أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-11-2018
2159
التاريخ: 21-10-2019
1782
التاريخ: 1-12-2019
2022
التاريخ: 18-4-2020
1867
|
مشاركة علي ( عليه السلام ) بالفتوح لا تُحَمِّلُهُ مظالم الفاتحين
من المؤكد أن الأمة لو أطاعت نبيها (صلى الله عليه وآله) وسلمت قيادتها لعلي وأئمة العترة (عليهم السلام) لقادوا سفينتها وسفينة العالم في مسار آخر ، لا مثيل له .
ويكفي دليلاً عليه أن الله تعالى أعطاهم علم الكتاب ، فهم أهل العلم واليقين ، وغيرهم أهل الظنون والاحتمالات ، ونَزْرٍ من العلم .
وقد روى الجميع أن الله تعالى أمر نبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن يُعِدَّ علياً ( عليه السلام ) وأن يدنيه ويعلمه فقال له : « إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك وأن تعي ، وحق لك أن تعي . قال : فنزلت هذه الآية : وَتَعِيَهَا أُذَنٌ وَاعِيَة » . ( أسباب النزول / 294 ، والدر المنثور : 6 / 260 ، وتفسير الطبري : 29 / 69 ، وابن أبي حاتم : 10 / 3369 ، والقرطبي : 18 / 264 ، وغيرهم ) .
وقد حاول ابن تيمية وابن كثير ( 8 / 211 ) تضعيف هذا الحديث ، لكن أبا حاتم أخرجه ، وهو عند ابن تيمية لا يُخرج إلا الصحيح .
فأئمة العترة ( عليهم السلام ) أئمة ربانيون ، مُلهمون مهديون ، لو حكموا لأداروا الدولة بعلم وهدى ، ولعمموا الإسلام على العالم في أقصر مدة ، وأقاموا دولة العدل العالمية ، وأعمروا الأرض والحياة بما عندهم من علوم ، ورفعوا مستوى وعي الناس وثقافتهم ، ومعيشتهم .
لكن الأمة لم تطع نبيها ( صلى الله عليه وآله ) فيهم ، واختارت غيرهم ، فكان الأئمة ( عليهم السلام ) يوجهون الأمة والحكام إذا قبلوا منهم ، ويعطونهم من العلم بقدر ما يحفظ بقاء الإسلام وأمته ، كما قال الله تعالى : وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ . ثم لا يكونون مسؤولين عن انحرافاتهم .
وعليه ، فبراءة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من ظلامات الفتوحات ، لا يتوقف على نفي إذنه بها ، أو رضاه ، ولا على نفي مشاركته فيها ، فلا تلازم بين أي من هذه الثلاثة وبين تحمل مسؤولية ظلامات الفاتحين والولاة .
ومثاله أن تأذن ببناء مسجد يتولاه غيرك ، فتضع له خريطة البناء ، وتساهم في تكاليفه ، وتدفع مهندسين للعمل به ، وأنت تعرف أن المتولي سيغصب أموالاً وأعياناً وينفقها فيه ، ويجبر أشخاصاً على العمل فيه ، ثم يستعمله لأغراض مفيدة ومضرة . فإن علمك بذلك لا يجعلك شريكاً في فعل المتولي ، ولا يمنعك من المشاركة ، ما دام وجود المسجد ضرورة ، أو وجوده خيراً من عدمه !
فينبغي الالتفات إلى أن مشاركة عليٍّ ( عليه السلام ) في دفع هجوم جيش طليحة عن المدينة وفي حروب الردة والفتوحات ، لها صيغ عديدة ، بعضها لا يستلزم تأييده لنظام الحكم ، ولا يتنافى مع رفضه النظام والخليفة ، وبعضها يستلزم نوعاً من الاعتراف به ، كقبوله أن يكون منصوباً من قبله مأموراً منه ، وقد نهاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يقبل بإمرة من أمَّره الله عليهم .
وقد تصور بعضهم أن إذنه ( عليه السلام ) ورضاه ، أو مشاركته مطلقاً ، حتى في التدبير والإدارة ، بنفسه أو بأصحابه وتلاميذه وفرسانه . . كل ذلك يتنافى مع كونه الإمام المعصوم الموصى له من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) !
وهذا خطأ ، فليست كل صور المساعدة والمشاركة تستوجب ذلك .
ومن الواضح أن حكم الحسن والحسين حكم أبيهما ( عليهم السلام ) ، لأن الله تعالى أمرهما على الأمة بعده بنص النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
وعمدة ما يستدل به أصحاب هذا الرأي عدم أهلية الخليفة وقادته الفاتحين ، وفقدانهم الشروط الضرورية لفتح البلاد وهداية العباد ، وما ارتكبوه من مظالم لا يقرها الإسلام . ثم يؤيدون ذلك برفض الإمام ( عليه السلام ) أن يتولى منصباً .
قال السيد جعفر مرتضى في كتابه ( مختصر مفيد : 6 / 144 ) ما خلاصته : « إن الفتوحات والاستيلاء على البلاد والعباد ليست غاية للإسلام ، بل الغاية هي نشر الدين والحق والعدل والإيمان ، من قبل من يحق له أن يتصدى لذلك ، وبرعاية وهداية ودلالة ، وتفويض من قبل المعصوم ، وبإجازة ورضى منه .
والأمور بغاياتها ودوافعها . . فإذا كان الدافع هو رضا الله تعالى ، وروعيت في الفتوحات جميع الشرائط الشرعية ، ومنها استجازة المعصوم في التصدي لمثل هذا الأمر الخطير . . أمكن القول : إن ما فعلوه من فتوحات كان حسناً .
ولكن الفاتحين كانوا لا يعترفون بالإمام الحق ، بل يناوؤونه ويتآمرون عليه ، ولا يراعون موازين القسط والعدل في الناس الذين يتسلطون عليهم ، ولا يهتمون بأمر الدعوة إلى الله ونشر الدين فيهم ، بل يمارسون الظلم والتعدي ، والعسف والإذلال !
وقد نتج عن تلك الفتوحات مصائب وبلايا ، وكوارث ورزايا ، سواء في المجال الاجتماعي أم التربوي ، أم الالتزام الديني . وبسببها دخلت الشبهات وراج الفساد والانحراف في المجتمعات الإسلامية ، واختلطت المفاهيم ، وظهرت الدعوات الهدامة ، وما إلى ذلك من أمور اتسع بسببها الخرق على الراقع ، وكانت قاصمة الظهر وضياع العمر وبوار الدهر . .
وإذا كان قواد الجيوش الفاتحة هم الفسقة الفجرة ، من أمثال خالد بن الوليد ، الغادر ببني جذيمة ، والقاتل لمالك بن نويرة ، والفاجر بامرأة ذلك القتيل في ليلة قتله ، والفار من الزحف بجيش الإسلام في غزوة مؤتة ، فإن على الإسلام السلام ، وعلى البلاد المفتوحة على أيدي هؤلاء أن تنتظر المصائب والبلايا ، والكوارث والرزايا ، ولن تجد لرحمة وعدل الإسلام أية رائحة أو أثر في حياتها الاجتماعية والسياسية ، وغيرها .
هذا بالإضافة إلى أن الجيوش الفاتحة كانت على جهل بأحكام الدين وشرائعه وفي منتهى الشراهة للأموال والتوثب للحصول على السبايا الحسناوات. وإن إلقاء نظرة سريعة على معاملتهم للناس آنئذٍ ، تكفي لإعطاء صورة عن ذلك !
وكنموذج على ذلك نذكر النص التالي من الطبري : 3 / 313 :
« لم يزل أهل أفريقية من أطوع البلدان وأسمعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك حتى دب إليهم أهل العراق ، واستثاروهم ، فشقوا العصا وفرقوا بينهم إلى اليوم وكانوا يقولون : لا نخالف الأئمة بما تجني العمال ، فقالوا لهم : إنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك . فقالوا حتى نَخْبُرَهُم ، فخرج ميسرة في بضعة وعشرين رجلاً فقدموا على هشام فلم يؤذن لهم ، فدخلوا على الأبرش فقالوا : أبلغ أمير المؤمنين : أن أميرنا يغزو بنا وبجنده ، فإذا غنمنا نفَّلهم ويقول : هذا أخلص لجهادنا . وإذا حاصرنا مدينة قدَّمنا وأخّرهم ويقول : هذا ازديادٌ في الأجر ، ومثلنا كفى إخوانه !
ثم إنهم عمدوا إلى ماشيتنا ، فجعلوا يبقرون بطونها عن سخالها ، يطلبون الفراء البيض لأمير المؤمنين ، فيقتلون ألف شاة في جلد ، فاحتملنا ذلك !
ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا ! فقلنا : لم نجد هذا في كتاب ولا سنة ، ونحن مسلمون . فأحببنا أن نعلم أعن رأي أمير المؤمنين هذا ، أم لا » !
ويذكر نص آخر : أن قتيبة بن مسلم أوقع بأهل الطالقان ، فقتل من أهلها مقتلة عظيمة لم يسمع بمثلها ، وصلب منهم سماطين : أربعة فراسخ في نظام واحد الرجل بجنب الرجل ، وذلك مما كسر جموعهم » ! ( النهاية : 9 / 78 ) .
كما أن بعضهم يعطي أماناً لبلد في جرجان ، على أن لا يقتل منهم رجلاً واحداً ، فيقتلهم جميعاً إلا رجلاً واحداً » . ( الطبري : 3 / 324 ) .
وآخر يصالح أهل مدينة قنسرين ويجعل من جملة الشروط : أن يهدم المدينة من الأساس وهكذا كان » . ( الطبري : 3 / 98 ) .
ودعا نائب خراسان : « أهل الذمة بسمرقند ، ومن وراء النهر إلى الدخول في الإسلام ، ويضع عنهم الجزية ، فأجابوه إلى ذلك ، وأسلم غالبهم ، ثم طالبهم بالجزية ، فنصبوا له الحرب ، وقاتلوه » . ( النهاية : 9 / 259 ) .
والجواب عن ذلك :
أولاً: أن هذه الجرائم وأمثالها لا توجب عدم إذن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولا تجعل مشاركته حراماً ، لأن الفتوحات أمرٌ مركب ، فيه وجوه سلبية وإيجابية ، فلا يصح تقييمه من إحدى الزوايا دون غيرها ، ولا النظر الى مصلحة المجتمع في جيل واحد ، لأن مصالح المجتمع متغيرة ممتدة مع الزمن .
ولو صح إشكالنا على إذن الإمام (عليه السلام) ورضاه بالفتوحات بكثرة أضرارها وقلة نتائجها، لصح الإشكال على نتائج عمل النبي (صلى الله عليه وآله) لأنه ما أن أغمض عينيه حتى انقلبت أمته، فتركت لبَّ رسالته وحكمت بقشورها، وأبعدت وصيه واضطهدت عترته (عليهم السلام) ، وارتكبت فيهم مأساة ممتدة ، وأقامت فيهم مناحة لم يشهد تاريخ الإنسانية أسوأ منها !
إن موقف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الفتوحات ينطلق من أن عدمها أسوأ من وجودها بأضعاف ! ويكفي أن نتصور أن الإسلام بقي في الجزيرة في ظروفه بين أطماع قريش والقبائل، في فقرها وماديتها وصراعاتها! إذن لتنازعت على الرئاسة وأفنت بعضها بالحروب، وأنهت الإسلام في مهده ! وتاريخها شاهد على أنها مستعدة لأن تحارب بعضها أربعين سنة ، من أجل ناقة كناقة البسوس ، أو تعصبات جوفاء لقبيلة مقابل غيرها !
كما أن البلاد المفتوحة لو بقيت تحت حكم الفرس والروم، ولم تدخل شعوبها في الإسلام، لخسرت الإنجازات العظيمة التي حققتها بسبب الإسلام .
إن انحرافات الفاتحين وولاة المناطق المفتوحة وجرائمهم ، لا تمنع من المشاركة في الفتوحات ، لأن قصده ( عليه السلام ) تحقيق ما يمكن من الخير لتلك الشعوب في كل العصور ، حتى لو كان في الفتوحات أضرارٌ من جهات أخرى .
ثم نقول : نعم لا يمكن الدفاع عن الفاتحين أبداً ، إلا قلة منهم ثبت صلاحهم ، ولا عن ولاة المناطق المفتوحة ، الذين يندر فيهم مثل سلمان وعمار .
وإذا أردنا استقراء المظالم والمفاسد التي ارتكبها الولاة والفاتحون لملأنا منها مجلداً ، وما أسهل أن نضيف عشرات الجرائم إلى ما ذكره أخونا الفاضل السيد جعفر مرتضى :
منها : قصة صححها علماء السلطة ( سير أعلام النبلاء : 1 / 329 ، وتاريخ دمشق : 65 / 250 ) ، تدل على سفاهة الوالي الذي سلموه مقدرات بلاد الشام :
« غزا يزيد بن أبي سفيان بالناس وهو أمير على الشام ، فغنموا وقسموا الغنائم فوقعت جارية في سهم رجل من المسلمين وكانت جميلة ، فذُكرت ليزيد فانتزعها من الرجل ! ( وفي رواية فاغتصبها يزيد ) وكان أبو ذر يومئذ بالشام ، فأتاه الرجل فشكا إليه ، واستعان به على يزيد ليرد الجارية إليه ، فانطلق إليه معه وسأله ذلك ، فتلكأ عليه ! فقال له أبو ذر : أما والله لئن فعلت ذلك لقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إن أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية ، ثم قام ! فلحقه يزيد فقال له : أذكرك الله عز وجل ، أنا ذلك الرجل ! قال : لا . فرد عليه الجارية » . وصحح الألباني : 4 / 329 ، حديثها ، لكنه حاول التشكيك في القصة !
فهذا الصحابي العادل عندهم، نصبه أبو بكر قائداً لجيش الشام حسب طلب عمر، وعزل الفارس التقي النقي خالد بن سعيد بن العاص الأموي، لمجرد أنه من شيعة علي (عليه السلام) ، وقد كان قطع إلى الشام ثلث الطريق !
وجاء القائد الجديد ابن أبي سفيان ، فلم يبرز إلى فارس ولا شارك في معركة ، وكان المسلمون يفتحون ويغنمون ، وجلس مع شلته فذكروا له جارية حسناء لفلان ، فأرسل جنوده فأتوا بها رغم أنف سيدها ، واغتصبها !
ثم طالبه أبو ذر وهو المحترم في جيش الفتح ، فرفض ردها إلى زوجها حتى هدده أبو ذر بحديث نبوي في ذم بني أمية ، فقبل بردها على مضض !
ومات يزيد بن أبي سفيان ، أو سَمَّهُ أخوه معاوية وتولى مكانه ، وكان أسوأ منه !
ومنها : أن الخليفة قد يأمر بهدم مدينة أو قرية ! ففي بغية الطلب : 1 / 332 : « كتب لعمير بن سعد عهداً بأن يخرب عرب سوس ، إذا لم يستجيبوا لشروطه ، فلما خربها بعد سنة علم عمر بذلك فضربه بالدرة ، فدخل عليه عمير منفرداً وطلب منه عهده الذي كتبه إليه فقال عمر : رحمك الله فهلا قلت لي ذلك وأنا أضربك قال كرهت أوبخك يا أمير المؤمنين » !
ومنها : ما رواه الواقدي ( 1 / 109 ) بسند صحيح ، من أن قسماً من جنود الفتح كانوا يشربون الخمر : « كنت مع أبي عبيدة بالشام فكتب إلى عمر بن الخطاب يخبره بفتح الشام وفي الكتاب إن المسلمين يشربون الخمر واستقلوا الحد » !
ومنها : أن القادة الأبرار الذين فتحوا بلاد الشام بتضحياتهم ، قُتلوا فيها بيد معاوية الذي حكمها ! كما حَدَث لحجر بن عدي وأصحابه رضي الله عنهم ، الذين قتلهم معاوية لأنهم رفضوا أن يتبرؤوا من علي ( عليه السلام ) ، فاعتقلهم في الكوفة وأحضرهم إلى الشام ، وقتلهم بمرج عذراء ، قرب دمشق وهم الذين فتحوه !
قال الطبري : ( 4 / 205 ) : « قال لهم ( حِجْر ) : دعوني أتوضأ . قالوا له : توضأ . فلما أن توضأ قال لهم : دعوني أصلي ركعتين ، فأيمن الله ما توضأت قط إلا صليت ركعتين . قالوا : ليصل . فصلى ثم انصرف فقال : والله ما صليت صلاة قط أقصر منها ، ولولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لأحببت أن أستكثر منها ، ثم قال : اللهم إنا نستعديك على أمتنا ، فإن أهل الكوفة شهدوا علينا ، وإن أهل الشام يقتلوننا ! أما والله لئن قتلتموني بها ، إني لأول فارس من المسلمين هلَّلَ في واديها وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها ! فمشى إليه الأعور هدبة بن فياض بالسيف . . وقتله مع أصحابه بأمر معاوية !
ولما رأت عائشة معاوية قالت له : « يا معاوية أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه ! قال : لست أنا قتلتهم إنما قتلهم من شهد عليهم » ! ( الطبري : 4 / 208 ) .
أما مالك الأشتر بطل معركة اليرموك الذي قطف النصر للمسلمين ، وهزم هرقل من سوريا ، فقد اعترض مع تسعة زعماء ، على حاكم العراق الأموي قريب عثمان ، عندما قال إن العراق بستانٌ لبني أمية ! فردوه فشكاهم إلى عثمان فنفاهم إلى الشام، فناظرهم معاوية فغلبوه وفضحوه، وطالبوه منه أن يعتزل عمل المسلمين ، لأن فيهم من هو خيراً منه !
فشكاهم معاوية إلى عثمان فنفاهم إلى حمص ، وأمر حاكمها أن يجعلهم في الدروب ، أي في طريق هجمات الروم على المسلمين ، لعلهم يقتلونهم !
وأسماؤهم حسب رواية الطبري ( 3 / 367 ) : « مالك بن الحارث الأشتر ، وثابت بن قيس النخعي ، وكميل بن زياد النخعي ، وزيد بن صوحان العبدي ، وجندب بن زهير الغامدي ، وجندب بن كعب الأزدي ، وعروة بن الجعد ، وعمرو بن الحمق الخزاعي » . وهم من أبطال الفتوحات ، ومالك هو الذي فتح سوريا !
فيقال : كيف يأذن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لأحد أو يشارك في فتح الشام ، وهو يعلم أن عمر سيولي سفهاء ويسلطهم على أهلها وأعراضها ومقدراتها ؟ !
وكيف يرسل عليٌّ ( عليه السلام ) أمثال هؤلاء الأبطال لفتح الشام ، وهو يعلم أن الخليفة سيضع ثمار جهادهم بيد أناس يسفكون حتى دماء الفاتحين ؟ !
والجواب : أن هذه المظالم كلها صحيحة ، وما هو أعظم منها ، لكن المصلحة التي تترتب على فتح هذه المناطق ، وإدخال أهلها في الإسلام ، واستبدال حكامها الظلمة بحكام أقل ظلماً ، أهم من هذه الأضرار وإن كانت عظيمة .
وقد شهد المؤرخون وشعوب البلاد المفتوحة بأن المسلمين كانوا أرحم الفاتحين وأن حكامهم على ظلمهم ، كانوا أقل ظلماً من حكام هرقل وكسرى .
بل نلاحظ أن شعوب المنطقة، طلبت من المسلمين مراراً فتح بلادهم ، وتخليصهم من الاستعمار الروماني والفارسي .
على أنه إذا ثبت عمل المعصوم ( عليه السلام ) فلا نحتاج إلى تبريره ، لأنه يكون مصلحةً ، حتى لو لم نعرف وجه الحكمة فيه .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|