أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2020
7362
التاريخ: 18-8-2020
5576
التاريخ: 19-8-2020
2849
التاريخ: 18-8-2020
3944
|
قال تعالى : {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [النمل : 54 - 58] .
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :
ثم ذكر سبحانه قصة لوط عاطفا بها على ما تقدم فقال {ولوطا} أي وأرسلنا لوطا {إذ قال لقومه} منكرا عليهم أفعالهم {أ تأتون الفاحشة} يعني الخصلة القبيحة الشنيعة الظاهرة القبح وهي إتيان الذكران في أدبارهم {وأنتم تبصرون} أي تعلمون أنها فاحشة وقيل معناه وأنتم يرى بعضكم ذلك من بعض ثم بين سبحانه الفاحشة التي يأتونها فقال {إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء} اللاتي خلقهن الله لكم {بل أنتم قوم تجهلون} أي تفعلون أفعال الجهال قال ابن عباس تجهلون القيامة وعاقبة العصيان .
{فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم أنهم أناس يتطهرون} عن إتيان الرجال في أدبارهم {فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها} أي جعلناها {من الغابرين} أي الباقين في العذاب ، {وأمطرنا عليهم مطرا} وهو الحجارة {فساء مطر المنذرين} الذين أبلغهم لوط النذارة وأعلمهم بموضع المخافة ليتقوها ، فخالفوا ذلك .
___________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج7 ، ص393 .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :
حكاية الخبر بالمعنى :
تقدم نظير هذه الآيات في سورة الأعراف الآية 80 - 84 ج 3 ص 352 - 354 . ولا فرق إلا في بعض التعابير ، ففي سورة الأعراف حكى اللَّه سبحانه عن لوط أنه قال لقومه : أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ .
وحكى عنه هنا أنه قال لهم : {أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} وكلاهما ذم وتوبيخ . وقال هناك : بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وقال هنا : {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} وكل من الإسراف والجهالة تجاوز للحد . وقال تعالى هنا : {وأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} وقال هناك : وأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ أي أنظر سوء عاقبتهم .
ومثله كثير في كتاب اللَّه ، فهو يحكي كلام الأنبياء وغيرهم بلفظ آخر في آية ثانية ، وبثالث في آية ثالثة ، وفيه دلالة على أن للإنسان ان ينقل كلام الآخرين بنصه الحرفي وبمعناه أيضا دون لفظه على شريطة أن لا يقلَّم أولا يطعّم .
______________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص28 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :
إجمال قصة لوط (عليه السلام) وهي كسابقتها في غلبة جانب الإنذار على جانب التبشير .
قوله تعالى : {ولوطا إذ قال لقومه أ تأتون الفاحشة وأنتم تبصرون} معطوف على موضع {أرسلنا} في القصة السابقة بفعل مضمر والتقدير ولقد أرسلنا لوطا .
كذا قيل ، ويمكن أن يكون معطوفا على أصل القصة بتقدير اذكر والفاحشة هي الخصلة البالغة في الشناعة والمراد بها اللواط .
وقوله : {وأنتم تبصرون} أي وأنتم في حال يرى بعضكم بعضا وينظر بعضكم إلى بعض حين الفحشاء فهو على حد قوله في موضع آخر : {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} [العنكبوت : 29] ، وقيل : المراد إبصار القلب ومحصله العلم بالشناعة وهو بعيد .
قوله تعالى : {أ ئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون} الاستفهام للإنكار ، ودخول أداتي التأكيد - إن واللام - على الجملة الاستفهامية للدلالة على أن مضمون الجملة من الاستبعاد بحيث لا يصدقه أحد والجملة على أي حال في محل التفسير للفحشاء .
وقوله : {بل أنتم قوم تجهلون} أي مستمرون على الجهل لا فائدة في توبيخكم والإنكار عليكم فلستم بمرتدعين ، ووضع {تجهلون} بصيغة الخطاب موضع {يجهلون} من وضع المسبب موضع السبب كأنه قيل : {بل أنتم قوم يجهلون فأنتم تجهلون} .
قوله تعالى : {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون} أي يتنزهون عن هذا العمل وهو وارد مورد الاستهزاء .
قوله تعالى : {فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين} المراد بأهله أهل بيته لقوله تعالى : { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات : 36] ، وقوله : {قدرناها من الغابرين} أي جعلناها من الباقين في العذاب .
قوله تعالى : {وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين} المراد بالمطر الحجارة من سجيل لقوله تعالى : {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ } [الحجر : 74] ، فقوله : {مطرا} يدل بتنكيره على النوعية أي أنزلنا عليهم مطرا له نبأ عظيم .
________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج15 ، ص301-302 .
تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :
انحراف قوم لوط !
بعد ذكر جوانب من حياة موسى وداود وسليمان وصالح(عليهم السلام) مع أُممهم وأقوامهم ، فإنّ النّبي الخامس الذي وردت الإشارة إليه في هذه السورة : نبيّ الله العظيم «لوط» .
وليست هذه أوّل مرّة يشير القرآن إلى هذا الموضوع ، بل تكررت الإشارة إليه عدّة مرّات ، كما في سورة الحجر ، وسورة هود ، وسورة الشعراء ، وسورة الاعراف .
وهذا التكرار والتشابه ، لأنّ القرآن ليس كتاباً تاريخياً كي يتحدث عن الموضوع مرّة ولا يعود إليه . . بل هو كتاب تربوي إنساني . . ونعرف أنّ المسائل التربوية قد تقتضي الظروف أحياناً أن تُكرر الحادثة ويذكر بها مراراً ، وأن يُنظر إليها من زوايا مختلفة ، ويُستنتج من جهاتها المتعددة .
وعلى كل حال فإنّ حياة قوم لوط المشهورين بالإنحراف الجنسي والعادات السيئة المخزية الأُخرى ، كما أنّ عاقبة حياتهم الوخيمة يمكن أن تكون لوحة بليغةً لأُولئك السادرين في شهواتهم . . . وإن سعة هذا التلوث بين الناس تقتضي أن يُكرر ما جرى على قوم لوط مراراً .
يقول القرآن : في الآيتين محل البحث أوّلا : {ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون} (1) .
«الفاحشة» كما أشرنا إليها من قبل ، تعني الأعمال السيئة القبيحة ، والمراد منها الإنحراف الجنسي وعمل اللواط المخزي .
وجملة (وأنتم تبصرون} إشارة إلى أنّكم ـ يعني قوم لوط ـ ترون بأم أعينكم قبح هذا العمل وآثاره الوخيمة ، وكيف تلوّث مجتمعكم من قرنه إلى قدمه به . . . وحتى الأطفال في غير مأمن من هذا العمل القبيح ، فعلام تبصرون ولا تتنبهون !
وأمّا ما يحتمله بعضهم من أن جملة «تبصرون» إشارة إلى أنّهم كانوا يشهدون فعل اللواط «بين الفاعل والمفعول» فهذا المعنى لا ينسجم وظاهر التعبير ، لأنّ لوطاً يريد أن يحرّك «وجدانهم» وضمائرهم ، وأن يوصل نداء فطرتهم إلى آذانهم . . . فكلام لوط نابع من البصيرة ورؤية العواقب الوخيمة لهذا العمل والتنبه منه .
ثمّ يضيف القرآن قائلا : {أئنكم لتأتون الرجال شهوةً من دون النساء} .
وقد ورد التعبير عن هذا العمل القبيح بالفاحشة ، ثمّ وضحه أكثر لئلا يبقى أي إبهام في الكلام ، وهذا اللون من الكلام واحد من فنون البلاغة لبيان المسائل المهمة .
ولكي يتّضح بأن الدافع على هذا العمل هو الجهل ، فالقرآن يضيف قائلا : {بل أنتم قوم تجهلون} .
تجهلون بالله . . وتجهلون هدف الخلق ونواميسه . . وتجهلون آثار هذا الذنب وعواقبه الوخيمة ، ولو فكرتم في أنفسكم لرأيتم أن هذا العمل قبيح جدّاً ، وقد جاءت الجملة بصيغة الإستفهام ليكون الجواب نابعاً من أعماقهم ووجدانهم ، فيكون أكثر تأثيراً .
وقوله تعالى : {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [النمل : 56 - 58] .
عندما تُعدُّ الطهارة عيباً كبيراً !
لا حظنا ـ في ما سبق من البحوث ـ منطق نبي الله العظيم «لوط» ، ذلك المنطق المتين أمام المنحرفين الملوثين ، وبيانه الإستدلالي الذي كان يعنّفهم على عملهم القبيح ، ويكشف لهم نتيجة جهلهم وعدم معرفتهم بقانون الخلق وبجميع القيم الإنسانية .
والآن ، لنستمع الى جواب هؤلاء المنحرفين بماذا أجابوا منطق «لوط» ؟!
يقول القرآن : {فما كان جواب قومه إلاّ أن قالوا اخرجوا آل لوط من قريتكم إنّهم أناس يتطهرون} .
فجوابهم كاشف عن انحطاطهم الفكري والسقوط الأخلاقي البعيد ! .
أجل . . إنّ الطهارة تعدّ عيباً ونقصاً في المحيط الموبوء ، وينبغي أن يلقى أمثال يوسف المتعفف في السجن ، وأن يطرد آل لوط نبيّ الله العظيم ويبعدوا ـ لأنّهم يتطهرون ـ خارج المدينة ، وأن يبقى أمثال «زليخا» أحراراً أولي مقام . . . كما ينبغي أن يتمتع قوم لوط في مدينتهم دون حرج ! .
وهذا هو المصداق الجلي لكلام القرآن في الضالين ، إذ يقول : {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةٌ} بسبب أعمالهم السيئة المخزية .
ويحتمل في جملة {إنّهم أناس يتطهرون} أن قوم لوط لإنحرافهم وغرقهم في الفساد ، وتطبعهم وتعودهم على التلوّث ، كانوا يقولون مثل هذا الكلام من باب السخرية والإستهزاء . . أي إنّهم يتصورون أن أعمالنا قبيحة وغير طاهرة! وأن تقواهم من التطهر ، فما أعجب هذا الكلام! إنه لمهزلة ! .
وليس هذا غريباً أن يتبدل إحساس الإنسان ـ نتيجة تطبعه بعمل قبيح ـ فيتغير سلوكه ونظرته . . فقد سمعنا بقصّة الدباغ المعروفة ، إذ ورد أن رجلا كان يدبغ الجلود المتعفنة دائماً ، وتطبعت «شامّته» برائحة الجلود «العفنة» فمرّ ذات يوم في سوق العطارين ، فاضطرب حاله وأُغمي عليه ، لأنّ العطور لا تناسب «شامّته» فأمر رجل حكيم أن يؤخذ إلى سوق الدباغين لانقاذه من الموت . . . فهذا مثال حسىّ طريف لهذا الموضوع المنطقي .
جاء في الرّوايات أن لوطاً كان يبلغ قومه حوالي ثلاثين عاماً وينصحهم ، إلاّ أنّه لم يؤمن به إلاّ أسرته وأهله باستثناء زوجته فإنّها كانت من المشركين وعلى عقيدتهم (3) .
بديهي أن مثل هؤلاء القوم لا أمل في إصلاحهم في عالم الدنيا ، فينبغي أن يطوى «طومار» حياتهم ، لذلك تقول الآية التالية في هذا الشأن {فأنجيناه وأهله إلاّ امرأته قدرناها من الغابرين} (4) .
وبعد أن خرج آل لوط في الموعد المعين «سحر ليلة كانت المدينة غارقة فيها بالفساد» فلمّا أصبح الصباح نزلت عليهم الحجارة من السماء ، وتزلزت الأرض بهم ، فدفنوا جميعاً تحت الحجارة والأنقاض ، والى هذا تشير الآية الكريمة التالية {وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المُنذرين} .
وكان لنا بحث مفصل في قوم لوط وعاقبتهم الوخيمة وآثار الإنحراف الجنسي ، في ذيل الآيات 77 ـ 83 من سورة هود ، ولا حاجة إلى تكراره .
إن قانون الخلق عيّن لنا مسيراً لو سلكناه لكان ذلك مدعاة لتكاملنا وحياتنا ، ولو انحرفنا عنه لكان باعثاً على سقوطنا وهلاكنا .
فقانون الخلق جعل الجاذبية الجنسية بين الجنسين المتخالفين عاملا لبقاء نسل الإنسان واطمئنان روحه . وتغيير المسير نحو الإنحراف الجنسي «اللواط أو السحاق» يذهب بالإطمئنان الروحي . . والنظام الإجتماعي .
وحيث أن لهذه القوانين الإجتماعية جذراً في الفطرة ، فالتخلف «أو الإنحراف» يسبب الإضطراب وعدم الإنسجام في نظام وجود الإنسان ! .
فلوط نبيّ الله العظيم نبّه قومه المنحرفين إلى هذا الاساس «الفطري» فقال لهم : {أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون}؟! فالجهل وعدم معرفتكم بقانون الحياة والسفاهة هو الذي يقودكم إلى الضلال والتيه ! .
فلا عجب أن تتغير سائر قوانين الخلق في شأن هؤلاء القوم الضالين ، فبدلا من أن يغاثوا بماء من السماء يهب الحياة يمطرون بالحجارة . . وبدلا من أن تكون الأرض مهاداً وثيراً لهم تضطرب وتتزلزل ويُقلب عاليها سافلها ، لئلا يقتصر الحال على هلاكهم فحسب ، بل لتمحى آثارهم ! .
______________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج469-473 .
2 ـ يحتمل أن «ولوطاً» منصوب بالفعل (أرسلنا) الذي سبق ذكره في الآيات المتقدمة ، ويحتمل أن يكون منصوباً بفعل محذوف تقديره (اذكر) وحيث جاء بعد الكلمة (إذ قال) فالإحتمال الثّاني أنسب . . .
3 ـ تفسير نور الثقلين ، ج 2 ، ص 382 .
4 ـ «الغابرين» جمع الغابر ومعناه هنا الباقي من الذاهبين من المكان .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|