المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


المنتجب العاني  
  
19416   11:26 صباحاً   التاريخ: 29-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص82-85
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-06-2015 2658
التاريخ: 28-12-2015 2672
التاريخ: 29-06-2015 2041
التاريخ: 4-8-2018 1716

-هو أبو الفضل محمّد بن الحسن الخديجي المضريّ المعروف بلقب المنتجب العانيّ، و هو يفتخر في شعره بأنّه من بني نمير من مضر الحمراء من عرب الشّمال. و كذلك أبواه فانّنا لا نعرف من أمرهما شيئا.

يغلب على الظنّ أن المنتجب العانيّ ولد في عانة على الفرات الأعلى و نشأ فيها و في بغداد حيث استقرّ مدّة؛ ثمّ انتقل الى حلب و سكنها. و يبدو أن سكناه لم تطل في حلب فانتقل الى جبال اللاذقيّة (غربيّ الشام) . ثمّ انّ معرفتنا بشيخه الحسين بن حمدان الخصيبي قليلة جدّا.

تلقّى المنتجب العانيّ العقيدة الباطنية عن حسين بن حمدان الخصيبي (ت ربيع الأوّل 358-أوائل 969 م) زعيم طائفة العلويّين النصيرية (1)، أصله من مصر ثمّ انتقل الى جنبلا (بضمّ الجيم) في العراق. بعدئذ جاء الى بغداد. ثمّ استقرّ في حلب الى حين وفاته. و الخصيبيّ هذا تلقّى الدعوة الباطنيّة عن عبد اللّه بن محمّد الحنّان الجنبلاني (من أهل جنبلا) الفارسيّ داعية العلويّين و عالمهم و رئيسهم في عصره و مؤسّس الطريقة الجنبلانية، تلك الطريقة التي أصبح اسم أتباعها فيما بعد «العلويّين» (أهل منطقة اللاذقية في سورية) . و كانت وفاة الجنبلاني في جنبلا، سنة 287 ه‍ (800 م) (2).

فالمنتجب العانيّ، إذن، ليس شاعرا فحسب، بل هو من كبار الأشخاص في سلسلة الدعاة العلويّين المنشقّين عن الدعوة الفاطميّة و المختلفين من أتباع مذهب التوحيد (الدروز) .

و كانت وفاة المنتجب في عانة، فيما يظنّ، حوالي سنة 400 ه‍ (1009- 1010 م) ، فيما ذكر بروكلمان (الملحق 1:327) ، غير أن خصائص شعره تدلّ على أنّه أكثر تأخّرا في الزّمن الى 420 أو أبعد (3).

المنتجب العانيّ شاعر وجدانيّ وصل إلينا من شعره اثنتا عشرة قصيدة طويلة تعدّ ألفي بيت. و للمنتجب مقدرة لغويّة ظاهرة، و لكنّ في شعره أيضا أشياء من الخطأ (رسالة فن المنتجب العاني ص 58،121،183 الخ) . و كذلك نجد له السبك المتين الى جانب التركيب الذي يركّ أحيانا. و هو غزير المعاني، و لكنّه أيضا شديد التقليد لنفر من الشعراء كالمتنبّي (ت 354 ه‍) . و الشريف الرضيّ (و 406 ه‍) و المعرّي (ت 449 ه‍) كثير الأخذ منهم ممّا يوحي بتأخّره في الزمن.

و المنتجب العاني شاعر باطنيّ متطرّف عنيف، و في شعره كثير من ألفاظ الباطنية و رموزهم. أما فنونه فهي مدح الرسول(صلّى الله عليه وآله) و آل البيت(عليهم السلام) و الفخر و الرثاء و الخمر و الغزل. و يغلب التصوّف على فنون شعره. فاذا لم نأخذ باتّجاهه الصوفيّ فإنّ معظم غزله يصبح حينئذ مذكّرا.

مختارات من شعره:

- قال المنتجب العاني في الغزل:

و ربّ أهيف ساجي الطرف معتدلٍ...أغنّ أحوى دقيق الخصر واهيه (4)

أعار أمّ الطلا من غنج مقلته... و علّم البان ضربا من تثنّيه (5)

خلوت أجلو دجى ليلي بطلعته... حتّى الصباح و أجني الراح من فيه (6)

تجمّعت فيه أوصاف مفرّقة... في الناس فازداد عجبا من تناهيه (7)

قضيب بان على حقف يلوح على...عليائه بدر تمّ تحت داجيه (8)

فالنّرجس الغضّ من عينيه أنهبه... و الورد باللّحظ من خدّيه أجنيه

ذللت من بعد عزّي في هواه إلى... أن صار يسخطني تيها و أرضيه (9)

ولي فؤاد على التعذيب مصطبر... فها هو الآن يقصيني و أدنيه

لا يرعوي لعتابي في تجنّبه... و لا يرقّ لحالي في تجنّيه (10)

و كلّما قلت يثنيه الحياء إلى... حسن الوفاء تمادى في تماديه (11)

مع علمه أن ذلّي في تعزّزه... و أن فرط تلافي في تلافيه (12)

قالوا إلى كم تلاطفه  فقلت لهم... منه الدلال و منّي أن أداريه (13)

ما النفع بالطلل البالي و قد درست... أقماره و نأت عنّي دراريه (14)

مهما نسيت فلن أنسى به زمنا... صفا فكدّرت الأيام صافيه

يا مربعا طالما غنّيته طربا... من السرور فعدت اليوم أبكيه (15)

ما بال مغناك لا يرثي لذي شجنٍ... و لا يجيب أخا شجو يناديه (16)

تهضّمتك يد البلوى و غيّرت ال‍أ...تراح ما كنت بالأفراح مبديه (17)

و أصبح الشّمل بعد الجمع مفترقا... مذ جار في الحكم و التّشتيت قاضيه (18)

ماضٍ من العيش لو يفدى بذلت له... روحي و رخّصت في ما كنت أغليه (19)

- و قال في ما بين الخمر و الغزل:

و ليلة بت أجلوها بشمس ضحى... صهباء تخبر عن نوح و عن هود (20)

مع كل هيفاء مصقول ترائبها... ماست بقدّ كغصن البان أملود (21)

تخالها إن شدت، و الكأس دائرة... قد أوتيت نغمة من آل داود (22)

قد كان ذاك و وقتي يانع نضر... و العيش غضّ و عصري ناعم العود (23)

بان الشباب فبنّ الغانيات؛ و من... يشب يجد طول همّ ثم تنكيد (24)

لو كان يرجى لماضي العيش مرتجع... لقلت: باللّه، يا أيّامنا عودي

إلى عليّ بن بدران الجواد خدي... ربّ المكارم نجّاز المواعيد (25)

حلف السحائب فلاّل النوائب بذْ...ذَال الرغائب مأوى كلّ مطرود

فتى جرى و سحاب الجوّ فانبجست... كفّاه إذ ضنّ صوب المزن بالجود (26)

- و قال في معاني الصوفية:

فيا صاحبي و الصّبّ ما انفكّ في الهوى... يناجي بشجو الحبّ من بات يصحب

أعنّي على وجدي القديم بوقفة... على ملعب لم يبق لي فيه ملعب (27)

هو الرّبع للجرعاء من أيمن الحمى... و هذا النّقا البادي و ذاك المحصّب (28)

فعج يمنة إن كنت للخلّ مسعدا... و خلّ دموع العين في الدار تسكب (29)

لعلّ مسيل الدمع يعقب راحة... فيطلق من أسر الغرام المعذّب

______________________

1) راجع ص 7.

2) راجع في هذا كله: تاريخ العلويين 195 و ما بعد؛ أعيان الشيعة 5:345؛ الأعلام للزركلي 3: 255،4:261.

3) و لعل أحداث حياة المنتجب لا تتسق مع حياة الخصيبي اذا نحن أصررنا على سنتي وفاتيهما ثم لا تتفق اذا نحن باعدنا بين سنتي وفاتيهما، كما يجب أن نفعل. و من الخصيبي، فيما يبدو، تحدرت العقيدة الباطنية الى المنتجب، غير مباشرة في الاغلب؛ و بهذا يكون الخصيبي شيخا للمنتخب.

4) أهيف: دقيق الخصر، نحيل. ساجي: هادئ، مكسور. الطرف: العين، الجفن. معتدل: مستقيم القامة. أغن: ذو غنة (نغمة حلوة) في صوته. أحوى: أسمر الشفة. واهية: واهي (ضعيف) الخصر.

5) أم الطلا: الغزالة. الغنج: الدلال و الدلع. البان: شجر أغصانه مستقيمة ملساء سمراء. ضربا: نوعا. التثني: التمايل.

6) الدجى: سواد الليل. أجني: أقطف (أتناول) . الراح: الخمر.

7) العجب: الاعجاب بالنفس، الكبرياء. التناهي: بلوغ النهاية أو الغاية في الأمر (هنا: في أوصاف الجمال) .

8) الحقف: الجانب العظيم المستدير من الرمل (يقصد: وسط جسمه) . بدر تم: البدر ليلة تمامه و امتلائه (يقصد: وجه المحبوب) . الداجي: (الليل) المظلم.

9) التيه: العجب (بضم العين) و الكبرياء.

10) ارعوى: رجع أو عاد عن ذنبه. التجنب: البعاد، الهجر. التجني: نسبة الذنب الى غير مذنب.

11) يثنيه: يرده (سيرده) . تمادى: استمر.

12) تلافي (الاولى) : هلاكي. تلافيه: تجنب الاجتماع بي (ابتعاده عني) .

13) «تلاطفه» ساكنة لضرورة الوزن و حقها الرفع بضمة على الفاء. و هذا من أخطاء الشاعر.

14) الاقمار و الدراري (النجوم) كناية عن النساء الحسان. نأى: ابتعد.

15) المربع: المكان الخصب (الذي ينزل الناس فيه في الربيع) المسكون.

16) المغنى: المكان المسكون عامة. الشجن: الحزن. الشجو: الحزن (أيضا) .

17) تهضمتك: نهكتك (أتعبتك) و هزلتك (أنحلتك) .

18) في الاصل: بالحكم. جار قاضيه (قاضي المحبوب أو قاضي الغرام) في حكمه (ظلم) اذ حكم علي بالتشتيت (افتراق الشمل، بالبعاد) .

19) الشطر الاول مضمن من شعر الشريف الرضي (ت 406 ه‍) : ماض من العيش لو يفدى بذلت له كرائم المال من خيل و من نعم.

20) ليلة بت أجلوها: قضيت الليل كله أفرق ظلامها (أضيئها) بشمس ضحى (خمر) صهباء (حمراء اللون) . تخبر عن نوح و عن هود (كناية عن قدمها) .

21) هيفاء، بان (راجع ص 83 الحاشية 2) الترائب: أعلى الصدر. مصقول ترائبها: صدرها أملس (كناية عن الشباب) . ماس: تمايل. أملود: طري، ناعم.

22) شدا: غنى. و الكأس دائرة: و كأس الخمر تنتقل بين الشاربين. كان داود معروفا بجمال الصوت و حسن الغناء. تخالها: تظنها.

23) يانع: ناضج. النضر: الزاهي، الريان، الاخضر. غض: طري، رغد، ناعم. عصري (؟) ربما: عمري (؟) .

24) بان: ذهب. بنّ الغانيات: الغانيات بن: ابتعدن عني (و التعبير الذي استعمله الشاعر-تقديم الفعل مع الضمير على الفاعل-يسمى «لغة أكلوني البراغيث» و هو من الخطأ. يشب-يشيب: يدركه الشيب. في الاصل: تكيد. التنكيد: تنغيص العيش.

25) وخدت الناقة: أسرعت.

26) انبجست العين (و انبجس المطر) خرج منهما الماء بكثرة. المزن: المطر. صوب المزن: المطر المنهمر.

27) على ملعب لم يبق لي فيه ملعب: في مجال للهو لم يبق مجالا لي (لأنني تقدمت في السن كثيرا) .

28) الربع، الجرعاء، أيمن الحمى، المحصب (مكان في منى-بكسر الميم-في مكة) أماكن في الحجاز ترد في أشعار المتصوفة للتبرك و التغزل لا على التعيين.

29) عاج: مال، اتجه الى. الخل: الصديق. مسعدا: مساعدا (للخل) على احتمال ما به من ألم الحب. و المسعد ايضا: الذي يحزن لحزن الآخرين فيبكي لبكائهم.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.