المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4543 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


غموض العديد من مقولات محمّد القرآنيّة  
  
490   09:25 صباحاً   التاريخ: 18-1-2019
المؤلف : الشيخ فؤاد كاظم المقدادي
الكتاب أو المصدر : الإسلام و شبهات المستشرقين
الجزء والصفحة : 306- 313
القسم : العقائد الاسلامية / شبهات و ردود / القرآن الكريم /

[نص الشبهة] تتركّز هذه الصياغة على مجموعة من الصفات الإلهيّة والأسماء والمصطلحات الخاصّة ، الواردة في القرآن الكريم ، منها :

ما قاله ( ماكدونالد D. B. Macdonald ) تحت مادّة ( الله ) ( ج ـ الله في ذاته ولذاته ): (وصَفة القدّوس وحدها من أسماء الله الحسنى ، ولكنّها لا ترد إلاّ مع كلمة ملك ، ولسنا نعرف على وجه التحقيق المعنى الذي يريده محمّد من كلمة قدّوس...) (1) .

ويقول أيضاً في المادّة نفسها : ( ومن أسمائه أيضاً السلام ( سورة الحشر، الآية 23 ) . وهذه الصفة لم ترد إلاّ في الآية 23 من سورة الحشر ، ومعناها شديد الغموض ، ونكاد نقطع بأنّها لا تعني ( السلم ) .

ويرى المفسّرون أنّ معناها ( السلامة ) أي البراءة من النقائص والعُيوب ، وهو تفسيرٌ محتمل ، وقد تكون هذه الصفة كلمةٌ بقيت في ذاكرة محمّد من العبارات التي تُتلى في صلوات النصارى ) (2) .

ويقول أيضاً : (... أمّا صفاته المعنويّة فقد وردت في قلّة يشوبها الغموض ، فإنّه يصعب علينا معرفة ما يَقصده محمّد من صفات ( القدّوس ) و( السلام ) و( النور ) . وهناك مجال للشكّ فيما إذا كان محمّد قد رأى من المناسب أنْ يطلق على الله صفة ( العدل ) (3) .

أمّا تحت مادّة ( الله ) ( د ـ صلة الخالق بخلقه ) فيقول : ( ومن الواضح أنّ صفة البارئ قد أخذها محمّد من العبريّة واستُعملت دون أنْ يُقصد منها معنىً خاص )(4) .

وتحت مادّة ( بسم الله ) يقول ( كارادي فو B. Carrde Vaux ) : ( وتساءل بعض المستشرقين عمّا إذا كانت صيغتا الرحمن والرحيم من أسماء آلهة الجاهليّة ، التي بقيَت إلى جانب اسم الله ، ثمّ أصبحتا مجرّد صفات )(5) .

وتحت مادّة ( الأنصار ) يقول ( ركندوف Reckendorf ) : ( ويظهر أنّ محمّداً استغلّ التشابه الموجود بين لفظ أنصار ونصارى فجعل عيسى يطلق على الحواريّين ( أنصار الله ) ( سورة آل عمران ، آية 52 ، سورة الصف ، آية 14)(6) .

وتحت مادّة ( بَعْل ) يقول ( ماكدونالد D. B. Macdonald ) : ( ولا يزال بين كلمة ( بَعْل ) التي تدلّ على إله وبين ( بَعِلَ ) معناها دهِش أو فَرِق ومشتقّاتها صلةٌ ضئيلة ، وليس لهذين الاشتقاقين الآن وجود... ودخلت [بَعل] إلى العربيّة تفسيراً لآيةٍ في القرآن ، وقد أشار القرآن ( سورة الصافّات ، الآيات 123 ـ 132 ) إلى قصّة إلياس ، وقال على لسانه : {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات: 125] ، ومن المرجّح أنّ محمّداً قصَدَ بـ ( بَعْل ) ( بَعَل ) كما سمعها في قصّة من قصص التوراة ( سِفر الملوك الأوّل ، الإصحاح 18)(7).

أمّا ( بول F. Buhl ) فيقول تحت مادّة ( سورة ) : ( أمّا مِن أين أتى النبيّ بهذه الكلمة ؟ ، فأمرٌ لا يزال غيرُ ثابت على الرغم من المحاولات التي بُذلت لتتبّع أصلها . ويذهب ( نولدكه ) إلى أنّ ( سورة ) هي الكلمة العبريّة الحديثة ( شورا ) ومعناها الترتيب أو السلسلة ، ولو قد أمكن تفسيرها بأنّها ( السطر ) لِما قادنا ذلك إلى المعنى الأصلي للكلمة...)(8) .

[جواب الشبهة] : تهدف هذه الشبهة إلى تكوين دليل على نفي الوحي بالقرآن ، وأنّه إمّا من مخترعات النبيّ محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أو أنّه اقتبسه من الغير ...

وإنَّ جميع مفردات هذه الشُبهة تعود في الحقيقة إلى جَهل المستشرقين ، أو تجاهلهم لمعاني ألفاظٍ عربيّة وردَت في القرآن الكريم ، فافترضوا ، بعد تشكيل مقدّمةٍ باطلة من معانٍ وهميّة ادّعوها لتلك الألفاظ ، أنّها استُعيرت من صلوات النصارى مرّة، أو أُخِذَت من العبريّة مرةً أُخرى ، أو أنّها من الأسماء الجاهليّة ثالثة ، أو استقيت من قصص التوراة رابعة ، أو أنّها ألفاظ شديدة الغموض ، أو لا معنى لها خامسة ، وهكذا... ويبقى الهدف الحقيقي وراء هذه التمحّلات هو إنكار الوحي الإلهي للرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، [وجوابه في الصفحة (313-346) من هذا الكتاب في موضوع ادّعاء النبيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وابتكاره واصطناعه وتأثره بمَن حوله].

أمّا أهمّ الألفاظ التي أنكروا الأصالة العربيّة لبعضها ، وجهلوا أو تجاهلوا استعمالها في معانيها العربيّة الأصيلة في آيات القرآن الكريم ، فهي كالآتي حسب تسلسل ورودها في الشبهة السالفة الذكر :

1 ـ قُدّوس : على وزن فُعُّول من القُدْس . وفي التهذيب : القُدْسُ تنزيه الله تعالى ، والقدّوس : من أسماء الله تعالى ، قال الأزهري : القدّوس هو الطاهر المُنزّه عن العيوب والنقائص ، وقال ابن الكلبي : القدّوس ، وحكى ابن الأعرابي : والمقدّس المبارك .

ويُقال أرضٌ مقدّسة أي مباركة ، وهو قول العجاج :

قد عَلِمَ القَدُّوس مولى القُدْس أَنَّ أبا العبّاس أولى نفسِ

بِمَعْدن المُلْك القديم الكرْسي

يعني بالقدّوس هنا الله سبحانه وتعالى وبالقُدْس الأرض المباركة(9) .

وقد طابق قول المفسّرين المعنى اللغوي في تفسير كلمة ( قُدّوس ) ، فذكر الطباطبائي في تفسير الميزان أنّ القدوس مبالغة في القُدس وهو النزاهة والطهارة(10) .

وقال الطوسي في تفسير التبيان : ( القُدّوس ) معناه المُطهَّر فتطهر صفاته عن أنْ يدخل فيها صفةُ نقص(11) .

فكيف يدّعي ( ماكدونالد ) عدم معرفة المعنى المراد من هذه الكلمة في القرآن الكريم ؟!.

 

2 ـ السَّلام : ورد في معنى السَّلام والسلامة : البراءة . وتسلّمَ منه : تبَرّأ. وقال ابن الأعرابي : السلامة العافية . والتسليم : مشتقٌّ من السلام اسم الله تعالى ، لسلامته من العيب والنقص . والسَّلامُ : البراءة من العيوب في قول أُميّة :

سَلامك رَبَّنا في كلّ فجرٍ***بريئاً ما تعنّتكَ الذُّمُومُ

والذُّموم : العيوب ، أي ما تَلزقُ بك ولا تُنسب اليك(12) .

وهنا أيضاً جاء قول المفسّرين مطابقاً للمعنى اللغوي ، مِن أنّ السلام هو الذي يسْلَم عباده من ظلمه(13) ، وأنّ السلام من يلاقيك بالسلامة والعافية من غير شرٍّ وضرّ(14) .

فأين شدّة الغموض الذي يدّعيه ( ماكدونالد ) في المعنى الواضح لهذه الكلمة القرآنيّة ؟!

3 ـ النُّور : جاء في قواميس اللغة أنّ مِن أسماء الله تعالى النور ؛ قال ابن الأثير : هو الذي يُبصِر بنوره ذو العَماية ، ويَرْشدُ بهُداه ذو الغَوايَةِ ، وقيل : هو الظاهر الذي به كلّ ظُهور ، والظاهر في نفسه المُظْهِر لغيره يُسمّى نوراً .

قال أبو منصور : والنور من صِفات الله عزّ وجل ، قال عزّ وجلّ : ( اللّهُ نُورُ السّماوَاتِ وَالأَرْضِ )(15) .

وقد ورد في تفسير هذه الآية الكريمة : إنّ النور معروف وهو ظاهرٌ مكشوف لنا بنفس ذاته ، فهو الظاهر بذاته المُظهِر لغيره من المحسوسات للبصر ، هذا أوّل ما وضع عليه لفظ النور ، ثمّ عُمّم لكلّ ما ينكشف به شيء من المحسوسات على نحو الاستعارة أو الحقيقة الثانية ، فعُدَّ كل من الحواسّ نوراً أو ذا نور يُظهِر به محسوساته كالسمع والشم والذوق واللمس ، ثمّ عُمِّم لغير المحسوس فعدّ العقل نوراً يظهر به المعقولات .

كلّ ذلك بتحليل معنى النور المُبصِر إلى الظاهر بذاته المُظهِر لغيره... فقد تحصّل أنّ المراد بالنور في الآية الكريمة ، الذي يستنير به كلُّ شيء وهو مساوٍ لوجود كلّ شيء وظهوره في نفسه ولغيره وهي الرحمة العامّة(16) .

بعد هذا البيان كيف يدّعي ( ماكدونالد ) صعوبة معرفة المقصود من وصف الله تعالى بالنور ؟!

 

4 ـ العدل : ما قام في النفوس أنّه مستقيم ، وهو ضدّ الجور . وفي أسماء الله سبحانه : العَدْل ، هو الذي لا يَميلُ به الهوى فيجور في الحكم ، وهو في الأصل صدر سُمِّي به فوُضِعَ موضع العادل ، وهو أبلغ منه لأنّه جُعِلَ المُسَمّى نفسه عَدلاً(17) .

وكلمة العدل وإنْ لم ترد كصفة أو اسم من أسماء الله سبحانه في القرآن الكريم ، إلاّ أنّها جاءت كذلك في حديث الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )(18) .

5 ـ البارئ : من برأ ، وهي من أسماء الله عز وجلّ ، والله البارئ : الذي خَلَقَ لا عن مثال(19) . وبهذا المعنى جاءت في الآية الكريمة : {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24] أي المُحدِث المُنشئ للأشياء ممتازاً بعضها عن بعض (20) .

فكلمة البارئ لفظٌ عربيٌّ أصيل استعمل في المعنى الخاص الذي أشرنا إليه ، خلافاً لما ادّعاه ( ماكدونالد ) من أنّها استقيت من العبريّة ولم يقصد من استعمالها معنىً خاصّاً .

6 ـ بَعْل : يُقال للرجل ، هو بَعْلُ المرأة ، ويُقال للمرأة ، هي بَعْلُه وبَعْلتُه . وباعَلت المرأةُ : اتّخذت بعلاً ، وباعل القوم قوماً آخرين مُباعَلة وبِعالاً : تزوّج بعضهم إلى بعض ، والأنثى بَعْل وبَعْلة مثل زوج وزوجة ؛ قال الراجز :

شَرُّ قرينٍ للكبير بَعلتُه تُولغ كلباً سُؤرَه أو تكْفِتُه

وبَعَل يَبْعَل بُعولة وهو بَعْل: صار بَعْلاً وقال: يا رُبَّ بَعْل ساء ما كان بَعَل.

وبَعْلُ الشيء : رَبُّه ومالكهُ . وفي حديث الإيمان : وإنْ تَلِدَ الأمة بَعْلَها ؛ المراد بالبعل ههنا المالك يعني كثرة السبي والتسرّي ، فإذا استولد المسلم جاريةً كان ولدها بمنزلة ربّها .

وبَعْلٌ والبَعْل جميعاً : صَنَم ، سُمّي بذلك لعبادتهم إيّاه كأنّه ربّهم . وقوله عز وجلّ : {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات: 125] يُقال : أنا بَعْلُ هذا الشيء أي رَبُّه ومالكه ، كأنّه يقول : أتدعون ربّاً سِوى الله ؟

ورُوي عن ابن عبّاس : إنّ ضالَّةً أُنشدَت فجاء صاحبها فقال : أنا بعلُها ، يُريدُ ربّها ، فقال ابن عبّاس : هو من قوله أتدعون بعلاً أي رَبّاً . وورد أنّ ابن عبّاس مرَّ برجُلين يختصمان في ناقة وأحدهما يقول : أنا والله بعلُها ، أي مالِكُها وربّها . وقولهم : مَنْ بَعلُ هذه الناقة ؟ أي مَنْ رَبُّها وصاحبها(21) .

وجاء في كتب التفسير ما يُطابق المعاني اللغويّة التي ذكرناها ، منها في تفسير الآية ( أَتَدْعُونَ بَعْلاً...) ، قال الحسن والضحّاك وابن زيد : المراد بالبعل ـ ههنا ـ صنم كانوا يعبدونه ، والبعل في لغةِ أهل اليمن هو الربّ ، يقولون : مَنْ بَعْل هذا الثوب أي مَنْ ربّه ـ وهو قول عِكرمة ومجاهد وقتادة والسدّي ـ ويقولون : هو بَعل هذه الدابّة أي ربّها(22) .

وعليه فكيف يدّعي ( ما كدونالد ) أنّ هذه الكلمة دخلت إلى العربيّة تفسيراً لآيةٍ في القرآن الكريم ؟

7 ـ سورة . السورة : المَنْزِلَة ، والجمع سُوَرٌ ، والسُّوَرةُ من البناء : ما حَسُنَ وطال . قال الجوهري : والسُّوْرُ جمع سُورَة مثل بُسْرَة وبُسْرٍ ، وهي كل منزلة من البناء ؛ ومنه سُورَة القرآن لأنّها منزلةٌ بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى ، والجمع سُوَرٌ بفتح الواو ؛ قال الراعي :

هُنَّ الحرائرُ لا رَبّاتُ أَخْمِرَةٍ سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ

وقال ابن سيّده : سُمّيت السُّورَةُ من القرآن سُورَةً لأنّها درجة إلى غيرها ، وروى الأزهري بسنده عن أبي الهيثم قال : أمّا سورة القرآن فإنّ الله جلَّ ثناؤه جعلها سُوَراً مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ ورُتْبَةٍ ورُتَبٍ وزُلْفَةٍ وزُلَفٍ(23) .

بعد هذا البيان للمعنى اللغوي الأصل لكلمة ( سورة ) في اللغة العربيّة واستعمالها بهذا المعنى في القرآن الكريم ، كيف يوجّه ( بول ) استفهامه عن مصدر هذه الكلمة وأصالتها ؟ وكيف يدّعي ( نولدكه ) أنّها عبارة عن الكلمة العبريّة الحديثة ( شورا ) ؟

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) دائرة المعارف الإسلاميّة 2 : 562 .

(2) المصدر السابق 2 : 563 .

(3) المصدر السابق .

(4) المصدر السابق : 564 .

(5) المصدر السابق 3 : 64 .

(6) المصدر السابق 3 : 53 .

(7) المصدر السابق 3 : 694 .

(8) المصدر السابق 12 : 358 .

(9) لسان العرب : مادّة ( قدس ) . والقاموس المحيط مادّة ( قدس ) .

(10) السيّد الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن 19 : 256.

(11) الطوسي ، التبيان 9 : 573 .

(12) لسان العرب : مادّة ( سلم ) . والقاموس المحيط : مادّة ( سلم ).

(13) الطوسي ، التبيان 9 : 573 .

(14) السيّد الطباطبائي في تفسير القرآن 19 : 256 .

(15) لسان العرب : مادّة ( نور ) .

(16) السيّد الطباطبائي ، الميزان 15 : 122 .

(17) لسان العرب : مادّة ( عدل ) . والقاموس المحيط : مادّة ( عدل ) .

(18) راجع : بحار الأنوار 2 : 238 ـ 239 .

(19) لسان العرب : مادّة ( برأ ) . والقاموس المحيط : مادّة ( برأ ) .

(20) السيّد الطباطبائي ، الميزان 19 : 257 . والطوسي ، التبيان 9 : 574 .

(21) لسان العرب مادّة ( بعل ) . والقاموس المحيط : مادّة ( بعل ) .

(22) الطوسي ، التبيان 8 : 524 ـ 525 .

(23) لسان العرب : مادّة ( سور ) . والقاموس المحيط : مادّة ( سور ) .




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.