أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-11-2021
2133
التاريخ: 30-8-2021
2078
التاريخ: 11-10-2016
2300
التاريخ: 18-12-2020
2382
|
الناس في فهم العقائد و قبولها على طبقات و منازل بعضها فوق بعض ليسوا في درجة واحدة.
و إنّما كلف اللّه عباده بقدر ما أعطاهم من العقل و الفهم و الوسع.
قال الباقر (عليه السلام): «إن المؤمنين على منازل ، منهم على واحدة ، و منهم على اثنتين و منهم على ثلاث ، و منهم على أربع ، و منهم على خمس ، و منهم على ستّ ، و منهم على سبع ، فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو ، و على صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو»(1) و ساق الحديث.
وقال الصادق (عليه السلام): «الايمان حالات و درجات و طبقات و منازل ، فمنه التام المنتهي تمامه ، و منه الناقص البيّن نقصانه ، و منه الرّاجح الزائد رجحانه»(2).
و قال أيضا «لو علم الناس كيف خلق اللّه هذا الخلق لم يلم أحد أحدا»(3).
فينبغي أن يقدم إلى الصّبي في أول نشوه و تميزه ترجمة العقايد ليحفظها حفظا ثم لا يزال ينكشف معناه في كبره شيئا فشيئا فابتداؤه الحفظ ، ثم الفهم ، ثم الاعتقاد و الايقان و التصديق به و ذلك ممّا يحصل في الصّبي بغير برهان ، فمن فضل اللّه على قلب الانسان شرحه في أول نشوه للايمان من غير حاجة إلى حجة و برهان و كيف ينكر ذلك و جميع عقايد العوام مباديها التلقين المجرد و التعليم المحض.
نعم يكون الاعتقاد الحاصل بمجرد التقليد غير خال عن نوع من الضعف في الابتداء على معنى أنه يقبل الازالة بنقيضه لو القى إليه و لا بد من تقويته و إثباته في نفس الصّبي و العامي حتّى يترشح به ولا يتزلزل ، و ليس الطريق في تقويته و إثباته أن يعلم صنعة الجدل والكلام ، بل يشتغل بتلاوة القرآن و تفسيره ، وقراءة الحديث و معانيه ، ويشتغل بوظائف العبادات.
فلا يزال يقوى اعتقاده و يزداد رسوخا بما يقرع سمعه من أدلة القرآن و حججه ، و بما يرد عليه من شواهد الأحاديث و فوائدها ، و بما يسطع عليه من أنوار العبادات و وظائفها ، وما يسري إليه من مشاهدة الصّالحين ومجالستهم و رؤية سيماهم و سيرتهم و هيئآتهم في الخضوع للّه و الخوف منه و الاستكانة له ، فيكون أول التلقين كالقاء بذر في الصّدر و تكون هذه الاسباب كالسّقي و التربية له حتّى ينمو ذلك البذر و يقوى و يرتفع شجرة طيّبة راسخة أصلها ثابت و فرعها في السّماء.
وينبغي أن يحرس سمعه من الجدل و الكلام غاية الحراسة فان ما يشوشها الجدل أكثر ممّا يمهّده ، وما يفسده أكثر ممّا يصلحه ، و المشاهدة تفكيك في هذا بيانا و ناهيك بالعيان برهانا ، فقس عقيدة أهل الصّلاح و التّقى من عوام الناس بعقيدة المتكلمين و المتجادلين فترى اعتقادهم العامي في الثبات كالطود الشامخ لا تحركه الدّواعي والصواعق وعقيدة المتكلم الحارس اعتقاده بتقسيمات الجدل كخيط مرسل في الهواء تفيأه الريح مرّة هكذا و مرّة هكذا إلا من سمع منهم دليل الاعتقاد فتلقفه تقليدا كما تلقف نفس الاعتقاد تقليدا ، و لا فرق بين التقليد في تعلم الدليل أو تعلم المدلول فتلقن الدّليل شيء و الاستقلال بالنظر شيء آخر بعيد عنه.
ثم الصّبي إذا وقع نشؤه على هذه العقايد إن اشتغل بكسب الدّنيا لم ينفتح له غيرها ، و لكنه سلم في الآخرة باعتقاد الحق إذ لم يكلف الشرع العرب أكثر من التّصديق الجزم بظاهر هذه العقايد، فامّا البحث و التفتيش و تكلف نظم الأدلة فلم يكلفوا أصلا.
و إن إراد أن يكون من سالكي طريق الآخرة و كان أهلا لذلك و ساعده التوفيق حتّى اشتغل بالعمل و لازم التقوى و نهى النفس عن الهوى و اشتغل بالرّياضة و المجاهدة انفتح له أبواب الهداية و يكشف عن حقايق هذه العقيدة بنور إلهي يقذف في قلبه بسبب المجاهدة تحقيقا لوعده تعالى إذ قال : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت : 69] , وهو الجوهر النفيس الذي هو غاية مقصد الصّديقين و المقرّبين ، وله درجات بحسب درجات المجاهدة و درجات الباطن في النّظافة و الطهارة عما سوى اللّه و في الاستضاءة بنور اليقين.
وذلك كتفاوت الخلق في أسرار الطبّ و الفقه و سائر العلوم ، إذ تختلف ذلك باختلاف الاجتهاد واختلاف الفطر في الذكاء والفطنة ، فكما لا تنحصر تلك الدّرجات فكذلك هذه وأما تفصيل متعلقات العقايد للخواص و كيفية المجاهدة لهم فقد أشرنا إليهما في الفصل الثالث من الباب الأول.
_________________
(1) الكافي : ج 2 , ص 45.
(2) الكافي : ج 2 , ص 34.
(3) الكافي : ج 1 , ص 44 , ح 1.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
جمعية العميد تدعو الجامعات العراقية لحضور مؤتمرها العلمي السابع
|
|
|