حضارة مصر القديمة

أن تاريخ مصر القديم يمتد من قيام الدولة المصرية القديمة 3200 ق.م، وخلال هذه المدة الطويلة تمكن المصريون القدماء من تأسيس حضارة راقية لا تزال بعض آثارها قائمة ليومنا هذا، تشهد على مدى الرقي والعظمة التي حققها الشعب المصري، ومن أهم العوامل التي ساعدت على قيام الحضارة:

أ- الموقع الجغ ا رفي المناسب.

ب- اعتدال المناخ.

ج- أهمية نهر النيل، ووفرة الصخور والمعادن.

نظام الحكم والإدارة والجيش: -

كانت مصر في فوضى واضطراب نتيجة التنافس والحروب وتعدد الآلهة، ثم أخذت الوحدة السياسية تتحقق شيئا فشيئا، فتطور نظام الحكم فيها حتى وصل مرتبة راقية. ويعتمد نظام الحكم على أسس ثلاثة:

أ- فرعون:

 تحتل شخصية فرعون المكانة الأولى في مصر، فهو رئيس الدولة والكاهن الأكبر، ورئيس القضاة، ورئيس بيت المال، ورئيس الجيش( القائد العام للجيش المصري)، وكان القسم الأكبر في الدولة ب(حياة فرعون) "بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون" قرآن كريم.

وهذا يعني بان الفراعنة هم الرؤساء الفعليون للدولة، لاسيما العظماء منهم الذين كانوا يقومون بجولات تفتيشية من حين إلى آخر، هذا علاوة على التقارير التي كان يرسلها الولاة وكبار الموظفين من مختلف الولايات بانتظام.

ب الوزير:

 ونظرا لكثرة أعمال فرعون اتخذ بعض المساعدين وعلى أ رسهم الوكيل (رئيس الوزراء) الذي كان يقوم في معظم الأحيان بجولات تفتيشية في الولايات، بل كثيرا ما وجهت إليه التقارير باستثناء الخاصة منها التي كانت توجه مباشرة لفرعون، لكن ضعف بعض الفراعنة ساعد بعض الوزراء على الاستبداد والاستيلاء على مقاليد الحكم.

ويأتي في الدرجة الثانية بعد رئيس الوزراء كبير أمناء الخزينة (وزير المالية) ومهمته الإشراف على أملاك المعابد والزراعة والضرائب والتجارة...الخ.

ج حكام الأقاليم:

 أما في الولايات (وعددها عشرون ولاية في الغالب) فكان على كل منها وال يساعده عدة موظفين، وهو صورة مصغرة لفرعون، وكثيرا ما أصبح الواحد منهم أميرا مستقلا بولايته، ولربما تمكن أحد الأمراء من التمرد على السلطة أو القيام بالثورة والاستيلاء على الحكم، وتنتهي إليه الفرعنة متى تزوج بالوريثة الشرعية.

أما من الناحية القضائية فكانت هناك محاكم تعتمد في الغالب على الأحكام العرفية، فعقوبة الخيانة العظمى هي الإعدام، إلا إذا شفع في الشخص فرعون. أما الجرائم الصغيرة فعقوبتها تختلف بحسب أهميتها وأقل عقوبة هي الضرب.

د- الجيش:

فهو على ثلاثة أنواع رئيسية هي: -

*أتباع فروعن (الحرس الملكي) وواجبهم حراسة القصر الفرعوني والقلاع أثناء السلم، ويجند معظمهم أثناء الحرب.

*جنود الأمراء أو جيش المقاطعات ويترأسهم الوالي أو أحد الأشراف أثناء الحرب تحت رئاسة فرعون أو أحد القادة المشهورين الذي يقع عليه الاختيار أو صاحب بيت السلاح (وزير الدفاع)، أما في حالة السلم فيقومون بالأعمال المدنية في مقاطعاتهم، وكثيرا ما يحارب المرتزقة بجانب الجيش.

*البحرية: يحتل الموقع المصري المطل على البحرين الأبيض والأحمر أن يكون لها أسطول بحري قوي، يترأسه أثناء الحرب أحد الأشراف الماهرين بينما يترأس الجيش كله فرعون أو نائب عنه، وكثيرا ما تمنح الأوسمة للجيش عند انتصاره تشجيعا له، وأكثر من هذا تقام على شرفه حفلة عند معبد الإله "آمون" تقدم خلالها الهدايا للإله اعترافا بفصله ونصرته لهم.

2- الحياة الثقافية والفنية:

أ- الكتابة: تعتبر اللغة المصرية القديمة ذات صلة وثيقة باللغات السامية والحامية، وأقدم نص مكتوب لمصر بعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد، وهو الخط الهيروغليفي الذي لا يعدو عن كونه علامات تطورت بتطور الفكر القديم. وقد استمرت كتابة المصريين الهيروغليفية مجهولة بعدئذ إلى أن كشف شامبيليون رموز وطلاسم حجر رشيد إبان الحملة الفرنسية على مصر.

ب التعليم: وكان محصورا في الطبقة الممتازة، أي العائلة المالكة والنبلاء والكهان والموظفين، لأن العادة تقضي أن يرث الابن أباه في الوظيفة، وكان الأطفال يتعلمون في الفترة الصباحية فقط، يتلقون خلالها القراءة والكتابة والحساب وغيرها من العلوم الأخرى كالأخلاق التي تعتمد على الأمثال والحكم(كن محبا لأمك دائما، وكن عطوفا عليها لأن الله يغضب إن لم تمنحها الحب. حين يلقى الشباب المسنين يفسحون لهم الطريق ويقفون جانبا، وحين يتقرب المسنون يقومون من مقاعدهم)، واهتم المصريون بمختلف المجالات الأدبية التي تمثل حياتهم اليومية ومجتمعهم ومعتقداتهم، وقد تقدمت العلوم المصرية تقدما محسوسا، فمن ذلك أنهم عرفوا السنة الشمسية، وقسموا السنة ( 365 يوما( إلى 12 شهرا، والشهر إلى30 يوم) والشهر إلى ثلاثة أقسام (10*3= 30) كما اخترعوا الساعة المائية، اخترعها (سن لروي) كما عرفوا الطب، وفن التحنيط، وكانوا يعالجون مرضاهم بالسحر والنباتات الطبيعية ومنهم انتقل الطب إلى الإغريق.

ج العم ا رن: أما العمران، وفن النحت، فقد قطعوا فيه شوطا عظيما، تمثل ذلك في صنع التماثيل الجميلة (بعض التماثيل)، وأكثر من ذلك الأهرامات العظمى وأقدم هرم هو الهرم المدرج بسقارة للملك "زوسر" فهرم "سنفرو" أحد ملوك الأسرة الثالثة، المعروف بهرم ميدوم، أفخم أهرامات مصر كلها، وفي عهد الأسرة الخامسة شيدت مجموعة من الأهرامات، والهرم يحيطه غالبا سور خارجي لمعبد كبير أو عدة معابد.

واذا اشتهر المصريون بالفن المعماري فإنهم اشتهروا كذلك بفن النحت، من ذلك " رأس نفرتيتي" من الأسرة الرابعة، ولوحة شريكين في الحياة من الأسرة 18، وغيرها من الألواح والتماثيل العديدة.

3- الحياة الاجتماعية:

كان المجتمع المصري القديم مجتمعا طبقيا يتكون من طبقتين رئيسيتين" طبقة الملوك والنبلاء والكهنة، وهي الطبقة الممتازة، أما الطبقة الثانية فهي طبقة الفلاحين الذين يكونون الأغلبية الساحقة من سكان مصر، وكان هؤلاء مرتبطين بالأرض التي يعملون فيها، وكانت مطالبهم بسيطة في المأكل والملبس والمسكن معا. "زوجان من الأسرة" وكان الفلاح يعمل في مواسم الزرع بجد وكدح، وفي أيام الفيضانات تنتفع به الحكومة في أعمال البناء، وفي المحاجر والمناجم، وهكذا يظل الفلاح في عمل مستمر بعيدا عن الراحة والكسل، بعكس الأعيان الذين يتمتعون بالرفاهية على أنواعها.

كانت أعياد المصريين كثيرة ومتنوعة، منها:

أعياد رأس السنة، والربيع، والحصاد، والبذر، وهناك أعياد دينية كمواكب آمون، وتتويج الملوك، وغيرها...

وكان الفلاحون شديدي الحرص على المساهمة في هذه الأعياد، كما عرفوا بحبهم للموسيقى واقبالهم عليها.

أما المرأة فكانت تتمتع بمركز اجتماعي مهم، من ذلك: حصر وراثة الملك فيها.

4- الحياة الاقتصادية:

أ- الزراعة: ابتدأت الزراعة في مصر بالفأس الخشبي الذي تطور إلى المحراث وتبدأ عملية الحرث بعد توقف الفيضان مباشرة، ويعقب الحرث بذر البذور، ثم تطأ الحيوانات البذور لتدخلها في الطمي اللين. ومع مرور السنين تطورت الزراعة وأدخلت زراعة عدة غلل، وحفرت الترع والجداول للري، حتى غدت المنتوجات الزراعية تكفي حاجة السكان وتفوق، وكان المزارع يهتم إلى جانب الزراعة بتربية الحيوانات والطيور الداجنة.

ب الصناعة: وكانت لها ورش خاصة منتشرة في كافة القطر، وكانت تستعمل المعادن والرخام والحجر أحيانا بجانب الخشب. وتشمل الصناعة الأدوات المنزلية على اختلافها، وأدوات البناء والزراعة، وصناعة السفن، والآلات الطبية، وهي وان كانت بدائية إلا أنها في عهدها كانت تعتبر رائعة ومتقدمة.

ج التجارة: ساعد وادي النيل وموقع مصر الجغرافي، وازدهار الصناعة على ترويج التجارة الداخلية والخارجية، وأعظم عصور التجارة المزدهرة هي (عصر الأسرة 12)، إذ بلغت في عهدها التجارة إلى البحر الأسود شمالا ومالطة في البحر الأبيض المتوسط، وكانت التجارة نشيطة بصورة خاصة بين النيل ووادي الرافدين وفي عهد الاحتلال الأجنبي انحطت التجارة المصرية، وارتبطت بتجارة الدولة المستعمرة، وكان لرواج التجارة قبل الاحتلال أثر عظيم في زيادة الدخل الوطني وتمتين العلاقات وتبادل الهدايا بين الدول الأجنبية ومصر الفرعونية.

5 الحياة الدينية: -

كان المصريون يعتقدون بمبدأ "الحساب والعقاب"، ويؤمنون بالعالم الآخر، الأمر الذي أدى به إلى تكريس أعمالهم في إنشاء المقابر المزودة بكل ما يحتاجه الإنسان في حياته الثانية، والأهرامات والمعابد المتنوعة، والتي كانت مدار نشاطهم الاجتماعي والسياسي، ومن هنا يتضح لنا مدى تغلغل العقيدة الدينية في نفوس المصريين ولذلك تمتع الكهان بمكانة عظيمة، ومن أشهر آلهتهم "رع" إله الشمس، وهو خاص بالعائلة المالكة، لذلك عد أعظم الآلهة وملك الملوك. والآلهة (ياست) " رأس القطة" وهي من أعظم الآلهة الشعبية المحبوبة. والإله "أوزيس" وهو إله متجسد وحاكم الأرواح، وقد حاول "اخناتون: القضاء على تعدد الآلهة الوثنية، لكنها استمرت إلى أن اعتنق الشعب المصري الإسلام.

الخلاصة

أ- حقق المصريون حضارة لا تزال بعض آثارها تشهد على مدى رقيهم، فقد اخترعوا الخط الهيروغليفي، والساعة، والأدوية، وعرفوا فن التحنيط وشيدوا الأهرامات، وطوروا الزراعة والصناعة، وربحوا من التجارة كثيرا، وتأثرت حضارتهم بالعقيدة الدينية.

ب- كان فرعون رئيس الدولة، ويساعده في الإدارة رئيس الوزراء الوكيل ووزير الدفاع، ووزير المالية، والولاة في كل ولاية. أما الجيش فيترأسه عادة فرعون وينوب عنه وزير الدفاع

أو أحد النبلاء المشهورين.

ج- كان الرجل المصري يقوم بالأعمال الشاقة والحروب، أما المراة فتقوم بالأعمال المنزلية  غالبا.