وتسمى الكسر، والبطح، والإضجاع
هي لغةً: مصدر أمَلْتُ الشئَ إمالة: عَدَلْت به إلى غير الجهة التى هو فيها. واصطلاحًا: أن تذهب بالفتحة إلى جهة الياء، إن كان بعدها ألف كالفتى، وإلى جهة الكسرة إن لم يكن ذلك، كنعمِة وبسحِر.
وأصحابها: بنو تميم، وأسَد، وقَيْس، وعامة نجد، ولا يُميل الحجازيون إلا قليلاً.
ولها أسباب وموانع.
فأسبابها سبعة:
أحدها: كون الألف مبدلة من ياء متطرفة حقيقةً: كالفَتى، واشتَرَى؛ أو تقديرًا: كفتاة؛ لتقدير انفصال تاء التأنيث، لا نحو باب؛ لعدم التطرف.
ثانيها: كون الياء تخلُفها فى بعض التصاريف، كألف مَلْهًى: وَأرْطَى، وَحُبْلَى وَغَزَا وَتَلاَ وَسَجَى، لقولهم فى تثنيتها: ملْهَيان، وَأرْطَيَان، وَحُبْلَيَان، وفى بناء الباقى للمجهول: غُزِىَ، وَتُلِىَ، وَسُجِىَ.
ثالثها: كون الألف مبدلة من عين فِعْل يئول عند إسناده للتاء إلى لفظ فِلْت بالكسر، كباعَ وكالَ وهابَ وكادَ وماتَ، إذ تقول: بِعْتُ، وكِلْتُ، وهِبْتُ، وكِدْتُ، وِمِتُّ، على لغة من كسر الميم، بخلاف نحو: طالَ.
رابعها: وقوع الألف قبل الياء، كبايَعْته وسايَرْته.
خامسها: وقوعها بعد ياء متصلة أو منفصلة بحرف أو حرفين أحدهما الهاء، نحو عِيان وشَيْبان، ودخلْت بيْتها.
سادسها: وقوع الألف قبل كسرة مباشرة كسالِم، أو بعدها منفصلةً منها بحرف ككِتاب، أو بحرفين كلاهما متحرِّك، وثانيهما هاء، وأولهما غير مضموم، كيريد أن يضرِبَها، دون هو يضربُها، أو أوَّلاهما ساكن: كشِمْلال، أو بهذين وبالهاء: كدرْهَماك.
ص130
سابعها: إرادة التناسب بين كلمتين أميلت إحداهما لسبب متقدِّم، كإمالة {وَالضُّحَى}، فى قراءة أبى عمرو، لمناسبة: "سَجَى" و "قَلَىَ"؛ لأن ألف الضُّحَى لا تمال، إذ هى منقلبة عن واو.
ويمنعها شيئان:
أحدهما: الراء بشرط كونها غير مكسورة، وأن تكون متصلة بالألف قبلها كراشد، أو بعدها نحو هذا الجِْدار، وبنيت الجِْدَار، وبعضهم جعل المؤخَّرة المفصولة بحرف ككافر، كالمتصلة. وألا يُجاور الألفَ راءٌ أخرى، فإن جاورتها أخرى لم تمنع الأولى، نحو: {إنَّ الأبْرَارَ}.
ثانيهما: حروف الاستعلاء السبعة، وهى: الخاء، والغين، والصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والقاف متقدمة أو متأخرة. ويشترط فى المتقدم منها ألاَّ يكون مكسورًا. فخرج نحو طِلاَب وغِلاَب وَخِيام. وأن يكون متصلاً بالألف، أو منفصلاً عنها بحرف واحد، كصالح، وضامن، وطالب، وظالم، وغالب، وخالد، وقاسم، وكغنائم. وألاَّ يكون ساكنًا بعد كسرة، فخرج نحو مِصباح وإصلاح ومِطواع. وألا يكون هناك راء مكسورة مجاورة، فخرج نحو {وَعَلَى أبْصَارِهِمْ} و {إذْ هُما فِي الْغَارِ}.
ويشترط فى المتأخر الاتصال أو الانفصال بحرف أو حرفين كساخِر وخاطِب، وكنافِخ وناعِق، وكمواثيق ومناشيط.
تنبيهات
الأول: شرط الامالة التى يكفّها المانع ألاّ يكون سببها كسرة مقدَّرة كخاف، فإن ألفه منقلبة عن واو مكسورة، ولا ألفًا منقلبةً عن ياء كطاب، فسبب إمالة الأول الكسرة المقدرة. والثانى الياء التى انقلبت ألفًا، لأن السبب المقَّدر هنا أقوى من السبب الظاهر؛ لأن الظاهر إما متقدِّم على الألف، كالكسرة فى كتاب، والياء فى بيان، أو متأخر عنها نحو: غانم وبايع، والذى فى نفس الألف أقوى من الاثنين، ولذلك أُمِيلَ نحو طابَ وخافَ، مع تقدُّم حرف الاستعلاء، وحاق وزاغ مع تأخره.
الثانى: سبب الإمالة لا يؤثر إلا إذا كان مع الممال فى كلمة؛ لأن عدم الإمالة هو الأَصل، فيصار إليه بأدنى شئ، فلا يمال نحو "لزيد مال"؛ لوجود الألف فى كلمة، والكسرة في كلمة.
وأما المانع فيؤثر مطلقًا؛ لأنه لا يصار إلى الإمالة التى هى غير الأصل إلا بسبب
ص131
قوىّ، فلا تُمال ألف كتاب، من نحو "كتاب قاسم"؛ لوجود حرف الاستعلاء، وإن كان منفصلاً.
الثالث: تمال الفتحة قبل حرف من ثلاثة:
أحدها: الألف وقد تقدَّمت. وشرطها ألا تكون الفتحة فى حرف، ولا فى اسم يشبه، إذ فى الإمالة نوع تصرف، والحرف وشبهه برئ منه، فلا تمال فتحة إلاَّ، ولا علَى، ولا إلى، مع السبب المقتضى فى كلّ، وهو الكسرة فى الأول، والرجوع إلى الياء فى الثانى، وكلاهما فى الثالث. واستثْنَوْا من ذلك ضميرى "ها" و "تا" فقد أمالوهما عند سبق الكسرة أو الياء؛ لكثرة استعمالها.
ثانيها: الراء، بشرط كونها مكسورة، وكون الفتحة فى غير ياء، وكونهما متصلتين، نحو "من الكبر"، أو منفصلتين بساكن غير ياء، نحو "مِنْ عمرو"، بخلاف نحو: أعوذ بالله مِنَ الغِيَر، ومن قبح السِّيَر، ومن غيرك.
ثالثها: هاء التأنيث فى الوقف خاصة، كرحمة ونعمة، شبهوا هاء التأنيث بألفها؛ لاتفاقهما فى المخرج والمعنى والزيادة والتطرف والاختصاص بالأسماء، وأمال الكسائي قبل هاء السكت نحو {كتابيَه}، ومنعها بعضهم، وهو الأصحّ.
ص132