المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



التعليم  
  
772   02:22 صباحاً   التاريخ: 15-12-2019
المؤلف : عمر الدسوقي
الكتاب أو المصدر : في الأدب الحديث
الجزء والصفحة : ص69-72 ج1
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الحديث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-03-2015 4600
التاريخ: 24-03-2015 1856
التاريخ: 24-03-2015 1898
التاريخ: 15-12-2019 722


استوى إسماعيل على أريكة مصر سنة 1863، وما بها إلّا مدرسة ابتدائية واحدة، ومدرسة حربية، وأخرى طبية, وثالثة للصيدلة، وأوقفت البعثات، واستغنى عن خدمات من عاد من رجالها، وكان إسماعيل ذا طموح، ترسَّم في نهضته إلى حدٍّ ما خطوات جده محمد علي، وأراد أن يرى مصر قطعةً من أوروبا في ظرف وجيز، فأعاد البعثات سيرتها الأولى, حتى بلغ عدد أعضائها في عصره اثنين وسبعين ومائة، فأعاد مدرسة البعثات بباريس؛ لأنه عرف فائدتها أيام أن كان طالبًا هناك.
وأخذت الحياة تدب إلى كل أنواع التعليم، فأعيدت المدراس العالية التي كانت على عهد محمد علي كالهندسة والطب، وزيد عليها مدرسة الحقوق، وكانت تسمى مدرسة: الإدراة والألسن, "بدلًا من مدرسة الإدارة القديمة".

(1/69)

وقد أسهمت مدرسة الحقوق في النهضة اللغوية والأدبية، فالمذكرات التي يعدها المحامون، ووكلاء النيابة، ولغة المرافعات والدفاع، والخطابة القانونية, قد تحسنت كثيرًا, وأدخلت في اللغة كلمات عديدة لم تكن مستعملةً من قبل.
وظلَّ رجال الحقوق والقانون يقودون مصر في ميدان السياسة حقبةً طويلةً من الزمن، ولكنَّهم وللأسف قد أثروا بعقليتهم الجدلية، وتربيتهم النظرية، وإصلاحاتهم القانونية اللفظية في حياة الأمة أثرًا بليغًا، وأبعدوها عن جادة الصواب، وألقوا بها في لجةِ الجدلِ والتناحر الحزبيِّ، والتشدق بالإصلاح, ونأوا بها عن الحياة العلمية المنتجة، وعلى هذا الموضوع ليس يعينا في كتابنا هذا، وإنما الذي يلفت أنظارنا هو نهضة الخطابة واللغة على يد من تَخَرَّجَ في هذه المدرسة, ولا سيما في عصرنا الحاضر.
ومن المدارس التي أنشئت في عهد إسماعيل، وكان لها أكبر الفضل في نهضة اللغة العربية والآداب, مدرسة دار العلوم, التي أشار بها علي مبارك، وافتتحها في سنة 1871, وقد رأينا ما كانت تعانيه مدارس محمد علي الحديثة من فقرٍ في الكتب المدرسية المنظمة, والمدرسين الأكفاء، الذين جمعوا بين العلم القديم والحديث، وعرفوا النظام، ونالوا حظًّا من طرق التربية, وأن ذلك الفقر التربويّ كان معوقًا لنهضة الآداب، بيد أن دار العلوم سدت هذا الفراغ، فقد كان طلبتها يُخْتَارون من متقدمي طلبة الأزهر ونابغيهم، وينشئون تنشئةً لغويةً وأدبيةً وشرعيةً, مع قسطٍ وفير من العلوم الحديثة، وطرق التربية.
ولقد أدت دار العلوم ورسالتها للأمة واللغة وللدين على الوجه الأكمل، فحفظت اللغة وصانتها، وقوتها وأيدت دعائمها، وأحيت مواتها، وجددت في أساليبها، ونفضت عن تراثها المجيد غبار القرون، وقدمته للناس رائعًا جذابًا، وعكف أبناؤها على تعليم النشء، وتقويم ألسنتهم, وتدريب أقلامهم، وتزويدهم بذخائر نفيسة من مختارات الشعر والنثر، وتقديم الكتب التي تنهج نهجًا علميًّا نفسيًّا يتمشى مع الطفل وملكاته وغرائزه، فكانت بحقٍّ خير ما أسدى علي مبارك من خدمات للغة العربية.

(1/70)

ولا تزال دار العلوم تقوم بنصيبها الوفير في نهضة التعليم واللغة، وتعتمد عليها جامعتا القاهرة والإسكندرية وعين شمس في دارسة الآداب والنصوص وقواعد اللغة، وما زال بنوها في الطليعة من الكُتَّابِ والمؤلفين, يجارون بتأليفهم تيار النهضة الحديثة، ويمشون مع الزمن خطوةً خطوةً، وقد تَخَرَّجَ على أيديهم زعماء النهضة في كل ميادين الحياة.
وفي عهد إسماعيل, أنشئت أول مدرسة للبنات، وذلك في سنة 1873, حيث أسست السيدة "جشم آفت هانم" ثالثة زوجات إسماعيل, مدرسة السيوفية، وكان بها حين افتتاحها مائتا تلميذة، وبلغ عددهن في السنة الثالثة أربعمائة تلميذة, يتعلمن بالمجان, فضلًا عن القيام بمأكلهن وملبسهن، وكنَّ يتعلمن القراءة والكتابة ويحفظن القرآن الكريم، ويدرسن الحساب والجغرافيا والتاريخ والتطريز والنسيج.
وقبل مدرسة السوفية كانت البلاد خُلُوًّا من مدرسةٍ للبنات, إلّا مدرسة للولادة، ولم يشغها إلّا البنات الحبشيات، واستنكف المصريات من دخولها، ومدرسة إنجليزية أسستها مس "وتلي" سنة 1806, وقد نجحت بعد عشر سنواتٍ من الجهاد, في جذب كثير من الفتيات المصريات إليها، وكذلك كان الجهل متخذًا من رؤوس فتيات مصر ونسائها أعشاشًا، إلّا مَنْ حرص أهلها على تعلميها في البيت، وقليل ما هن.
وقد خطا تعليم البنات منذ مدرسة السيوفية خطواتٍ واسعةٍ في مصر، وتعددت ألوانه ومدارسه، وزاحمت الفتاة الفتى في الجامعة، واقتحمت الكليات المستعصية، ولست هنا في مقام النقد، ومناقشة طريقة تعليم الفتيات ذلك التعليم النظريّ، ومنافسة البنين في كل شيء, ولكن مما لا شك فيه أن تعليم المرأة ونهوضها دعامة متينة في النهضة الاجتّماعية والأدبية، والأم المتعلمة تربأ بابنها أن يكون فريسة الجهل، وتسعى في جهدها أن تنيله حظًّا مهما كان يسيرًا من نور العلم.
وقد أنشأت الحكومة بجانب هذه المدارس كثيرًا من المدارس الصناعية

(1/71)

والخصوصية، كمدرسة المساحة والمحاسبة، ومدرسة الزراعة، ومدرسة العميان والبكم.
أما عن المدارس الابتدائية: فقد زاد عددها, بلغ أربعين مدرسة، وقد صار للأقباط زيادة على ذلك اثنتا عشرة مدرسة، وافتتحوا مدرستين لتعليم البنات، واحدة بالأزبكية والأخرى "بحارة السقايين" وقد وهبهم إسماعيل ألفًا وخمسمائة فدان, ينفق ريعها على مدارسهم.
وأنشأ الحكومة كذلك عدة مدارس ثانوية؛ منها مدرسة رأس التين في سنة 1862, والمدرسة الخديوية سنة 1868، وأعادت ديوان المدارس، وهو نواة وزارة التربية والتعليم, بعد أن ألغاه سعيد، ليشرف على التعليم ويرعاه، ويدخل على نظمه وأساليبه التحسينات التي تساير الحياة.
ومن الوسائل التي ساعدت على النهضة الأدبية والعلمية في عصر إسماعيل دار الكتب، وناهيك بما لها من أثر في نشر العلم وتحبيب الاطلاع وتسهيله، ومعاونة المؤلفين والباحثين, ومساعدة الناشرين والطابعين على استنساخ نفائس الكتب وإشاعتها بين الناس.
لقد كانت الكتب قبل ذلك مبعثرةً في المساجد, يتولى أمرها خدمٌ لا يقدرونها قدرها؛ ففرطوا فيها، وتسرَّب كثير من كنوزها الأدبية والعلمية إلى مكاتب أوربا، وأهين كثير من الكتب القديمة باستعمالها في دكاكين البدالين وغيرهم.
همَّت الحكومة بتأسيس دار الكتب؛ فجمعت هذه الكنوز المبعثرة في المساجد والتكايا والزوايا والأضرحة وغيرها, وضمت إليها ألفي كتابٍ اشترتها من مكتبة المرحوم حسن "باشا" المانسترلي، ولما مات شقيق الخديو إسماعيل, الأمير مصطفى فاضل، وكان من أكبر هواة الكتب في الشرق، ابتاعت الحكومة من مكتبته ما يربى على ثلاثة آلاف كتاب، وضمتها إلى دار الكتب، فكان ذلك نواةً لهذه المؤسسة العظيمة، التي أخذت بعد ذلك تنمو وتزداد, وتجلب لها الكتب من الشرق والغرب، وتضم إليها المكتبات الكبيرة, مثل مكتبة المرحوم أحمد تيمور وغيرها.
وقد ضم القسم الأدبيّ الذي كان يشرف على إحياء الكتب القديمة بمطبعة بولاق إلى دار الكتب، وعكف منذ سنين على تصحيح وإخراج أمهات الكتب الأدبية من أمثال: الأغاني، ونهاية الأرب، والنجوم الزاهرة، ... وغيرها.
(1/72)

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.