المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7456 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام عليٌ (عليه السلام) حجّة الله يوم القيامة
2024-04-26
امساك الاوز
2024-04-26
محتويات المعبد المجازي.
2024-04-26
سني مس مربي الأمير وزمس.
2024-04-26
الموظف نفرحبو طحان آمون.
2024-04-26
الموظف نب وعي مدير بيت الإله أوزير
2024-04-26

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


هل القاطع يحتاج إلى جعل قطعه حجّة؟  
  
2042   08:10 صباحاً   التاريخ: 9-7-2020
المؤلف : الشيخ محمد علي الأراكي
الكتاب أو المصدر : أصول الفقه
الجزء والصفحة : ج‏1، ص: 359
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /

الأوّل: هل القاطع بالحكم الواقعي يحتاج إلى جعل قطعه حجّة أو لا، بل يجب‏ عليه متابعته، بل لا يمكن منعه عن المتابعة، بل وأمره بها على نحو الأمر المولوي، فلا بدّ من حمل الأمر لو كان على مجرّد الإرشاد؟ فهنا ثلاثة مقامات:

 

الأوّل: أنّ القاطع هل هو كالظان في احتياجه في العمل إلى جعل الحجيّة أو يلزم عليه العمل على طبق القطع بحكم العقل؟

الثاني: أنّه وإن قلنا بلزوم العمل بدون الحاجة إلى جعل الحجيّة هل يمكن للمولى لو رأى المفسدة في متابعة قطع أن يمنع العبد عن متابعته أو لا؟.

الثالث: أنّه وإن قلنا بعدم الحاجة واستحالة المنع هل يمكن توجّه الأمر المولوي أو لا؟.

أمّا الأوّل فالحق عدم الحاجة؛ إذ ليس ما وراء القطع حجّة اخرى، فيلزم على تقدير احتياجه إلى جعل الحجيّة ارتفاع الحجّة من البين رأسا؛ إذ لو فرض القطع بحكم وفرض القطع بقول الشارع: اعمل بقطعك، فلا يكون القطع بهذا القول حجّة ويحتاج في جعله حجّة بجعل ثانوي، وكذا الكلام في القطع بالجعل الثانوي فيحتاج إلى جعل ثالث وهكذا، فيلزم التسلسل؛ فإنّه لا ينتهي المحتاج إلى غير المحتاج أبدا. وبالجملة فلزوم متابعة القاطع لقطعه بديهيّ لا يحتاج إلى البيان.

أمّا الثاني فقيل فيه بعدم الإمكان مستدلا بلزوم العمل بالتناقض، وبيانه أنّه لو قطع المكلّف بكون المائع مثلا خمرا وقطع بالكبرى أيضا أعني حرمة الخمر فيقطع بالبديهة بأنّ هذا المائع حرام؛ فإنّ الشكل الأوّل بديهيّ الإنتاج، فلو منعه المولى من العمل بهذا القطع فيلزم أن يعلم المكلّف بمتناقضين أعني حكم اجتنب وحكم رخّصتك وإن كان قطعه بكون هذا خمرا جهلا مركّبا؛ فإنّه لا يحتمل الخطاء في قطعه.

واورد عليه بالنقض بالقياس في حال الانسداد؛ فإنّه لا شكّ في كونه قائما مقام العلم؛ فإنّ الامتثال له مراتب يحكم العقل بتقديم بعضها على بعض، فالامتثال القطعي هو المقدّم، ومع عدم إمكانه يلزم الظنّي على اختلافه بحسب قوّة الظن وضعفه، فيقدّم الأقوى على الأضعف، والمناط تقديم ما هو الأقرب إلى القطع فالأقرب، فيكون الظن عند انتفاء القطع قائما مقامه، ومع ذلك قد نهى الشارع عنه‏ إذا كان حاصلا من القياس، فإذا جاز ذلك في ما يقوم مقام القطع جاز فيه أيضا لاتّحاد الملاك.

وأجاب عنه صاحب الكفاية في الحاشية على الرسائل بإبداء الفرق بين القطع والظن بوجود السترة في الثاني بالنسبة إلى الواقع وعدمها في الأوّل، فمرتبة الحكم الظاهري محفوظة في الثاني دون الأوّل.

وفيه أنّه كما يمتنع القطع بصدور المتناقضين من الشارع كذلك الظنّ به، بل مجرّد احتماله؛ فإنّ الظانّ بحرمة الفعل الخاص في الواقع إذا منعه المولى عن متابعة هذا الظن فمعناه أنّه رخّصتك في فعله، فيلزم أن يجتمع الظنّ بالحرمة والقطع بالرخصة، فيلزم الظن بوجود المتناقضين في الواقع وهو أيضا كالقطع به.

وإن اريد ذلك مع اختلاف متعلّق الظن ومتعلّق المنع بأن يكون الواقع الميسور حكما شأنيّا والمنع حكما فعليّا فهذا غير مختصّ بالظن، فإنّه يمكن في القطع أيضا بأن يكون الواقع المقطوع حكما شأنيّا والمنع حكما فعليّا، وإن اريد أنّ الظّن بعد ورود المنع ينقلب إلى القطع بالضّد فليس كذلك؛ فإنّا مع ورود مثل هذه النواهي الأكيدة عن العمل بالقياس يحصل لنا الظنّ بالحكم الشرعي من طريق القياس.

وبعبارة اخرى إنّما نتكلّم من حيث ما في نفس الأمر لا من حيث التنجيز وحكم العقل بوجود الامتثال، فالمقصود ملاحظة وجود التناقض في ما في نفس الأمر وعدمه وإن لم يكن امتثال أمره واجبا، ومن هذا الحيث كما يكون التناقض في القطع كذلك يكون في الظّن؛ إذ تقول في القطع: إنّ العبد يقطع بكون هذا الشي‏ء مبغوضا للمولى وأنّ نفس المولى متنفّر منه غاية التنفّر وهذا مع قول المولى له: لا تعمل بهذا القطع مضادّ ومناقض؛ إذ معنى هذا النهي أنّه لا تنفّر لي من هذا الشي‏ء، فيلزم الجمع بين التنفّر واللاتنفّر، وبعبارة اخرى معنى الواقع المقطوع أنّك لست بمأذون في الفعل، ومعنى النهي أنّك مأذون فيه.

ونقول نحن في الظّن: إنّ العبد إذا قطع بكون هذا خمرا وظنّ كون الخمر حراما فحيث إنّ النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمتين فيظن أنّ هذا الشي‏ء حرام والمولى متنفّر منه غاية التنفّر، فقول المولى: لا تعمل بهذا الظن يوجب القطع بعدم تنفّره من هذا، وهذا ظنّ بالتضاد والتناقض كما أنّ الأوّل كان قطعا بهما ومجرد ذلك فرق لا ينفع، فمن حيث الإشكال لا تفاوت بين القطع والظن.

إن قيل: إنّ القاطع- حيث إنّ القطع طريق- لا ينظر إلّا إلى نفس الواقع ولا يرى ورائه في هذه النظرة شيئا.

فالجواب أوّلا بمنع عدم إمكان الالتفات إلى نفس القطع، بل يمكن أن يعلم القاطع بكونه قاطعا، وثانيا لا فرق من هذه الجهة بين القطع والظن؛ فإنّ الظن أيضا طريق، ففي هذه النظرة لا ينظر إلى ما وراء الواقع.

إن قيل: إنّ الظّن حيث يكون فيه سترة وحجاب فالحكم المجعول فيه ظاهري، وأمّا القطع فحيث إنّه تمام الانكشاف وكشف تامّ فليس الحكم المجعول عليه ظاهريّا.

قيل: لا نزاع لنا في الإسم، فإن كان في الظّن ممكنا ففي القطع أيضا ممكن ولا نسمّيه باسم الظاهري بل باسم آخر، وإن لم يمكن في القطع لا يمكن في الظنّ أيضا.

وبالجملة المدّعى عدم الفرق إشكالا وجوابا بين القطع والظّن من حيث القطعيّة والظنيّة بمعنى أنّه ليس مجرّد حيث الظنيّة موجبا لعدم جريان الإشكال أو اندفاعه، ومجرّد حيث كون القطع قطعا موجبا لخلافه، فهذا من حيث الإشكال.

وأمّا من حيث الجواب فكلّ جواب يدّعيه المجيب في الظنّ ندّعيه في القطع؛ فإنّ المجيب لا يخلو من حالين، إمّا يبنى في الجمع والتوفيق بين الحكم الواقعي والظاهري بالقول بثبوت المراتب للأحكام بمعنى أنّه يقول: إذا تبيّن لنا الظاهري نحمل الواقعي المظنون على الحكم الشأني وإن كان ظاهره الفعليّة والوصول إلى مرتبة البعث والزجر، والظاهري على الحكم الفعلي.

فنقول: لا فرق في ذلك بين القطع والظن، فإذا وصل إليك المنع عن العمل بالقطع فاحمل الحكم الذي قطعت به من حرمة الشرب على الشأني، وهذا النهي على الفعلي.

فإن قلت: إنّ القاطع قاطع بالحكم على وجه الفعليّة وليس قابلا للحمل على الشأنيّة.

قلت: إنّا نفرض مثل ذلك في الظّن أيضا بأن يكون ظانّا بأصل حكم لا تشرب وقاطعا بأنّه على تقدير تحقّقه فعلي، فالأمر دائر بين أن لا يكون حكم أصلا على وهم، وأن يكون وكان فعليّا ووجوده شأنيّا مقطوع العدم، ففي هذا الفرض أيضا لا يمكن الجمع بين الواقع المظنون وبين المنع.

وبالجملة فهذا فرق راجع إلى حيث المتعلّق؛ فإنّه مختلف بحسب المقامات لا أنّه راجع إلى حيث الظن والقطع.

فالمتعلّق سواء كان مقطوعا أم مظنونا على قسمين؛ إمّا قابل للحمل على الشأنيّة وهذا في صورة قطع أو ظنّ بوجود لا تشرب واقعا، وظاهره وإن كان كونه فعليّا لكن يحتمل كونه شأنيّا، ففي هذه الصورة إذا ورد المنع سواء عن العمل بالقطع أم عن العمل بالظن يتعيّن حمل لا تشرب المقطوع أو المظنون على خلاف ظاهره من الشأنيّة وحمل هذا المنع على الفعليّة للجمع.

وإمّا ليس قابلا إلّا للحمل على الفعليّة وهذا في صورة قطع أو ظنّ بوجود لا تشرب وقطع بأنّه حكم فعلي، فلا يمكن الجمع بين هذا الحكم المقطوع أو المظنون وبين المنع؛ لعدم إمكان جعل الحكمين في موضوع واحد في مرتبة واحدة.

وإمّا يبني(1) على أنّه ليس للأحكام إلّا مرتبة واحدة مثل الإرادة الفاعليّة؛ فإنّها إمّا موجودة فعلا وإمّا معدومة، ولكن رتبة الحكم متفاوتة، يعني أنّ الحكم الواقعي متعلّق بنفس الواقع، والظاهري متعلّق بالشكّ في الحكم الواقعي أو الظنّ به والشكّ والظنّ متأخّران رتبة عن نفس الحكم.

فكذلك نقول في القطع أيضا؛ فإنّ العلم بالحكم الواقعي أيضا متأخّر عنه، فالحكم الواقعي متعلّق بنفس المتعلّق مع قطع النظر عن العلم، فالعلم بنفس هذا المتعلّق أو بحكمه ليس إلّا كاشفا صرفا وطريقا محضا بالنسبة إلى هذا الحكم، لكنّه بالنسبة إلى الحكم الآخر أعني النهي مأخوذ على وجه الموضوعيّة، مثلا تعلّق الحرمة الواقعيّة بنفس شرب الخمر الواقعي، فالعلم بأنّ هذا خمر وكذا العلم بأنّ الخمر حرام لا مدخليّة لهما في موضوع هذه الحرمة، ولكنّه دخيل في موضوع حكم الرخصة المستفادة من قوله: لا تعمل بالعلم الذي حصّلته من الجفر، فليس نفس الشرب بواقعيّته متعلّقا للرخصة كما أنّه كذلك متعلّق للحرمة، بل باعتبار كونه مقطوع الخمريّة أو الحرمة بالقطع الحاصل من الجفر.

فعلم أنّ حيث الكاشفيّة التامّة وعدم السترة والكاشفيّة الناقصة ووجود السترة لا يجديان فرقا أصلا لا إشكالا ولا جوابا.

نعم بين القطع والظنّ فرق من جهة اخرى وهي مرحلة الامتثال، وبيانه: أنّ العبد إذا علم بأنّ الشي‏ء الفلاني محبوب للمولى بحيث لا يرضى بتركه يتحقق بسبب هذا العلم موضوع الإطاعة وموضوع العصيان في حقّ هذا العالم، ولا إشكال في أنّ إطاعة المولى المنعم حسن ذاتا بحيث لا يمكن أن ينفكّ منه الحسن إلّا بانقلاب موضوعها، وكذلك عصيان هذا المولى قبيح ذاتا بحيث لا يمكن انفكاك القبح منه؛ فإنّ بعض العناوين علّة تامّة للقبح، فما دام باقيا فالقبح لازمه ذاتا، بل الأسماء الأخر لا بدّ من انتهائها إلى هذا ليصير قبيحا، وذلك مثل الظلم، كما أنّ بعض العناوين علّة تامّة للحسن ما دام باقيا، وسائر الأشياء إن انتهت إليه صارت حسنا، وذلك مثل الإحسان، وبعض العناوين يكون الحسن والقبح فيها بالوجوه والاعتبار، يعنى نحتاج في اتّصافها بالحسن من انتهائها إلى العنوان الأوّلي مثل الإحسان، وبالقبح إلى عنوان أوّلي آخر مثل الظلم وذلك كضرب اليتيم؛ فإنّه إن اندرج تحت الظلم كان قبيحا وإن دخل في الإحسان كان حسنا.

فنقول: مخالفة المولى المنعم وعصيانه ظلم عليه، بل من أبده أفراد الظلم وأعظمها، فيكون قبحه أبده من قبح سائر الأفراد وأعظم، فلو رخّص المولى هذا العبد العالم بترك ما هو عالم بمحبوبيّته له بواسطة منعه عن العمل بعلمه يلزم الإذن في‏ فعل ما هو من أقبح القبائح وأشدّ أفراد الظلم، والترخيص في القبيح قبيح، وليس حسن الإطاعة لأجل ترتّب الثواب عليها ولا قبح المخالفة لأجل إيجابها العقاب والوقوع في العذاب، بل هما لازمان لهما ولو فرض عدم ترتّب الثواب على الإطاعة ولا العقاب على المخالفة وإن كان بتصريح من المولى؛ فإنّ الحسن والقبح غير معلّلين بشي‏ء، فإنّه ينقل الكلام في العلّة فلا بدّ أن يكونا فيها أيضا لعلّة وهكذا إلى غير النهاية فيلزم التسلسل، فلا بدّ من انتهاء السلسلة إلى ما يكون الحسن والقبح فيه ذاتا لا لأجل جهة، ولذا نرى أنّ الدهري الغير القائل بترتّب الثواب على الإحسان والعقاب على الظلم يحكم بديهة بحسن الأوّل وقبح الثاني.

وهذا بخلاف الظن فإنّه حيث يكون الواقع معه غير منكشف تمام الانكشاف بل مع سترة وحجاب فلا يوجب الظن بأنّ هذا حرام ومبغوض تحقّق عنوان التمرّد والعصيان على فعله بالنسبة إلى الظان حتى يكون قبيحا مطلقا، بل القبح منحصر فيه من جهة العلم الإجمالي بثبوت تكاليف في الواقع وبظنّ كون هذا التكليف في ضمن المظنون فيجب ارتكابه عقلا دفعا للضرر المظنون، فإذا ورد الترخيص من الشرع ارتفع القبح لوجود المؤمّن، فقبحه تعليقي معلّق على عدم ورود الترخيص بخلاف قبح التمرّد في العلم، فإنّه حكم مطلق بتّي لا يرتفع بترخيص الشرع.

هذا في العلم، وأمّا الظن فلا يلزم فيه ذلك، بيانه أنّ موضوع القبح وما هو علّة تامّة له ليس هو مجرّد المخالفة الواقعيّة للطلب الواقعي، ولهذا لو لم يسمع العبد صوت المولى عند صدور الأمر لا يلام على الترك، بل الموضوع هو العصيان، والعلم والالتفات محقّق لموضوعه، فتحقّقه فرع تحقّق العلم.

وأمّا العلم الإجمالي لو قلنا بكونه كالتفصيلي في صيرورته موجبا لتنجّز التكليف ووجوب الاجتناب عن جميع الأطراف ففيه وإن جاز للشارع الترخيص في ارتكاب بعض الأطراف ولا يلزم منه الترخيص في القبيح، إلّا أنّ وجوب الاجتناب من أحد الأطراف ليس من جهة العصيان بتركه حتّى يكون تركه قبيحا بحكم بتّي، وإنّما هو لأجل وجوب الموافقة القطعيّة بحكم العقل من باب توقّف دفع‏ الضرر المحتمل أو الموهوم أو المظنون عليها، فارتكاب بعض الأطراف ليس بعصيان وإنّما هو مخالفة لحكم العقل بوجوب الموافقة القطعيّة لوجوب دفع الضرر.

ومخالفة هذا وإن كان قبيحا أيضا إلّا أنّ قبحه ليس على وجه البتّ، بل هو معلّق على عدم وجود المؤمّن إمّا من الشرع أو العقل في أحد الأطراف، وترخيص المولى في ارتكاب بعض الأطراف مؤمّن عن خوف الوقوع في الضرر من جهة هذا الارتكاب ورافع لموضوع حكم العقل وهو الخوف، فالقبح في مخالفة حكم العقل بوجوب الامتثال القطعى بارتكاب بعض الأطراف حكم تعليقى يرتفع بورود الترخيص من المولى، والقبح في العصيان حكم بتّي لا يرتفع بالترخيص، فلهذا لا يجوز الترخيص في مخالفة العلم التفصيلي ويجوز في مخالفة الإجمالي بالنسبة إلى بعض الاطراف.

وحينئذ فنقول: الظنون التي ورد النهي عن اتّباعها لا يخلو من حالين: إمّا تكون لازم الاتّباع بحكم العقل كما في الظنّ في حال الانسداد على تقدير تماميّة المقدّمات، وإمّا تكون غير لازم الاتّباع بحكم العقل كما في الظن عند الانفتاح، فإن كان من قبيل الثاني فلا إشكال في جواز الترخيص في مخالفته، وإن كان من قبيل الأوّل فيجوز أيضا؛ فإنّ قبح مخالفته معلّق على عدم ورود الترخيص؛ فإنّ لزوم متابعة المظنونات في حال الانسداد إنّما هو لأجل العلم الإجمالي بورود تكاليف من الشرع وكونها مشتبهة بين امور بعضها مظنونات وبعضها مشكوكات وبعضها موهومات مع عدم تمكّن الاحتياط بموافقة الجميع أو عسره، فإنّ هذا موجب للأخذ بالمظنونات وطرح الباقي، فالأخذ بالظن وقبح مخالفته يكون لأجل التحفظ عن الوقوع في ضرر مخالفة التكليف المعلوم إجمالا، والترخيص في ترك العمل بالظنون في تلك الحال مؤمّن وموجب للاستراحة عن الوقوع في هذا الضرر، فلا تكون المخالفة قبيحة، فلا يكون الترخيص ترخيصا في القبيح.

وأمّا المقام الثالث وهو عدم جواز الأمر المولوي بموافقة القطع والنهي المولوي عن مخالفته وإن كان الأوّل حسنا وواجدا للحسن الملزم والثاني قبيحا بقبح ملزم ويجب على المولى الأمر والنهي المولويين في مثل هذين من باب اللطف، إلّا أنّه في هذين لا يمكنه ذلك.

فقد يقال في وجه عدم الجواز بأنّه مستلزم للتسلسل، بيانه أنّ الأمر باطاعة الأمر المعلوم محقّق لموضوع الإطاعة بالنسبة إلى هذا الأمر الثاني، فيكون هنا بعد هذا الأمر إطاعتان، إطاعة حقّق موضوعها الأمر الأوّل بذات العمل مع العلم به، والاخرى حقّق موضوعها الأمر الثاني بإطاعة الأمر الأوّل مع العلم به، وتكون هذه أيضا مشتملة على الحسن الملزم، فيلزم الأمر بها أيضا ثالثا، ثم يتحقّق إطاعة اخرى للأمر الثالث، فيتحقّق في حقّ المكلّف ثلاث إطاعات لثلاثة أوامر، وإطاعة الأمر الثالث أيضا مشتملة على الحسن الملزم فيلزم الأمر به رابعا، ثمّ ننقل الكلام في إطاعة الرابع وهكذا إلى غير النهاية، ولو اقتصر على الأمر ببعض الإطاعات دون بعض يلزم الجزاف؛ لكونها أمثالا والحكم في الأمثال واحد ولا مرجّح لبعضها.

وهذا مخدوش بأنّه لا يوجب المحذور من حيث إنشاء الأمر ولا من حيث امتثال المأمور، أمّا الأول فلأنّه لا يحتاج إلى أزيد من إنشاء واحد للأمر بإطاعة الأمر بذات العمل، ثمّ إطاعة هذا الأمر الثانوي أيضا مشمولة لهذا الإنشاء أيضا، غاية الأمر قد حدث موضوعه بنفس هذا الإنشاء، ولا بعد في شمول الحكم للفرد الذي وجد بنفس الحكم كما في القضيّة الطبيعيّة، مثل ما لو قال: كلّ خبري صادق؛ فإنّ موضوع هذا الخبر أعني الإخبار بأنّ كلّ خبري صادق لا يتحقّق إلّا بعد تمام الحكم بتمام موضوعه ومحموله، لكن مع ذلك يكون هذا الفرد داخلا في عموم الحكم؛ فإنّ الحكم قد تعلّق بطبع الخبر، فهنا أيضا ينشأ الأمر بطبع إطاعة الأمر فيقول: أطع أمري، ثمّ هذا بعمومه يشمل إطاعة هذا الأمر التي حدثت بنفسه ويكون أمرا بها أيضا ثمّ بالإطاعة الحاصلة من هذا الأمر ثالثا وهكذا إلى غير النهاية.

وأمّا من حيث الامتثال فلأنّ المأمور يمتثل جميع هذه الأوامر بعمل واحد وإتيان واحد لنفس العمل، وعند هذا تنقطع سلسلة الأوامر المترتّبة.

لا يقال: فقل مثل ذلك في المقام الأوّل؛ حيث أوردت على احتياج القطع بجعل‏ الحجيّة بلزوم التسلسل؛ فنحن ندفع هذا التسلسل أيضا بأنّ قوله: اعمل بقطعك حكم مجعول في موضوع طبيعة القطع فيشمل القطع الحاصل بهذا الأمر أيضا؛ لأنّه من أفراد طبيعة القطع، ثمّ القطع بوجود الأمر بالمتابعة في هذا القطع أيضا مشمول للأمر المذكور وهكذا إلى غير النهاية.

لأنّا نقول: نعم لكن لا ينتهي الأمر إلى غير المحتاج في حال؛ إذ كلّ قطع حصل فالمفروض كونه محتاجا إلى دليل الحجيّة إيّاه، مثلا القطع بوجوب الصلاة محتاج إلى شمول دليل وجوب العمل بالقطع إيّاه، ثمّ القطع بأنّ كلّ قطع واجب العمل أيضا محتاج إلى شمول دليل وجوب العمل بالقطع إيّاه، فيحصل القطع بأنّ هذا القطع حجّة بواسطة شمول الدليل إيّاه، فهذا القطع أيضا محتاج، فيقطع بكونه حجّة لعموم الدليل، فننقل الكلام في هذا القطع، وبالجملة لا تستقرّ سلسلة المحتاجات إلى غير المحتاج في حال.

وأمّا في ما نحن فيه فلا يلزم محذور عقلي؛ فإنّ مئونة الأمر إنشاء واحد وهذا الإنشاء يسري حكمه في الأفراد الطوليّة الغير المتناهية، ومئونة المأمور ليست إلّا عملا واحدا، وعلى تقدير العصيان يلزم استحقاق عقابات غير متناهية، وبعبارة اخرى الخلود، وهذا أيضا ممكن عقلا.

وقد يوجّه عدم الجواز بلزوم اللغوية؛ فإن الغرض الباعث على الأمر المولوي ليس إلّا دعوة المأمور نحو المأمور به لو لم يكن فيه داع آخر، والمفروض أنّه قد صدر من الآمر أمر بذات العمل صالح لداعويّة العبد المطيع للمولى، فالعبد إن كان منقادا فهذا الأمر يصلح لتحريكه وبعثه نحو العمل من دون حاجة إلى أمر آخر، وإن كان متمرّدا فلا يفرق في حاله بين أمر واحد وأمرين، فكما لا يتحرّك بالأمر الواحد فكذلك بالأمرين وأزيد، فعلى أيّ حال الأمر الثاني لغو ولا طائل تحته.

وفيه أيضا منع؛ فإنّ العبيد مختلفون، فمنهم من يكفيه أمر واحد للعمل ولا كلام فيهم، ومنهم من لا يتأثّر بالأمر أصلا لا بالواحد ولا بالمتعدّد ولا كلام فيهم أيضا، ومنهم من يتجرّى على معصية أمر واحد ولكن لا يتجرّى على معصية أمرين ولا تقدم نفسه عليها، ففائدة هذا الأمر تحريك هذا الصنف من العبيد، ويكفي هذا المقدار في الخروج عن اللغويّة.

وربّما يوجّه بوجه ثالث وهو لزوم انتفاء الموضوع بنفس امتثال الأمر، والأمر بموضوع ينتفي بمجرّد امتثال الأمر ويقتضي الأمر خروجه عن عنوانه قبيح، بيان ذلك أنّ عنوان إطاعة الأمر بالصلاة مثلا إنّما يتحقّق بالإتيان بالأركان المخصوصة بداعي خطاب «صلّ»، وهكذا إطاعة كلّ أمر يتحقّق بالإتيان بالمأمور به بدعوة هذا الامر وتحريكه، فإذا فرضنا كون الأمر بإطاعة «صلّ» مولويّا فهذا الأمر أيضا يقتضي تحرّك الفاعل نحو الصلاة بدعوة هذا الأمر، والإتيان بالصلاة بدعوة هذا الأمر ليس إطاعة لأمر «صلّ» والمفروض أنّ الأمر تعلّق باطاعته، فموضوع أمر أطع الأمر بالصلاة وهي إطاعة خطاب «صلّ» متقوّمة بكون داعي المصلّي هذا الخطاب، ومقتضى خطاب «أطع» كونه بداعي هذا الخطاب وهذا معنى كون الأمر مقتضيا لخروج موضوع الإطاعة عن كونه إطاعة.

ولا يختصّ ذلك بالتعبديّات، بل يجري في التوصليّات أيضا؛ فإنّها وإن كان الإتيان بمتعلّقاتها بدون داعي أمرها مجزيا إلّا أنّ المقصود من تلك الأوامر أيضا هو الداعويّة نحو الفعل وتحريك المأمور لو لم يتحرّك بداع آخر، فعنوان اطاعتها إنّما يصدق لو كان العمل بداعي أمرها لا بداع آخر، ومرجع هذا الوجه إلى عدم إمكان داعويّة هذا الأمر اعني: أطع أمر صلّ مثلا إلى متعلّقة؛ إذ بدعوته يخرج متعلّقه عن كونه متعلّقه، وبهذا الاعتبار يصير الأمر لغوا وإن سلم عدم لغويّته من جهة الفاعل كما هو الوجه الثاني.

والجواب بإمكان تعدّد الداعي في الطول بأن يكون خطاب «صلّ» مثلا داعيا إلى نفس الصلاة، ويكون خطاب «أطع» داعيا إلى الصلاة بداعي أمرها، وكذلك يكون خطاب «أطع» ثانيا داعيا إلى الإتيان بالصلاة بداعي أمرها بدعوة أمر «أطع» أوّلا، وهكذا.

وبعبارة أخرى: هذا الأمر يصير داعيا إلى الإطاعة، والأمر الأوّل يصير داعيا إلى نفس الفعل، فيكون الأمر الثاني داعيا إلى الداعي نظير أمر الشارع بإطاعة الوالدين، فالفعل بدعوة أمرهما يكون بدعوة أمر الشارع بحيث لو لا أمر الشارع لم يكن أمرهما داعيا.

فهذه ثلاثة أوجه لعدم إمكان الأمر مولويّا بمتابعة القطع والنهي مولويّا عن مخالفته، وقد عرفت الجواب عن جميعها.

وقصارى ما يمكن أن يقال في تقريب عدم الإمكان: إنّ الأمر المولوي حاله حال الإرادة الفاعليّة ومن سنخها بحيث يصح نسبة الإيجاد إلى نفس الأمر بنوع من العناية والاعتبار؛ فإنّه بإرادته المولويّة الآمريّة محرّك عضلات عبده التي هي العضلات التنزيليّة لنفسه نحو الفعل، فالآمر هو المريد وهو الموجود ببدنه التنزيلي والفاعل يريد ويوجد ببدنه التحقيقي، فكما أنّ إرادة الفاعل علّة تامّة وسبب مستقلّ للمتعلّق والمراد بحيث لا يشركه في التأثير شريك فكذا إرادة الآمر أيضا لا أقلّ من أنّه لا بدّ وأن يكون قابلا وصالحا لأن يكون سببا مستقلا لتحريك نفس العبد بحيث لم ينضمّ إليها في هذا التحريك والدعوة ضميمة وإن كان فعلا مؤثّرا مع الضميمة وداعيا مع الشركة، كما هو الحال في الأوامر المتعدّدة بشي‏ء واحد للتأكيد إذا فرض عدم تأثّر نفس المأمور إلّا من المجموع بوصف الاجتماع؛ فإنّ كلّ واحد منها يصلح للدعوة بالاستقلال وبدون الضميمة كما لو كان منفردا والعبد ذليل النفس منقادا، كما لو كان فعلا غير مؤثّر أصلا ولو مع الشركة كما لو كان العبد طاغيا متمرّدا.

وبعبارة اخرى الإرادة الآمريّة بشي‏ء لا بدّ وأن يكون الآمر بإرادته إيّاها موجدا بالعناية لهذا الشي‏ء لو كان الفاعل قابلا، فمقدّمة الإيجاد بالعناية من ناحية المولى تامّة، وهذا المعنى في الإطاعة غير ممكن؛ لأنّ الإرادة فيها إمّا غير مؤثّرة أصلا وإمّا مؤثّرة مع الضميمة، فلا يصلح أن يكون إرادتها مولويّا إيجادا بالعناية مستقلا أبدا، ووجه ذلك أنّ الأمر بالإطاعة لا بدّ وأن يكون مسبوقا بالأمر بنفس الفعل، ضرورة أنّ قبله لا يكون في البين عنوان الإطاعة حتّى يجعل متعلّقا للأمر، بل تحقّقه فرع وجود الأمر بذات العمل واطلاع العبد عليه والتفاته إليه.

وحينئذ لا يخلو العبد من ثلاثة أحوال: إمّا يكون بحيث يتأثّر بنفس الأمر الأوّل ويتحرّك نحو العمل بداعويّته، أو يكون بحيث لا يتأثّر نفسه من أمر المولى أصلا، أو يكون بحيث يتحمّل معصية أمر واحد ويتحمّل لعقاب مخالفة أمر واحد ولكن لا يحضر نفسه لتحمّل عقابين لمخالفة أمرين، فالامر الواحد لا يحرّكه ولكنّه بضميمة أمر آخر يصير محرّكا له على نحو الشركة، ولا رابع لهذه الثلاثة.

فعلى الأوّلين يلزم عدم تأثير الأمر بعنوان الإطاعة رأسا وكون تمام التأثير الأوّل المتعلّق بذات العمل على أوّلهما وعدم التأثير له أيضا على ثانيهما، وعلى الثالث لا يكون الأمر الثاني إلّا جزء العلّة.

فعلم أنّ الإيجاد التام لا يتصوّر استناده إلى الإرادة المتعلّقة بعنوان الإطاعة، ولا يعقل أن يكون المريد لها موجدا تامّا بالعناية في حال إرادته إيّاها، وقد قلنا إنّ الإرادة الآمريّة لا بدّ وأن يكون مريدها موجدا بالعناية والإيجاد بالعناية مستندا إلى نفسها بالاستقلال لا مع الضميمة، كما أنّ الإرادة الفاعليّة يكون مريدها موجدا بالحقيقة والإيجاد مستندا إلى إرادته بالاستقلال لا بالشركة، فالأمر المذكور يكون نصف الأمر لا تمام الأمر؛ لأنّ الإيجاد بالعناية لا يتأتّى منه.

وبالجملة، فلا بدّ أن يكون الأمر بالإطاعة والردع عن المخالفة ارشاديين، وأمّا أمر الشارع بإطاعة الوالدين فهو صالح للداعويّة التامّة، فإنّ أمر الوالدين لو لا أمر الشارع في البين لم يكن له تأثير أصلا، وإنّما داعويّته بواسطة أمر الشارع، فالداعي الحقيقي إلى الفعل هو أمر الشارع، وهذا بخلاف ما إذا كان الأمران صادرين من مولى واحد.

______________

(1) أي يبنى المجيب.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


اللجنة التحضيرية للمؤتمر الحسيني الثاني عشر في جامعة بغداد تعلن مجموعة من التوصيات
السيد الصافي يزور قسم التربية والتعليم ويؤكد على دعم العملية التربوية للارتقاء بها
لمنتسبي العتبة العباسية قسم التطوير ينظم ورشة عن مهارات الاتصال والتواصل الفعال
في جامعة بغداد.. المؤتمر الحسيني الثاني عشر يشهد جلسات بحثية وحوارية