المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2653 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


غايات الأداء  
  
394   11:08 صباحاً   التاريخ: 9-4-2019
المؤلف : تمام حسان
الكتاب أو المصدر : اللغة العربية معناها ومبناها
الجزء والصفحة : ص363- 373
القسم : علوم اللغة العربية / علم الدلالة / قضايا دلالية اخرى /


غايات الأداء:
وأكبر غايات الأداء اللغوي على الإطلاق غايتان:
أ- التعامل ب- الإفصاح
1- فأما التعامل فهو استخدام اللغة بقصد التأثير في البيئة الطبيعية أو الاجتماعية المحيطة بالفرد, فيدخل في ذلك البيع والشراء والمخاصمة والتعليم والبحث العلمي والمناقشات الموصلة إلى قرارات والتأليف والخطابة والمقالة السياسية والتعليق الإذاعي ونشرة الأخبار وهلمَّ جرا. وأما الإفصاح فهو استعمال اللغة بقصد التعبير عن موقف نفسي ذاتي دون إرادة التأثير في البيئة, ولا يتحتَّم في هذه الحالة أن يكون الإسماع مقصودًا, ومن ذلك اللغو والغناء مع عدم قصد الإسماع والتعجب والمدح والذم, والإنتاج الأدبي بصوره المختلفة وإنشاء الشعر الغنائي بصفة خاصة. وكما اعتدت اللغة باختلاف دور الفرد بالأداء فجعلت من معانيها العامة التكلم والخطاب إلخ, اعتدت كذلك بغايات الأداء فقسَّمت معاني الجملة العربية إلى خبر وإنشاء, وقسَّمت الخبر إلى إثبات ونفي وتوكيد, وقسمت الإنشاء إلى طلب وشرط وإفصاح, وقسمت الطلب والشرط والإفصاح كلًّا إلى أقسام مختلفة, ولكن إذا كانت اللغة قد فعلت ذلك فإن اللغويين لم يفطنوا إلى تقسيمات اللغة فيما يختص بالمقابلة
ص363
بين التعامل والإفصاح, ومن ثَمَّ جعلوا الجملة الإفصاحية من قبيل الخبر أحيانًا والإنشاء أحيانًا أخرى, مع وضوح الفرق بين طابع التعامل الذي يسود الخبرية ومعظم الإنشائية, وطابع التعبير الذاتي الذي نلحظه في الجملة الإفصاحية, وقد سبق أن أشرنا إلى الخطأ الذي كان من النحاة حين فسروا "أوه" بكلمة بكلمة "أتوجع", وربما وقف "الدعاء" بين التعامل والإفصاح بحيث لا يكون من قبيل أحدهما إلّا بعد النظر في غاية الأداء, فإذا كانت غايته استنزال غضب الله أو رحمته فهو تعامل, وإذا كانت غايته التعبير عن الرضى أو السخط فهو إفصاح. والاستسقاء دعاء من قبيل التعامل, ولكن قول السائل لمن أعطاه صدقه "الله يخلف عليك" إفصاح؛ لأن الغاية منه التعبير عن الرضى, ومثله ما نراه من دعاء في الرسائل الإخوانية نحو: "بلغني -أطال الله بقاءك".
ومن غايات الأداء الاتفاق والتشجيع والمصادقة والتثبيط والشتم والتمني والترجي واللعن والفخر والتحدي والتحضيض والاستخفاف والتحقير والتعظيم والإغاظة والإيلام والمعاداة والمدارة والتملق والنفاق والتحبب والغزل واللوم والدعابة والإغراء والاستقبال والتوديع والإلزام والترحم والتحية والتعجب والتهنئة والنصيحة, وغير ذلك من المعاني التعاملية والإفصاحية, ولكل غاية من هذه الغايات عباراتها المعيارية التي تقال فيها, وذلك مصداق قول البلغاء: "لكل مقام مقال" و"لكل كلمة مع صاحبتها مقام".
ومع مراعاة التفاعل بين دور الفرد في الأداء وغاية الأداء في إطار دور الفرد في المجتمع, يمكننا أن نصل إلى فهم "المقام" الذي يقال فيه "المقال", فنصل بواسطة ذلك إلى المعنى الدلالي الأكبر الذي هو نتيجة تضافر العناصر الثلاثة المكونة له "المعنى الوظيفي والمعنى المعجمي والمقام", وهذه العبارات المعيارية العرفية التي تؤدي كل منها إلى غاية محددة من غايات الأداء هي في طابعها أنساق من تضام التوارد الذي أشرت إليه في الكلام عن القرائن اللفظية وجعلته قسيمًا لتضامّ التلازم. وفيما يلي بعض هذه العبارات المعيارية(1), وقد وصفت كل طائفة منها تحت غاية من غايات الأداء

ص364
وأمامها وصف مختصر لعناصر المقام, مع ملاحظة أن الغاية عنصر من عناصر المقام:
أولًا: عبارات غايتها الخطاب العادي:
العبارة: بعض عناصر المقام الأخرى
اسمع يا فلان من الصديق للصديق
يا سيدي العزيز للتودد غالبًا
يا سيدي الفاضل مقدمة للاعتراض
بعد إذنك لأي شخص مساوٍ أو مألوف
بعد إذن سيادتك لشخص محترم أو غير مألوف
خد بالك للتنبيه والتحذير
وأنت مالك للتأنيب
أوع تعمل كده تحذير من الأعلى للأدنى أو بين الصديقين
لليمين در نداء عسكري
أجب عما يأتي في ورقة الامتحان
ارفع مقتك وغضبك عنا دعاء مع التوجه إلى الله -سبحان وتعالى
اشفع لنا دعاء موجه للنبي -صلى الله عليه وسلم
مددك يا سيدنا دعاء موجه إلى أحد الأولياء
رح لحالك طرد.
ثانيًا: عبارات غايتها الوداع:
مع السلامة يقولها كل الناس لكل الناس
إلى اللقاء وداع من مثقف لآخر
ربنا يجمع فرقتنا وداع من أم أو زوجة
باي باي وداع أطفال
أسأل الله تعالى أن يجمع شملنا وداع من ذوي الثقافة الدينية والعربية
الحي يتلاقى وداع صعيدي
ص365
ثالثًا: عبارات غايتها الاستقبال
العبارة بعض عناصر المقام الأخرى:
أهلًا وسهلًا تحية شائعة على مختلف المستويات
الحمد لله على السلامة لاستقبال العائد من السفر
فرصة سعيدة لمن لم تكن رؤيته متوقعة
زارنا النبي تحية شائعة في أوساط النساء
إيه النور ده كله تحية الأليف للأليف
خطوة عزيزة لمن تندر زيارته
إيه اللي جابك لغير المرغوب في مجيئه
ذكرنا القط جانا ينط ترحيب ودعابة لشخص مألوف
رابعًا: عبارات غايتها الإلزام
وعد الحر دين عليه للإلزام بتنفيذ الوعد
كلام شرف للارتباط بالوفاء
لا تكن مثل فلان للإلزام بموقف معين
الناس كلهم عارفين أمانتك للإلزام بالأمانة
والله العظيم أقول الحق للالتزام بالصدق
قبلت لإتمام التعاقد
الله يبارك لك لالتزام البائع بتسليم السلعة
التوقيع على وثيقة للالتزام بصدق ما تحتويه
كلمة إرساء المزاد العلني للإلزام بالدفع والاستلام
هذا وعد للالتزام بالتنفيذ
لا إله إلا الله تلزم المسلم بحفظ دم من قالها
أي حمار قال هذا لإلزام القائل بالتنصل مما قال
ص366
خامسًا: عبارات غايتها الرجاء:
العبارة بعض عناصر المقام الآخر:
سألتك بالله رجاء تسمعه باللهجة الليبية أو بين المثقفين
اعمل معروف من الأدنى للأعلى
والنبي رجاء على ألسنة النساء والأطفال
والنبي يا فلان رجاء لمن تكلمه ببعض الكلفة
سقت عليك النبي يقولها العوام
عليك النبي رجاء تسمعه في لهجة أم درمان
عليك بالله رجاء تسمعه في لهجة أم درمان
أرجوك رجاء فيه عدم ألفة
دا أنا أخوك رجاء مع تذكير بالدالة
أكون شاكر لو ... من الأعلى للأدنى أو المساوي.
ميش عايز تكسب ثواب رجاء في أمر صعب لصالح ضعيف
حسنة الله يقولها المتسولون للمارَّة
سادسًا: عبارات غايتها الترحم:
الله يرحمه ترحم عام يقال على جميع المستويات
رحمه الله من مثقف عادي
رحمة الله عليه يقولها الشيوخ والمثقفون ثقافة عربية
عليه رحمة الله يقولها الشيوخ والمثقفون ثقافة عربية
والله كان طيب شائع على جميع المستويات
خياركم السابقون يقولها من له ثقافة دينية
جعل الله مثواه الجنة يقولها أصحاب الثقافة العربية
الله يوسَّع لحايده ترحم صعيدي
الله يشبشب الطوبة اللي تحت رأسه ترحم قاهري
الرحمة تنزل عليه ترحم نسائي
ص367
العبارة: بعض عناصر المقام الأخرى:
كلنا لها ترحم شائع
والله ارتاح تقال فيمن طال مرضه
سابعًا: عبارات غايتها التعجب
يا سلام "بتنغيم خاص" تعجب شائع
يا هو تعجب الساخر
إش تعجب مع رفع كلفة
إيه الجمال دا تعجب مع رفع كلفة
يا حلاوة يقولها العوام
يا حلاوتك يقولها العوام
يا حلولي تقولها النساء
يابن الإيه تعجب بين الخلطاء
يا وعدي تعجب غزلي
ياي تقولها الفتيات المتفرنجات
ثامنًا: عبارات غايتها التحية
السلام عليكم تحية شائعة على مختلف المستويات
صباح الخير تحية عامة وقت الصباح
نهاركم سعيد يقولها الأقباط
سا الخير تقولها النساء العاميات بالقاهرة للتحية في المساء
صباح النور للرد على من يقول صباح الخير
صباح الفل تحية فيما بين أولاد البلد في القاهرة في الصباح
نهاركم سعيد تحية فيما بين أولا البلد في القاهرة في النهار
نهاركم قشطة تحية فيما بين أولاد البلد في القاهرة في النهار
ص368
العبارة: بعض عناصر المقام الأخرى:
صباح الورد: تحية فيما بين أولاد البلد في القاهرة في الصباح
بنصبح تحية فيما بين أولاد البلد في القاهرة في الصباح
فلان بيصبح تحية فيما بين أولاد البلد في القاهرة في الصباح
الورد فتح والنبي تحية مشربة بالغزل أو الملق.
تاسعًا: عبارات غايتها التهنيئة
مبروك تهنئة شائعة
مبروك يا فلان تهنئة وتودد
مبارك يقولها صاحب الثقافة العربية
ربنا يتمم بخير تقال بعد توقيع العقود أو البدء في عمل ما
والله فرحنا لك لدعاء الصداقة
نهنيك تهنئة مع كلفة
أجمل التهاني تكتب ولا يقال
نهني أنفسنا للملق أو التقرب
يهنيئ المنصب لتملق الشخص ذي النفوذ
ألف مبروك للنجاح بعد تعب وكفاح
ربنا يزيدك من نعيمه يقولها العوام
عاشرًا: عبارات غايتها النصح
أنصحك نصح مع التخويف والتحذير
اسمع كلامي تقال للعنيد والمندفع
الدين النصحية تقال عند توقع الشك أو عدم الانتصاح
أنا لا أغشك للإقناع باخلاص النصيحة
إذا كنت عايز النصيحة تقال لدفع الشك وتأكيد النصح
إذا كنت عايز الجد تقال لدفع الشك وتأكيد النصح
والله أنا خايف عليك للنصح والتهديد
ص369
العبارة: بعض عناصر المقام الأخرى
والله أنا رأيي كذا يقولها من له نفوذ على المنصوح
أحسن شيء تعمل كذا نصح بعد استشارة
والناس يقولوا عنك إيه نصح وتأنيب
وبعد فقد رأينا هذه النماذج العشر لغايات الآداء, ورأينا أن هذه الغايات ليست إلّا جزءًا من أجزاء المقام, وأن الأجزاء الأخرى من المقام يمكن جمعها من الظروف المحيطة بالمقال من متكلم وسامع أو سامعين واعتبارات اجتماعية وتاريخية وجغرافية وهلم جرا, وإن الذي ذكرناه تحت عنوان: "بعض عناصر المقام الأخرى" لم يكن فعلًا إلّا بعضًا من هذه العناصر, أما جمع كل العناصر فلا يتم إلّا مع التحليل الدقيق للظروف.
ويتضح لنا بهذا أن الثقافة الشعبية تشتمل على نماذج محددة من غايات الأداء التي تصلح كل غاية منها لأن تكون نقطة بداية لتحليل المقام, ولعل البلاغيين العرب حين تكلموا عن "مقتضى الحال" كانوا يقصدون شيئًا قريبًا مما أطلقنا عليه هنا "غاية الأداء", ومن هنا يكون مقتضى الحال كما نفهمه جزءًا من المقام في فهمنا أيضًا وليس المقام كله. على أنه لا يمكن لنا أن ندعي مع هذا أن الثقافة الشعبية هي حاصل جمع طائفة عظيمة من المقامات. إن فهم الثقافة الشعبية بهذ الصورة خطأ فاحش؛ لأن الثقافة الشعبية مكمن العناصر التي تتكون منها المقامات حين ينضم بعض هذه العناصر إلى بعض, وإن الإمكانات العقلية التي تأتي من تأليف هذه العناصر بعضها مع بعض لا يمكن حصرها أبدًا, ومن ثَمَّ لا يمكن حصر المقامات الممكنة في ثقافة شعبية ما, والأمر الوحيد الذي يمكن الكلام فيه بشيء من الضبط هو نماذج المقامات وليس المقامات نفسها.
وكما أن للنبر نظامًا في إطار النظام الصرفي تصيبه الظواهر الموقعية في مجرى السياق الكلامي, وكما أن للتنغيم نظامًا في إطار النظام النحوي يخضع لمطالب السياق حين يرد فيه, وقد شرحنا ذلك من قبل, فكذلك غايات الأداء يصبح لكل غاية منها عبارات معيارية خاصة من الناحية النظرية, ولكن مطالب
ص370
الاستعمال ومناسبة المقام ربما تطلب نقل عبارة ذات غاية محددة إلى غاية أخرى, فمن ذلك مثلًا أننا أوردنا أمام عبارة "اسمع يا فلان" أنها يقولها الصديق للصديق, وهذا هو فعلًا موضعها في الخطاب العادي, ولكنها قد تتحوّل إلى غاية أخرى هي التهديد أو التقديم للنصح, وعبارة "لليمين در" قد تتحول من غايتها العسكرية المحددة إلى السخرية من شخص تطرده, وعبارة "رح لحالك" ربما تحولت عن غايتها العادية وهي الطرد إلى معنى غزلي هو التمنّع والدلال, وعبارة "مع السلامة" ربما تحولت عن غايتها العادية وهو الوداع إلى غاية أخرى هي السخرية عند الطرد, أو التعبير عن عدم الرغبة في الرؤية مرة أخرى. وقد تقال عبارة "خطوة عزيزة" للتأنيب على التأخر, ويمكن أن تقال عبارة "الناس كلهم عارفين أمانتك" عند السخرية من خيانة المخاطب, ويمكن في عبارة لا إله إلا الله" أن تقال للتأفف أو للذكر أو في الأذان, ويمكن في عبارة "مش عايز تكسب ثواب" أن تقال في السخرية عند الدعوة إلى أداء عمل إضافي يستحق عليه أجر ولكنه لا ينتظر دفعه, وكذلك عبارة "خياركم السابقون" يمكن أن تكون تعليقًا ساخرًا عند فصل موظف سيئ السمعة مع انتظار فصل آخرين على شاكلته, أما عبارة "يا سلام" فقد سبق أن ذكرنا ما يمكن لها من المعاني المختلفة باختلاف تنغيمها, وكل عبارات التعجب يمكن أن تتحوّل عن غايتها إلى السخرية أيضًا, ومثلها عبارات التهنئة أيضًا.
ومن تحويل غايات الأداء على المستوى النحوي أن الإثبات وهو خبر قد يحول إلى الشرط "الذي يأتيني فله درهم", أو إلى إنشاء الدعاء نحو: "رحمه الله", وأن النفي كذلك في "لا قدَّر الله", وأن الاستفهام قد يتحول إلى التقرير نحو: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه} أو إلى الإنكار نحو: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِين} وأن النداء قد يتحول إلى التعجب "يا عجبًا", وكذلك الاستغاثة تتحوّل إلى التعجب نحو: "يا لله" وأن الأمر يتحوّل إلى الدعاء نحو: "اللهم ارحمه", وأن الجملة تتحول من أصلية إلى فرعية فتكون صلة أو صفة أو خبرًا أو حالًا أو مضافًا إليه أو مقول قول. ولكن هذا التحول النحوي في غاية الأداء لا يعتبر من دراسة الدلالة, وإنما يعتبر من قبيل تعدد المعنى الوظيفي
ص371
الاستعمال ومناسبة المقام ربما تطلب نقل عبارة ذات غاية محددة إلى غاية أخرى, فمن ذلك مثلًا أننا أوردنا أمام عبارة "اسمع يا فلان" أنها يقولها الصديق للصديق, وهذا هو فعلًا موضعها في الخطاب العادي, ولكنها قد تتحوّل إلى غاية أخرى هي التهديد أو التقديم للنصح, وعبارة "لليمين در" قد تتحول من غايتها العسكرية المحددة إلى السخرية من شخص تطرده, وعبارة "رح لحالك" ربما تحولت عن غايتها العادية وهي الطرد إلى معنى غزلي هو التمنّع والدلال, وعبارة "مع السلامة" ربما تحولت عن غايتها العادية وهو الوداع إلى غاية أخرى هي السخرية عند الطرد, أو التعبير عن عدم الرغبة في الرؤية مرة أخرى. وقد تقال عبارة "خطوة عزيزة" للتأنيب على التأخر, ويمكن أن تقال عبارة "الناس كلهم عارفين أمانتك" عند السخرية من خيانة المخاطب, ويمكن في عبارة لا إله إلا الله" أن تقال للتأفف أو للذكر أو في الأذان, ويمكن في عبارة "مش عايز تكسب ثواب" أن تقال في السخرية عند الدعوة إلى أداء عمل إضافي يستحق عليه أجر ولكنه لا ينتظر دفعه, وكذلك عبارة "خياركم السابقون" يمكن أن تكون تعليقًا ساخرًا عند فصل موظف سيئ السمعة مع انتظار فصل آخرين على شاكلته, أما عبارة "يا سلام" فقد سبق أن ذكرنا ما يمكن لها من المعاني المختلفة باختلاف تنغيمها, وكل عبارات التعجب يمكن أن تتحوّل عن غايتها إلى السخرية أيضًا, ومثلها عبارات التهنئة أيضًا.
ومن تحويل غايات الأداء على المستوى النحوي أن الإثبات وهو خبر قد يحول إلى الشرط "الذي يأتيني فله درهم", أو إلى إنشاء الدعاء نحو: "رحمه الله", وأن النفي كذلك في "لا قدَّر الله", وأن الاستفهام قد يتحول إلى التقرير نحو: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه} أو إلى الإنكار نحو: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِين} وأن النداء قد يتحول إلى التعجب "يا عجبًا", وكذلك الاستغاثة تتحوّل إلى التعجب نحو: "يا لله" وأن الأمر يتحوّل إلى الدعاء نحو: "اللهم ارحمه", وأن الجملة تتحول من أصلية إلى فرعية فتكون صلة أو صفة أو خبرًا أو حالًا أو مضافًا إليه أو مقول قول. ولكن هذا التحول النحوي في غاية الأداء لا يعتبر من دراسة الدلالة, وإنما يعتبر من قبيل تعدد المعنى الوظيفي
ص372
ما معناه: ليس العبرة بما قيل, ولكن بالطريقة التي قيل بها.
ومغزى هذا أن المعنى الحرفي غير كافٍ لفهم ما قيل؛ لأنه قاصر عن إبداء الكثير من القرائن الحالية التي تدخل في تكوين المقام. وإن الكثير من نصوص تراثنا العربي قد جاء غامضًا؛ لأن الذين رووا هذه النصوص لم يعنوا بإيراد وصف كافٍ للمقام الذي أحاط بالنص, ومن ثَمَّ ينبغي لنا أن نبذل الجهد مضاعفًا عند التصدي لشرح هذه النصوص, حتى نستطيع إعادة بناء المقام بناء على أساس من التاريخ ومن علم النفس والمجتمع العربي القديم والاقتصاد القديم أيضًا, والمزاوجة بين كل أولئك بواسطة الخيال الخصب والعقل الثاقب النفاذ.
ص373

__________
(1) انظر "اللغة في المجتمع" تأليف م. م. لويس, وترجمة مؤلف هذا البحث.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.



قسم الشؤون الفكرية يباشر باستعداداته لإقامة الدورة القرآنية لطلبة العلوم الدينية الأفارقة
بمشاركة قرّاء من البصرة... المَجمَع العلميّ يُقيم محفلَ عرش التّلاوة في صحن مرقد أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام)
قسم الشؤون الفكريّة يُقيم جلسةً حواريّة لممثلي المواكب في ذي قار
قسم الشؤون الفكرية يعد حزمة من الدورات الدينية والثقافية المتنوعة