أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-3-2021
2100
التاريخ: 27-9-2019
3566
التاريخ: 28-3-2020
1636
التاريخ: 20-1-2021
1772
|
الأكل يتوقف أولا على ادراك الغذاء المأكول رؤية و لمسا و استشماما و ذوقا ، اذ ما لم يبصره لم يمكنه تمييزه و طلبه ، و ما لم يلامسه لم يتمكن من درك بعض اوصافه اللازمة في الأكل وما لم يشمه لم يتشخص ما يكره رائحته عما تطيب رائحته ، و ربما توقف تحصيله على استشمام رائحته من بعد ، لا سيما لبعض الحيوانات ، و ما لم يذقه لم يدرك انه موافق او مخالف له ، و بذلك ظهر توقفه على خلق الحواس المدركة الظاهرة ، فخلقها اللّه سبحانه.
ثم ، الأسباب التي يتوقف عليها خلق هذه الحواس مما لا تتناهى ، فلا نتعرض لبيانها , و بعد ادراك الغذاء- على ما ذكر- لا بد له من قوة أخرى يعرف بها كون الغذاء الذي ذاقه سابقا و رآه مرة أخرى موافقا او مخالفا ، وهذه القوة هي الحس المشترك الذي يتأدى إليه جميع المحسوسات و يجتمع فيه ، فانك إذا اكلت شيئا اصفر- مثلا- فوجدته مرا مخالفا لك فتركته فإذا رأيته مرة أخرى فلا تعرف انه مر ما لم تذقه ، لو لا الحس المشترك.
اذ العين تبصر الصفرة و لا تدرك المرارة ، و الذوق يدرك المرارة و لا يدرك الصفرة ، فلا بد من حاكم يجتمع عنده الصفرة و المرارة جميعا ، حتى إذا أدرك الصفرة حكم بأنه مر، فيمتنع عن تناوله ثانيا.
وهذه القوة - اعني الحس المشترك - يتوقف خلقه على أسباب ونعم لا يمكن احصاؤها ، فلتذرها على سنابلها.
ثم الإدراك بالحواس الظاهرة و الحس المشترك ، مما تشترك فيه سائر الحيوانات ، ولو انحصر ادراك الإنسان أيضا به لكان ناقصا , اذ البهيمة تأكل ما تستلذ به في الحال و يضرها في ثاني الحال ، فتمرض و تموت ، اذ ليس لها الا الإحساس بالحاضر، و اما ادراك العواقب فليس لها إليه سبيل.
فيتوقف تمييز صلاح العواقب و فسادها على قوة أخرى , فخلق اللّه للإنسان العقل ، به يدرك مضرة الأطعمة و منفعتها في المآل ، و به يدرك كيفية طبخ الأطعمة و تركيبها و اعداد أسبابها فينتفع بعقله في الأكل الذي هو سبب صحته ، و هو اخس فوائد العقل و أقل الحكم فيه ، اذ الحكم و الفوائد المترتبة عليه أكثر من ان تحصى ، وأعظم الحكم فيه معرفة اللّه و معرفة صفاته و افعاله , و العقل بمنزلة السلطان في مملكة البدن ، و الحواس الخمس كالجواسيس و أصحاب الاخبار والموكلين بنواحي المملكة ، وقد وكل كل واحد منها بأمر خاص.
فواحدة بأخبار الالوان ، و أخرى بأخبار الأصوات ، و أخرى بأخبار الروائح ، و أخرى بأخبار الطعوم ، و أخرى بأخبار الحر و البرد و الخشونة و الملاسة و اللين و الصلابة.
فهذه الجواسيس يقتنصون الاخبار من أقطار المملكة ، و يسلمونها إلى الحس المشترك ، و هو قاعد في مقدمة الدماغ ، مثل صاحب الكتب و القصص على باب الملك ، يجمع القصص و الكتب الواردة من نواحي العالم ، و يأخذها و يسلمها إلى العقل الذي هو السلطان مختومة ، اذ ليس له الا أخذها و حفظها ، و اما معرفة حقائق ما فيها فليس اليه.
ولكن إذا صادف القلب العاقل الذي هو الأمير و الملك، سلم ، لانها آتية إليه مختومة ، فيفتشها الملك و يطلع على أسرار المملكة ، و يحكم فيها بأحكام عجيبة لا يمكن استقصاؤها.
وبحسب ما يلوح له من الاحكام و المصالح يحول الجنود - اعنى الأعضاء - فى الطلب او الهرب او إتمام التدبيرات التي تعن له.
ثم عجائب حكم العقل و الأسباب التي يتوقف خلقه عليها ليس دركها في مقدرة البشر، و هذه ما يتوقف عليه الأكل من الادراكات و أسبابها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|