أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-03-2015
6718
التاريخ: 27-02-2015
8848
التاريخ: 12-08-2015
1660
التاريخ: 27-03-2015
2478
|
هو ابو عبد الرحمن الخليل بن احمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الازدي البصري سيد الادباء في علمه وزهده(1) ، ولد سنة 100هـ ، ولم يسم احد بأحمد بعد رسول الله (ص) قبل والد الخليل ،وكان الخليل ذكيا فطنا ، واخذ عن ابي عمرو بن العلاء وعيس بن عمر ، ورى عن ايوب وعاصم الاحول.
اكب على دراسة العلوم العربية والعلوم المنقولة اليها كالرياضيات والمنطق والموسيقى، وقرأ كل ما ترجمة صديقة ابن المقفع.
وبما حباه الله من ذهن وقاد مبدع ، ولكثرة ما اطلع عليه من علوم تحصلت له ثقافة
واسعة منوعة مكنته من ان يبدع اكثر من علم ويبرز فيه، فهو الذي وضع العروض ورسم دوائر ببحورها وتفصيلاتها ومصطلحاتها ، وهو واضع اول معجم لغوي ذلك هو العين الذي الفه على اساس تقليب الكلمة بان تتبادل الحروف مواضعها ، وقسم الحروف على مخارجها من اقصى الحلق الى الشفتين بادئا بالعين.
ومثلما كان قمة في العلم كان قمة في الزهد والورع، قالوا فيه(أكلت الدنيا بعلم الخليل بن أحمد وكتبه وهو في خص لا يشعر به).(2)
ص63
وكان سفيان الثوري يقول: من احب ان ينظر الى رجل خلق من ذهب والمسك فلينظر الى الخليل بن احمد، ويروي عن النضر بن شميل انه قال : كنا نمثل بين ابن عون والخليل بن احمد ايهما تقدم في الزهد والعبادة ، فلا ندري ايهما تقدم، كان يحج سنه ويغزو سنة ، وكان من الزهاد المنقطعين الى الله تعالى ، وكان يقول ان لم تكن هذه الطائفة اولياء الله تعالى فليس لله ولي.
اخذ عنه صاحب الكتاب الاصمعي والنضر بن شميل وابو فيد مؤرخ السدوسي وعلي بن نصر الجهضمي.
وللخليل من التصانيف كتاب الايقاع وكتاب الجمل وكتاب الشواهد و كتاب العروض، وكتاب العين، وكتاب فائت العين ، وكتاب النغم ، وكتاب النقط والشكل.
جهوده العلمية ومنهجه:
اما جهود الخليل النحوية والصرفية لا تقل شأنا ولا اهمية عن الجهود التي قدمها في مجال اللغة والعروض والموسيقى، وربما زادت عليها ، وعلى الرغم من انه لم يؤلف في النحو والصرف كتابا كبيرا يستوعب تفصيلات هذين العلمين نجده قد ترك ثروة نحوية وصرفية كبيرة في كتاب سيبويه ، ومن يقرا الكتاب يجد علم الخليل في صفحة غزيرا طافحا.
لقد سبق الخليل بنحويين مشهورين كعبد الله بن ابي اسحاق، وعيسى بن عمر، وابي عمرو بن العلاء ، وسبقت الاشارة الى ان عيسى بن عمر ترك كتبا نحوية، غير انها لم تصل الى احد ، ولم يبق منها سوى الاسم، وكل ما بقي من جهود اولئك النحويين لا يتعدى مجموعة اراء منسوبة اليهم، مبثوثة في كتب النحو والتصريف، الا ان الذي قعد ونظم ، وبني واشاد ،ووضع معظم المصطلحات هو الخليل في كتاب سيبويه ، يقول الدكتور شوقي ضيف: (حقا سبقت الخليل في النحو والتصريف خطوات مهمة، وخاصة عند ابن ابي اسحاق وعيسى بن عمر،
ص64
ولكن من الحق ايضا انه هو الذي رفع قواعدها واركانهما وشاد صرحهما وبناءهما الضخم ، بما رسم من مصطلحاتها وضبط من قواعدهما وبما شعب من فروعهما....
ونستطيع ان نقول في اجمال ان جمهور ما يصوره سيبويه في كتابه من اصول النحو والتعريف وقواعدهما انما هو من وضع استاذه ، ولا ينكر احد ما لسيبويه من اكمال في العلمين وتتميم ، ولكن المهم ان من واضع تخطيطهما وراسم لوحتيهما انما هو الخليل).(3)
ويوضح الدكتور ضيف اسهام الخليل الجلي في وضع اصول النحو والتصريف واشادة قواعدهما بما تضمنته المحاورات والمساءلات الكثيرة في الكتاب من الابواب والمصطلحات نحو المبتدأ والخبر ، وكان وان واخواتها والافعال اللازمة والمتعدية الى مفعول واحد او اكثر، والمفاعل والحال والتمييز والتوابع والممنوع من الصرف.
والمعرب والمبني ومصطلحات الاعراب من رفع ونصب وجر وجزم ومصطلحات البناء : الضم والفتح واكسر والوقف.
وهو الذي قسم الكلمات على قسمين : المجرد والمزيدة ورأى ان المجردة لا تزيد على خمسة ولا تقل عن ثلاثة ، ووضع الميزان الصرفي ، الى غير ذلك من الابواب والمصطلحات.(4)
اما منهجه في دراسة النحو فيقوم على السماع والقياس والتعليل ، والمقصود بالسماع الاحتجاج بكلام عربي موثق بفصاحته، واول ما يحتج به في هذا الصدد هو القران الكريم ، والخليل واحد من قرائه، ثم كلام العرب الفصحاء وفي سبيل الوقوف على اسرار العربية رحل الى مواطن الفصاحة لسماع الفصاحة وتدوين ما سمع ، وهذا ما اكده الكسائي والكوفي الذي خرج من بلده قاصدا البصرة للأخذ عن علمائها: (فلقي الخليل وجلس في حلقته، فقال له رجل من الاعراب : تركت
ص65
اسد الكوفة وتميمها وعندها الفصاحة وجئت الى البصرة ، فقال للخليل : من اين اخذت علمك فقال : من بوادي الحجاز ونجد وتهامة).(5)
ومن الاسئلة الكثيرة التي وجهها اليه صاحب الكتاب بقوله: وسألت الخليل وسألته....الخ، والتي يرمي من ورائها الى تثبيت قاعدة او حكم اعرابي، ومن اجابات الخليل عنها مؤيد بفيض من الشواهد الشعرية والنثرية يتبين مقدار ما سمع من العرب وراءه وسجله عنهم ، فهو لا يجيب عن السؤال من دون ان يكون الجواب معززا بالشواهد الشعرية ، ونضرب لذلك مثلين:
الاول :قال صاحب الكتاب :
(وسالت الخليل عن قوله عز وجل(فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)).
فقال :هذا كقول زهير:
بدالي اني لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئا اذا كان جائيا
فنما جروا هذا ،لان الاول قد يدخله الباء ، فجاؤوا بالثاني وكأنهم قد اثبتوا في الاول الباء ، فكذلك هذا لما كان الفعل الذي قبله قد يكون جزما ولا فاء فيه تكلموا بالثاني، وكأنهم قد جزموا قبله ، فعلى هذا توهموا هذا ....).(6)
لقد احتج لصحة القراء ة بشعر زهير ، ففي الآية الكريمة عطف(أكن)المضارع المجزوم على(أصدق)المضارع المنصوب، وهو يشبه ما ورد في البيت الشاهد حيث عطف(سابق)المجرور على (مدرك)المنصوب، وانما جروا(سابق)الان الاول اي المعطوف عليه (مدرك)قد يدخله الباء كأنه في الاصل: لست بمدرك ما مضى .
فجاؤوا بالثاني(سابق)وكأنهم قد اثبتوا في الاول الباء فكذلك (وأكن)انما جزم توهم انهم جزموا ما قبله، وهذا ما سماه النحويون : العطف على التوهم.
ص66
واما المثال الثاني: ففي قول صاحب الكتاب:
(وسألت الخليل عن قوله جل ذكره: (حتى اذا جاؤوا وفتحت ابوابها ) اين جوابها؟ وعن قوله جل وعلا ( ولو يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب)ولو ترى اذ وقفوا على النار) فقال:
ان العرب قد تترك في نثل هذا الخبر الجواب في كلامهم ، لعلم المخبر لاي شيء وضع هذا الكلام.
وزعم انه قد وجد في اشعار العرب (رب)لا جواب لها ، من ذلك قول الشماخ:
وذويةٍ قفر تمشي نعامها كمشي النصارى في خفاف الارندج
وهذه القصيدة التي فيها هذا البيت لم يجيء فيها جواب لرب، لعلم المخاطب انه يريد: قطعتها، وما فيه هذا المعنى.(7)
واما قياسه وتعليلاته فنأخذه لها أمثلة يسيرة تشيره الى قدرته الفائقة وعقلية النافذة القادرة الى استنباط القواعد والعلل ، فقد وصف بانه: (كان الغابة في تصحيح القياس واستخراج مسائل النحو وتعليله وكان ذكيا فطنا شاعرا، واستنبط من العروض ومن علل النحو مالم يتنبط احد ، وما لم يسبق الى مثله سابق.(8)
وفالى قياس الخليل يعود ما نردده الى اليوم من اعراب ان واخواتها فهذا الحروف مقيسة على الفعل المتعدي الى واحد ، فالفعل يرفع الفاعل وينصب المفعول به وتلك الحروف كذلك الا ان المصوب فيها مقدم على المرفوع ،قال صاحب الكتاب في (باب الحروف الخمسة التي تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده)..
ص67
ولك كقولك :ان زيد منطلق وان عمر مسافر وان زيد اخوك ، كذلك اخواتها.
وزعم الخليل انها عمات عملين: الرفع النصب، كما عملت كان الرفع والنصب حين قلت : كان اخاك زيد الا انه ليس لك ان تقول : كان اخوك عبد الله .
تريد: كان فمن ثم فرقوا بين ليس وما ، فلم يجروها مجراها ولكن قيل: هي بمنزلة الافعال فيما بعدها وليست بأفعال)(9) وقاس(انما ) المكفوف عن العمل على الفعل (أرى)اذا كان ملغيا ،قال صاحب الكتاب :
(وقال الخليل (إنما)لا تعمل فيما بعدها، كما ان(أرى)اذا كانت لغوا لم تعمل ، فجعلوا هذا نظيرها من الفعل ،كما كان نظير ان من الفعل ما يعمل).
فإنما التي لا تعمل تشبه (أرى)الملغية و(أن)العاملة تشبه الفعل العامل.
وعلى نحوا ما رأينا الخليل بارعا مبدعا في القياس والتعليل ونراه في تحليل طائفة من الالفاظ والعبارات ، والتأويل ، من ذلك تحليله (اللهم)(قال الخليل رحمه الله: اللهم نداء والميم هاهنا بدل من يا، فهي ها هنا فيما زعم الخليل رحمه الله أخر الكلمة بمنزلة(يا)في أولها ، الا أن الميم ها هنا في الكلمة كما ان نون المسلمين في الكلمة بنيت عليها ، فالميم في هذا الاسم حرفان اولهما مجزوم ، والهاء مرتفعة لأنه وقع عليها الاعراب )(10) ومن ذلك تحليله(مهما)قال صاحب الكتاب (وسألت الخليل عن (مهما)فقال :هي ما ادخلت معها ما لغوا ، بمنزلتها مع متى اذا قلت متى ما تأتني آتك، وبمنزلتها مع أن اذا قلت: ان ما تأتني آتك، وبمنزلتها مع أين، كما قال سبحانه وتعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) وبمنزلتها مع أي اذا
ص68
قلت (أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) ، ولكنهم استقبحوا ان يكرروا لفظا واحد فيقولوا : ما ما ، فأبدلوا الهاء من الالف التي في الاولى ، وقد يجوز أن تكون (مه)كأذ ضم اليها ما) .(11)
ومن ذلك تحليله (كأن)قال صاحب الكتاب:
(وسألت الخليل عن (كأن) فزعم انها ان ،لحقتها الكاف للتشبيه ولكنها صارت مع أن بمنزلة كلمة واحدة.(12)
ومن ذلك تأويله صيغة التعجب (وذلك قولك : ما أحسن عبد الله ، زعم الخليل انه بمنزلة قولك : شيء احسن عبد الله ، ودخله معنى ، وهذا تمثيل ولم يتكلم به).(13)
لقد كان الخليل (رح)امة في علمه فظل اماما للنحويين واللغويين على مر العصور.
ص69
_______________________________
(1) انظر :ترجمته في: طبقات النحويين واللغويين 47، معجم الادباء 4 /181، ونزهة الالباء 29، وبغية الوعاة 1 /577.
(2) معجم الادباء 4 /182.
(3) المدارس النحوية، شوقي ضيف34.
(4) المدارس النحوية 35.
(5) انباه الرواة 2 /258.
(6) الكتاب 3ـ100ـ101.
(7) الكتاب 3 /103ـ104.
(8) طبقات النحويين واللغويين47.
(9) الكتاب 2 /131.
(10) الكتاب 2/ 138.
(11) الكتاب 2/ 196.
(12) المصدر نفسه 3/ 59- 60.
(13) الكتاب 1/ 72.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|