خرائـط الإقليــم :

تعد الخارطة مختبراً لدراسة العلاقات المكانية لذا يلجأ إليها الجغرافي في أكثر من غيرها من الوسائل لأهميتها الخاصة في مجال عمله ودراسته حول الأماكن والأقاليم . لذا فهي بالنسبة للجغرافي عدته ووسيلته في البحث والتوثيق والتوصيل . ولغرض فهم شخصية المكان ودراسته بشيء من التفصيل لابد من تقسيم المناطق الواسعة الى مناطق اصغر مساحة تتميز بخصائص واضحة ويكون فيها شيء من التجانس والترابط وفق اسس معينة يقف في مقدمتها كما أسلفنا الأساس الإداري الذي يتعزز بحصول التطابق بينه وبين اساس او اكثر من أسس تحديد   الأقاليم . حيث ان عملية الفصل بين الاقليم والإقليمية من جهة والخارطة من جهة اخرى أمر غير ممكن بل يقرب من المستحيل ، فتحديد الإقليم لا يتم إلا على الخارطة و لا يمكن ان تتصور أي إقليم جغرافي بعيد عن الخارطة لذا يفضل الكثير من الجغرافيين تطوير دراساتهم الإقليمية على أساس التحليل الخرائطي من خلال تسقيط الظواهر المدروسة عليها ومن ثم تحليلها للوصول إلى الارتباطات السببية والأنماط والعناصر المتفاعلة والمؤثرة بعضها في البعض(1) .

وقد أدرك ابن حوقل في دراسته الإقليمية أهمية الخرائط في عمله لذلك فقد أرفق شرح كل إقليم بخارطة خاصة به مبيناً فيها الظواهر المختلفة ومحدداً عليها المناطق والأقاليم مبتعداً عن الشرح والسرد لتلك التفاصيل(2) .

فمن خلال مجموعة الخرائط المتخصصة* للإقليـم الواحد التي تتناول المواضيع والظواهر المختلفة لذلك الإقليم ومطابقتها وتحليلها بصريا أو قياسيا يستطيع الجغرافي دراسة ذلك الإقليم واستخلاص النتائج عنه واقتراح الحلول للمشاكل الرئيسة التي يعاني منها وهي في العادة مشاكل خاصة بتخطيط وإعادة تخطيط أقاليم الأرض التي لايمكن معالجتها إلا على أساس محلي وهذا الأمر يتطلب العمل التفصيلي الدقيق ولا يمكن للطرق الإحصائية**وحدها تغطيته(3) .

ومن هنا تبرز اهمية الخرائط المتخصصة الخاصة بالاقاليم التي يمكن ان نطلق عليها بمجموعها (الخرائط الاقليمية) لذلك الإقليم حيث تلعب دورا مهما واساسيا في ربط العلاقات بين الظواهر المختلفة والتي تتمحور حولها مشاكل وصعوبات ذلك الاقليم وإمكاناته المختلفة . فالمسوحات الإقليمية تعد الأساس لعمليات التخطيط لأي إقليم .

____________

(1) حنان علي شكير العتابي ، قضاء الزبير- دراسة تطبيقية في الخرائط الإقليمية ، رسالة ماجستير (غير منشورة ) ، كلية التربية ، جامعة البصرة ، 1999 ، ص 16 .

(2) يسري الجوهري ، الفكر الجغرافي والكشوف الجغرافية ، منشأ المعارف بالإسكندرية ، 1972 ، ص 99  

* تعرف الخرائط المتخصصة (الموضوعية) Thematic maps   على أنها الخرائط المتعلقة بنوع واحد أو أكثر من البيانات المرتبة على أساس موضوع خاص من المادة المرجعية وعرضها بشكل كامل ومفصل قياسا بالعناصر الجغرافية العامة الأخرى .. وتوصف أيضا بأنها نوع من التخطيط تهدف إلى ربط أفكار جغرافية مع الأخذ بنظر الاعتبار طبيعتها الخاصة فهي تهتم بالكثافات والانحدارات والعلاقة المكانية والحركة وكل العلاقات العديدة الأخرى على سطح الأرض سواء كانت طبيعية أو بشرية ويطلق عليها أحيانا بالخرائط الخاصة أو بخرائط التوزيعات وهي عادة خرائط ذات مقياس صغير. ينظر :

- مصطفى عبد الله محمد السويدي ، تباين التوزيع الجغرافي لسكان محافظات الفرات الأوسط حسب تعداد 1987 ، دراسة كارتوكرافية – سكانية ، أطروحة دكتوراه (غير منشورة) ، كلية الآداب ، جامعة البصرة ، 1996، ص 91-92.

 ** يلجا الجغرافي كغيره من المتخصصين بالعلوم الأخرى إلى العديد من الوسائل البحثية المساعدة عندما يجد إن وسائله البحثية الخاصة عاجزة عن تحقيق أهدافه العلمية أو قاصرة عن معالجة مشكلات بحثه ومن بين تلك الوسائل التي يعتمدها الجغرافي ، الطرق الإحصائية المختلفة والصور الجوية وغيرها .... وقد يعمل الجغرافي على المزاوجة بين وسائله الخاصة وواحدة من الوسائل المساعدة كما هو الحال في استخدام الطرق الإحصائية على الخرائط بشرط عدم طغيان وسيلة البحث على غايته . 

(3) محمد محمد سطيحة ، الجغرافية الإقليمية دراسة لمناطق العالم الكبرى ، مصدر سابق ، ص 21 .