مناظرة الشيخ المفيد مع رجل من أصحاب الحديث في آية التطهير ونزولها في أهل البيت (عليهم السلام) |
743
12:53 صباحاً
التاريخ: 23-11-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-11-2019
2422
التاريخ: 23-11-2019
744
التاريخ: 23-11-2019
472
التاريخ: 22-11-2019
637
|
قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): ومن كلام الشيخ - أدام الله عزه -: قال له رجل من أصحاب الحديث ممن يذهب إلى مذهب الكرابيسي: ما رأيت أجسر من الشيعة فيما يدعونه من المحال، وذلك أنهم زعموا أن قول الله سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) مع ما في ظاهر الآية من أنها نزلت في أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك أنك إذا تأملت الآية من أولها إلى آخرها وجدتها منتظمة لذكر الأزواج خاصة، ولم نجد لمن ادعوها له ذكرا.
فقال الشيخ - أيده الله - له: أجسر الناس على ارتكاب الباطل وأبهتهم وأشدهم إنكارا للحق وأجهلهم من قام مقامك في هذا الاحتجاج ودفع ما عليه الإجماع والاتفاق، وذلك أنه لا خلاف بين الأمة أن الآية من القرآن قد يأتي أولها في شيء وآخرها في غيره، ووسطها في معنى وأولها في سواه، وليس طريق الاتفاق في معنى إحاطة وصف الكلام بالآية وقد نقل المخالف (1) والموافق أن هذه الآية نزلت في بيت أم سلمة - رضي الله تعالى عنها - ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في البيت ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وقد جللهم بعباءة خيبرية وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأنزل الله عز وجل: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] فتلاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت أم سلمة - رضي الله عنها -: يا رسول الله، ألست من أهل بيتك؟ فقال لها: إنك إلى خير، ولم يقل إنك من أهل بيتي.
حتى روى أصحاب الحديث أن عمر سئل عن هذه الآية فقال: سلوا عنها عائشة، فقالت عائشة: إنها نزلت في بيت أختي أم سلمة فاسألوها عنها فإنها أعلم بها مني، فلم يختلف أصحاب الحديث من الناصبة ولا أصحاب الحديث من الشيعة في خصوصها فيمن عددناه، وحمل القرآن في التأويل على ما جاء به الأثر أولى من حمله على الظن والترجيم، مع أن الله سبحانه قد دل على صحة ذلك بمتضمن الآية حيث يقو جل وعلا: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وإذهاب الرجس لا يكون إلا بالعصمة من الذنوب لأن الذنوب من أرجس الرجس، والخبر عن الإرادة هنا إنما هو خبر عن وقوع الفعل خاصة دون الإرادة التي يكون بها لفظ الأمر لا سيما على ما أذهب إليه في وصف القديم بالإرادة، وأفرق بين الخبر عن الإرادة هاهنا والخبر عن الإرادة في قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النساء: 26] وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [البقرة: 185] إذ لو جرت مجرى واحدا لم يكن لتخصيص أهل البيت بها معنى، إذ الإرادة التي يقتضي الخبر والبيان يعم الخلق كلهم على وجهها في التفسير ومعناها فلما خص الله أهل البيت (عليهم السلام) بإرادة إذهاب الرجس عنهم دل على ما وصفناه من وقوع إذهابه عنهم وذلك موجب للعصمة على ما ذكرناه.
وفي الاتفاق على ارتفاع العصمة عن الأزواج دليل على بطلان مقال من زعم أنها فيهن، مع أن من عرف شيئا من اللسان وأصله لا يرتكب هذا القول ولا توهم صحته وذلك أنه لا خلاف بين أهل العربية أن جمع المذكر بالميم وجمع المؤنث بالنون وأن الفصل بينهما بهاتين العلامتين، ولا يجوز في لغة القوم وضع علامة المؤنث على المذكر ولا وضع علامة المذكر على المؤنث ولا استعملوا ذلك في حقيقة ولا مجاز، ولما وجدنا الله سبحانه قد بدأ في هذه الآية بخطاب النساء فأورد علامة جمعهن من النون في خطابهن فقال: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } [الأحزاب: 32] إلى قوله: {وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } [الأحزاب: 33] ثم عدل بالكلام عنهن بعد هذا الفصل إلى جمع المذكر فقال: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* فلما جاء بالميم وأسقط النون علمنا أنه لم يتوجه هذا القول إلى المذكور الأول بما بيناه من أصل العربية وحقيقتها ثم رجع بعد ذلك إلى الأزواج، فقال: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } [الأحزاب: 34] فدل ذلك على إفراد من ذكرناه من آل محمد (عليهم السلام) بما علقه عليهم من حكم الطهارة الموجبة للعصمة وجليل الفضيلة، وليس يمكنكم معشر المخالفين أن تدعوا أنه كان في الأزواج مذكورا رجل غير النساء وذكر ليس برجل فيصح التعلق منكم بتغليب المذكر على المؤنث إذا كان في الجمع ذكر، وإذا لم يمكن ادعاء ذلك وبطل أن يتوجه إلى الأزواج فلا غير لهن توجهت إليه إلا من ذكرناه فمن جاء فيه الأثر على ما بيناه (2).
____________________
(1) وقد تقدمت تخريجات نزول الآية فيهم (عليهم السلام) من كتب الجمهور.
(2) الفصول المختارة للمفيد: ص 29 - 31.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|