أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-04-2015
2736
التاريخ: 27-04-2015
4171
التاريخ: 27-04-2015
1526
التاريخ: 4-1-2016
3450
|
قد يقع النسخ في الشريعة أي في بعض أحكامها الواردة في كتاب اللّه العزيز، كما يقول ربنا سبحانه وتعالى : {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة : 106] وقوله تعالى : {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل : 101] وآيات القرآن كلها محكمة وثابتة والأصل فيها ذلك، والنسخ لم يرد إلا على بعض الآيات القليلة التي لم تتجاوز الثلاثين آية من مجموع آيات القرآن وحتى هذه الآيات لم يثبت بعضها لدى فقهاء الإمامية وهي موضع نقاش ومحل بحث عندهم كالسيد الخوئي رحمه اللّه في كتابه البيان.
فالآية المنسوخة لا بد أن تكون قائمة على دليل صريح واضح حتى يتم معرفتها والتعامل معها على أساس أنها منسوخة.
وأما الحكمة التي اقتضت هذا النسخ لهذه الآيات القليلة هي سياسة القرآن لتعهد تربية هذه الأمة، والسير معها خطوة خطوة ببيان مواقع ضعفها من قوتها، وقدرتها على تحمل أي نوع من الأحكام بما تملك من طاقات ومواهب. فالأمة الإسلامية حينها كانت تمر في مرحلة انتقال صعب، فما كان من الوحي إلا أن يمحّصها، ويرى مدى تجاوب هذه الأمة في ترك ماضيها السلبي وعقائدها الخرافية والعادات الجاهلية.
تلك الحكمة كانت وليدة الرسالة، ونابعة من صميم الأحداث التي عاشتها الدعوة متدرجة نحو السير بالمجتمع قدما إلى الأمام، صاعدة به إلى مدراج الرقي والتقدم في سبيل إيجاد ثقافة اجتماعية بعيدة عن التعقيد، تقوم بحل المشاكل العالقة في المجتمع بدون أن تواجه هذه الثقافة ردّات الفعل الارتجالية. ومن ابرز معالم هذه الثقافة القرآنية في توجيه خطابها إلى الإنسان.
إنها تنظر إلى الجانب العقلي والغريزي في استجابته إلى أوامر القرآن وإلى الحكم الأنسب له، وفق المصلحة التي تستدعي بقاء ذلك الحكم أو نسخه بحكم آخر.
فإذا كانت الاستجابة نابعة من العقل، فان التسرع أيضا نابع من الجهل والحمق، فكما أن الثقافة القرآنية تريد أن تؤكد بعملية النسخ جانب الاستجابة فإنها ترفض جانب التسرع عند الإنسان في الحكم.
والقرآن لا يحوي على الناسخ والمنسوخ فقط، وإنما هناك عام وخاص، وإطلاق وتقييد، ومحكم ومتشابه ، فلا يحق لأحد أن يتسرع بإصدار الأحكام دون معرفة الآيات ونوعيتها، كما
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى قاض مر عليه «هل تعرف الناسخ من المنسوخ فقال القاضي لا. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) إذن هلكت وأهلكت».(1)
فمن هنا جاءت فكرة النسخ لتخلق في الإنسان حالة الاستجابة الثابتة القائمة على الحق. فالاستجابة وحدها لا تكفي بل لا بد من الثبات، وقد أكد ذلك ربّنا بقوله سبحانه وتعالى : {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل : 101، 102] وما أثاره المشركون في قولهم أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كاذب في تبديله للحكم «قال ابن عباس كانوا يقولون يسخر محمد بأصحابه يأمرهم اليوم بأمر وغدا يأمرهم بأمر وانه لكاذب يأتيهم بما يقول من عند نفسه» (2) أرادوا بهذه الإثارة خلق حالة من التردد في نفوس المسلمين، وإيجاد الشبهات لإبعادهم عن الإيمان الراسخ في قلوبهم، وزلزلة ذلك الثبات عندهم بإضعاف إيمانهم. يقول :
صاحب الميزان «و بتجدد الحكم حسب تجدد المصلحة يؤتون ثباتا على ثبات من غير أن يضعف ثباتهم الأول».(3)
فحكمة الرب عز وجل في مقابل شبهات الشيطان التي ترد على ألسنة المشركين لإضعاف المؤمنين كانت مرصادا لتجعل الذين آمنوا يعتصمون بروح القدس مع التمسك بتعاليم القرآن وقيادة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لهم لكي يثبتوا على ما هم عليه، ويبتعدوا عن غواية الشيطان.
____________________
1. البحار ( ج 92) ص 95 .
2. مجمع البيان ( ج 5) ص 595 .
3. الميزان ( ج 12) ص 346 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
اللجنتان العلمية والتحضيرية تناقش ملخصات الأبحاث المقدمة لمؤتمر العميد العالمي السابع
|
|
|