المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

عدم اختصاص الصوم المندوب بوقت خاص
15-12-2015
اكتشاف الفلور
21-5-2018
الإدارة
ص8–9
أصول التأديب في تربية الطفل
22/12/2022
ماذا تعني الجرعة القصوى أو التركيز الأقصى Maximam Dose؟
2023-10-12
المراد من الطور
2023-06-22


بلاغة الكناية  
  
12869   11:36 صباحاً   التاريخ: 12-9-2020
المؤلف : علي الجارم ومصطفى أمين
الكتاب أو المصدر : البلاغة الواضحة
الجزء والصفحة : ص:131-132
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / المعاني /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015 17657
التاريخ: 26-03-2015 2968
التاريخ: 26-03-2015 4147
التاريخ: 26-03-2015 32960

 

بلاغة الكناية

 

الكناية مظهر من مظاهر البلاغة، وغاية لا يصل إليها إلا من لطف طبعه وصفت قريحته، والسر في بلاغتها أنها في صور كثيرة تعطيك الحقيقة مصحوبة بدليلها، والقضية وفي طيها برهانها، كقول البحتري في المديح :

يغضون فضل اللحظ من حيث ما بدا
 

 

لهم عن مهيب في الصدور محبب
 

 

فإنه كنى عن إكبار الناس للممدوح وهيبتهم إياه بغض الأبصار الذي هو في الحقيقة برهان على الهيبة والإجلال، وتظهر هذه الخاصة جلية في الكنايات عن الصفة والنسبة.

ومن أسباب بلاغة الكناية أنها تضع لك المعاني في صور المحسنات، ولا شك أن هذه خاصة الفنون فإن المصور إذا رسم لك صورة للأمل أو اليأس بهرك وجعلك ترى ما كنت تعجز عن التعبير عنه واضحا ملموسا.

فمثل «كثير الرماد» في الكناية عن الكرم و «رسول الشر» في الكناية عن المزاح وقول البحتري :

أوما رأيت المجد ألقى رحله
 

 

في آل طلحة ثم لم يتحول
 

 

في الكناية عن نسبة الشرف إلى آل طلحة، كل أولئك يبرز لك المعاني في صورة تشاهدها وترتاح نفسك إليها.

ومن خواص الكناية أنها تمكنك من أن تشفى غلتك من خصمك من غير أن تجعل له سبيلا ؛ ودون أن تخدش وجه الأدب، وهذا النوع يسمى بالتعريض، ومثاله قول المتنبي في قصيدة يمدح بها كافورا ويعرض بسيف الدولة :

رحلت فكم باك بأجفان شادن
 

 

على وكم باك بأجفان ضيغم (1)
 

 

 

 

وما ربة القرط المليح مكانه
 

 

بأجزع من رب الحسام المصمم (2)
 

فلو كان ما بي من حبيب مقنع
 

 

عذرت ولكن من حبيب معمم
 

رمى واتقى رميي ومن دون ما اتقى
 

 

هوى كاسر كفى وقوسي وأسهمي
 

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
 

 

وصدق ما يعتاده من توهم
 

 

فإنه كنى عن سيف الدولة أولا بالحبيب المعمم، ثم وصفه بالغدر الذي يدعى أنه من شيمة النساء، ثم لامه على مبادهته بالعدوان، ثم رماه بالجبن لأنه يرمى ويتقى الرمي بالاستتار خلف غيره، على أن المتنبي لا يجازيه على الشر بمثله لأنه لا يزال يحمل له بين جوانحه هوى قديما يكسر كفه وقوسه وأسهمه إذا حاول النضال، ثم وصفه بأنه سيئ الظن بأصدقائه لأنه سيئ الفعل كثير الأوهام والظنون حتى ليظن أن الناس جميعا مثله في سوء الفعل وضعف الوفاء. فانظر كيف نال المتنبي من سيف الدولة هذا النيل كله من غير أن يذكر من اسمه حرفا.

هذا، ومن أوضح ميزات الكناية التعبير عن القبيح بما تسيغ الآذان سماعه. وأمثلة ذلك كثيرة جدا في القرآن الكريم وكلام العرب، فقد كانوا لا يعبرون عما لا يحسن ذكره إلا بالكناية، وكانوا لشدة نخوتهم يكنون عن المرأة بالبيضة والشاة.

ومن بدائع الكنايات قول بعض العرب :

ألا يا نخلة من ذات عرق
 

 

عليك ورحمة الله السلام (3)
 

 

فإنه كنى بالنخلة عن المرأة التي يحبها.

ولعل هذا المقدار كاف في بيان خصائص الكناية وإظهار ما تضمنته من بلاغة وجمال.

 

 

__________________

(1) الشادن : ولد الغزال، والضيغم : الأسد، أراد بالباكي بأجفان الشادن المرأة الحسناء، وبالباكي بأجفان الضيغم، الرجل الشجاع، يقول كم من نساء ورجال بكوا على فراقي وجزعوا لارتحالي.

(2) القرط : ما يعلق في شحمة الأذن، والحسام : السيف القاطع، والمصمم : الذي يصيب المفاصل ويقطعها، يقول : لم تكن المرأة الحسناء بأجزع على فراقي من الرجل الشجاع.

(3) ذات عرق : موضع بالبادية وهو مكان احرام أهل العراق.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.