أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-20
446
التاريخ: 12-10-2014
1841
التاريخ: 27-04-2015
1815
التاريخ: 4-1-2016
2922
|
ان النهضة الفكرية التي عاشتها الأمة الإسلامية في بداية الدعوة وفي المراحل الأولى لم تكن تواجه إشكالات أو تساؤلات إلا وكان الجواب حاضرا عند النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وإن لم يكن ، انتظر الوحي يأتي بالجواب فلم يقع المسلمون في حضرة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) الموحى إليه أو الإمام الملهم في أمر مشكل، مع ذلك كان هناك من يبث السموم والأفكار المنحرفة والدعايات المضللة في وسط الأمة بغرض إبعادها عن الحركة المحمدية الآخذة في التقدم والنمو نحو الكمال.
فقد حاول بعض أعداء الإسلام والقرآن من ملاحدة وزنادقة في زمن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والأئمة (عليه السلام) أو مبشرين ومستشرقين في العصور اللاحقة أن يعيبوا على الإسلام من خلال تصويرهم للمسلمين أن هناك ثغرات قد خلّفها القرآن ضمن آياته، وكان سلاحهم أن اتخذوا النسخ في الشريعة الإسلامية سلاحا مسموما لينالوا به من قدسية القرآن الكريم فتصدى لذلك النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليه السلام)، وما كان منهم إلا أن وقفوا موقف المناهض لهذه الأفكار الضالة.
وهذه ظاهرة طبيعية تتلقاها أية حركة إصلاحية تريد أن تجتث الفساد من الجذور في مجتمع غلبت عليه الرذيلة والانحراف، والبعد عن كل ما هو أخلاقي أو له قيمه إنسانية. فاستدعى ذلك أن تأتي هذه الشريعة بأساليب ووسائل تتناسب وواقع هذا المجتمع لانتشاله من براثن الجهل والتخلف، فكان يتطلب من النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أن يبذل جهدا كبيرا حتى يرشده ويرجعه عن ضلاله فخاطبه اللّه قائلا له {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه : 1، 2] وفي آية أخرى { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ(أي قاتل) نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } [الشعراء : 3]
فمع الجهد الذي بذله النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كان للوحي دور في رعايته، وفي إعطائه التشريع المناسب لكل مرحلة، ولكل وقت يتعرض المسلمون فيها إلى قضية تحتاج إلى حل، فلم يتركوا بدون أن يخبرهم النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بذلك.
ولم يكن الوحي يفاجئ المسلمين بالتشريع بل كان يتدرج مع الأحداث والوقائع، وقد تناولت الآيات النازلة بهذه الكيفية المشاكل الاجتماعية والعادات السلبية التي وقف الوحي منها موقف المتمهل والمتريث، بأمر السماء حتى يتسنى له أن يمهد الطريق، ويجعله سالكا وفق التنظيم الزمني حتى لا تكون هناك فوضى في تلقي الأحكام.
وعند تقصي المراحل التي مرت فيها هذه الدعوة نرى أن ظاهرة النسخ تعد ضرورة من الضرورات التي اعتمدها الوحي في تربية الخلق، وكانت ضمن مراحل التدرج النزولي للقرآن، وقد عد الفقهاء الآيات المنسوخة فوجدوا أنها لا تتجاوز عشرين آية.
«وكانت ظاهرة النسخ أمرا لا بد منه في كل تشريع يحاول تركيز معالمه في الأعماق، والأخذ بيد أمة جاهلة إلى مستوى عال من الحضارة الراقية. الأمر الذي لا يتناسب مع الطفرة المستحيلة، لو لا الأناة والسير التدريجي المستمر خطوة بعد خطوة».(1)
فمعرفة الناسخ والمنسوخ والإمام به يلقي الضوء على سير التشريع الإسلامي، ويبين للإنسان تلك الخطوات التي اتبعها الخالق ورسمها بدقة بالغة فاطلع الإنسان على تربيته له، وسياسته في الخلق، ولم تكن هذه المعرفة بالنسبة للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) واضحة إلا ما بيّنه له الوحي، مما يدلل على مصدر القرآن الحقيقي وهو اللّه رب العالمين { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد : 39] فليس لأحد غير اللّه شأن في ذلك وحتى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) نفسه. كما يقول سبحانه وتعالى : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران : 128]
وقد تكون هذه المعرفة لها مدخلية كبيرة في فهم كثير من آيات القرآن التي ترتبط بعقيدة الإسلام ويبني عليها كثير من المفاهيم، فربما تعتبر هذه المعرفة ركنا من أركان فهم الإسلام،
فقد روى أن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) «انه دخل يوما جامع الكوفة فرأى رجلا وقد تحلق عليه الناس يسألونه وهو يخلط الأمر بالنهي والإباحة بالحظر فقال له علي (عليه السلام) أ تعرف الناسخ من المنسوخ قال : لا.
قال عليه السلام : هلكت وأهلكت». (2)
ولأهمية ذلك في فهم العقيدة اعتبره المفسرون علما من العلوم التي يلزم فهمها لمعرفة القرآن، فلا يجوز لأحد أن يفسر كتاب اللّه إلا بعد أن يعرف الناسخ والمنسوخ ، فقد ورد عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) قال : «من أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه فقد هلك واهلك». (3)
وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : «لا تكون مؤمنا حتى تعرف الناسخ من المنسوخ». (4)
وروى أبو عبد الرحمن السلمي أن عليا (عليه السلام) مرّ على قاض فقال له : أ تعرف الناسخ عن المنسوخ؟ فقال لا فقال : «هلكت وأهلكت، تأويل كل حرف من القرآن على وجوه». (5)
ومن العقيدة ما يرتبط بها الجانب الفقهي فيكون للقرآن دور كبير في استنباط الحكم بل هو المصدر الأول له، ولذا قال الإمام الصادق (عليه السلام) لبعض متفقهة أهل الكوفة : «أنت فقيه أهل العراق؟ قال نعم قال فبم تفتيهم؟ قال بكتاب اللّه وسنة نبيه فقال له الإمام : أ تعرف كتاب اللّه حق معرفته وتعرف الناسخ من المنسوخ قال نعم قال : لقد ادّعيت علما ما جعل اللّه ذلك إلا عند أهله». (6)
وليس الجانب الفقهي وحده فقط مستنبطا من الكتاب فنحتاج إلى معرفة الناسخ والمنسوخ في ذلك، بل أن سلوك الإنسان في الحياة والتزاماته قائمة على فهم العقيدة المبيّنة في كتاب اللّه.
فعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في حديث احتجاجه على الصوفية لما احتجوا عليه بآيات من القرآن في الإيثار والزهد، قال : «أ لكم علم بناسخ القرآن ومنسوخه إلى أن قال وكونوا في طلب ناسخ القرآن من منسوخه ومحكمه ومتشابهه، وما أحلّ اللّه فيه مما حرم، فانه اقرب لكم من الله وابعد لكم من الجهل دعوا الجهالة لأهلها فان أهل الجهل كثير وأهل العلم قليل وقد قال اللّه {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف : 76] (7).
___________________
1. التمهيد (ج2) ص 273 .
2. الطباطبائي ومنهجه في تفسير الميزان ص 220.
3. الكافي (ج1) ص 43 .
4. الطباطبائي ومنهجه في تفسير الميزان ص 220 .
5. تفسير العياشي (ج1) ص 12 .
6. تفسير الصافي (ج1) ص 13 .
7. وسائل الشيعة (ج18) ص 135 .
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|