المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
إدمانُ التَّفَكّرِ
2024-05-24
التفكر فضيلته ومراتبه
2024-05-24
الخوف والرجاء
2024-05-24
تحضير مركبات الاضافة نوع [M(L)n(PPh3)2] و [M(L)n(4-Pic)2]
2024-05-24
تحضير مركبات الاضافة من نوع [M(L)n.Phen]
2024-05-24
تحضير المعقد [In(L)2I]
2024-05-24

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


أثر إفلاس الشركة على المدراء العامين وأعضاء مجلس الإدارة في الفقه الإسلامي  
  
1768   11:39 صباحاً   التاريخ: 8-3-2020
المؤلف : زياد صبحي ذياب
الكتاب أو المصدر : افلاس الشركات في الفقه الاسلامي والقانون
الجزء والصفحة : ص285-295
القسم : القانون / القانون الخاص / المجموعة التجارية / قانون الشركات /

رتبت القوانين الوضعية مسؤولية مدنيه(1) ، وأخرى جزائية (2) ، على مدير عام الشركة وأعضاء مجلس إدارتها في حال إفلاس الشركة، وهذا يقتضي منا بيان موقف الفقه الإسلامي من ذلك، ومدي تحمل مدير وأعضاء مجلس الإدارة للمسؤولية المدنية والجزائية في الفقه الإسلامي على ضوء أحكام الشركات فيه.

أولا: المسؤولية المدنية:

من المعلوم أنه لا يوجد لشركة العنان والمفاوضة والأبدان والوجوه مدير عام للشركة، أو أعضاء مجلس إدارة في الفقه الإسلامي - كما هو الشأن في القانون، لأن من حق جميع الشركاء في هذه الشركات التصرف بأموالها، ولا يختص بذلك بعض الشركاء دون بعض، لأنها شركات مبنية على الوكالة، فكل شريك يعتبر وكيلا عن باقي الشركاء، ولهذا لا أثر لإفلاس الشركة عليهم غير الآثار التي تلحق بالشركاء .

غير أن وظيفة المدير العام للشركة الذي له وحده حق إدارتها، وتصريف شؤونها، كما هي في القانون موجودة في المضاربة - على اعتبار أن المضاربة نوع من أنواع الشركات فالمضارب هو المدير العام للشركة، لأنه وحده هو صاحب الحق في التصرف بأموالها-، شأنه في ذلك شأن المدير العام في الشركات القانونية - ولا حق لرب المال في التصرف بأموال المضاربة بعد تسليمها للمضارب عند جمهور الفقهاء، ويصبح - رب المال - في حق التصرف بها كالأجنبي(3)  شأنه في ذلك شأن الشركاء الذين لا يديرون الشركة في الشركات القانونية - ولهذا فإن معرفة مسؤولية المدير العام وأعضاء مجلس الإدارة عن إفلاس الشركة تقتضي منا معرفة مسؤولية المضارب عن أموال المضاربة، ذلك لأن التكييف الفقهي لإدارتهم لأموال الشركة يقوم على أساس أنهم مضاربون.

مسؤولية المضارب عن راس مال المضاربة :

إن البحث في مسؤولية المضارب عن رأس مال المضاربة بحث طويل في تفصيلاته، واختلاف الفقهاء في فروعه ومسائله، ولهذا سأقتصر البحث على القواعد العامة التي يمكن أن تبنى عليها الفروع، والتي نستطيع من خلالها بيان موقف الفقه الإسلامي من أثر الإفلاس على الشركات المعاصرة.

والبحث في مسؤولية المضارب عن رأس مال المضاربة يقتضي منا معرفة التكييف الفقهي لوجود المال تحت يد المضارب.

لقد وضح بعض الفقهاء ذلك في جميع المراحل التي يمكن أن تمر بها المضاربة فقالوا: «إن رأس مال المضاربة بعد العقد وقبل التصرف يعتبر أمانة في يده - أي المضارب - بمنزلة الوديعة، لأنه قبض بإذن المالك بالشراء لا على وجه البدل والوثيقة، فإذا اشتري به شيئا صار بمنزلة الوكيل بالشراء والبيع، لأنه تصرف في مال الغير بأمره، وهو معني الوكيل، فيكون شراؤه على المعروف، وهو أن يكون بمثل قيمته.. كالوكيل بالشراء وبيعه... فإذا ظهر في المال ربح صار شريكة بقدر حصته من الربح. لأنه ملك جزءا من المال المشروط بعمله، والباقي لرب المال؛ لأنه نهاء ماله، فإذا فسدت بوجه من الوجوه صار بمنزلة الأجير لرب المال، فإذا خالف شرط رب المال صار بمنزلة الغاصب، ويصير المال مضمونة عليه»(4)  وقد نص الفقهاء أيضا أن مال المضاربة يعتبر أمانة في يد المضارب(5) .

وإذا كانت يد المضارب على مال المضاربة يد أمانة فإنه يأخذ حكمها فإذا هلك مال المضاربة بتعد أو تقصير فإنه يضمن(6) ، وبناء على ذلك يمكن أن نستخلص قاعدة في مسؤولية المضارب عن مال المضاربة تقول: «إن المضارب مسؤول عن مال المضاربة ويضمنه إذا هلك بتعد أو تقصير منه». .

كما أن المضاربة تتقيد بالشروط التي يضعها رب المال، ويجب على المضارب التقيد بها إذا كانت شروطه معتبرة عند الفقهاء، فإذا لم يتقيد المضارب بهذه الشروط فإنه يضمن ما ينشأ عن مخالفته لها من خسارة (7)  وقد اعتبر فقهاء الحنفية والحنبلية المضارب الذي يخالف شروط رب المال المعتبرة غاصبا، ويصير المال مضمونة عليه وبناء على ذلك يمكن أن نستخلص قاعدة أخرى في مسؤولية المضارب عن مال المضاربة وضمانة لها تقول: «إن المضارب إذا لم يتقيد بشروط رب المال المعتبرة يكون مسؤولا عن مال المضاربة ويضمنه» .

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى جواز تقييد المضاربة بمدة معينة(8) ، وقد أخذ القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي بهذا المذهب (9)  ، ويجب على المضارب التقيد بهذا الوقت، فإذا عمل بال المضاربة بعد انتهاء وقتها ضمن ما ينشأ عن العمل من الخسارة، وبناء على ذلك يمكن أن نضع قاعدة ثالثة من قواعد مسؤولية المضارب عن رأس مال المضاربة، تقول، « إن المضارب إذا عمل بال المضاربة بعد انتهاء وقتها يكون مسؤولا عن مال المضاربة ويضمن ما ينشأ عنه من خسارة، وهذه القاعدة خاصة بالفقهاء الذين يجيزون تقييد المضاربة بوقت محدد.

كما أن المضارب يملك تصرفات محددة بموجب عقد المضاربة المطلقة، وتزاد هذه التصرفات سعة إذا قال له رب المال: اعمل برأيك، وهناك تصرفات لا يجوز للمضارب القيام بها إلا بالإذن من رب المال، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء، ولكن الخلاف وقع بينهم في بعض التصرفات من حيث حق المضارب القيام بها في المضاربة المطلقة، أو أن حقه بها مقيد بحال قول رب المال له: اعمل برأيك، أو أنها تحتاج لإذن خاص، فإذا قام المضارب بعمل ليس له حق القيام به بمقتضى عقد المضاربة فإنه يضمن ما ينشأ عنه من خسارة(10). وبناء على ذلك يمكن أن نضع القاعدة الرابعة من قواعد مسؤولية المضارب عن مال المضاربة تنص على ما يلي: «إن المضارب مسؤول عن تصرفاته غير المأذون له بها، وعن تصرفاته التي لا حق له بالقيام بها بموجب عقد المضاربة، ويضمن ما ينشأ عن ذلك من خسارة.

 مسؤولية المدراء العامين وأعضاء مجلس الإدارة في الشركات المعاصرة وفق قواعد الشركات في الفقه الإسلامي:

إن بيان مسؤولية المدراء العامين وأعضاء مجلس الإدارة في الشركات المعاصرة من منظور الفقه الإسلامي، يقتضي منا بحث ذلك في كل شركة من هذه الشركات على وجه الاستقلال، ذلك أن التكييف الفقهي لكل شركة يختلف عن باقي الشركات

أ. شركة التضامن: و لم ينص قانون الشركات الأردني على وجود مدير عام أو مجلس إدارة الشركة التضامن، وأعطى الحق لمن يشاء من الشركاء بإدارة الشركة، ولكنه أوجب بيان الشركاء المفوضين بإدارتها والتوقيع عنها وصلاحياتهم في عقد الشركة، وقد اعتبر القانون المفوض بإدارة الشركة وكيلا عنها(11): وهذا يعني أن المفوض بإدارة الشركة يعتبر وكيلا عن باقي الشركاء، ويدير الشركة بهذه الصفة، وقد يكون وكيلا عنهم بأجر، وقد يكون بلا أجر، ولهذا فإن الشركاء مسؤولون عن التصرفات التي يجريها المفوض ما دامت هذه التصرفات في حدود ما هو موكل به، ومسؤوليته عن أموال الشركة هي مسؤولية الوكيل في البيع والشراء، فلا ينفذ شراءه بغبن فاحش بحق الموكل، وليس له أن يبيع بأقل من الثمن المعين له (12)... إلخ ، أما إذا اعتبرنا شركة التضامن شركة عنان اشترط فيها التضامن فإن مسؤولية الذين يديرون الشركة لا تزيد عن مسؤولية الشركاء الآخرين لأنهم يديرونها بلا أجر.

 ب. شركة التوصية البسيطة :

تتألف شركة التوصية البسيطة من نوعين من الشركاء، شركاء موصين، وشركاء متضامنين، ويقوم عبء إدارة الشركة على الشركاء المتضامنين، وهذه الشركة عبارة عن مضاربة مع شركة عنان اشترط فيها التضامن بين الشركاء، فالشركاء الموصون هم رب المال في المضاربة، والشركاء المتضامنون هم المضارب في مال الموصيين، وعمل المتضامنين في أموالهم يعتبر شركة عنان اشترط فيها التضامن (13) ، وبناء على هذا التكييف الفقهي الشركة التوصية البسيطة فإن الشركاء المتضامنين مسؤولون عن رأسمال الشركاء الموصين مسؤولية المضارب عن رأس مال المضاربة(14) .

أما الشركاء الموصين بصفتهم رب المال فإنهم غير مسؤولين عن أموال الشركة إلا بحدود حصتهم في رأس المال، ويرى الدكتور عبد العظيم شرف الدين أن شركة التوصية البسيطة تخالف الفقه الإسلامي من حيث إن العامل يضمن الخسارة التي تزيد على رأس المال فيقول:

لا يصح أن يكون حظ الشريك هو العمل فقط، وهذه الصورة هي صورة عقد المضاربة المتفق عليها لدى الفقهاء المسلمين، على أساس أن يكون المال من جانب والعمل من جانب آخر، مع ملاحظة الفرق بين النظامين حيث لا ضمان على العامل في الفقه الإسلامي في حين أن شركة التوصية البسيطة فيها إلزام الشريك العامل بالضمان في ذمته وفي جميع أمواله»(15) .

وحقيقة الأمر أن المضارب في الفقه الإسلامي يضمن الخسارة التي تزيد على رأس مال المضاربة إذا لم يأذن رب المال له بالاستدانة عليها، لأن الخسارة إذا زادت على رأس المال تعني أن المضارب قد استدان على رأس مال المضاربة، فيكون ضمانها عليه (16)، وبناء على ذلك يكون تضمين الشركاء المتضامنين للخسارة التي تزيد على رأس مال المضاربة متفقة مع أحكام الفقه الإسلامي في المضاربة؛ لأن الخسارة التي تزيد على حصة الشركاء الموصين في شركة التوصية البسيطة، إما أن تكون بسبب الاستدانة على المضاربة بدون إذن من الشركاء الموصين، لأن نص القانون بمسؤولية الشركاء الموصين عن ديون الشركة بحدود حصتهم في رأس مالها يتضمن شرطة ضمنيا بعدم جواز الاستدانة على المضاربة، وبهذا يكون الشركاء المتضامنون مسؤولين عن هذه الخسارة، وإما أن تكون هذه الخسارة خاصة بعملهم في أموالهم، وهم مسؤولون عنها أيضا.

 ج. شركة المحاصة:

إن الصورة الجائزة من صور شركة المحاصية هي الصورة التي تتفق مع أحكام المضاربة وهي الصورة التي يتفق الشركاء على أن تكون حصصهم في رأس مال الشركة شائعة بينهم ويصبح كل واحد من الشركاء مالكا لحصته على الشيوع، وتسلم هذه الحصص لأحدهم ثم يقتسمون الربح والخسارة(17)  .

وهذه الصورة من صور شركة المحاصة إنها هي- في تكييفها الفقهي إحدى صورتي شركة العنان عند الحنبلية(18) ، وهي في حقيقتها أيضا مضاربة اشترط فيها المضارب خلط مال المضاربة بال نفسه (19) ، وبناء على ذلك فإن مدير المحاصة يعتبر مسؤولا عن أموال الشركة مسؤولية المضارب عن رأس مال المضاربة.

د. شركة التوصية بالأسهم :

إن شركة التوصية بالأسهم كشركة التوصية البسيطة تتألف من نوعين من الشركاء هما: الشركاء المتضامنون يسألون في أموالهم الخاصة عن ديون الشركة والالتزامات المترتبة عليها، وشركاء مساهمون وتنحصر مسئوليتهم عن ديون الشركة بمقدار حصتهم في رأس مالها(20) ويتولى إدارة هذه الشركة شريك متضامن أو أكثر تحدد صلاحياتهم وواجباتهم في نظام الشركة، وتسري عليهم الأحكام المقررة لشركة التضامن.

أن من يدير شركة التضامن إنا يديرها بصفته وكيلا عن الشركاء المتضامنين (21) ، وكذلك يقال في هذه الشركة، وهذا يقتضي أن الأشخاص الذين يديرون شركة التوصية البسيطة مسؤولون على أموال الشركة مسؤولية الوكيل بالبيع والشراء، فإذا تجاوزوا حدود ما وكلوا به فإنهم يضمنون ما ينشأ عن ذلك من ضرر أو خسارة، وهم مسؤولون عن ارتكاب أي مخالفة لنظام الشركة أو قانون الشركات لأن وكالتهم بإدارة الشركة مقيدة بالالتزام بنظام الشركة وأحكام القانون. .

هـ. الشركة ذات المسؤولية المحدودة :

لقد نص قانون الشركات الأردني على وجوب أن يتولى إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة مدير أو هيئة مديرين، لا يقل عدد أعضائها عن اثنين، ولا يزيد على سبعة، وفق نص النظام الأساسي للشركة، لمدة لا تزيد على أربع سنوات (22) ، ولم يشترط قانون الشركات الأردني بأن يكون المدير أو هيئة المديرين من الشركاء، وهذا يعني أن المدير أو هيئة المديرين قد يكونون من الشركاء، وقد لا يكونون كذلك، فإذا كان مدير الشركة أو هيئة المديرين الذين يقومون بإدارة الشركة من غير الشركاء ويتقاضون نسبة معينة من الربح لقاء قيامهم بإدارة الشركة، فإن حكم المضارب يسري عليهم(23) ، وتكون مسؤوليتهم عن أموال الشركة، مسؤولية المضارب عن رأس مال المضاربة.

أما إذا قام بإدارة الشركة بعض الشركاء فتكون هذه الشركة عبارة عن مضاربة بين المساهمين بصفتهم رب المال ومن يقوم بإدارة الشركة بصفته مضاربة، فإذا كان الذي يدير الشركة شخصا واحدا فتكون مضاربة اشترط فيها المضارب خلط مال المضاربة بال نفسه، وتكون مسؤولية عن أموال الشركة مسؤولية المضارب عن رأس مال المضاربة، أما إذا كان يدير الشركة هيئة مديرين من المساهمين في الشركة فإن هذه الشركة تعتبر شركة عنان ومضاربة مجتمعين، وهي إحدى صورتي شركة المفاوضة عند الحنبلية(24) ويشترط فيها عندهم أن تكون حصة العاملين - هيئة المديرين - من الربح أكثر من حصص باقي الشركاء، وبناء على ذلك تكون مسؤولية هيئة المديرين عن أموال باقي المساهمين مسؤولية المضارب عن رأس مال المضاربة، ومسئوليتهم عن باقي أموال الشركة - أموالهم - مسؤولية الشريك في شركة العنان.

و. الشركة المساهمة العامة :

يتولى إدارة الشركة المساهمة العامة مجلس إدارة من المساهمين لا يقل عددهم عن ثلاثة أشخاص، ولا يزيد على ثلاثة عشر شخصا يتم انتخابهم من قبل الهيئة العامة للشركة - المساهمين - بالاقتراع السري لمدة أربع سنوات (25)، وينتخب مجلس الإدارة من بين أعضائه بالاقتراع السري رئيسا ونائبا له يقوم بمهاته عند غيابه(26) ، ويتقاضى رئيس وأعضاء مجلس الإدارة لقاء إدارتهم للشركة مكافأة بنسبة 10٪ من الربح الصافي القابل للتوزيع على المساهمين على أن لا تزيد حصتهم كل واحد منهم على خمسة آلاف دينار في السنة (27)

وبناء على تكييف الشيخ علي الخفيف لشركة المساهمة بأنها شركة تتألف من نوعين من الشركات هما شركة العنان وشركة المضاربة فإن هذا يقتضي أن يكون مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة عن أموال المساهمين هي مسؤولية المضارب عن مال المضاربة وتكون مسؤوليتهم عن باقي أموال الشركة مسؤولية الشركاء عن أموال الشركة في شركة العنان.

أما مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة بناء على تكييف الدكتور الخياط والدكتور الزحيلي لها فتكون مسؤولية الوكيل بالأجر.

ثانيا: المسؤولية الجزائية

إن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح العباد في العاجل والأجل معا(28) ، وهذه المصالح إما أن تكون من الضروريات (29)، أو الحاجيات (30) أو التحسينات(31) ، ومجموع الضروريات خمسة هي: حفظ الدين والنفس، والنسل، والمال، والعقل(32)  ، وقد سعت الشريعة الإسلامية لحفظها من جانب الوجود الجانب الإيجابي - بتحقيق ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها وحفظها من جانب العدم- الجانب السلبي - بدرء الاختلال الواقع أو المتوقع(33)  ، وقد اعتبرت الشريعة الإسلامية الاعتداء على هذه المصالح جريمة(34)  ورتبت لكل جريمة عقوبة تتناسب مع جسامتها.

وتأسيسا على ما سبق فإن الأعمال التي يقوم بها مدير عام الشركة، أو أعضاء مجلس إدارتها، من تدليس، أو غش، أو مخالفة لنظام الشركة، أو القانون، والتي تسببت بإفلاس الشركة وكذلك إهمالهم، أو تقصيرهم في إدارتها، يعتبر من منظور الفقه الإسلامي جريمة يستحقون عليها العقوبة، لأنها أفعال إيجابية أو سلبية- تشكل اعتداء على مقصد حفظ المال، الذي اعتبرته الشريعة الإسلامية من الضروريات الخمس، ولما كانت الجريمة  في الفقه الإسلامي - محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير(35)، وحيث إن عقوبات الحدود في الشريعة الإسلامية محصورة بجرائم محددة تشكل اعتداء صارخا على أحد الضروريات الخمسة، ليس منها الأفعال التي تؤدي إلى الإفلاس، فإن الأفعال - الإيجابية أو السلبية - التي تتسبب بالإفلاس تعتبر من الجرائم التي يعاقب عليها بالتعزير.

وقد أعطت الشريعة الإسلامية للإمام سلطة تقديرية في إيقاع العقوبات التعزيرية(36)، بحيث يراعي فلسفة الشريعة في التجريم والعقاب، وأن تكون العقوبة رادعة ومتناسبة مع الجريمة.

ولا يوجد ما يمنع ولي الأمر من تقسيم الجرائم إلى أقسام متعددة، ويضع لكل جريمة عقوبة رادعة، لها حد أعلى وحد أدنى، ويعطي للقاضي حق إيقاع العقوبة المناسبة للجريمة ولشخص الجاني(37).

وبناء على ما سبق فإن الشريعة الإسلامية تعتبر أعمال مدير عام الشركة، أو أعضاء مجلس إدارتها، التي يقومون بها وينشأ عنها إفلاس الشركة بسبب غشهم، أو تدليسهم، أو ارتكابهم مخالفات النظام الشركة، أو القانون، أو النظام العام، جريمة يستحقون عليها عقوبة تعزيرية تتناسب مع جسامة جريمتهم، وكذلك تعتبر الشريعة الإسلامية إهمالهم وتقصيرهم في إدارة الشركة جريمة يستحقون عليها عقوبة تعزيرية تتناسب مع جريمتهم

________________

1- المسؤولية المدنية: هي المسؤولية عن تعويض الضرر الناجم عن الإخلال بالتزام مقرر في ذمة المسؤول، فإذا كان مصدر الالتزام عقدة فتسمى مسؤولية عقدية، أما إذا كان مصدر الالتزام ناشئة عن غير عقد فتسمى مسؤولية تقصيرية انظر الدناصوري، عز الدين الدناصوري، وعبد الحميد الشواربي، المسؤولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء، نادي القضاة، القاهرة، ط 2، 1992ص11.

2- المسؤولية الجزائية ( الجنائية) هي مسؤولية تترتب عن الخطا الجرمي، الذي يمكن أن يتوافر عند الشخص المدرك لأعماله، والمختار في تصرفاته. انظر كرم، د. عبد الواحد كرم معجم مصطلحات الشريعة والقانون، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، ط 2، 1418 هـ -1998 ص 382.

3- انظر الكاساني، علاء الدين أبو بكر مسعود الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1406هـ - 1989. 6/101 ، داماد أفندي، عبد الرحمن بن محمد بن سليمان الكليبولي المدعو بشيخي زاده الحنفي، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1419هـ -1998. 4/446   الخرشي، أبو عبدالله محمد الخرشي، حاشية الحرشي، دار صادر، بيروت. 14- الدردير، أحمد الدردير، الشرح الصغير، مطبوع مع بلغة السالك، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415هـ -1995م 6/216 ، الشيرازي ، المهذب 1/310،211 المرتضي، أحمد بن يحيى بن المرتضي، البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1394 هـ - 1974 4/84، الخفيف، علي الخفيف، الشركات في الفقه الاسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 70، عبد المقصود، يوسف محمود عبد المقصود، أحكام الشركات في الفقه الإسلامي المقارن، دار الطباعة المحمدية ، القاهرة، ط1،1980 ص 79، دبو، ابراهيم فاضل يوسف دبو، عقد المضاربة، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1973، ص94، غير ان الحنبلية أجازوا لرب المال التصرف بال المضاربة مع المضارب، انظر البهوتي، منصور بن يونس البهوتي، كشاف القناع، دار الفكر، بيروت -1982،  3/513

4- انظر الكاساني، بدائع الصنائع 6/78 الحلبي، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي، ملتقى الأبحر، مطبوع مع مجمع الأنهر، دار الكتب

العلمية، بيروت ط1،   1993، 3/444 المرتضى، البحر الزخار /79، البغدادي، أبو محمد بن غانم بن محمد، مجمع الضمانات، المطبعة الخيرية، مصر، ط1، ص 303.

5- ابن عابدين، محمد أمين الشهير بابن عابدين، العقود الدرية تنقيح الفتاوي الحامدية، المطبعة الأميرية ببولاق مصر المحمية، مصر 2/76الشيرازي، المهذب 1/508  ابن قدامة ، المغني 5/ 192، البهوتي، كشاف القناع 3/ 522، الحلي، شرائع الإسلام 2/142 شرف الدين، عقد المضاربة ص 92 و 99.

6- انظر ابن رجب، أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي، القواعد، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت  (45)، ص65، الحلي، شرائع الإسلام 2/142 الخفيف، الضمان ص107، فيض الله، محمد فوزي فيض الله، نظرية الضان في الفقه الإسلامي العام، مكتبة دار التراث، ط1، 1983 ص 57، طموم، محمد طموم، المضاربة في الشريعة الإسلامية، مطبعة حسان، القاهرة، ط 2،1987م ص 142-143

7- انظر الحصكفي، محمد بن علي بن محمد الحصفي المعروف بالعلاء الحصكفي، الدر المختار شرح تنوير الأبصار، مطبوع مع رد المحتار، دار الفكر، بيروت، 1915-1990، 6/213-214  الحلبي، ملتقى الأبحر 4/339، الحصكفي، الدر المنتقى 4/449 المواق، أبو عبدالله محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري، الشهير بالمواقي، التاج والإكليل

المختصر خليل، مطبوع بهامش مواهب الجليل، دار الفكر، بيروت، ط 2، 1398-1978 المواق، أبو عبدالله محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري، الشهير بالمواقي، التاج والإكليل المختصر خليل، مطبوع بهامش مواهب الجليل، دار الفكر، بيروت، ط 2، 1398-1978 5/365 ، الخرشي حاشية الخرشي 6/213 ، البهوتي، كشاف القناع 3/ 508، ابن قدامة، موفق الدين أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة، المغني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1972، 5/ 186، المرداوي، الإنصاف 5/427  ؛ الطوسي، النهاية ص 428 ، المرتضى ، البحر الزخار 4/ 85، وانظر السياغي، الروض النضير 3/346 الشياخي، الإيضاح 7/12 اطفيش، محمد بن يوسف اطفيش، شرح النيل وشفاء الغليل، وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان  (10/1)326، المادة (625) من القانون المدني الأردني، والمادة (1422) من مجلة الأحكام العدلية.

8- لقد ذهب فقهاء الحنفية والحنبلية في رواية هي الصحيح من المذهب إلى جواز توقيت المضاربة انظر الكاساني، بدائع الصنائع 6/99 ، الحصكفي، الدر المختار 6/213-214 البغدادي، مجمع الضمانات ص305، داماد أفندي، مجمع الأنهر 4/ 449 ، حصكفي، الدر المنتقى 4/ 449 الحلبي، ملتقى الأبحر 4/449 ، الأتاسي، محمد خالد الأتاسي، شرح المجلة، حمص، 1930م - 13۶9 ه 2- باز، سليم رستم باز، شرح المجلة، دار إحياء التراث العربي، ط3، 4/ 357، ابن قدامة / المغني 5/430  ، المرداوي، الإنصاف 5/430

9- انظر المادة (624) من القانون المدني الأردني. والمادة (697) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي.

10- إن بيان التصرفات التي يجوز للمضارب القيام بها في المذاهب ليست موضوع بحثنا وللتوسع في الموضوع انظر ديو، عقد المضاربة ص 195-280 طموم، المضاربة ص 58-73.

11- انظر المادة (17) من قانون الشركات الأردني.

12- انظر الكاساني، بدائع الصنائع 6/27 ، الخطاب، مواهب الجليل 5/196 ، الشيرازي، المهذب 1/466  ، البهوتي، كشاف القناع 3/ 474 - 477.

13- انظر شرف الدين عبد العظيم شرف الدين، عقد المضاربة بين الشريعة والقانون، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ط1، 1974ص147 الخفيف، الشركات ص 94، الموسي، محمد بن إبراهيم الموسي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، السعودية، ط1،ص 301

14- انظر صفحة 286وما بعدها.

15- انظر شرف الدين، عقد المضاربة ص 151.

16-انظر الكاساني، بدائع الصنائع 6/90  المواق، التاج والإكليل5/366 ، الخرشي، حاشية الخرشي 6/216 الشيرازي المهذب 5071، الشربيني، مغني المحتاج 2/316 2 ، م ابن قدامة، المغني 5/ 158 ، أبو يحبي، محمد حسن أبو يحيى، الاستدانة في الفقه الإسلامي، مكتبة الرسالة الحديثة، عمان، ط1، 1990 - 1910 م.  ص 222- 223.

17-  انظر صفحة 30-31من نفس الكتاب .

18- انظر صفحة 25.

19- لقد أجاز جمهور الفقهاء للمضارب أن يخلط مال المضاربة بال نفسه وقيد بعضهم ذلك بأن يكون بإذن من رب المال. انظر دامادا أفندي، مجمع الأنهر 44/448  ، الحصكفي، الدر المختار 6/212 ابن رشد، بداية المجتهد 2/ 182، المواق، التاج والإكليل 5/361 ، الخرشي ، حاشية الخرشي 6/210 ، الحلي شرائع الإسلام 2/140

20-  انظر المادة (77) من قانون الشركات الأردني.

21- انظر صفحة 289.

22- انظر المادة (60) من قانون الشركات الأردني.

23- الخفيف، الشركات 98 ، المطيعي، تكملة المجموع 14/120

24- انظر صفحة 25, 

25 انظر المادة (132) من قانون الشركات الأردني.

26- انظر المادة (137) من قانون الشركات الأردني.

27- انظر المادة (162) من قانون الشركات الأردني.

28- انظر الشاطبي، الموافقات 2/4 الغزالي، شفاء العليل ص162 أبو زهرة ، أصول الفقه ص 277. 

29- الضروريات: هي المصالح التي يتوقف عليها وجود الناس في الدنيا، ونجاتهم في الآخرة، وإذا فقدت اختل نظام الحياة، ولم تجر الحياة على استقامة بل على فساد ونهارج وتدني في المستوى الإنساني. انظر الشاطبي، الموافقات 2/ 7، الدريني، فتحي الدريني، خصائص التشريع الإسلامي في السياسة والحكم، مؤسسة الرسالة،

بيروت، ط 2، 1987.  252

30- الحاجيات: هي المصالح التي يحتاجها الناس لتأمين شؤون حياتهم بيسر وسهولة، حتى إذا فقد بعضها وقع الناس في حرج وضيق شديد، ومشقة بالغة. انظر الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي، الموافقات في أصول الشريعة، دار الكتب العلمية، بيروت 2/9 2 ، الدريني، خصائص التشريع ص316

31- التحسينات: هي الأخذ بمكارم الأخلاق ومحاسن العادات، وتجنب ما يمسها من الأفعال والأحوال التي تأباها العقول الراجحة، انظر الشاطبي، الموافقات 2/9

32- انظر الشاطبي، الموافقات 2/ 8، الغزالي، المستصفي 1/287

33- انظر الشاطبي، الموافقات 2/7

34- انظر أبو زهرة، محمد أبو زهرة، الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي - الجريمة -، دار الفكر العربي، القاهرة ص22.

35- الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي، الأحكام السلطانية، ط1، 1909ص419، الفراء، الأحكام السلطانية ص257

36- انظر الزيلعي، فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، دار الكتاب الاسلامي، القاهرة، ط 2، 3/ 208، الشيرازي، المهذب 2/396  ، عودة، عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي، دار الكتاب العربي، بيروت ، 1/146

37- انظر أبو زهرة، الجريمة ص131، عودة، التشريع الجنائي 1/149




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






في السيرة النبوية قسم الشؤون الفكرية يدعو للاشتراك في مسابقة أفضل قصة قصيرة
أكثر من عشرة آلاف طالب يشاركون في الدورات القرآنية الصيفية ببغداد
في قضاء الهندية المجمع العلمي يحيي ولادة الإمام الرضا (عليه السلام) بمحفل قرآني
بعد إعلانه دعوة المشاركة مجمع العفاف النسوي يشهد إقبالًا واسعًا للمشاركة في معرضه التسويقي