التجاريين (المركنتاليين) في الاطار النظري للتطبيق 

مارست المرحلة التجارية اعمالها مع بداية ضعف الكنيسة والاقطاع ونشوء الدولة بمعناها الحديث ، ونظمة الدولة والكنيسة امورهم والذي تمخض عنه ان تنشغل الكنيسة في الامور الروحية وعلاقة الانسان بالباري عزوجل وتستقل الدولة بامور الدنيا وبهذا انتهت سيطرة الكنيسة ولكن لم يكن هذا الامر سهلاً ولم يتم من دون حروب ودون اراقة دماء وانما استمرت الحروب والتمرد بين الكنيسة والاقطاع من جهة وبين الافراد المتطلعين الى ماهو حديث من الجيل الناشئ والذين يشعرون بعدم صلاحية الكنيسة وحكمها لأنها لا تؤمن بالاكتشافات والتطور الحديث وعملت المشانق وقتلت المكتشفين والمخترعين ولم تستطع مواكبة التطور الحديث لانه يضر بمصالحها .

وعلى اثرها حصل انشقاق بين رجال الكنيسة الانكليز وانشق البروتستانت على الكاثوليك ويعد البروتستانت هم الاكثر تجاوباً مع الافكار التجارية فأيدوا التجاريين على تكوين دولة وباركوا مبدأ الاقتصاد في النفقات وعدم الاسراف في الموارد الذي كان يمارس من قبل السلطة المذهبية للكنيسة الكاثوليكية والاستثمار وتنمية الاموال ، وهي تعكس الافكار الرأسمالية الجديدة وكذلك تضمنت بعض المفاهيم الانسانية واستبعاد حق الملوك الالهي ، وقد كان هذا الامر سبب محفز للتغيير لان البروتستانت المسيحيين تركوا الكثير من الاراضي والاموال التي استغلها الجيل الناشئ للقيام بالنشاطات الاقتصادية وبتشجيع الدولة القومية ، وبدأت الدولة الحديثة تنشأ سلطة ادارية مختارة من الحكومة المركزية المتمثلة بالملك وحاشيته للقيام بالمهام التي يجب على الدولة القيام بها مثل مهمة الدفاع عن أمن البلد ، ومهام العاملين في الدولة (موظفي الدولة) وحكم بلاد قومية لها حدود دولية مع دول الجوار وهو المهمة الاولى من مهام بناء الدولة ، وانتهت مرحلة ارتباط المجتمع المسيحي بالكنيسة والاقطاع ومن كافة البلدان الاوربية واخذ كل بلد صفته لتكوين الدولة القومية التي تبنت وفق مصالحها طريقة معينة للتنمية والتطور وتختلف من بلد لآخر بهذا الشأن ، كما وان صفة الولاء اختلفت فبدلاً من ان يكون للكنيسة مكانة روحية والاقطاع في مركز النشاط الريفي صار الآن الولاء للدولة والوطن ضمن حدودها والسيادة للملك الذي يحكمها وكما ورد في بداية الفصل .   

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

سوزي عدلي ناشد ، محاضرات في الاقتصاد السياسي، مصدر سابق ، ص92 .