1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : التفسير الجامع : حرف الواو : سورة الواقعة :

تفسير الاية (75-96) من سورة الواقعة

المؤلف:  اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

المصدر:  تفاسير الشيعة

الجزء والصفحة:  ......

5-10-2017

10255

قال تعالى : {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَو تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوحَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة: 75 - 96].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

أكد سبحانه ما تقدم ذكره بقوله {فلا أقسم بمواقع النجوم} ولا زائدة والمعنى فأقسم عن سعيد بن جبير ويجوز أن يكون لا ردا لما يقوله الكفار في القرآن من أنه سحر وشعر وكهانة ثم استأنف القسم فقال أقسم وقيل أن لا تزاد في القسم فيقال لا والله لا أفعل وقال امرؤ القيس :

لا وأبيك ابنة العامري *** لا يدعي القوم أني أفر

والمعنى وأبيك وقيل أن المعنى لا أقسم على هذه الأشياء فإن أمرها أظهر وآكد من أن يحتاج فيه إلى اليمين عن أبي مسلم واختلف في معنى {مواقع النجوم} فقيل هي مطالع النجوم ومساقطها عن مجاهد وقتادة وقيل انكدارها وهو انتشارها يوم القيامة عن الحسن وقيل هي الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا مطرنا بنوء كذا فيكون المعنى فلا أقسم بها وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) أن مواقع النجوم رجومها للشياطين وكان المشركون يقسمون بها فقال سبحانه (فلا أقسم بها) وقيل معناه أقسم بنزول القرآن فإنه نزل متفرقا قطعا نجوما عن ابن عباس.

 {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} قال الزجاج والفراء وهذا يدل على أن المراد بمواقع النجوم نزول القرآن والضمير في إنه يعود إلى القسم ودل عليه قوله {أقسم} والمعنى أن القسم بمواقع النجوم لقسم عظيم لو تعلمون ففصل بين الصفة والموصوف بالجملة ثم ذكر المقسم به فقال {إنه لقرآن كريم} معناه إن الذي تلوناه عليك لقرآن كريم أي عام المنافع كثير الخير ينال الأجر العظيم بتلاوته والعمل بما فيه وقيل كريم عند الله تعالى أكرمه الله تعالى وأعزه لأنه كلامه عن مقاتل وقيل كريم لأنه كلام رب العزة ولأنه محفوظ عن التغيير والتبديل ولأنه معجز ولأنه يشتمل على الأحكام والمواعظ وكل جليل خطير وعزيز فهو كريم.

 {في كتاب مكنون} أي مستور من خلقه عند الله وهو اللوح المحفوظ أثبت الله فيه القرآن عن ابن عباس وقيل هو المصحف الذي في أيدينا عن مجاهد {لا يمسه إلا المطهرون} معناه في القول الأول لا يمسه إلا الملائكة الذين وصفوا بالطهارة من الذنوب وفي القول الثاني إلا المطهرون من الشرك عن ابن عباس وقيل المطهرون من الأحداث والجنابات وقالوا(2) لا يجوز للجنب والحائض والمحدث مس المصحف عن محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) وطاووس وعطاء وسالم وهو مذهب مالك والشافعي فيكون خبرا بمعنى النهي وعندنا أن الضمير يعود إلى القرآن فلا يجوز لغير الطاهر مس كتابة القرآن.

 {تنزيل من رب العالمين} أي هذا القرآن منزل من عند الله تعالى الذي خلق العباد ودبرهم على ما أراد على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم خاطب سبحانه أهل مكة فقال {أ فبهذا الحديث} الذي حدثناكم به وأخبرناكم فيه عن حوادث الأمور وهو القرآن {أنتم مدهنون} أي مكذبون عن ابن عباس وقيل مدهنون ممالئون للكفار على الكفر به عن مجاهد وقيل منافقون على التصديق به أي تقولون آمنا به وتدهنون فيما بينكم وبين المشركين إذا خلوتم فقلتم إنا معكم قال مؤرج هو الذي يلين جانبه ليخفي كفره وأصله من الدهن {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} أي وتجعلون حظكم من الخير الذي هو كالرزق لكم أنكم تكذبون به وقيل وتجعلون شكر رزقكم التكذيب عن ابن عباس قال أصاب الناس عطش في بعض أسفاره فدعا (صلى الله عليه وآله وسلّم) فسقوا فسمع رجلا يقول مطرنا بنوء كذا فنزلت الآية وقيل معناه وتجعلون حظكم من القرآن الذي رزقكم الله التكذيب به عن الحسن.

{فلولا إذا بلغت الحلقوم} أي فهلا إذا بلغت النفس الحلقوم عند الموت {وأنتم} يا أهل الميت {حينئذ تنظرون} أي ترون تلك الحال وقد صار إلى أن تخرج نفسه وقيل معناه تنظرون لا يمكنكم الدفع ولا تملكون شيئا {ونحن أقرب إليه منكم} بالعلم والقدرة {ولكن لا تبصرون} ذلك ولا تعلمونه وقيل معناه ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون رسلنا القابضين روحه {فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين} يعني فهلا ترجعونها أي فهلا ترجعون نفس من يعز عليكم إذا بلغت الحلقوم وتردونها إلى موضعها إن كنتم غير مجزيين بثواب وعقاب وغير محاسبين وقيل غير مدينين معناه غير مملوكين وقيل غير مبعوثين عن الحسن والمراد أن الأمر إن كان كما تقولونه من أنه لا بعث ولا حساب ولا جزاء ولا إله يحاسب ويجازي فهلا رددتم الأرواح والنفوس من حلوقكم إلى أبدانكم إن كنتم صادقين في قولكم فإذا لم تقدروا على ذلك فاعلموا أنه من تقدير مقدر حكيم وتدبير مدبر عليم .

ثم ذكر سبحانه صفات الخلق عند الموت فقال {فأما إن كان من المقربين} أي فإن كان ذلك المحتضر الذي بلغت روحه الحلقوم من المقربين عند الله وهم السابقون الذين ذكروا في أول السورة {فروح} أي فله روح وهو الراحة والاستراحة عن ابن عباس ومجاهد يعني من تكاليف الدنيا ومشاقها وقيل الروح الهواء الذي تستلذه النفس ويزيل عنها الهم {وريحان} يعني الرزق في الجنة وقيل هو الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به عند الموت فيشمه عن الحسن وأبي العالية وقتادة وقيل الروح الرحمة والريحان كل نباهة وشرف وقيل الروح النجاة من النار والريحان الدخول في دار القرار وقيل روح في القبر وريحان في الجنة وقيل روح في القبر وريحان في القيامة.

 {وجنة نعيم} يدخلونها {وأما إن كان من أصحاب اليمين} أي إن كان المتوفى من أصحاب اليمين {فسلام لك من أصحاب اليمين} أي فترى فيهم ما تحب لهم من السلامة من المكاره والخوف وقيل معناه فسلام لك أيها الإنسان الذي هومن أصحاب اليمين من عذاب الله وسلمت عليك ملائكة الله عن قتادة قال الفراء فسلام لك إنك من أصحاب اليمين فحذف إنك وقيل معناه فسلام لك منهم في الجنة لأنهم يكونون معك ويكونون لك بمعنى عليك ( سؤال ) يقال لم يتبرك باليمين ( والجواب ) إن العمل ميسر بها لأن الشمال معسر العمل بها من نحو الكتابة والأعمال الدقيقة.

 {وأما إن كان من المكذبين} بالبعث والرسل وآيات الله {الضالين} عن الهدى الذاهبين عن الصواب والحق {فنزل من حميم} أي فنزلهم الذي أعد لهم من الطعام والشراب من حميم جهنم {وتصلية جحيم} أي إدخال نار عظيمة كما قال ويصلى سعيرا في قراءة من شدد {إن هذا لهو حق اليقين} أضاف الحق إلى اليقين وهما واحد للتأكيد أي هذا الذي أخبرتك به من منازل هؤلاء الأصناف الثلاثة هو الحق الذي لا شك فيه واليقين الذي لا شبهة معه وقيل تقديره حق الأمر اليقين.

 {فسبح باسم ربك العظيم} أي نزه الله سبحانه عن السوء والشرك وعظمه بحسن الثناء عليه وقيل معناه نزه اسمه عما لا يليق به فلا تضف إليه صفة نقص أو عملا قبيحا وقيل معناه قولوا سبحان ربي العظيم والعظيم في صفة الله تعالى معناه إن كل شيء سواه يقصر عنه فإنه القادر العالم الغني الذي لا يساويه شيء ولا يخفى عليه شيء جلت آلاؤه وتقدست أسماؤه .

 

_________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص376-380.

2- وفي نسخة : وقيل بدل قالوا .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَو تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} . أشرنا في فقرة الاعراب إلى أن أكثر المفسرين قالوا : ان {لا} هنا زائدة ، وقال آخرون :

انها أصل ، وان المعنى لا أقسم لأن الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم . والصحيح الأول بدليل قوله تعالى : {وإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَو تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} أي انه تعالى قد أقسم بالفعل ، وان قسمه عظيم ، وعند تفسير الآية 1 من سورة الصافات ج 6 ص 330 قلنا : ان للَّه أن يقسم بما شاء من خلقه لأن كل مخلوق يدل على وجود خالقه وعلمه وحكمته ، فكيف إذا كان للمقسم به أثره البالغ في إتقان الكون ونظامه ، وصيانته من الخراب والدمار كوضع النجوم في مواضعها وترتيبها في أماكنها بحيث لوحاد نجم منها عن مكانه قيد شعرة لأنهار الكون وذهب كل شيء ، وقوله تعالى : {لَو تَعْلَمُونَ} يومئ إلى ان أكثر الناس يجهلون هذه الحقيقة بخاصة أهل العصور الأولى .

الإسلام وقادة الفكر الأوروبي :

{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} . أجل ، ان القرآن كريم يغني عن كل مرشد ودليل ، ويشفي من داء الجهل والضلال ، ويهدي إلى منازل الكرامة والسلامة ، ويحرر من قيود الظلم والعبودية . . أما السر لأوصافه هذه وكثير غيرها فلأن القرآن الكريم يستجيب لكل حاجة من حاجات الحياة ، ويربط الدين بالعمل في الدنيا لحياة طيبة عادلة لا مشاكل فيها ولا عدوان . . حتى سعادة الآخرة لا ينالها إلا من أخلص وعمل صالحا . .

أبدا لا طريق إلى اللَّه ، ولا إلى النجاة من غضبه وعذابه إلا العمل النافع :

{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} - 18 الرعد .

ومن هنا أجمع المسلمون قولا واحدا على ان اللَّه سبحانه ما شرع ولن يشرع حكما إلا لخير الإنسان ومصلحته ، وانه من المستحيل أن يشرع حكما فيه ضرر على أحد أيا كان ، وانه إذا نسب إلى شريعة القرآن حكم لا يتفق مع هذا المبدأ فهومن جهل الجاهلين أو دسائس الوضاعين ، أما الآيات الدالة على ذلك فتعد بالعشرات ، منها قوله تعالى على لسان نبيه شعيب : {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلاحَ} - 88 هود وقوله : {ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ولكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ولِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} - 7 المائدة وقوله : {إِنَّ اللَّهً بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} - 143 البقرة وقوله : {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} - 30 الروم .

هذا هو الإسلام في حقيقته وواقعه ، وفي كتاب اللَّه وعلمه ، لا شيء فيه إلا ما يحتاج إليه الإنسان ويطلبه بغريزته وفطرته النقية الصافية التي ولد عليها ، وتميز بها عن جميع الكائنات ، لا ما يتطلبه الطمع والجشع ، والبغي والعدوان . .

وقد أدرك هذه الحقيقة الكثير من فلاسفة الغرب وشعرائه وأدبائه ، فأكبروا الإسلام وأشادوا بالرسول الأعظم ( صلى الله عليه واله وسلم ) لا لشيء إلا بدافع من حب الخير والحق والعدل ، ولو اتسع لنا المقام لذكرنا الكثير من أقوالهم ، ولكن ما لا يدرك كله أوجله فلا يترك كله ، ونختار من بين أولئك الأعلام : (جوته) الألماني و(لامرتين)

الفرنسي و(تولستوي) الروسي و(برناردشو) الانكليزي ، وهم كما ترى مختلفون في ثقافتهم وقوميتهم واتجاهاتهم .

قرأ {جوته} الشاعر الألماني الكبير - القرآن ، وأدرك ما فيه فأكبره واحتفل بليلة القدر التي نزل فيها القرآن ، وقرأ تاريخ الرسول الكريم ( صلى الله عليه واله وسلم ) فألف النشيد المحمدي ، وكتب مسرحية محمد ( صلى الله عليه واله وسلم )، ومن أقواله : إذا كان الإسلام هو التسليم للَّه لا للأهواء والأغراض ففي الإسلام نحيا ، وعليه نموت .

وقال (لامرتين) شاعر فرنسا العظيم : (ان كل ما في حياة محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) يدل على انه لم يكن يضمر خداعا أو يعيش على باطل . . انه هادي الإنسان إلى العقل ، ومؤسس دين لا فرية فيه) .

وقال (تولستوي) الفيلسوف الروسي الإنساني : (مما لا ريب فيه ان محمدا خدم الهيئة الاجتماعية خدمات جليلة ، ويكفيه فخرا أنه هدى مئات الملايين إلى نور الحق والسكينة والسلام ، ومنح للإنسانية طريقا للحياة ، وهو عمل عظيم لا يقوم به إلا إنسان أوتي قوة وإلهاما وعونا من السماء) .

وقال برنارد شو الأديب الانكليزي العالمي : (يجب أن يدعى محمد منقذ الإنسانية . . انني أعتقد انه لو تولى رجل مثله زعامة العالم الحديث لنجح في حل مشاكله بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة . . ان محمدا هو أكمل البشر من الغابرين والحاضرين ، ولا يتصور وجود مثله في الآتين) .

وقول برنارد شو: (محمد أكمل البشر من الغابرين والحاضرين) معناه ان رسالة محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) لا تغني عنها أية رسالة من رسائل الأنبياء السابقين . . حتى عيسى وإبراهيم . أما قول برنادشو: (ولا يتصور وجود مثل محمد في الآتين) فمعناه لا أحد يستطيع بعد محمد أن يأتي الإنسانية بجديد يفيدها وينفعها أكثر مما أتى به محمد ، ومعناه أيضا ان دعوة محمد ودين محمد يغني عن كل دين وكل دعوة وشريعة ونظام ، ولا يغني عنه شيء .

وكلنا يعلم ان برنارد شوفي طليعة قادة الفكر الأوروبي في القرن العشرين ، عصر الذرة والفضاء ، وان شهادته هذه هي نتاج البحث الطويل ، والتفكير العميق ، والتحليل الدقيق . . وهذه الشهادة من برناردشوهي تعبير ثان أو تفسير لقوله تعالى :

{وما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ} - 107 الأنبياء أي كل العالمين في كل زمان وكل مكان . وأيضا هي تفسير لقوله سبحانه : {ولكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وخاتَمَ النَّبِيِّينَ} - 40 الأحزاب وأيضا هي أي شهادة برناردشو دليل قاطع على صدق المسلمين في عقيدتهم بأن محمدا هو أكمل البشر من الغابرين والحاضرين ، ولا يتصور وجود مثله في الآتين على حد قول برناردشو.

وبعد ، فما هو رأي الشباب المتنكرين لدين آبائهم وأجدادهم ؟ ما رأيهم في قول برنادشو؟ وهل هم أعلم وأحرص منه على الإنسانية ، أم انهم يتكلمون بوحي من أعداء الإسلام والإنسانية من حيث لا يشعرون ؟

{فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ } أي مصون . واختلفوا : من أي شيء مصون ؟ فقال بعضهم : مصون من التراب والغبار ! . . كما في تفسير الطبري . وقال آخرون :

انه مصون في اللوح المحفوظ . . وفي رأينا انه لا موجب لهذا النزاع والخلاف لأن اللَّه سبحانه بيّن معنى الصيانة بقوله : {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ } أي ان القرآن وحي من اللَّه لا من الشياطين ، وما هو بالسحر ولا أساطير الأولين كما يزعم الجاحدون .

واتفق فقهاء المذاهب على تحريم مس كتابة القرآن إلا للمتطهر المتوضئ ، واختلفوا في كتابته وتلاوته لغير الطاهر . فقال الحنفية : لا تجوز كتابته وتجوز تلاوته له عن ظهر قلب . وقال الشافعية : لا تجوز كتابته ولا تلاوته إلا بقصد الذكر كالتسمية على الأكل . وقال المالكية : لا تجوز الكتابة وتجوز التلاوة عن حاضر وظهر قلب . وقال الحنابلة : لا تجوز كتابته ويجوز حمله حرزا بحائل .

وقال الإمامية : لا تحرم التلاوة على الجنب إلا سور العزائم الأربع : وهي اقرأ ، والنجم ، وحم السجدة ، وألم تنزيل . وتجوز الكتابة .

{أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ } . المراد بالحديث القرآن ، وأنتم خطاب للمنافقين الذين داهنوا ، فأظهروا الاعتراف بالقرآن ، وأضمروا الجحود والإنكار {وتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} . المراد بالرزق النعمة ، وبالتكذيب كفرانها ، والمعنى ان القرآن نعمة من اللَّه عليكم أيها المداهنون ، فكيف قابلتموها بالجحود والكفران ؟ . وقال جماعة من المفسرين : انهم كانوا إذا أمطروا قالوا : هذا من

صنع الطبيعة ، فكان ذلك كفرا منهم بأنعم اللَّه ، وفيهم نزلت هذه الآية . .وهذا بعيد لأن الحديث عن القرآن لا عن الأمطار .

{فَلَولا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ } . في بلغت ضمير مستتر يعود إلى النفس التي دل عليها سياق الكلام ، وأنتم خطاب لمن شاهد الميت وهو يحتضر ، سواء أكان من أهله أم من غيرهم ، والمعنى كيف بكم أيها المداهنون إذا نزلت غمرات الموت بواحد منكم ، وبلغت روحه التراقي ، وأنتم تنظرون إلى ما به ، وتتمنون له الحياة والبقاء ، فهل تملكون شيئا من أمره وتردون عليه حياته وعافيته ؟ . {ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ} . ضمير إليه يعود إلى المحتضر ، والمعنى ا ن اللَّه سبحانه يعلم بما حل بالمحتضر ، وبعجزكم عن نجدته وألمكم لفقده ، ولكنكم تجهلون ان اللَّه موجود في كل مكان بعلمه وقدرته {فَلَولا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} إذا كنتم أحرارا - كما تزعمون - وغير مسؤولين عن شيء ، ولا أحد يستطيع ان يقهركم على شيء ، إذا كان الأمر كذلك فلما ذا لا تدفعون الموت عن أنفسكم وترجعون أرواحكم إلى أجسادكم لأن المفروض في منطقكم ان اللَّه لا يملك لكم موتا ولا حياة ولا بعثا ولا حسابا .

{فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ ورَيْحانٌ وجَنَّةُ نَعِيمٍ } . في أول هذه السورة قسم سبحانه أهل القيامة إلى ثلاثة أصناف : السابقين المقربين ، وأصحاب اليمين ، وأصحاب الشمال ، وذكر في هذه الآية ان المحتضر إذا كان من السابقين فهو في أمان قائم ونعيم دائم ، وتقدم في الآية 12 وما بعدها من هذه السورة - ما أعده اللَّه للسابقين {وأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ} .

وإذا كان المحتضر من الصنف الثاني وهم أصحاب اليمين فتبشره الملائكة بالسلام والراحة . . ومن هنا بيانية ، وليست للتبعيض أي أنت أيها المؤمن الذي هومن أصحاب اليمين لك سلام وأمان . وتقدم في الآية 27 وما بعدها من هذه السورة ما أعده سبحانه لأصحاب اليمين .

 {وأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } . وإذا كان المحتضر من الصنف الثالث وهم أصحاب الشمال فمأواه جهنم وساءت مصيرا .

وذكر سبحانه ما أعده لأصحاب الشمال في الآية 41 وما بعدها من هذه السورة ( إِنَّ هذا لَهُو حَقُّ الْيَقِينِ} الذي لا شك فيه . وفي بعض كتب الصوفية . ان الشيء المدرك على ثلاثة أقسام : مدرك بعلم اليقين كمن يدرك وجود النار من وجود الدخان ، ومدرك بعين اليقين كمن يرى النار بالذات ، ومدرك بحق اليقين كمن يكتوي بحرها {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } . تقدم بالحرف مع التفسير في الآية 75 من هذه السورة .

________________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص231-236.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم} {لا أقسم} قسم وقيل: لا زائدة وأقسم هو القسم، وقيل: لا نافية وأقسم هو القسم.

و{مواقع} جمع موقع وهو المحل، والمعنى: أقسم بمحال النجوم من السماء، وقيل: مواقع جمع موقع مصدر ميمي بمعنى السقوط يشير به إلى سقوط الكواكب يوم القيامة أو وقوع الشهب على الشياطين، أو مساقط الكواكب في مغاربها، وأول الوجوه هو السابق إلى الذهن.

قوله تعالى: {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} تعظيم لهذا القسم وتأكيد على تأكيد.

قوله تعالى: {إنه لقرآن كريم - إلى قوله - من رب العالمين} لما كان إنكارهم حديث وحدانيته تعالى في ربوبيته وألوهيته وكذا إنكارهم للبعث والجزاء إنما أبدوه بإنكار القرآن النازل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي فيه نبأ التوحيد والبعث كان إنكارهم منشعبا إلى إنكار أصل التوحيد والبعث أصلا، وإلى إنكار ذلك بما أن القرآن ينبئهم به، فأورد تعالى أولا بيانا لإثبات أصل الوحدانية والبعث بذكر شواهد من آياته تثبت ذلك وهو قوله: {نحن خلقناكم - إلى قوله - ومتاعا للمقوين}، وثانيا بيانا يؤكد فيه كون القرآن الكريم كلامه المحفوظ عنده النازل منه ووصفه بأحسن أوصافه.

فقوله: {إنه لقرآن كريم} جواب للقسم السابق، الضمير للقرآن المعلوم من السياق السابق ويستفاد من توصيفه بالكريم من غير تقييد في مقام المدح أنه كريم على الله عزيز عنده وكريم محمود الصفات وكريم بذال نفاع للناس لما فيه من أصول المعارف التي فيها سعادة الدنيا والآخرة.

وقوله: {في كتاب مكنون} وصف ثان للقرآن أي محفوظ مصون عن التغيير والتبديل، وهو اللوح المحفوظ كما قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } [البروج: 21، 22].

وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} صفة الكتاب المكنون ويمكن أن يكون وصفا ثالثا للقرآن ومآل الوجهين على تقدير كون لا نافية واحد.

والمعنى: لا يمس الكتاب المكنون الذي فيه القرآن إلا المطهرون أولا يمس القرآن الذي في الكتاب إلا المطهرون.

والكلام على أي حال مسوق لتعظيم أمر القرآن وتجليله فمسه هو العلم به وهو في الكتاب المكنون كما يشير إليه قوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } [الزخرف: 3، 4].

والمطهرون - اسم مفعول من التطهير - هم الذين طهر الله تعالى نفوسهم من أرجاس المعاصي وقذارات الذنوب أو مما هو أعظم من ذلك وأدق وهو تطهير قلوبهم من التعلق بغيره تعالى، وهذا المعنى من التطهير هو المناسب للمس الذي هو العلم دون الطهارة من الخبث أو الحدث كما هو ظاهر.

فالمطهرون هم الذين أكرمهم الله تعالى بتطهير نفوسهم كالملائكة الكرام والذين طهرهم الله من البشر، قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] ، ولا وجه لتخصيص المطهرين بالملائكة كما عن جل المفسرين لكونه تقييدا من غير مقيد.

وربما جعل {لا} في {لا يمسه} ناهية، والمراد بالمس على هذا مس كتابة القرآن، وبالطهارة الطهارة من الحدث أو الحدث والخبث جميعا - وقرىء {المطهرون} بتشديد الطاء والهاء وكسر الهاء أي المتطهرون - ومدلول الآية تحريم مس كتابة القرآن على غير طهارة.

ويمكن حمل الآية على هذا المعنى على تقدير كون لا نافية بأن تكون الجملة إخبارا أريد به الإنشاء وهو أبلغ من الإنشاء.

قال في الكشاف،: وإن جعلتها يعني جملة {لا يمسه إلا المطهرون} صفة للقرآن فالمعنى: لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على الطهارة من الناس يعني مس المكتوب منه، انتهى وقد عرفت صحة أن يراد بالمس العلم والاطلاع على تقدير كونها صفة للقرآن كما يصح على تقدير كونها صفة لكتاب مكنون.

وقوله: {تنزيل من رب العالمين} وصف آخر للقرآن، والمصدر بمعنى اسم المفعول أي منزل من عند الله إليكم تفتهمونه وتعقلونه بعد ما كان في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون.

والتعبير عنه تعالى برب العالمين للإشارة إلى أن ربوبيته تعالى منبسطة على جميع العالمين وهم من جملتهم فهو تعالى ربهم وإذا كان ربهم كان عليهم أن يؤمنوا بكتابه ويصغوا لكلامه ويصدقوه من غير تكذيب.

قوله تعالى: {أ فبهذا الحديث أنتم مدهنون} الإشارة بهذا الحديث إلى القرآن، والإدهان به التهاون به وأصله التليين بالدهن استعير للتهاون، والاستفهام للتوبيخ يوبخهم تعالى على عدهم أمر القرآن هينا لا يعتنى به.

قوله تعالى: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قيل: المراد بالرزق حظهم من الخير، والمعنى: وتجعلون حظكم من الخير الذي لكم أن تنالوه بالقرآن أنكم تكذبون به أي تضعونه موضعه، وقيل: المراد بالرزق القرآن رزقهم الله إياه، والمعنى: تأخذون التكذيب مكان هذا الرزق الذي رزقتموه، وقيل: الكلام بحذف مضاف والتقدير: وتجعلون شكر رزقكم أنكم تكذبون أي وضعتم التكذيب موضع الشكر.

قوله تعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم - إلى قوله صادقين} رجوع إلى أول الكلام بالتفريع على تكذيبهم بأنكم إن كنتم صادقين في نفيكم للبعث مصيبين في تكذيبكم لهذا القرآن الذي ينبؤكم بالبعث رددتم نفس المحتضر التي بلغت الحلقوم إذ لولم يكن الموت بتقدير من الله كان من الأمور الاتفاقية التي ربما أمكن الاحتيال لدفعها، فإذا لم تقدروا على رجوعها وإعادة الحياة معها فاعلموا أن الموت حق مقدر من الله لسوق النفوس إلى البعث والجزاء.

فقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} تفريع على تكذيبهم بالقرآن وبما أخبر به من البعث والجزاء، ولولا للتحضيض تعجيزا وتبكيتا لهم، وضمير {بلغت} للنفس، وبلوغ النفس الحلقوم كناية عن الإشراف التام للموت.

وقوله: {وأنتم حينئذ تنظرون} أي تنظرون إلى المحتضر أي هو بمنظر منكم.

وقوله: {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون} أي والحال أنا أقرب إليه منكم لإحاطتنا به وجودا ورسلنا القابضون لروحه أقرب إليه منكم ولكن لا تبصروننا ولا رسلنا.

قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] ، وقال: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11] ، وقال: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } [الأنعام: 61].

وقوله: {فلولا إن كنتم غير مدينين} تكرار لولا لتأكيد لولا السابقة، و{مدينين} أي مجزيين من دان يدين بمعنى جزى يجزي، والمعنى: إن كنتم غير مجزيين ثوابا وعقابا بالبعث.

وقوله: {ترجعونها إن كنتم صادقين} أي إن كنتم صادقين في دعواكم أن لا بعث ولا جزاء، وقوله: {ترجعونها} مدخول لولا التحضيضية بحسب التقدير وترتيب الآيات بحسب التقدير فلولا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم مدينين.

قوله تعالى: {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم} رجوع إلى بيان حال الأزواج الثلاثة المذكورة في أول السورة عند الموت وبعده وضمير {كان} للمتوفى المعلوم من السياق، والمراد بالمقربين السابقون المقربون المذكورون سابقا، والروح الراحة، والريحان الرزق، وقيل: هو الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به إليه فيشمه ويتوفى.

والمعنى: فأما إن كان المتوفى من المقربين فله – أو فجزاؤه - راحة من كل هم وغم وألم ورزق من رزق الجنة وجنة نعيم.

قوله تعالى: {وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين} يمكن أن يكون اللام للاختصاص الملكي ومعنى {سلام لك} أنك تختص بالسلام من أصحاب اليمين الذين هم قرناؤك ورفقاؤك فلا ترى منهم إلا خيرا وسلاما.

وقيل: لك بمعنى عليك أي يسلم عليك أصحاب اليمين، وقيل غير ذلك.

والالتفات من الغيبة إلى الخطاب للدلالة على أنه يخاطب بهذا الخطاب: سلام لك من أصحاب اليمين.

قوله تعالى: {وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم} تصلية النار الإدخال فيها، وقيل: مقاساة حرها وعذابها.

والمعنى: وأما إن كان من أهل التكذيب والضلال فلهم نزل من ماء شديد الحرارة، ومقاساة حر نار جحيم.

وقد وصفهم الله بالمكذبين الضالين فقدم التكذيب على الضلال لأن ما يلقونه من العذاب تبعة تكذيبهم وعنادهم للحق ولوكان ضلالا بلا تكذيب وعناد كانوا مستضعفين غير نازلين هذه المنزلة، وأما قوله سابقا: {ثم إنكم أيها الضالون المكذبون} فإذ كان المقام هناك مقام الرد لقولهم: {أ إذا متنا وكنا ترابا وعظاما أ إنا لمبعوثون} إلخ، كان الأنسب توصيفهم أولا بالضلال ثم بالتكذيب.

قوله تعالى: {إن هذا لهو حق اليقين} الحق هو العلم من حيث إن الخارج الواقع يطابقه، واليقين هو العلم الذي لا لبس فيه ولا ريب فإضافة الحق إلى اليقين نحو من الإضافة البيانية جيء بها للتأكيد.

والمعنى: أن هذا الذي ذكرناه من حال أزواج الناس الثلاثة هو الحق الذي لا تردد فيه والعلم الذي لا شك يعتريه.

قوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} تقدم تفسيره، وهو تفريع على ما تقدمه من صفة القرآن وبيان حال الأزواج الثلاثة بعد الموت وفي الحشر.

والمعنى: فإذا كان القرآن على هذه الصفات وصادقا فيما ينبىء به من حال الناس بعد الموت فنزه ربك العظيم مستعينا أو ملابسا باسمه وأنف ما يراه ويدعيه هؤلاء المكذبون الضالون.

_____________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص119-123.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

المطهّرون ومعرفة أسرار القرآن :

إستمراراً للأبحاث التي جاءت في الآيات السابقة، والتي تركّز الحديث فيها حول الأدلّة السبعة الخاصّة بالمعاد، ينتقل الحديث الآن عن أهميّة القرآن الكريم بإعتباره يشكّل مع موضوع النبوّة ركنين أساسيين بعد مسألة المبدأ والمعاد والتي بمجموعها تمثّل أهمّ الأركان العقائدية، فبالإضافة إلى أنّ للقرآن الكريم أبحاثاً عميقة حول أصلي التوحيد والمعاد، فإنّه يعتبر تحكيماً لهذين الأصلين.

يبدأ الحديث بقسم عظيم، حيث يقول سبحانه: {فلا اُقسم بمواقع النجوم}.

يعتقد الكثير من المفسّرين أن (لا) التي جاءت هنا ليست بمعنى النفي حيث إنّها زائدة وللتأكيد، كما جاء نفس هذا التعبير في الآيات القرآنية الاُخرى حول القسم بيوم القيامة والنفس اللوامة وربّ المشارق والمغارب والشفق، وما إلى ذلك.

في الوقت الذي اعتبر البعض الآخر أنّ (لا) هنا جاءت للنفي، حيث قالوا: إنّ المطلب (مورد القسم) أهمّ من أن يقسم به، كما نقول في تعبيراتنا اليوميّة: نحن لا نقسم بالموضوع الفلاني، أي نفي القسم وأنّ (لا) هنا جاءت إشارة لذلك.

إلاّ أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب حسب الظاهر، لأنّه قد ورد في القرآن الكريم القسم بالله صراحة، فهل أنّ النجوم أفضل من الذات الإلهيّة حتّى لا يقسم بها؟

وحول (مواقع النجوم) فقد ذكر المفسّرون تفسيرات عديدة لها:

الأوّل: هو المعنى المتعارف عليه من حيث مداراتها وأبراجها ومسيرها.

والآخر: هوأنّ المقصود بذلك مواقع طلوعها وغروبها.

والثّالث: هو سقوط النجوم في الحشر والقيامة.

وفسّرها آخرون: بأنّ معناه هو غروب النجوم فقط.

وإعتبرها آخرون إشارة وإنسجاماً مع قسم من الرّوايات حول نزول آيات وسور القرآن الكريم في فواصل زمنية مختلفة، وذلك لأنّ «النجوم» جمع نجمة تستعمل للأعمال التي تنجز بصورة تدريجيّة.

وبالرغم من أنّ المعاني لا تتنافى حيث يمكن جمعها في الآية أعلاه، إلاّ أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب حسب الظاهر، وذلك لأنّ أكثر الناس كانوا لا يعلمون أهميّة هذا القسم عند نزول الآيات، بعكس الحالة اليوم، والتي توضّح لنا أنّ لكلّ نجمة من النجوم مكانها المخصّص ومدارها ومسارها المحدّد لها بدقّة وحساب، وذلك طبقاً لقانون الجاذبية، وإنّ سرعة السير لكلّ منها محدّدة أيضاً وفق قانون معيّن وثابت.

وهذه المسألة بالرغم من أنّها غير قابلة للحساب بصورة دقيقة في الأجرام السماوية البعيدة، إلاّ أنّ المجاميع الموجودة في المنظومة الشمسية التي تشكّل النجوم القريبة لنا، قد درست بدقّة وتبيّن أنّ نظام مداراتها دقيق إلى حدّ مدهش.

وعندما يلاحظ الإنسان ـ طبقاً لتصريحات العلماء ـ أنّ في (مجرّتنا) فقط ألف مليون نجمة، وتوجد في الكون مجرّات كثيرة، وكلّ واحدة منها لها مسار خاصّ، عندئذ ستتوضّح لنا أهميّة هذا القسم القرآني.

ونقرأ في كتاب (الله والعلم الحديث) ما يلي:

«يعتقد العلماء الفلكيون أنّ هذه النجوم التي تتجاوز الملياردات، والتي نرى قسماً منها بالعين المجرّدة، والقسم الكثير منها لا يمكن رؤيته إلاّ بالتلسكوبات بل إنّ قسماً منها لا نستطيع مشاهدته حتّى بالتلسكوبات، اللهمّ إلاّ بوسائل خاصّة نستطيع أن نصوّرها بها.

كلّ من هذه النجوم تدور في مدارها الخاصّ، ولا يوجد أي إحتمال أنّ واحدة منها تكون في حقل الجاذبية لنجمة اُخرى. أو أنّ بعضها يصطدم بالبعض الآخر، وفي الواقع أنّ حالة التصادم المفترضة مثل ما لوإفترضنا أنّ سفينة في المحيط الهادئ تصطدم مع سفينة اُخرى تجري في البحر الأبيض المتوسّط وكلّ منها سائرة بموازاة الاُخرى وبسرعة واحدة ... إنّ هذا الأمر لولم يكن محالا فهو بعيد جدّاً. كذلك الأمر بالنسبة للنجوم حيث أنّ كلا منها لها مدارها الخاصّ بها ولن تصطدم بالاُخرى رغم السرعة الهائلة لكلّ منها»(2).

وبالنظر إلى هذه الإكتشافات العلمية عن وضع النجوم، تتوضّح أهميّة القسم أعلاه، ولهذا السبب فإنّه تعالى يضيف في الآية اللاحقة: {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم}.

التعبير بـ (لو تعلمون) يوضّح وبشكل جليّ أنّ معرفة البشر في ذلك الزمان لم تدرك هذه الحقيقة بصورة كاملة، وهذه بحدّ ذاتها تعتبر إعجازاً علميّاً للقرآن الكريم، حيث في الوقت الذي كانت تعتبر النجوم عبارة عن مسامير فضائية رصّعت السماء بها فانّ مثل هذا البيان القرآني الرائع في ظلّ ظروف وأوضاع يخيّم عليها الجهل، محال أن يصدر من بشر عادي.

وتوضّح الآية اللاحقة ما هو المقصود من ذكر هذا القسم؟ حيث يقول سبحانه: {إنّه لقرآن كريم}.

وبهذه الصورة فإنّه يردّ على المشركين المعاندين الذين يصرّون بإستمرار على أنّ هذه الآيات المباركة هي نوع من التكهّن ـ والعياذ بالله ـ أو أنّه حديث جنوني أو شعر، أو أنّه من قبل الشيطان .. فيردّ عليهم سبحانه بأنّه وحي سماوي وحديث بيّن وعظمته وأصالته لا غبار عليها، ومحتواه يعبّر عن مبدأ نزوله، وأنّ هذا الموضوع واضح بحيث لا يحتاج لبيان المزيد.

إنّ وصف القرآن بـ «الكريم» (بما أنّ الكرم بالنسبة لله هو: الإحسان والإنعام، ويستعمل للبشر بمعنى اتّصاف الشخص بالأخلاق والإحسان، وبصورة عامّة فهو إشارة إلى المحاسن العظيمة)(3) إشارة للجمال الظاهري للقرآن من حيث الفصاحة وبلاغة الألفاظ والجمل، وكذلك فإنّها إشارة لمحتواه الرائع، لأنّه نزل من قبل مبدأ ومنشأ كلّه كمال وجمال ولطف.

نعم، إنّ القرآن كريم وقائله كريم ومن جاء به كذلك، وأهدافه كريمة أيضاً.

ثمّ يستعرض الوصف الثاني لهذا الكتاب السماوي العظيم حيث يقول تعالى: (في كتاب مكنون).

إنّه في «لوح محفوظ» في علم الله، محفوظ من كلّ خطأ وتغيير وتبديل، وطبيعي أنّ الكتاب الذي يستلهم مفاهيمه وأفكاره من المبدأ الأعلى وأصله عند الله، فإنّه مصون من كلّ تحريف وخطأ وإشتباه.

وفي ثالث وصف له يقول سبحانه: {لا يمسّه إلاّ المطهّرون}(4).

ذكر الكثير من المفسّرين ـ تماشياً مع بعض الرّوايات الواردة عن الأئمّة المعصومين ـ بعدم جواز مسّ (كتابة) القرآن الكريم بدون غسل أو وضوء.

في الوقت الذي إعتبر بعض آخر أنّها إشارة إلى الملائكة المطهّرين الذين لهم علم بالقرآن، ونزلت بالوحي على قلب الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في مقابل قول المشركين الذين كانوا يقولون: إنّ هذه الكلمات قد نزلت بها الشياطين على محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).

كما إعتبر بعضهم أنّها إشارة إلى أنّ الحقائق والمفاهيم العالية في القرآن الكريم لا يدركها إلاّ المطهّرون، كما في قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] .

وبتعبير آخر فإنّ طهارة الروح في طلب الحقيقة تمثّل حدّاً أدنى من مستلزمات إدراك الإنسان لحقائق القرآن، وكلّما كانت الطهارة والقداسة أكثر كان الإدراك لمفاهيم القرآن ومحتوياته بصورة أفضل.

إنّ التفاسير الثلاثة المارّة الذكر لا تتنافى مع بعضها البعض أبداً ويمكن جمعها في مفهوم الآية مورد البحث.

وفي رابع وآخر وصف للقرآن الكريم يقول تعالى: {تنزيل من ربّ العالمين}(5) إنّ الله المالك والباريء لجميع الخلق، قد نزّل هذا القرآن لهداية البشر، وقد أنزله سبحانه على قلب النّبي الطاهر، وكما أنّ العالم التكويني صادر منه وهو تعالى ربّ العالمين فكذلك الحال في المجال التشريعي، فكلّ نعمة وهداية فمن ناحيته ومن عطائه.

ثمّ يضيف سبحانه: (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون) هل أنتم بهذا القرآن وبتلك الأوصاف المتقدّمة تتساهلون، بل تنكرونه وتستصغرونه في حين تشاهدون الأدلّة الصادقة والحقّة بوضوح، وينبغي لكم التسليم والقبول بكلام الله سبحانه بكلّ جديّة، والتعامل مع هذا الأمر كحقيقة لا مجال للشكّ فيها.

عبارة «هذا الحديث» في الآية الكريمة إشارة للقرآن الكريم، و«مدهنون» في الأصل من مادّة (دهن) بالمعنى المتعارف عليه، ولأنّ الدهن يستعمل للبشرة واُمور اُخرى، فإنّ كلمة (أدهان) جاءت بمعنى المداراة والمرونة، وفي بعض الأحيان بمعنى الضعف وعدم التعامل بجدية ... ولأنّ المنافقين والكاذبين غالباً ما يتّصفون بالمداراة والمصانعة، لذا إستعمل هذا المصطلح أحياناً بمعنى التكذيب والإنكار، ويحتمل أن يكون المعنيان مقصودان في الآية.

والأصل في الإنسان أن يتعامل بجديّة مع الشيء الذي يؤمن به، وإذا لم يتعامل معه بجديّة فهذا دليل على ضعف إيمانه به أو عدم تصديقه.

وفي آخر آية ـ مورد البحث ـ يقول سبحانه إنّكم بدلا من أن تشكروا الله تعالى على نعمه ورزقه وخاصّة نعمة القرآن الكبيرة، فانّكم تكذّبون به: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}(6).

قال البعض: إنّ المقصود أنّ إستفادتكم من القرآن هي تكذيبكم فقط، أو أن التكذيب تجعلونه وسيلة لرزقكم ومعاشكم(7).

إلاّ أنّ التّفسير الأوّل مناسب للآيات السابقة ولسبب النّزول أكثر من التّفسيرين الأخيرين.

وإنسجاماً مع هذا الرأي فقد نقل كثير من المفسّرين عن ابن عبّاس قوله:

أصاب الناس عطش في بعض أسفاره (صلى الله عليه وآله وسلم) فسقوا، فسمع رجلا يقول: مطرنا بنوء كذا، فنزلت الآية (لأنّ العرب كانوا يعتقدون في الجاهلية بالأنواء وأنّ لها الأثر في نزول المطر، ويقصد بها النجوم التي تظهر بين آونة واُخرى في السماء، وأنّ ظهورها يصاحبه نزول المطر، كما يعتقدون، ولهذا يقولون: مطرنا بنوء كذا، أي ببركة طلوع النجم الفلاني، وهذا بذاته أحد مظاهر الشرك الجاهلي وعبادة النجوم)(8).

والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا أنّه جاء في بعض الرّوايات عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قلّما كان يفسّر الآيات، وإجمالا كان يتصدّى للتفسير عندما تستلزم الضرورة، كما في هذا المورد حيث أخبر (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ المقصود من (وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون) «وتجعلون شكركم أنّكم تكذّبون»(9).

وقوله تعالى : {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [الواقعة: 83 - 87]

عندما تصل الروح إلى الحلقوم:

من اللحظات الحسّاسة التي تقلق الإنسان دائماً هي لحظة الإحتضار ونهاية العمر، في تلك اللحظة يكون كلّ شيء قد إنتهى، وقد جلس أهله وأحبّاؤه ينظرون إليه بيأس كشمعة قد إنتهى أمدها وستنطفىء رويداً رويداً، حيث يودّع الحياة دون أن يستطيع أحد أن يمدّ إليه يد العون.

نعم، إنّ الضعف التامّ للإنسان يتجسّد في تلك اللحظات الحسّاسة ليس في العصور القديمة فحسب بل حتّى في عالمنا المعاصر، فمع توفّر جميع الإمكانات الطبيّة والفنيّة والوسائل العلاجية فإنّ الضعف يتجلّى في ساعة الإحتضار.

وتكملة لأبحاث المعاد والردّ على المنكرين والمكذّبين فإنّ القرآن الكريم يرسم لنا صورة معبّرة ومجسّدة لهذه اللحظات حيث يقول سبحانه: (فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون) ولا تستطيعون عمل شيء من أجله(10).

والمخاطبون هنا هم أقارب المحتضر الذين ينظرون إلى حالته في ساعة الإحتضار من جهة، ويلاحظون ضعفه وعجزه من جهة ثانية، وتتجلّى لهم قدرة الله تعالى على كلّ شيء، حيث أنّ الموت والحياة بيده، وأنّهم ـ أي أقاربه ـ سيلاقون نفس المصير(11).

ثمّ يضيف سبحانه {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون}.

نعم، نحن الذين نعلم بصورة جيّدة ما الذي يجول في خواطر المحتضر؟ وما هي الإزعاجات التي تعتريه؟ نحن الذين أصدرنا أمرنا بقبض روحه في وقت معيّن، إنّكم تلاحظون ظاهر حاله فقط، ولا تعلمون كيفية إنتقال روحه من هذه الدار إلى الدار الآخرة، وطبيعة المخاضات الصعبة التي يعيشها في هذه اللحظة.

وبناءً على هذا فالمقصود من الآية هو: قرب الله عزّوجلّ من الشخص المحتضر، بالرغم من أنّ البعض إحتمل المقصود بالقرب (ملائكة قبض الروح) إلاّ أنّ التّفسير الأوّل منسجم مع ظاهر الآية أكثر.

وعلى كلّ حال فإنّ الله سبحانه ليس في هذه اللحظات أقرب إلينا من كلّ أحد، بل هوفي كلّ وقت كذلك، بل هو أقرب إلينا حتّى من أنفسنا، بالرغم من أنّنا بعيدون عنه نتيجة غفلتنا وعدم وعينا، ولكن هذا المعنى في لحظة الإحتضار يتجلّى أكثر من أي وقت آخر.

ثمّ للتأكيد الأشدّ في توضيح هذه الحقيقة يضيف تعالى: {فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين}.

إنّ ضعفكم هذا دليل أيضاً على أنّ مالك الموت والحياة واحد، وأنّ الجزاء بيده، وهو الذي يحي ويميت.

«مدينين»: جمع (مدين) من مادّة (دَين) بمعنى الجزاء، وفسّرها البعض بمعنى المربوبين. والمعنى هو: يا أيّها العباد، إن كنتم تحت ربوبية موجود آخر، ومالكي نواصي اُموركم، فارجعوا أرواحكم التي قبضناها، وهيهات تقدرون! وهذا دليل آخر على أنّكم في قبضة الحكومة الإلهية.

وقوله تعالى : {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة: 88 - 96]

مصير الصالحين والطالحين:

هذه الآيات في الحقيقة نوع من الخلاصة للآيات الاُولى والأخيرة من هذه السورة، كما أنّها تجسّد حالة التفاوت بين البشر في حالة الإحتضار، وكيف أنّ قسماً منهم يلفظون أنفاسهم بهدوء وراحة في تلك اللحظات الصعبة، وآخرين تلوح لهم من بعيد النار الحامية، ويسيطر عليهم الخوف والإضطراب والهلع فيلفظون أنفاسهم بصعوبة بالغة.

يقول سبحانه في البداية: {فأمّا إن كان من المقرّبين فروح وريحان وجنّة نعيم}.

«روح»: على وزن (قول) ـ كما ذكر ذلك أئمّة اللغة ـ في الأصل بمعنى التنفّس.

«الريحان»: بمعنى النبات أوالشيء ذي العطر، ثمّ إصطلح على كلّ شيء باعث للحياة والراحة، كما أنّ الريحان يطلق على كلّ نعمة ورزق كريم.

وبناءً على هذا فإنّ الروح والريحان الإلهيين يشملان كلّ وسائل الراحة والطمأنينة للإنسان، وكلّ نعمة وبركة إلهيّة.

وبتعبير آخر: يمكن القول أنّ الروح إشارة إلى كلّ الاُمور التي تخلّص الإنسان من الصعوبات ليتنفّس براحة، وأمّا الريحان فإنّه إشارة إلى الهبات والنعم التي تعود إلى الإنسان بعد إزالة العوائق.

وقد ذكر المفسّرون الإسلاميون تفاسير متعدّدة لهذين المصطلحين قد تصل إلى عشرة تفاسير:

فقالوا: «الروح» بمعنى الرحمة، و«الريحان» يشمل كلّ فضيلة وشرف.

وقالوا: إنّ الروح هي النجاة من نار جهنّم، والريحان دخول الجنّة.

وذكروا أيضاً أنّ الروح بمعنى الهدوء في القبر، والريحان دخول الجنّة.

وفسّر آخرون الروح بمعنى كشف الكروب، والريحان بمعنى غفران الذنوب.

وقال آخرون: الروح بمعنى النظر إلى وجه الله سبحانه، والريحان الإستماع إلى كلام الله. وما إلى ذلك.

ويمكن القول أنّ جميع هذه التفاسير مصاديق لهذا المفهوم الكلّي والجامع، والذي ذكر في تفسير الآية أعلاه.

والجدير بالملاحظة أنّ الحديث عن «جنّة النعيم» جاء بعد ذكر الروح والريحان وقد يستفاد من هذا أنّ الروح والريحان يكون من نصيب المؤمنين في الإحتضار والقبر والبرزخ، وأمّا الجنّة ففي الآخرة، كما نقرأ في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) في تفسيره لهذه الآية حيث قال: (فأمّا إن كان من المقرّبين فروح وريحان) يعني في قبره (وجنّة نعيم) يعني في الآخرة(12)(13).

ثمّ يضيف سبحانه: (وأمّا إن كان من أصحاب اليمين) وهم تلك الثلّة الصالحة من الرجال والنساء الذين يستلمون صحيفة أعمالهم بيدهم اليمنى كعلامة للفوز والنصر والنجاح (فسلام لك من أصحاب اليمين).

وبهذا الترتيب فإنّ ملائكة الله المختصّين بقبض الروح في لحظات الإنتقال من هذه الدنيا يوصلون سلام أصحاب اليمين إلى المحتضر. كما قال تعالى في وصف أهل الجنّة وكلامهم: { إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا } [الواقعة: 26] .

ويوجد إحتمال آخر أيضاً في تفسير هذه الآية وهو أنّ السلام يكون من قبل الملائكة حين يقولون له: سلام عليك أيّها العبد الصالح، يامن هومن أصحاب اليمين، أي يكفيك من الإفتخار والوصف أن تكون في صفّ هؤلاء(14).

وتبيّن بعض الآيات القرآنية الاُخرى أيضاً أنّ المؤمنين وهم في حالة الإحتضار يتلقّون سلاماً من الملائكة كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [النحل: 32] .

وعلى كلّ حال فإنّ تعبير (سلام) تعبير ذو معنى، سواء كان من الملائكة أومن أصحاب اليمين، فالسلام يعبّر عن الروح والريحان وكلّ أنواع الهدوء والنعمة والسلامة(15).

وينبغي الإنتباه إلى أنّ التعبير بـ «أصحاب اليمين» سببه أنّ الإنسان في الغالب يتصدّى لإنجاز أعماله الأساسية والمهمّة بيده اليمنى، لذلك فإنّ اليد اليمنى دلالة القدرة، والمهارة والقابلية والنجاح.

ونقرأ في حديث للإمام الباقر (عليه السلام) في تعقيبه على نهاية هذه الآية أنّه قال: «هم شيعتنا ومحبّونا»(16).

ثمّ تستعرض الآيات الكريمة القسم الثالث الذين مرّ ذكرهم في أوائل هذه السورة عبر التصنيف الذي ذكر وإصطلح عليهم بـ (أصحاب الشمال) حيث يقول تعالى: (وأمّا إن كان من المكذّبين الضالّين فنزل من حميم وتصلية جحيم)(17).

نعم، إنّهمن على مشارف الموت حيث يذوقون أوّل عذاب إلهي، ويتجرّعون مرارة عقاب يوم القيامة في القبر والبرزخ، ولأنّ الحديث عن حال المحتضر فإنّ جملة (فنزل من حميم) من الأنسب أن يكون المراد منها هو عذاب البرزخ، (وتصلية جحيم) إشارة إلى عذاب يوم القيامة.

ونقل في هذا المعنى روايات عديدة لأئمّة أهل البيت (عليهم السلام)(18).

والنقطة الجديرة بالذكر هنا أنّ كلمتي (المكذّبين الضالّين) ذكرت الواحدة تلو الاُخرى، حيث أنّ الاُولى تشير إلى تكذيب القيامة ووحدانية الله سبحانه ونبوّة الرّسول، والثانية تشير إلى الأشخاص الذين إنحرفوا عن طريق الحقّ.

وهذا التعبير بالإضافة إلى أنّه يؤدّي معنى التأكيد، فإنّه يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ قسماً من الأشخاص الضالّين من فصيلة الأفراد المستضعفين أو الجهلة القاصرين الذين ليس لديهم إصرار وعناد على الباطل، يمكن أن تشملهم الألطاف الإلهيّة. أمّا المكذّبون المعاندون فإنّهم سيبتلون بالمصير البائس والعاقبة السيّئة التي تقدّم ذكرها.

«حميم»: بمعنى الماء الحارق أو الرياح الحارة والسموم. و(تصلية) مأخوذة من مادّة (صلى) على وزن (سعى) بمعنى الإحتراق والدخول في النار.

أمّا (تصلية) المتعدية فتأتي بمعنى الإحراق فقط.

وفي نهاية هذا الحديث يضيف سبحانه: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين فسبّح باسم ربّك العظيم}.

والمعروف بين المفسّرين أنّ «حقّ اليقين» من قبيل الإضافة البيانية، يعني أنّ الذي تقدّم ذكره حول الأقسام الثلاثة وهم {المقرّبون وأصحاب اليمين والمكذّبون} فهو عين الحقيقة والحقّ واليقين.

وهنا يوجد إحتمال أيضاً وهو: بما أنّ لليقين درجات متعدّدة، فإنّ أعلى مرحلة له هي (حقّ اليقين) أي يقين واقعي كامل وخال من كلّ شكّ وشبهة وريب(19).

وممّا قلنا يتّضح أنّ (هذا) في هذه الآية إشارة إلى أحوال الأقسام الثلاثة الآنفة الذكر، كما إحتمل البعض أيضاً أنّها إشارة إلى كلّ محتويات سورة الواقعة أو القرآن أجمع، إلاّ أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب.

وهنا نقطة جديرة بالذكر أيضاً وهي أنّ التعبير بـ (فسبّح) ـ الفاء تفريعيّة ـ هو إشارة إلى أنّ ما قيل حول الأقسام الثلاثة هوعين العدالة، وبناءً على هذا إعتبر (ربّك) منزّهاً من كلّ ظلم، وإذا ما اُريد الإبتعاد عن مصير أصحاب الشمال فعلينا أن نتنزّه من كلّ شرك وظلم المتلازمان مع إنكار القيامة.

ونقل كثير من المفسّرين حول نهاية آخر الآية بعد ما نزلت على الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «اجعلوها في ركوعكم» (أي قولوا: سبحان ربّي العظيم) وعندما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «اجعلوها في سجودكم»، أي قولوا: سبحان ربّي الأعلى(20).

وفي تفسير الآية 74 من نفس السورة نقلنا ما هو شبيه بهذه الرّواية عن بعض المفسّرين.

__________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13 ، ص532-547.

2 ـ الله والعلم الحديث، ص33.

3 ـ الراغب في المفردات مادّة (كريم).

4 ـ «لا يمسّه» جملة خبرية يمكن أن تكون بمعنى النهي أو النفي.

5 ـ تنزيل هنا مصدر بمعنى اسم مفعول أي (منزل) وهو خبر لمبتدأ محذوف، أو أنّه خبر بعد

خبر.

6 ـ طبقاً لهذا التّفسير فإنّ كلمة (شكر) هنا محذوفة وتقديرها كالتالي: «وتجعلون شكر رزقكم أنّكم تكذّبون»، أو أنّ الرزق كناية عن (شكر الرزق).

7 ـ طبقاً لهذين التّفسيرين فلا يوجد شيء مقدّر.

8 ـ نقل هذا الحديث الطبرسي في مجمع البيان ونقل أيضاً في الدرّ المنثور، ج6، ص163; والقرطبي، ج9، ص6398; والمراغي، ج27، ص152; وروح المعاني، ج27، ص153 في نهاية الآيات مورد البحث بإختلاف يسير.

9 ـ تفسير الدرّ المنثور، ج6، ص163; ونور الثقلين، ج5، ص227.

10 ـ للآية محذوف تقديره (فلولا إذا بلغت الحلقوم لا ترجعونها ولا تملكون شيئاً) وهذا ما يستفاد من الآيات اللاحقة وقد لحقت تاء التأنيث بالفعل لأنّها متعلّقة بالنفس.

11 ـ إحتمل البعض أنّ المخاطب هنا هو الشخص المحتضر، وهذا بعيد جدّاً حسب الظاهر، لأنّ الآية اللاحقة توضّح بصورة جيّدة أنّ المخاطب هم متعلّقو المحتضر.

12 ـ تفسير نور الثقلين، ج5، ص228، حديث 103، 104.

13 ـ «روح»: من الممكن أن تكون خبراً لمبتدأ محذوف تقديره (فجزاؤه روح)، أومبتدأ لخبر محذوف تقديره (فله روح)، وجملة (فروح وريحان وجنّة نعيم) تكون جزاء (أمّا) وانّ الشرطية مع وجود هذا الجزاء مستغنية من الجزاء الآخر (يرجى الإنتباه).

14 ـ وبناءً على هذا فللآية تقديران: الأوّل بلحاظ أنّ (من) بيانية، وعندئذ تكون الصورة كما يلي: يقال له: سلام لك من أصحاب اليمين. أمّا الصورة الثانية فبلحاظ أنّ (من) إبتدائية فتكون بالشكل التالي: سلام لك انّك كنت من أصحاب اليمين. إلاّ أنّه بملاحظة التّفسير الأوّل فإنّ له تقديراً واحداً وهو: (يقال له ..).

15 ـ حول التحيّات التي تقدّم لأصحاب الجنّة، جاء بحث مفصّل عنها في نهاية الآية (58) من سورة يونس.

16 ـ تفسير البرهان، ج4، ص285.

17 ـ نُزل خبر لمبتدأ محذوف تقديره فجزاؤه نزل من حميم، أومبتدأ لخبر محذوف تقديره: فله نزل من حميم.

18 ـ نور الثقلين، ج5، ص229.

19 ـ طبقاً لهذا التّفسير فإنّ إضافة حقّ إلى كلمة (يقين) جاءت للإختصاص والتقييد، وإعتبرها البعض ـ أيضاً ـ من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة وقالوا بمعنى (اليقين) الحقّ.

20 ـ تفسير روح الجنان، وروح المعاني، وروح البيان، القرطبي، والدرّ المنثور، وتفسير المراغي، في نهاية الآيات مصدر البحث.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي