أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-05
1141
التاريخ: 17-10-2014
2432
التاريخ: 5-05-2015
2200
التاريخ: 2-03-2015
3929
|
ان الدنيا لم تعدم اناسا منصفين وعادلين من غير المسلمين- سواء أ كانوا مستشرقين أو غيرهم- ممن كتب الحقيقة وسجل الواقع عن القرآن وعن الاسلام وعن الرسول محمد (صلى الله عليه وعلى الله وسلم) بل ما اكثر هؤلاء في هذا العصر الذي غلبت وطغت فيه الابحاث العلمية والحقائق التاريخية على الاهواء ونزوات النفس وكل المفتريات التي ليس لها ظل من الحقيقة ولا سند من الواقع والتي كانت تزدهر وتنتعش في عهود التخلف والجهل وفقدان الوازع الروحي والاخلاقي، وهي العهود التي عفا عليها الزمن وان كانت بعض رواسبها تعمل في ادمغة البعض، إلا انها- بمرور الوقت- ستتطهر الأرض منها وتذهب إلى العدم غير مأسوف عليها ..
وليس في استطاعتنا هنا- ونحن نسعى دوما للايجاز والاختصار- ان نورد قائمة باسماء كل هؤلاء المنصفين وأرباب القلم الحر أو ان نسطّر كل ما خطت أقلامهم عن القرآن أو الاسلام أو النبي الكريم (صلى الله عليه وعلى الله وسلم)، حيث ان ما كتبه هؤلاء عن القرآن فقط واحكامه وعلومه وكيف انه يضم القانون الجزائي والمدني والنظام الاجتماعي التي يوجّه مسيرة المسلمين من كل لون أو قومية أو جنس فضلا عن تحديد واجبات وصلاحيات السلطات في الدولة وعلاقاتها بالفرد وتنظيم وسائل الانتاج وتوزيع الثروة(1)... الخ اجل ان ما كتبه هؤلاء عن القرآن فقط يملأ كتبا ومجلدات يمكن لأي فرد الرجوع اليها عند الحاجة ...
و حيث ان بحثنا في هذا الفصل يتناول هذا الذي كتبه هؤلاء عن القرآن الكريم وانه بعد هذا لا يمكن ان نورد كل ما كتبوه، لأن ايراد ذلك يتطلب دمج كتبهم ومجلداتهم بهذا الكتاب، وحيث ان ما لا يدرك جله لا يترك كله» وهي ما نقوله القاعدة الفقهية المعروفة، لذا آثرنا هنا ان نختار ونقدم شذرات وعبقات عما صح قوله عن هؤلاء إزاء القرآن الكريم .. ليقف المسلمون على حقيقة ما يقوله غيرهم عن كتابهم ليزدادوا يقينا وثباتا، وليراجع ضعاف العقيدة منهم أنفسهم من أجل تصحيح افكارهم وتقويم سلوكهم .. واذا كانت هناك كلمة قصيرة توجه لهؤلاء- ضعاف العقيدة- فهو انهم اذا ما وجهوا نشاطهم لدراسة الاسلام دراسة موضوعية وما يضم من تشريعات وانظمة بالقدر الذي وجهوه لدراسة سواه من الأنظمة والمبادئ الوضعية الرائجة لكانت لهم نظرة اخرى في هذه المبادئ والأنظمة- ولأقروا بعد ما بان في مكنة الاسلام ودستوره الخالد ان يرضي طموحاتهم بحل مشاكل المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية حيث لا يجدون في ظله- عند التطبيق- من يعيش في القمم وبكدح المستضعفين ومن يعيش في الحضيض تحت أسواط المستكبرين، بل الجميع في كنفه سواء ولا يأكل أحد إلا من سعيه وجهده ....
هذا ونضع امام هؤلاء وسواهم بعض ما قاله غير المسلمين عن القرآن وفنونه وآدابه تفيدهم وايانا من اجل الزيادة في اليقين والايمان، وهي مجموعة من كتب ومصادر كثيرة ومختلفة(2) وهي على التوالي :
1- قال الأستاذ سنايس : «ان القرآن هو القانون العام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو صالح لكل زمان ومكان فلو تمسك به المسلمون حقا وعملوا بموجب تعاليمه واحكامه لا صبحوا سادة الأمم كما كانوا أو بالأقل لصار حالهم حال الأقوام المتمدنة» ..
2- وقال المستير بورسوت سميث : «من حسن الحظ الوحيد في التاريخ ان محمدا اتى بكتاب هو آية في البلاغة ودستور للشرائع والصلاة والدين في آن واحد» ..
3- وقال المستشرق الألماني الدكتور سومبس : «يقول بعض الناس ان القرآن كلام محمد- وهو خطأ محض- فالقرآن كلام اللّه تعالى الموحى على لسان محمد، فليس في استطاعة محمد ذلك الرجل الأمي في تلك العصور الغابرة ان يأتينا بكلام تحار فيه عقول الحكماء ويهدي من الظلمات إلى النور، وربما تعجبون من اعتراف رجل أوروبي بهذه الحقيقة» ..
«اني درست القرآن فوجدت فيه تلك المعاني العالية والأنظمة المحكمة وتلك البلاغة التي لم اجد مثلها قط في حياتي جملة واحدة منها تغني عن مؤلفات، وهذا ولا شك اكبر معجزة اتى بها محمد عن ربه».
4- وقال المستشرق ماكس منني : «ان مرشد المسلمين هو القرآن وحده والقرآن ليس بكتاب ديني فقط بل هو يرشد الإنسان إلى وظائفه اليومية، والاحكام الإسلامية التي لا توجد في القرآن ولا في السنة توجد في الفقه الواسع الذي هو علم الحقوق الإسلامي» ..
5- وقال الدكتور غوستاف لوبون الفرنسي الجنسية : «التعاليم الاخلاقية التي جاء بها القرآن هي صفوة الآداب العالية وخلاصة المبادئ الخلقية الكريمة وهي اسمى بكثير من آداب الانجيل» ..
6- وقال ادوار لوهارت : «اشرق القرآن بصعقهم نورا يا له من نور وهو نور حكمة القرآن الذي انزله على صدر نبيه المبعوث لا محالة لإرشاد البشر وابقى لهم دستورا لن يضلوا ابدا وهو القرآن الجامع لمصالح دنياهم ولخير اخراهم» ..
7- وقال الفيلسوف الفرنسي الشهير رنيان : «ان في دين الإسلام تعاليم ومبادئ عالية القيمة رفيعة المقام وما دخلت في حياتي مسجدا من مساجد المسلمين إلا شعرت بجاذبية نحو الاسلام، بل تأسفت ألا اكون مسلما .... ويلوح لي ان الشيخ جمال الدين(3) الذي زودني بطائفة من
الآراء الهامة تعينني على نظريتي الاساسية وهي ان الاسلام (في النصف الأول من وجوده) لم يحل دون استقرار الحركة العلمية في الأراضي الاسلامية» ..
8- وقال الكونت هنري دكاستري : «لو لم يكن في القرآن غير بهاء معانيه وجمال مبانيه لكفى بذلك ان يستولي على الأفكار ويأخذ بمجامع القلوب ..
9- وقال رينورت : «يجب أن نعترف بان العلوم الطبيعية والفلسفة والرياضيات التي انتعش في أوروبا في القرن العاشر مقتبسة من القرآن بل ان أوروبا مدينة للإسلام» ..
10- أما جويت فقد قال : «القرآن يجذب القارئ بمحاسنه ويولع فيه ولعا زائدا لكثرة فصاحته وبلاغته».
11- وقال الدكتور موريس الفرنسي : «إن القرآن أفضل كتاب أخرجته الصناعة الأزلية للبشر».
12- وقال المستر كوزان دي بيرسونال : «أما مسألة الوحي بالقرآن فهي أكثر اشكالا وأكبر تعقيدا لأن الباحثين لم يهتدوا إلى حلها حلا مرضيا، والعقل حار كيف يتأتى ان تصدر الآيات من رجل أمي وقد اعترف الشرق قاطبة انها آيات يعجز بني البشر عن الاتيان بمثلها لفظا أو معنى، آيات لما سمعها عقبة بن ربيعة (المقصود هو عتبة بن ربيعة أو الوليد بن المغيرة كما تقدم ذكره) حار في جمالها، وكفى رفيع عباراتها لاقناع عمر بن الخطاب فآمن برب قائلها، وفاضت اعين النجاشي ملك الحبشة كما تلا جعفر بن ابي طالب سورة زكريا (المقصود هي سورة مريم) وما جاء في ولادة يحيى صاح القس ان هذا الكلام وارد في موارد عيسى(عليه السلام).
13 - وقال الدكتور شبلي شميل : «إن في القرآن يحمل بين طياته عوامل عامة وفيها من المرونة ما يجعلها صالحة للأخذ بها في كل زمان ومكان، ان القرآن يحمل بين طياته عوامل النجاح فنراه يصف العلم ويحث عليه ويصف الجهل ويحذر منه ويتحدث عن الصلاح ويأمر به، ولم يترك فضيلة إلا أوجبها وحث عليها.
وله شعر طريف بهذا المعنى ننقل منه هذه الأبيات :
اني وان انكرت دين محمد |
هل اكفرن بمحكم الآيات |
|
وبما حوت من ناصح الألفاظ من |
حكم ورادع للهوى وعظات |
|
وشرائع لو انهم عملوا بها |
ما قيّدوا العمران بالعادات |
|
نعم المدبر والحكيم وانه |
رب الفصاحة مصطفى الكلمات |
|
رجل الحجاز رجل الفصاحة والعلم |
بطل حليف النصر في الغايات |
|
ببلاغة القرآن قد جلب النهى |
وبسيفه انحى على الهامات |
|
14- أما بولاتيتلر فقد قال : «من الصعب أن يظن الإنسان في أمره أن قوة الفصاحة الإنسانية تؤثر ذلك التأثير القرآني خصوصا وأنها تصدر عالية بغير ضعف ابدا وتتجدد رفيعة إذ تقصر دون تمثيلها رجال الأرض وملائكة السماء» ..
15- وقال المستر جان تودثون كرو الفرنسي : «و قذف في نفس محمد (صلى الله عليه وعلى الله وسلم) مجموع كتاب مملوء بالاسرار الإلهية واوحى إليه حقائق تجتاز مسافة عقله الطبيعي لذلك علّم الإنسان بالقلم علّمه ما لم يعلم، هذا هو سر الوحي وهو سر الكلمة المكتوبة وكانت الكلمة المكتوبة وحيا إلهيا» ..
16- وقال الاستاذ دي منته من أهالي سويسرا في كتابه محمد والقرآن : «لقد منع القرآن الذبائح البشرية ووأد البنات والخمر والميسر وكان لهذه الاصلاحات تأثير غير متناه في الخلق بحيث ينبغي ان يعد محمد (صلى الله عليه وعلى الله وسلم) في صف اعاظم المحسنين للبشرية» ..
و قال في مكان آخر «ان الانقياد لإرادة اللّه يتجلى في القرآن بقوة لا تعرفها النصرانية» ..
17- وقال الاستاذ جونسون بصدد القرآن : «هو صيحة نبوية تسمو إلى شفاف القلب له من المعاني ما يناسب الجمع ويصلح لكل زمان آنست اليه وتعالت فيه جميع الأصوات في مختلف العصور راضية أو مكرهة وكان له صداه في القلوب المختارة فدفعها إلى الغلبة والنصر في الدنيا وتكوين قوة جديدة استطاعت ان تدفع شعاع الحضارات الاغريقية الأسيوية عبر الظلام المخيّم فوق أوروبا المسيحية عند ما كانت المسيحية في ذلك الوقت ملكة الظلام».
18- وقال المستشرق الأمريكي ر. ف. بودلي في كتابه الرسول حياة محمد والذي طبع في اللغة العربية لأكثر من مرة : «بين ايدينا كتاب معاصر فريد في اصالته وفي سلامته لم يشك في صحته كما انزل أي شك جدي، وهذا الكتاب هو القرآن وهو اليوم كما كان يوم كتب لأول مرة تحت اشراف محمد وعلى الرغم من ان الافكار قد دوّنت في الرقاع وسعف النخيل والعظام في لحظات غريبة فالسور والآيات الأصيلة قد حفظت ..
وهذا الكتاب ليس مجموع أحاديث أو تقارير يفترض منها أن محمدا قد قالها، فهي نفس الآيات التي أملاها بنفسه يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر خلال حياته، وان الحسنة الوحيدة في طريقة زيد انها كانت أمينة فوق الشبهات فلم يفعل شيئا ليضيف فقرات أو يضع جمل ربط أو يحذف أو ينسخ تفاصيل تشين الاسلام ..
لقد عمل باخلاص لا يمكن تصوره، وحتى انه لما انتهى من نشر القرآن كان الكتاب من عمل مؤلفه (اللّه) ومؤلفه فقط ..
والمهم ان القرآن هو العمل الوحيد الذي عاش اكثر من اثنى عشر قرنا دون ان يبدل فيه ولا يوجد شيء يمكن ان يقارن بهذا ادنى مقارنة لا في الديانة اليهودية ولا في الديانة المسيحية».
19- وقال دفرجة في كتابه (العالم- جزيرة العرب) : «في القرآن اصول دينية واخلاقية وفلسفية وقوانين سياسية وحربية وقانون مدني ينظم سير علاقات الناس بينهم، وفي كل وجه من وجوه الحياة العظيمة» ..
20- كما وقال ادوار جيبون : «إن دين محمد خال من الشكوى والظنون والقرآن أكبر دليل على وحدانية اللّه بعد أن نهى النبي عن عبادة الأصنام والكواكب وهذا الدين أكبر من أن تدرك اسراره عقولنا الحالية» ..
21- وقال المؤرخ الشهير دوانبورت : «ان القرآن اعنى القانون الإسلامي العمومي حافل بالقوانين مدنية وتجارية وحربية وقضائية وجنائية وجزائية وانه يبحث عن الأمور الدينية وشئون البشر في الحياة من الحقوق الشخصية والاجتماعية والأمور الصحية ويبحث عن الفضيلة والأمانة والعصيان والقصاص عن الجناية في هذه الحياة والحياة الآخرة» ..
22- وقال الأستاذ بثورت سميت في كتابه المسمى «حياة محمد» بالحرف الواحد : «ان محمدا (صلى الله عليه وعلى الله وسلم) لمؤسس امة ومملكة وديانة وهذا امر لم يوجد له سبق مثال ولن يوجد وهو امي لا يعرف القراءة والكتابة وقد جاء بكتاب مشتمل على دستور الشرائع والعبادات واخبار الأمم وهو نقي العبارة من الألفاظ المستهجنة باهر الحكمة والحقائق وهو انظم معجزة له (صلى الله عليه وعلى الله وسلم) والحق يقال انه لمعجزة».
23- وقال واشنطون ايرفيج : «القرآن فيه قوانين زكية سنية».
24- وأخيرا- وليس آخرا- قال جيبون : «القرآن مسلّم به من حدود الاقيانوس الأتلانتيكي إلى نهر اليغانغستي بانه الدستور الاساسي ليس لاصول الدين فقط بل للاحكام الجنائية والمدنية والشرائع التي عليها مدار حياة نظام النوع الانساني وترتيب شئونه» ..
هذا ولا حاجة هنا لا يراد أقوال وكلمات للكتاب شرقيين غير مسلمين مثل جورج جرداق وبولس سلامة وفيليب حتى وجورجي زيدان وسليمان كتاني .............. الخ بصدد القرآن وعلومه وفنونه وذلك لأن كتبهم ومؤلفاتهم هي في متناول الجميع وان بعضها قد طبع لعدة مرات.
واشير بعد هذا إلى بعض الأفراد من غير المسلمين والذين اطّلعوا على الاسلام والقرآن عن كثب حيث تجلى لهم حقيقتهما فما كان منهم في هذه الحالة إلا أن يتخلوا عن عقيدتهم السابقة وينضموا تحت لواء الاسلام ومنهم الدكتور محمد أسد الذي نجد افكاره معكوسة في كتبه العديدة مثل كتابي الاسلام على مفترق الطرق وفي الطريق إلى مكة ومنهم الدكتور أحمد سوسة الذي اشهر اسلامه وكشف علة ذلك في كتابه في طريقي إلى الاسلام ..
ومنهم الكاتب الكبير الاستاذ علي بن ربن الطبري الذي اشهر اسلامه وقال بعد ذلك بالحرف الواحد : «حينما كنت مسيحيا كنا أقول كما يقول عم لي متعلم بليغ بأن اسلوب القرآن ليس معجزا وليس من علامات النبوة لأنه في استطاعة الناس كلهم، ولكن عند ما حاولت تقليده وأطلعت على مدلول كلماته علمت بان اتباع القرآن على حق فيما يدعون له لأني لم أطّلع على كتاب يأمر الخير وينهى عن الشر كالقرآن فعند ما يحمل لنا شخص كتابا يحمل نفس المميزات ويوحي الينا بهذه الطلاوة وتلك الروعة في القلوب ويجوز مثل هذا النجاح ويكون في نفس الوقت أميا لم يتعلم أبدا فنّى الكتابة والبلاغة فهذا الكتاب يكون بلا شك من علامات النبوة» ..
ومنهم الدكتور جرينه المسلم الفرنسي الشهير الذي كان عضوا في البرلمان والذي قال حينما سئل عن سبب دخوله في الاسلام : «لقد تتبعت كل الآيات القرآنية التي لها ارتباط بالعلوم الطبيعية والصحية والطبية فوجدتها منطبقة كل الانطباق على معارفنا الحديثة فاسلمت لأني تيقنت ان محمدا اتى بالحق الصراح قبل الف سنة من غير ان يكون له مدرس من البشر، ولو ان صاحب كل فن من الفنون أو علم من العلوم قارن كل الآيات القرآنية المرتبطة بما يعلمه حسيا كما قارنت انا لأسلم دون ريب ان كان خاليا من الأغراض».
ومنهم المستر ر. دي كري المسيحي الانكليزي الذي اشهر اسلامه وكان قد سئل بعد ذلك عن علة اسلامه فأجاب : «اني قد نشأت على الديانة المسيحية واجريت عليّ جميع آدابه ورسومه ولكن عند ما ظهرت لي هذه الحقيقة الواقعية وهي تطابق ما ساقتني اليه نظرياتي الشخصية وجميع ما قرأته حول الدين الاسلامي وما اجده في أقوال النبي محمد وتعاليمه من الأجوبة الكافية على جميع مسائلي العويصة عند ذلك غمرتني حالة بهجة وسرور أترك تصويرها إلى فكرة القارئ ..
وكلما قرأت سورة من القرآن كانت الحقائق الواقعية تتجلى لي واحدة اثر اخرى فاحمد اللّه تعالى حيث تقبل بلطفه وكرمه استسلامي للديانة الاسلامية» ..
ومنهم اللورد هيدلي رئيس الجمعية الاسلامية حيث نرى انه بعيد اشهار اسلامه ألّف كتابا يحمل اسم «ايقاظ العرب للاسلام» وما ورد فيه بحق القرآن كثير ننقل منه هذه الأسطر وهي : «اذا قارنا الطرق المتخذة عند المسلمين عند ابداء آرائهم بالطرق المتبعة بين ناشري الدين المسيحي دهشنا من الفرق البين بينهما اذ الأول يتسنم عن روح الحب والتسامح بينما الآخر يظهر كثيرا من الإكراه واللعنة، فالتعليمات التي وردت في القرآن سهلة المأخذ جدا وقد بيّنت بأسهل لغة، واضاف انه ليس هناك اي ابهام أو غموض في الآيات القرآنية، فما اعظم الفرق بين الطريقة التي ينشر بها المسلمون الذين يتبعون تعاليم القرآن دينهم، وتلك الطريقة البغيضة التي اتخذها هؤلاء الذين يسعون في ان يوزعوا جذوات نار وسيوفا شتى من الدين المسيحي».
هذا ونورد هنا محاورة طريفة لرجل انكليزي كان يعرف اللغة العربية وكان يعمل ربانا لا حدى السفن التجارية حيث سمع قوله تعالى : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور : 40]..
فسأل هذا الرجل عن القائل لهذا الكلام فقالوا له ان هذا هو من القرآن الكريم الذي أوحي إلى النبي محمد (صلى الله عليه وعلى الله وسلم) فقال : هل ركب محمد البحار فأجابوه : لا فقال : ان هذه الصورة الحقيقية لا يعرفها إلا من عاش في البحار عشرات السنين ولا تحدث إلا نادرا، ولو حدثت لما كان في مستطاع أحد ان يصوّرها هذا التصوير الفني البديع الذي صوّرها به القرآن، فليس هذا القول بقول بشر بل هو قول اللّه سبحانه» ..
وأخيرا- وليس آخرا- نشير إلى ظاهرة ملموسة عاصرها ابناء هذا الجيل تتعلق بالأثر الذي تركه القرآن والاسلام في نفوس شعب صديق وكبير في العالم حيث اضاء لهم سبيل الهداية والرشاد فتركوا ما كانوا يؤمنون به من عقائد وافكار ليدخلوا في دين اللّه افواجا ..
وهذه الظاهرة نجدها ساطعة في اقطار شبه القارة الهندية، فالمعروف ان عدد المسلمين في شبه القارة عند الاستقلال في آب من عام 1947 كان بحدود 95 مليون نسمة، إلا ان هداية القرآن وأنوار الاسلام امكن لهذا الرقم من ان يتضاعف إلى ما يقرب من أربع مرات- من دون استعمال العنف والقوة بل ان المسلمين في بعض هذه الاقطار هم ضحية العنف والارهاب- ليصبح العدد حاليا كما يلي :
1- الباكستان/ 95 مليون 2- بنغلادش/ 100 مليون 3- الهند/ 150 مليون وقيل أكثر من ذلك المجموع/ 345 وطبيعي ان زيادة السكان في العالم أو في المنطقة بمرور الوقت لها دخل كبير في تضاعف السكان وان كانت هذه بحدود 100% خلال 38 سنة وليست بحدود 400% كما هو حال نفوس المسلمين في اقطار القارة- والذي يرجع- كما قلنا إلى فعل القرآن وهدايته للناس، واخراجهم من الظلمات إلى النور ..
___________________________
(1) نشير بهذه المناسبة إلى أن الكاتب الفرنسي الشهير فكتور هيجو صاحب كتاب « البؤساء» قال بعد أن تجلى له بكل وضوح ما يضم القرآن من علوم وفنون وآداب وتشريع ... الخ قال كلمته المشهورة « إن القرآن شبيه بالسوق التي يمكن أن تزودك بكل شيء» ..
كما ونذكر أيضا أن مؤتمر متشرعي العالم الذي جمع أهل الرأي والفقه من مختلف البلدان والذي عقد في لا هاي عاصمة هولندة قد قرر :« إن الشريعة الإسلامية المنبثقة من القرآن تحمل العناصر الكافية التي تجعلها صالحة للتطبيق والتطور مع حاجات الزمن والعصر» ..
(2) محمد والقرآن- الشيخ كاظم آل نوح، المعجزة الخالدة- السيد هبة الدين الشهرستاني، لما ذا اخترنا الدين الإسلامي- السيد محمد الرضي الرضوي، قالوا في الإسلام- الشيخ حسين خضر الظالمي، الإسلام روح المدنية - مصطفى الغلاييني.
(3) جمال الدين الافغاني من قادة الاصلاح في العصر الحديث، ولد في قرية أسدآباد قرب همدان عام 1839(1254 هـ) ويرجع نسبه إلى الإمام علي- عليه السلام - ، رحل مع أبيه وهو صبي إلى أفغانستان ودخل المدارس الشرعية في كابل لدراسة الآداب العربية وعلوم الشريعة والحكمة والمنطق ثم هاجر إلى العتبات المقدسة وسكن كربلاء وواصل دراسته في تحصيل العلوم الدينية في مدرسة السردار حسن خان الدينية في كربلاء ثم رحل إلى الهند للوقوف على أحوالها الاجتماعية ثم تركها إلى البلاد العربية ليستقر عام 1857 في مكة المكرمة، فشاهد تجمع المسلمين ففكر في إنشاء جامعة كبرى لهم فأسس جمعية أم القرى وهي أشبه ببرلمان اسلامي كبير ..
ثم عاد إلى الافغان بعد أن استوزره ملكها شير علي خان إلّا أن المؤامرات والفتن التي حيكت ضده دعته عام 1869 للخروج منها شطر الهند، وفي الهند أخذ يشحذ أبنائها بروح الوطنية والدفاع عن حقوقهم، مما دعت حكومة الهند لأن تضعه في احدى البواخر المتجهة إلى السويس تخلصا منه، وبعد وصوله إلى مصر مكث فيها قليلا ثم توجه عام 1870 إلى اسطنبول استجابة لنداء السلطان العثماني عبد العزيز الذي سمع بدعوة جمال الدين الإسلامية ومكانته المدنية في نفوس الناس لغرض الاستفادة منها في استقرار سلطانه وثبات ملكه ..
وفي الآستانة (اسطنبول) أختلف جمال الدين مع شيخ الإسلام حسن أفندي بخصوص محاضرة ألقاها جمال الدين في دار الفنون أشار فيها إلى : « أن المعيشة الإنسانية أشبه شيء ببدن الحي وإن كل صناعة بمنزلة العضو فالملك كالمخ والحدادة كالعضو والزراعة كالكبد .. الخ ولا حياة للجسم إلّا بالروح وروح المعيشة الإنسانية النبوة والحكمة ..» وقد حرّض- شيخ الإسلام- الوعاظ للنيل منه واتهامه بالإلحاد والمروق من العقيدة ..
وقد انقسم الناس فريقين احدهما معه والآخر ضده، لذا طلب السلطان منه مغادرة البلد فغادرها إلى القاهرة عام 1871 ومكث فيها (8) سنوات أنشأ خلالها مدرسة سخّرها لخدمة الشعب وقد حرّض المصريين للمطالبة بحقوقهم والدفاع عن كرامتهم وسحق أعدائهم، مما دعا السلطات المختصة للقبض عليه في 28/ 4/ 1879 حيث حمل إلى السويس ومنها إلى الهند، ومن الهند اتجه إلى بريطانية وتعرّف فيها على كثير من مفكريها، ثم توجه إلى باريس حيث احتل فيها منزلة سامية ومكانة رفيعة في نفوس المسلمين ..
ولقد كتب إلى تلميذه وصديقه محمد عبده الذي كان في بيروت ليوافيه في باريس وجاءه بعد ذلك حيث أسسا معا جمعية العروة الوثقى ومجلتها، وكان الهدف منها إيقاظ الشرق وحثه على النهوض وتحريره من الاستعمار وتشكيل الحكومات الدستورية وتحقيق الاصلاحات الاجتماعية والقضاء على الفساد والمرض.
ثم غادر باريس إلى إيران بعد أن سبقته شهرته إليها ومنها إلى موسكو ولينغراد(عاصمة القياصرة) حيث مكث في اخيره (4) سنوات ثم غادرها إلى اوربا ثم عاد إلى ايران بعد ذلك حيث حرّض على وضع دستور للبلاد للحد من سلطات الحاكم مما أوعز صدر السلطان ناصر الدين شاه قاجار، فغادر إيران إلى البصرة ثم إلى لندن فاسطنبول ..
وقد طلب منه السلطان عبد الحميد الموافقة على ترشيحه لمنصب شيخ الإسلام إلّا أنه رفض ذلك وطلب منه منصبا يستطيع من خلاله تغيير النظام القائم وفسح المجال للمواطنين لسماع شكاواهم، لذا فقد فترت العلاقات ما بينهما وتراخت ووصلت إلى حد الصدام ..
ثم أصيب جمال الدين عام 1897 م بالسرطان، وظل المرض يسري في جسده حتى وافاه الأجل في 9/ 3/ 1897 وقد أمر السلطان عبد الحميد بأن يدفن جثمانه من غير احتفال وأن تصادر أوراقه وكتبه ومنع الصحف من كتابة شيء عنه كما ودفن في مقبرة مجهولة ..
وفي كانون الأول من عام 1944 تم نقل رفات جمال الدين في احتفال عظيم إلى كابل عاصمة الافغان ليوارى في مقبرة تتناسب والخدمة التي قدمها للمسلمين ..
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|