وكذلك الوقائع التي لها نفس طبيعة الواقعة محل الادعاء .

تعديل الوصف القانوني لذات الواقعة :

يجوز أن ينعقد الاختصاص لقاضي التحقيق بنظر «الواقعة» محل الادعاء ذاتها تحت وصف قانوني» جديد. فمن المنصور أن تخطئ النيابة العامة في الوصف الذي تسبغه على الواقعة الجرمية، فيكون لقاضي التحقيق تصحيح هذا الوصف، وإعطاء الواقعة وصفها القانوني السليم (4) .

ومثال ذلك أن يعدل قاضي التحقيق الوصف أو التكييف القانوني للواقعة فيجعله قتل خطأ بدلا من ضرب أفضى إلى موت، أو يعدل الوصف إلى قتل مقصود بدلا من قتل غير مقصود (قتل خطأ).

وينبغي أن يرتب قاضي التحقيق الآثار الناجمة عن تعديل الوصف القانوني فيما يتعلق باختصاصه بتحقيق الدعوى محل الادعاء. فقد تؤول الواقعة المطروحة عليه إلى مخالفة يصير غير مختص بالتالي بنظرها. وقد يكشف التعديل الذي يجريه عن اعتبار الواقعة داخلة في اختصاص إحدى جهات القضاء الاستثنائي، كالقضاء العسكري على سبيل المثال .

الوقائع المرتبطة بالواقعة محل الادعاء ارتباطا لا يقبل التجزئة :

يحق لقاضي التحقيق أن يبسط اختصاصه على أي واقعة جديدة ، ولو لم يشملها الادعاء المقدم من النيابة العامة، متى كانت هذه الواقعة مرتبطة بالواقعة الأصلية ارتباطا لا يقبل التجزئة. ومثال ذلك أن يكتشف قاضي التحقيق أن جريمة التزوير المنسوبة إلى المتهم قد ارتبطت بها واقعة استعمال المحرر المزور من نفس المتهم. كما يجوز لقاضي التحقيق أن يمد اختصاصه في جريمة احتيال إلى بحث التزوير الواقع بانتحال شخصية الغير .

والواقع أن هذا الاستثناء ليس إلا تطبيقا لفكرة الارتباط غير القابل للتجزئة وما ترتبه هذه الفكرة بالضرورة من آثار في مجال الاختصاص . سواء كان ذلك يتعلق بقضاء التحقيق أم بقضاء الحكم .

الوقائع التي لها نفس طبيعة الواقعة محل الادعاء :

يكون لقاضي التحقيق أن يبحث أي واقعة لم ترد في الدعوى الجنائية محل الادعاء متى كان لهذه الواقعة المنسية نفس طبيعة الواقعة الأصلية. فله أن ينظر كافة أفعال الاختلاس التي لم يشملها الادعاء القاصر على واقعة واحدة. كما أن القاضي التحقيق أن ينظر في كافة جرائم إفشاء

الأسرار ولو كانت الدعوى الجنائية محل الادعاء لا تشمل إلا واقعة واحدة لهذه الجريمة.

ويترتب على ما سبق أن قاضي التحقيق ملتزم باحترام القيد العيني المستخلص من حدود الواقعة محل الادعاء، فلا يجوز له أن يضيف إلى هذه الواقعة أو يعذل منها، باستثناء ما سبق بيانه. فليس له أن ينظر واقعة أخرى غير مرتبطة بالواقعة الأصلية، أو تختلف عنها في طبيعتها.

وإذا ما اكتشف قاضي التحقيق واقعة جديدة لا تندرج تحت الاستثناءات السابق ذكرها، فلا يحق له نظرها، وإلا لحق البطلان ما قام به من تحقيق. ولا يكون أمامه إلا تحرير محضر بهذه الوقائع التي اكتشفها حتى يحق للنيابة العامة أو للمدعي بالحق المدني أن يقوما من جديد بالادعاء عن هذه الوقائع. ويلاحظ أن قاضي التحقيق إذ يقوم بتحرير هذا المحضر، فهو لا يفعل ذلك بوصفه قاضية للتحقيق، وإنما بماله من صفة الضابطة العدلية .

ب - مدى القيد الشخصي الوارد على اختصاص قاضي التحقيق بنظر الدعوى الجنائية محل الادعاء:

هل يلتزم قاضي التحقيق فيما يتعلق باختصاصه بنظر الدعوى الجنائية بالأشخاص الواردة أسماؤهم في الادعاء المقدم من النيابة العامة؟

للإجابة على هذا السؤال يتعين التفرقة بين فرضين: الأول . إذا كان الادعاء الصادر عن النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني مقدمة ضد مجهول؛ الثاني - إذا كان هذا الادعاء مقدمة، على العكس، ضد شخص معلوم

الادعاء المقدم ضد شخص مجهول:

إذا كان الادعاء مقدمة ضد شخص مجهول، كان القاضي التحقيق حرية تسيير هذا التحقيق في مواجهة سائر الأشخاص الذين يحتمل ارتكابهم للجريمة مثلما يستخلص ذلك من التحقيق . ولا يحتاج قاضي التحقيق إلى ادعاء جديد من جانب النيابة العامة في مواجهة هذا الشخص.

ويسري هذا الحكم بصرف النظر عما إذا كان الادعاء مقدمة من النيابة العامة أم من المدعي بالحق المدني. ففي الحالتين يحق لقاضي التحقيق أن يتحرى عن مرتكب الجريمة وأن يوجه إجراءات التحقيق إلى كل شخص يحتمل ارتكابه للجريمة.

وعلة هذا الحكم تتمثل في عدم تقيد قاضي التحقيق بالنطاق الشخصي للادعاء. فمن الثابت أن ادعاء النيابة العامة ينصب على الواقعة ذاتها أي الفعل، وليس الفاعل. بل إن العلة الحقيقية في سائر ما يتخذه قاضي التحقيق من إجراءات إنما تكمن في معرفة «الفاعل الحقيقي للجرم والتيقن من ثبوت ارتكابه للجريمة.

الادعاء المقدم ضد شخص معلوم:

لا يختلف حكم هذا الفرض كثيرة عن الحكم السابق . فمن حق قاضي التحقيق أن يتخذ إجراءاته في مواجهة سائر الأشخاص الذين يحتمل ارتكابهم للجريمة سواء تطابق هؤلاء الأشخاص مع أولئك الذين عينتهم النيابة العامة في ادعائها أم لا.

على أنه تجدر الإشارة إلى أن ادعاء النيابة العامة ضد شخص معين بوصفه متهمة لا يجيز لقاضي التحقيق استجوابه بوصفه شاهدة. بل يظل قاضي التحقيق ملتزمة باستجواب هذا الشخص كمتهم مثلما عينته النيابة العامة . أما إذا تكشف لقاضي التحقيق أن الشخص الوارد في ادعاء النيابة كمتهم ليس هو مرتكب الجريمة، جاز له أن يسأله بوصفه شاهدة ويوجه التحقيق نحو من يعتق أنه مرتكب الجريمة . ويسري نفس هذا الحكم فيما يتعلق بالادعاء المقدم من المدعي المدني إذا عين هذا الأخير شخصا محددة كمتهم في الجريمة. ففي هذه الحالة لا يجوز لقاضي التحقيق أن يسأل هذا المتهم بوصفه شاهدة في الجريمة، بل عليه الالتزام باستجوابه بوصفه متهمة بارتكاب الجريمة. مدى جواز اتخاذ إجراءات التحقيق دون ادعاء جديد في مواجهة من يحتمل ارتكابهم الجريمة :

إذا أفضى التحقيق إلى احتمال ارتكاب شخص للجريمة لم يشمله الادعاء المقدم من المدعي المدني، فقد اختلف الفقه حول مدى جواز اتخاذ إجراءات التحقيق في مواجهة هذا الشخص. وذهب البعض إلى القول بامتناع اتخاذ هذه الإجراءات متى كان الادعاء غير شامل لهذا الشخص. وبالتالي فلا مناص في هذه الحالة من ضرورة تقديم ادعاء جديد من جانب المدعي المدني يعين فيه مثل هذا الشخص كمرتكب للجريمة.

ولا يؤيد أغلب الفقه الرأي السابق. فمن حق قاضي التحقيق اتخاذ كافة ما يراه من إجراءات التحقيق في مواجهة أي شخص يكشف التحقيق عن احتمال ارتكابه للجريمة، ولو لم يكن هذا الشخص معينة في الادعاء المدني المباشر. إذ أن قاضي التحقيق لا يلتزم كقاعدة عامة بالنطاق الشخصي مثلما يستخلص من الادعاء المدني المقدم من المضرور من ارتكاب الجريمة.

_________

1- راجع ما سبق: ص 453 وما يليها من نفس الكتاب .

2-  يلاحظ رغم ذلك أن المشرع المصري قد سبق وأخذ بنظام الفصل بين سلطني الادعاء والتحقيق في قانون سنة 1883، ثم الغاء، واعاده في الفترة منذ 1950 حتى تعديل 1952. ومنذ ذلك التاريخ والمشرع المصري يعتنق نظام الجمع . كقاعدة عامة - بين سلطتي الاتهام والتحقيق.

3- انظر ما سبق : ص 441، 442 من نفس الكتاب

4- وهذه قاعدة مقررة بصفة عامة إذ يجوز للجهة القضائية الأعلى تصحيح الأخطاء الناشئة عن التكييف القانوني التي وقعت فيها الجهة الأدنى. فكما أن القاضي التحقيق تعديل الوصف القانوني الذي اسبغته النيابة العامة على الواقعة، يكون للهيئة الاتهامية تعديل الوصف القانوني الذي خلص إليه قاضي التحقيق. ويجوز أيضا لمحكمة الموضوع تعديل الوصف القانوني الذي خلص إليه قضاء التحقيق (قاضي التحقيق أو الهيئة الاتهامية) وهكذا دواليك .

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .