تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
تفسير الاية (57-74) من سورة الواقعة
المؤلف: اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
المصدر: تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة: ......
5-10-2017
8421
قال تعالى : {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَو نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَو نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة: 57 - 74].
احتج سبحانه عليهم في البعث بقوله {نحن خلقناكم} أي نحن خلقناكم ولم تكونوا شيئا وأنتم تعلمون ذلك عن مقاتل {فلولا تصدقون} أي فهلا تصدقون ولم لا تصدقون بالبعث لأن من قدر على الإنشاء والابتداء قدر على الإعادة ثم نبههم سبحانه على وجه الاستدلال على صحة ما ذكره فقال {أ فرأيتم ما تمنون} أي ما تقذفون وتصبون في أرحام النساء من النطف فيصير ولدا {أ أنتم تخلقونه} أي أ أنتم تخلقون ما تمنون بشرا {أم نحن الخالقون} فإذا لم تقدروا أنتم وأمثالكم على ذلك فاعلموا أن الله سبحانه الخالق لذلك وإذا ثبت أنه قادر على خلق الولد من النطفة وجب أن يكون قادرا على إعادته بعد موته لأنه ليس بأبعد منه.
ثم بين سبحانه أنه كما بدأ الخلق فإنه يميتهم فقال {نحن قدرنا بينكم الموت} التقدير ترتيب الأمر على مقدار أي نحن أجرينا الموت بين العباد على مقدار كما تقتضيه الحكمة فمنهم من يموت صبيا ومنهم من يموت شابا ومنهم من يموت كهلا وشيخا وهرما عن مقاتل وقيل معناه قدرناه بأن سوينا فيه بين المطيع والعاصي وبين أهل السماء والأرض عن الضحاك {وما نحن بمسبوقين} قيل أنه من تمام ما قبله أي لا يسبقنا أحد منكم على ما قدرناه من الموت حتى يزيد في مقدار حياته وقيل أنه ابتداء كلام يتصل به ما بعده والمعنى وما نحن بمغلوبين {على أن نبدل أمثالكم} أي نأتي بخلق مثلكم بدلا منكم وتقديره نبدلكم بأمثالكم فحذف المفعول الأول والجار من المفعول الثاني قال الزجاج معناه إن أردنا أن نخلق خلقا غيركم لم يسبقنا سابق ولا يفوتنا.
{وننشئكم فيما لا تعلمون} من الصور أي إن أردنا أن نجعل منكم القردة والخنازير لم نسبق ولا فاتنا ذلك وتقديره كما لم نعجز عن تغيير أحوالكم بعد خلقكم لا نعجز عن أحوالكم بعد موتكم وقيل أراد النشأة الثانية أي ننشئكم فيما لا تعلمون من الهيئات المختلفة فإن المؤمن يخلق على أحسن هيئة وأجمل صورة والكافر على أقبح صورة وقيل إنما قال ذلك لأنهم علموا حال النشأة الأولى كيف كانت في بطون الأمهات وليست الثانية كذلك لأنها تكون في وقت لا يعلمه العباد.
{ولقد علمتم النشأة الأولى} أي المرة الأولى من الإنشاء وهو ابتداء الخلق حين خلقتم(2) من نطفة وعلقة ومضغة {فلولا تذكرون} أي فهلا تعتبرون وتستدلون بالقدرة عليها على الثانية {أ فرأيتم ما تحرثون} أي ما تعملون في الأرض وتلقون فيها من البذر {أ أنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} أي أ أنتم تنبتونه وتجعلونه زرعا أم نحن المنبتون فإن من قدر على إنبات الزرع من الحبة الصغيرة وأن يجعلها حبوبا كثيرة قدر على إعادة الخلق إلى ما كانوا عليه وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال ((لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت)).
{لو نشاء لجعلناه} أي جعلنا ذلك الزرع {حطاما} أي هشيما لا ينتفع به في مطعم ولا غذاء وقيل تبنا لا قمح فيه عن عطاء {فظلتم تفكهون} أي تتعجبون مما نزل بكم في زرعكم عن عطاء والكلبي ومقاتل وقيل معناه تندمون وتتأسفون على ما أنفقتم فيه عن عكرمة وقتادة والحسن وأصله من التفكه بالحديث وهو التلهي به فكأنه قال فظلتم تتروحون إلى التندم كما يتروح الفكه إلى الحديث بما يزيل الهم وقيل معناه يتلاومون عن عكرمة أي يلوم بعضكم بعضا على التفريط في طاعة الله {إنا لمغرمون} أي تقولون إنا لمغرمون والمعنى أنا قد ذهب مالنا كله ونفقتنا وضاع وقتنا ولم نحصل على شيء وقيل معناه إنا لمعذبون مجدودون(3) عن الحظ عن مجاهد وفي رواية أخرى عنه أنا لمولع بنا وفي رواية أخرى منه إنا لملقون في الشر وقيل محارفون عن قتادة ومن قرأ أ إنا على الاستفهام حمله على أنهم يقومون فيقولون منكرين لذلك ومن قرأ {إنا} على الخبر حمله على أنهم مخبرون بذلك عن أنفسهم.
ثم يستدركون فيقولون {بل نحن محرومون} أي مبخوسو(4) الحظ محارفون ممنوعون من الرزق والخير ثم قال سبحانه منبها على دلالة أخرى {أ فرأيتم الماء الذي تشربون أ أنتم أنزلتموه من المزن} أي من السحاب {أم نحن المنزلون} نعمة منا عليكم ورحمة بكم ثم قال {لو نشاء جعلناه أجاجا} أي مرا شديد المرارة وقيل هو الذي اشتدت ملوحته {فلولا تشكرون} أي فهلا تشكرون على هذه النعمة السنية التي لا يقدر عليها أحد غير الله.
ثم نبه سبحانه على دلالة أخرى فقال {أ فرأيتم النار التي تورون} أي تستخرجونها وتقدحونها بزنادكم من الشجر {أ أنتم أنشأتم شجرتها} التي تنقدح النار منها أي أ أنتم أنبتموها وابتدأتموها {أم نحن المنشئون} لها فلا يمكن أحدا أن يقول أنه أنشأ تلك الشجرة غير الله تعالى والعرب تقدح بالزند والزندة وهو خشب يحك بعضه ببعض فتخرج منه النار وفي المثل ((في كل شجر نار واستمجد(5) المرخ والعفار)) {نحن جعلناها تذكرة} أي نحن جعلنا هذه النار تذكرة للنار الأخرى الكبرى فإذا رآها الرائي ذكر جهنم واستعاذ بالله منها عن عكرمة ومجاهد وقتادة وقيل معناه تذكرة يتذكر بها ويتفكر فيها فيعلم أن من قدر عليها وعلى إخراجها من الشجر الرطب قدر على النشأة الثانية.
{ومتاعا للمقوين} أي وجعلناها بلغة ومنفعة للمسافرين عن ابن عباس والضحاك وقتادة يعني الذين نزلوا الأرض القي وهو القفر وقيل للمستمتعين بها من الناس أجمعين المسافرين والحاضرين عن عكرمة ومجاهد والمعنى أن جميعهم يستضيئون بها من في الظلمة ويصطلون من البرد وينتفعون بها في الطبخ والخبز وعلى هذا فيكون المقوي من الأضداد فيكون المقوي الذي صار ذا قوة من المال والنعمة والمقوي أيضا الذاهب ماله النازل بالقواء من الأرض فالمعنى ومتاعا للأغنياء والفقراء.
ولما ذكر سبحانه ما يدل على توحيده وإنعامه على عبيده قال {فسبح باسم ربك العظيم} أي فبرىء الله تعالى مما يقولونه في وصفه ونزهه عما لا يليق بصفاته وقيل معناه قل سبحان ربي العظيم فقد صح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه لما نزلت هذه الآية قال اجعلوها في ركوعكم .
_____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص371-374.
2- في بعض النسخ : خلقهم.
3- وفي سائر النسخ محدودون بالمهملة . وجد النخل بالجيم اي : صرمه وقطعه . وحدّ الله عنا الشر اي : كفه وصرفه.
4- وفي نسخة : محبوسو الحظ.
5- اي : استكثروا من النار ، ومعنى المثل : كأنهما اخذا من النار ما هو حسبهما . يقال : شبها بمن يكثر العطاء طلبا للمجد ، ويضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض
{نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَولا تُصَدِّقُونَ} ؟ . آمنوا وصدقوا بأن اللَّه خلقهم ، ولكنهم أنكروا وكذبوا انه يعيدهم بعد الموت للحساب والجزاء ، لأن الأول في عقيدتهم ممكن ، أما الثاني فمستحيل . . فرد عليهم سبحانه بأن ابتداء الخلق وإعادته بعد الموت هما من باب واحد بالنسبة إلى قدرة اللَّه تعالى ، بل الإعادة أهون لأن الخلق إيجاد من لا شيء ، والإعادة جمع لأجزاء متفرقة ، فيلزمكم ، وهذه هي الحال ، أحد أمرين : إما الاعتراف بهما معا ، وإما إنكارهما معا ، ومن اعترف بأحدهما دون الآخر فقد ناقض نفسه بنفسه ، ويسمى هذا بدليل التلازم بين شيئين لا ينفك أحدهما عن الآخر بحال ، ولذا يستدل بأحدهما على الثاني سلبا وإيجابا ، ثم ضرب سبحانه أمثلة من خلقه يدل وجودها على إمكان المعاد وهي :
1 – {أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ } ؟ . من الذي خلق من منيكم بشرا سويا بجميع أعضائه وغرائزه ؟ أنتم أم اللَّه ؟ . لقد قذفتم المني في رحم المرأة وانتهى دوركم ولم تتعهدوه بشيء إطلاقا . . فمن الذي صير المني علقة ، والعلقة مضغة ، والمضغة عظاما ، وكسا العظام لحما الخ ؟ . فإن قلتم : كل ذلك من عمل الطبيعة وحدها . قلنا : ومن أوجد الطبيعة ؟ . فإن قلتم : أوجدت نفسها بنفسها . قلنا : من الذي وهبها الحياة والاحساس والإدراك ؟ وان قلتم : هي .
قلنا : انها صماء عمياء وفاقد الشيء لا يعطيه . وان قلتم : نشأت الحياة في المادة من غير قصد . قلنا : وعليه فإن كلامكم هذا صدر عنكم من غير قصد ! . . ان العقل لا يستسيغ أي تفسير للحياة ونظام الكون إلا بعلة فاعلة عاقلة وجدت من غير فاعل ، ولا يمكن الارتقاء في سلسلة العلل إلى ما لا نهاية وإلا لم يكن للوجود عين ولا أثر .
( نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ ) ان مالك الموت هو مالك الحياة ، والمغني هو الموجد {وما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ ونُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ} . ان اللَّه سبحانه لا يغلبه غالب ، ولا يفوته هارب ، وهو على كل شيء قدير ، وبقدرته تعالى نقل الخلق من العدم إلى الوجود ، وبها ينقلهم إلى عالم لا يعرفون عنه شيئا ، ولو أراد سبحانه أن يستبدل بالعصاة من خلقه قوما مطيعين لفعل ولا راد لما أراد ، وفيه تهديد ووعيد لمن أعرض وتولى عن دعوة الحق : {وإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ} - 38 محمد . {ولَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولى فَلَولا تَذَكَّرُونَ} . علمتم بأنّا خلقناكم من لا شيء فهل نعجز عن جمع أجزائكم بعد تفرقها وإعادتها إلى ما كانت عليه ؟ . وأبلغ تفسير لهذه الآية قول الإمام علي ( عليه السلام ) : عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى .
2 – {أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} ؟ . الإنسان يبذر ويغرس ويحرث ويسقي ما في ذلك ريب . . أما البذر والغرس والماء والأرض والنمو، أما هذه وغيرها كالشمس والهواء فمن أين ؟ . فإن قالوا : انها من فاعل غير عاقل . قلنا لهم : وعليه فقولكم هذا من قائل غير عاقل }لَو نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} . الهاء في جعلناه يعود للزرع المفهوم من قوله تعالى : {ما تَحْرُثُونَ} والحطام الهشيم قال تعالى : {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ} - 45 الكهف وتفكهون تتعجبون مما حل بزرعكم من الآفات وتقولون : {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} قد تعبنا كثيرا وأنفقنا كثيرا على هذا الزرع ، ولزمنا من أجله ديون وغرامات ، ولم ننتفع بشيء . . وتقولون أيضا {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} من الخير والرزق ، ولا شيء آلم للنفس من إحساسها بالحرمان .
3 – {أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} ؟
المزن السحاب ، ويشير به سبحانه إلى أنه هو الذي أوجد في الطبيعة أسباب المطر ، والمعنى : وهذا الماء الذي هو أصل الحياة ، ولا غنى عنه بحال ، هذا الماء من الذي أوجد أسبابه في الطبيعة وأحكمها ؟ أنتم أم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا ؟ وقد نبه سبحانه في كثير من الآيات إلى أنه يحيي الموتى تماما كما يحيي الأرض بالمطر : {ومِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ ورَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} - 39 فصلت .
{لَو نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَولا تَشْكُرُونَ} ؟ الأجاج هو الماء الذي بلغت ملوحته حدا جعله مرا كالعلقم ، والمعنى : لو أراد اللَّه أن يجعل الماء ملحا أجاجا لا ينتفع به في شرب ولا زرع لفعل ، ولكن جعله عذبا فراتا رفقا بكم ورحمة لكم ، ومع ان هذه النعمة تستوجب الشكر بطبعها فإن اللَّه يجزي الشاكرين .
4 – {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} ؟ والنار نعمة تماما كالماء ، ولولاها لما تقدم الإنسان خطوة واحدة في حياته ، وبقي إلى يومه الأخير يعيش مع الوحوش في الغابات والمغاور .
{أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُونَ} ؟ للنار أسباب شتى ، منها القدح بزناد الخشب أو الصلب أو بالحجر ، ومنها غير ذلك مما يكتشفه العلماء في المستقبل أولا يكتشفونه . . اللَّه أعلم ، وكذلك الوقود ، منه الشجر والفحم الحجري والبترول والكهرباء والذرة والشمس . . إلى ما اللَّه به أعلم . . وجاء ذكر الشجر في الآية على سبيل المثال دون الحصر ، قال المفسرون : ان العرب كانوا يستخرجون النار من الزناد ، وهو عبارة عن عودين يحك أحدهما بالآخر ، ويسمى الأعلى زندا والأسفل زندة . . وقد ضرب اللَّه مثلا لاستخراج النار بما يتفق وحياة العرب آنذاك .
}نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً} موعظة تذكر بالبعث لأن من أخرج النار من الشجر الأخضر يحيي الخلق بعد موته ( ومَتاعاً لِلْمُقْوِينَ ) والمراد بالمتاع المنفعة . قال الطبري : (اختلف أهل التأويل في معنى المقوين ، فمن قائل : انهم المسافرون .
وقائل : انهم المستمتعون) . وهذا القول أرجح من الأول لأن النار ينتفع بها المسافر والمقيم }فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } . الخطاب للنبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) والمقصود العموم ، والمعنى نزه الخالق الأعظم عن كل ما لا يليق بعظمته . والمسلمون يقرؤن هذا التسبيح في ركوعهم ، أما سبّح اسم ربك الأعلى فيقرؤنه في سجودهم .
______________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص227-229.
لما فصل سبحانه القول فيما ينتهي إليه حال كل من الأزواج الثلاثة ففصل حال أصحاب الشمال وأن الذي ساقهم إلى ذلك نقضهم عهد العبودية وتكذيبهم للبعث والجزاء وأمر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يرد عليهم بتقرير البعث والجزاء وبيان ما يجزون به يوم البعث.
وبخهم على تكذيبهم بالمعاد مع أن الذي يخبرهم به هو خالقهم الذي يدبر أمرهم ويقدر لهم الموت ثم الإنشاء فهو يعلم ما يجري عليهم مدى وجودهم وما ينتهي إليه حالهم ومع أن الكتاب الذي ينبئهم بالمعاد هو قرآن كريم مصون من أن يلعب به أيدي الشياطين وأولياؤهم المضلين.
ثم يعيد الكلام إلى ما بدىء به من حال الأزواج الثلاثة ويذكر أن اختلاف أحوال الأقسام يأخذ من حين الموت وبذلك تختتم السورة.
قوله تعالى: {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} السياق سياق الكلام في البعث والجزاء وقد أنكروه وكذبوا به، فقوله: {فلولا تصدقون} تحضيض على تصديق حديث المعاد وترك التكذيب به، وقد علله بقوله: {نحن خلقناكم} كما يستفاد من التفريع الذي في قوله: {فلولا تصدقون}.
وإيجاب خلقه تعالى لهم وجوب تصديقه فيما يخبر به من المعاد من وجهين: أحدهما: أنه تعالى خلقهم أول مرة فهو قادر على إعادة خلقهم ثانيا كما قال: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 78، 79].
وثانيهما: أنه تعالى لما كان هو خالقهم وهو المدبر لأمرهم المقدر لهم خصوصيات خلقهم وأمرهم فهو أعلم بما يفعل بهم وسيجري عليهم فإذا أنبأهم بأنه سيبعثهم بعد موتهم ويجزيهم بما عملوا إن خيرا وإن شرا لم يكن بد من تصديقه فلا عذر لمن كذب بما أخبر به كتابه من البعث والجزاء، قال تعالى: { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] ، وقال: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] ، وقال: {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122].
فمحصل الآية: نحن خلقناكم ونعلم ما فعلنا وما سنفعل بكم فنخبركم أنا سنبعثكم ونجزيكم بما عملتم فهلا تصدقون بما نخبركم به فيما أنزلناه من الكتاب.
وفي الآية وما يتلوها من الآيات التفات من الغيبة إلى الخطاب لأن السياق سياق التوبيخ والمعاتبة وذلك بالخطاب أوقع وآكد.
قوله تعالى: {أ فرأيتم ما تمنون} الأمناء قذف المني وصبه والمراد قذفه وصبه في الأرحام، والمعنى: أ فرأيتم المني الذي تصبونه في أرحام النساء.
قوله تعالى: {أ أنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} أي أ أنتم تخلقونه بشرا مثلكم أم نحن خالقوه بشرا.
قوله تعالى: {نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين} تدبير أمر الخلق بجميع شئونه وخصوصياته من لوازم الخلق بمعنى إفاضة الوجود فوجود الإنسان المحدود بأول كينونته إلى آخر لحظة من حياته الدنيا بجميع خصوصياته التي تتحول عليه بتقدير من خالقه عز وجل.
فموته أيضا كحياته بتقدير منه، وليس يعتريه الموت لنقص من قدرة خالقه أن يخلقه بحيث لا يعتريه الموت أومن جهة أسباب وعوامل تؤثر فيه بالموت فتبطل الحياة التي أفاضها عليه خالقه تعالى فإن لازم ذلك أن تكون قدرته تعالى محدودة ناقصة وأن يعجزه بعض الأسباب وتغلب إرادته إرادته وهو محال كيف؟ والقدرة مطلقة والإرادة غير مغلوبة.
ويتبين بذلك أن المراد بقوله: {نحن قدرنا بينكم الموت} أن الموت حق مقدر وليس أمرا يقتضيه ويستلزمه نحو وجود الحي بل هو تعالى قدر له وجودا كذا ثم موتا يعقبه.
وأن المراد بقوله: {وما نحن بمسبوقين} و- السبق هو الغلبة والمسبوق المغلوب - ولسنا مغلوبين في عروض الموت عن الأسباب المقارنة له بأن نفيض عليكم حياة نريد أن يدوم ذلك عليكم فيسبقنا الأسباب وتغلبنا فتبطل بالموت الحياة التي كنا نريد دوامها.
قوله تعالى: {على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون} {على} متعلقه بقوله: {قدرنا} وجملة الجار والمجرور في موضع الحال أي نحن قدرنا بينكم الموت حال كونه على أساس تبديل الأمثال والإنشاء فيما لا تعلمون.
والأمثال جمع مثل بالكسر فالسكون ومثل الشيء ما يتحد معه في نوعه كالفرد من الإنسان بالنسبة إلى فرد آخر، والمراد بقوله: {أن نبدل أمثالكم} أن نبدل أمثالكم من البشر منكم أو نبدل أمثالكم مكانكم، والمعنى على أي حال تبديل جماعة من أخرى وجعل الأخلاف مكان الأسلاف.
وقوله: {وننشئكم فيما لا تعلمون} ما موصولة والمراد به الخلق والجملة معطوفة على {نبدل}والتقدير وعلى أن ننشئكم ونوجدكم في خلق آخر لا تعلمونه وهو الوجود الأخروي غير الوجود الدنيوي الفاني.
ومحصل معنى الآيتين أن الموت بينكم إنما هو بتقدير منا لا لنقص في قدرتنا بأن لا يتيسر لنا إدامة حياتكم ولا لغلبة الأسباب المهلكة المبيدة وقهرها وتعجيزها لنا في حفظ حياتكم وإنما قدرناه بينكم على أساس تبديل الأمثال وإذهاب قوم والإتيان بآخرين وإنشاء خلق لكم يناسب الحياة الآخرة وراء الخلق الدنيوي الداثر فالموت انتقال من دار إلى دار وتبدل خلق إلى خلق آخر وليس بانعدام وفناء.
واحتمل بعضهم أن يكون الأمثال في الآية جمع مثل بفتحتين وهو الوصف فتكون الجملتان {على أن نبدل}إلخ، و{ننشئكم}إلخ، تفيدان معنى واحدا، والمعنى: على أن نغير أوصافكم وننشئكم في وصف لا تعرفونه أولا تعلمونه كحشركم في صفة الكلب أو الخنزير أو غيرهما من الحيوان بعد ما كنتم في الدنيا على صفة الإنسان، والمعنى السابق أجمع وأكثر فائدة.
قوله تعالى: {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} المراد بالنشأة الأولى نشأة الدنيا، والعلم بها بخصوصياتها يستلزم الإذعان بنشأة أخرى خالدة فيها الجزاء، فإن من المعلوم من النظام الكوني أن لا لغو ولا باطل في الوجود فلهذه النشأة الفانية غاية باقية، وأيضا من ضروريات هذا النظام هداية كل شيء إلى سعادة نوعه وهداية الإنسان تحتاج إلى بعث الرسل وتشريع الشرائع وتوجيه الأمر والنهي، والجزاء على خير الأعمال وشرها وليس في الدنيا فهو في دار أخرى وهي النشأة الآخرة (2).
على أنهم شاهدوا النشأة الأولى وعرفوها وعلموا أن الذي أوجدها عن كتم العدم هو الله سبحانه وإذ قدر عليها أولا فهو على إيجاد مثلها ثانيا قادر، قال تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79] ، وهذا برهان على الإمكان يرتفع به استبعادهم للبعث.
وبالجملة يحصل لهم بالعلم بالنشأة الأولى علم بمبادىء البرهان على إمكان البعث فيرتفع به استبعاد البعث فلا استبعاد مع الإمكان.
وهذا - كما ترى - برهان على إمكان حشر الأجساد، محصله أن البدن المحشور مثل البدن الدنيوي وإذ جاز صنع البدن الدنيوي وإحياؤه فليجز صنع البدن الأخروي وإحياؤه لأنه مثله وحكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد.
فمن العجيب قول الزمخشري في الكشاف، في الآية: وفي هذا دليل على صحة القياس حيث جهلهم في ترك قياس النشأة الأخرى بالأولى.
انتهى.
وذلك لأن الذي في الآية قياس برهاني منطقي والذي يستدل بها عليه قياس فقهي مفيد للظن فأين أحدهما من الآخر؟.
وقال في روح المعاني، في الآية: فهلا تتذكرون أن من قدر عليها يعني على النشأة الأولى فهو على النشأة الأخرى أقدر وأقدر فإنها أقل صنعا لحصول المواد وتخصيص الأجزاء وسبق المثال، وهذا على ما قالوا دليل على صحة القياس لكن قيل: لا يدل إلا على قياس الأولي لأنه الذي في الآية.
انتهى.
وفيه ما في سابقه.
على أن الذي في الآية ليس من قياس الأولي في شيء لأن الجامع بين النشأة الأولى والأخرى أنهما مثلان ومبدأ القياس أن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد.
وأما قوله: إن النشأة الأخرى أقل صنعا لحصول المواد وتخصيص الأجزاء، فهو ممنوع فإن المواد تحتاج إلى إفاضة الوجود بقاء كما تحتاج إليها في حدوثها وأول حصولها، وكذا تخصص الأجزاء يحتاج إليها بقاء كما تحتاج إليها فالصنع ثانيا كالصنع أولا.
وأما قوله: وسبق المثال، فقد خلط بين المثل والمثال فالبدن الأخروي بالنظر إلى نفسه مثل البدن الدنيوي لا على مثاله ولوكان على مثاله كانت الآخرة دنيا لا آخرة.
فإن قلت: لوكان البدن الأخروي مثلا للبدن الدنيوي ومثل الشيء غيره كان الإنسان المعاد في الآخرة غير الإنسان المبتدء في الدنيا لأنه مثله لا عينه.
قلت: قد تقدم في المباحث السابقة غير مرة أن شخصية الإنسان بروحه لا ببدنه، والروح لا تنعدم بالموت وإنما يفسد البدن وتتلاشى أجزاؤه ثم إذا سوي ثانيا مثل ما كان في الدنيا ثم تعلقت به الروح كان الإنسان عين الإنسان الذي في الدنيا كما كان زيد الشائب مثلا عين زيد الشاب لبقاء الروح على شخصيتها مع تغير البدن لحظة بعد لحظة.
قوله تعالى: {أ فرأيتم ما تحرثون - إلى قوله - محرومون} بعد ما ذكرهم بكيفية خلق أنفسهم وتقدير الموت بينهم تمهيدا للبعث والجزاء وكل ذلك من لوازم ربوبيته عد لهم أمورا ثلاثة من أهم ما يعيشون به في الدنيا وهي الزرع الذي يقتاتون به والماء الذي يشربونه والنار التي يصطلون بها ويتوسلون بها إلى جمل من مآربهم، وتثبت بذلك ربوبيته لهم فليست الربوبية إلا التدبير عن ملك.
فقال: {أ فرأيتم ما تحرثون} الحرث العمل في الأرض وإلقاء البذر عليها {أ أنتم تزرعونه}أي تنبتونه وتنمونه حتى يبلغ الغاية، وضمير {تزرعونه} للبذر أو الحرث المعلوم من المقام {أم نحن الزارعون} المنبتون المنمون حتى يكمل زرعا {لو نشاء لجعلناه حطاما} أي هشيما متكسرا متفتتا {فظلتم} أي فظللتم وصرتم {تفكهون} أي تتعجبون مما أصيب به زرعكم وتتحدثون بما جرى قائلين {إنا لمغرمون}موقعون في الغرامة والخسارة ذهب مالنا وضاع وقتنا وخاب سعينا {بل نحن محرومون} ممنوعون من الرزق والخير.
ولا منافاة بين نفي الزرع عنهم ونسبته إليه تعالى وبين توسط عوامل وأسباب طبيعية في نبات الزرع ونموه فإن الكلام عائد في تأثير هذه الأسباب وصنعها وليس نحو تأثيرها باقتضاء من ذاتها منقطعة عنه تعالى بل بجعله ووضعه وموهبته، وكذا الكلام في أسباب هذه الأسباب، وينتهي الأمر إلى الله سبحانه وأن إلى ربك المنتهى.
قوله تعالى: {أ فرأيتم الماء الذي تشربون - إلى قوله - فلولا تشكرون} المزن السحاب، وقوله: {فلولا تشكرون} تحضيض على الشكر، وشكره تعالى جميل ذكره تعالى على نعمه وهو إظهار عبوديته قولا وعملا.
والباقي ظاهر.
قوله تعالى: {أ فرأيتم النار التي تورون - إلى قوله - ومتاعا للمقوين} قال في المجمع،: الإيراء إظهار النار بالقدح، يقال أورى يوري، قال: ويقال قدح فأورى إذا أظهر فإذا لم يور يقال: قدح فأكبى، وقال: والمقوي النازل بالقواء من الأرض ليس بها أحد، وأقوت الدار خلت من أهلها.
انتهى.
والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
لما ذكر سبحانه شواهد ربوبيته لهم وأنه الذي يخلقهم ويدبر أمرهم ومن تدبيره أنه سيبعثهم ويجزيهم بأعمالهم وهم مكذبون بذلك أعرض عن خطابهم والتفت إلى خطاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إشعارا بأنهم لا يفقهون القول فأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينزهه تعالى عن إشراكهم به وإنكارهم البعث والجزاء.
فقوله: {فسبح باسم} إلخ، الفاء لتفريع التسبيح على ما تقدم من البيان، والباء للاستعانة أو الملابسة، والمعنى: فإذا كان كذلك فسبح مستعينا بذكر اسم ربك، أو المراد بالاسم الذكر لأن إطلاق اسم الشيء ذكر له كما قيل أو الباء للتعدية لأن تنزيه اسم الشيء تنزيه له، والمعنى: نزه اسم ربك من أن تذكر له شريكا أو تنفي عنه البعث والجزاء، والعظيم صفة الرب أو الاسم.
______________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص114-119.
2- الاية 27و28 من سورة ص.
سبعة أدلّة على المعاد:
بما أنّ الآيات السابقة تحدّثت عن تكذيب الضالّين ليوم المعاد، فإنّ الآيات اللاحقة إستعرضت سبعة أدلّة على هذه المسألة المهمّة، كي يتركّز الإيمان وتطمئن القلوب بالوعود الإلهيّة التي وردت في الآيات السابقة حول «المقرّبين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال»، وأساساً فانّ أبحاث هذه السورة تتركّز على بحث المعاد بشكل عامّ.
يقول سبحانه في المرحلة الاُولى: {نحن خلقناكم فلولا تصدّقون} أي لِمَ لا تصدّقون بالمعاد(2)؟!
لماذا تتعجّبون من الحشر والمعاد الجسمي بعد أن تصبح أجسامكم تراباً؟ ألم نخلقكم من التراب أوّل مرّة؟ أليس حكم الأمثال واحداً؟
هذه الإستدلالات في الحقيقة شبيهة بما جاء في قوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 78، 79].
وفي الآية اللاحقة يشير البارىء إلى دليل ثان حول هذه المسألة فيقول: {أفرأيتم ما تمنون(3) أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون}.
من الذي يجعل من هذه النطفة الحقيرة التي لا قيمة لها في كلّ يوم بخلق جديد وشكل جديد، وخلق بعد خلق؟! هذه التطورات العجيبة التي بهرت العقول واُولي الألباب من المفكّرين، هل كانت من خلقكم أم من خلق الله تعالى؟
وهل أنّ القادر على الخلق المتكرّر يعجز عن إحياء الموتى في يوم القيامة؟
إنّ المفاهيم التي وردت في هذه الآية تحكي نفس المفاهيم التي جاءت في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا } [الحج: 5].
وإذا تجاوزنا ذلك وأخذنا بنظر الإعتبار ما يقوله علماء اليوم حول قطرة الماء هذه (النطفة) التي في ظاهر الأمر لا قيمة لها، سوف يتّضح لنا الحال أكثر، حيث يقولون: إنّ الحيمن (الأسبر) هو حيوان مجهري صغير جدّاً وإنّ منيّ الرجل يحتوي على عدد هائل من الحيامن في كلّ إنزال تقدّر بين (2 ـ 5) مليون حيمن وهذا يمثّل مقدار مجموع سكّان عدّة (بلدان في العالم)(4) هذا الحيوان المنوي يتّحد مع بويضة المرأة (أوول)، فتتكوّن البيضة المخصّبة التي تنمو بسرعة وتتكاثر بصورة عجيبة، حيث تصنع خلايا جسم الإنسان، ومع أنّ الخلايا متشابهة في الظاهر، إلاّ أنّها تتوزّع بسرعة إلى مجاميع عديدة، فقسم منها يختص بالقلب، والآخر بالأطراف، والثالث بالاذن والحنجرة، وكلّ مجموعة مستقرّة في مكانها المحدّد له، فلا خلايا الكلية تنتقل إلى خلايا القلب، ولا خلايا القلب تتحوّل إلى خلايا العين، ولا العكس.
والخلاصة أنّ «النطفة المخصّبة» في المرحلة الجنينيّة تمرّ بعوالم عديدة مختلفة حتّى تصبح جنيناً، وكلّ هذا في ظلّ خالقية إلهيّة مستمرّة، في حين أنّ دور الإنسان في هذه العملية بسيط جدّاً، ويقتصر على وضع النطفة في الرحم، والذي ينجز بلحظة واحدة.
أليست هذه المسألة دليلا حيّاً على مسألة المعاد؟
أو ليست هذه القدرة العظيمة تدلّل على قدرة إحياء الموتى أيضاً(5).
ثمّ يستعرض ذكر الدليل الثالث حيث يقول سبحانه: {نحن قدّرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين}.
نعم، إنّنا لن نغلب أبداً، وإذا قدّرنا الموت فلا يعني ذلك أنّنا لا نستطيع أن نمنح العمر السرمدي، بل أنّ الهدف هو أن نذهب بقسم من الناس ونأتي بآخرين محلّهم. وأخيراً نعيدكم خلقاً جديداً في عالم لا تعلمون عنه شيئاً {على أن نبدّل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون}.
وفي تفسير هاتين الآيتين هناك وجهة نظر اُخرى وهي: أنّ الآية الثانية لم تأت لبيان هدف الآية الاُولى ولكن تكملة لها، حيث يريد سبحانه أن يبيّن المعنى التالي وهو: أنّنا لسنا بعاجزين ومغلوبين على أن نذهب بقسم ونأتي بآخرين مكانهم(6).
ويوجد تفسيران لجملة (على أن نبدّل أمثالكم).
الأوّل: هو نفس التّفسير المذكور أعلاه، والذي هو المشهور بين المفسّرين، وطبقاً لهذا الرأي تكون عملية تبديل الأقوام في هذه الدنيا.
والثاني هو: أنّ المقصود من (أمثال) هم نفس البشر الذين يبعثون في يوم القيامة، والتعبير بـ (مثل) لأنّ الإنسان لا يبعث مرّة اُخرى بكلّ خصوصياته التي كان عليها، إذ أنّه سيكون في وقت جديد وكيفيات جديدة من حيث الروح والجسم.
إلاّ أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب حسب الظاهر.
وعلى كلّ حال، فإنّ الهدف هو الإستدلال على المعاد من خلال مسألة الموت، ويمكن توضيح الدليل بالصورة التالية: إنّ الله الحكيم الذي خلق الإنسان وقدّر له الموت فطائفة يموتون وآخرين يولدون بإستمرار، من البديهي أنّ له هدف.
فإذا كانت الحياة الدنيا هي الهدف فالمناسب أن يكون عمر الإنسان خالداً وليس بهذا المقدار القصير المقترن مع ألوان الآلام والمشاكل.
وسنّة الموت تشهد أنّ الدنيا معبّراً وليست منزلا وأنّها جسر وليست مقصداً، لأنّها لو كانت مستقرّاً ومقصداً للزم أن تدوم الحياة فيها.
جملة (وننشئكم فيما لا تعلمون) ظاهراً إشارة إلى خلق الإنسان يوم القيامة، والتي هي الهدف لحياة وفناء هذه الدنيا، ومن البديهي لأي شخص لم يرَ الدار الآخرة أنّه لن يستطيع إدراكها ومعرفة قوانينها والأنظمة المسيطرة عليها من خلال الألفاظ والصور التي تنقل لنا عنها، نعم إنّنا نستطيع أن نرى شبحها وظلالها فقط من التصوير اللفظي لها، ولذا فإنّ الآية أعلاه تعكس هذه الحقيقة، حيث تذكر أنّ الله سيخلقنا في عالم جديد وبأشكال وظروف جديدة لا ندرك أسرارها(7).
وفي آخر آية ـ مورد البحث ـ يتحدّث سبحانه عن رابع دليل للمعاد حيث يقول: {ولقد علمتم النشأة الاُولى أفلا تذكّرون}.
هذا الدليل نستطيع بيانه بصورتين:
الاُولى: في المثال التالي: إذا كنا نسير في صحراء وشاهدنا قصراً مهيباً عظيماً مثيراً للإعجاب في محتوياته ومواد بنائه وهندسته، وقيل لنا: إنّ الهدف من هذا القصر هو إستعماله كمحطّة للراحة والهدوء لعدّة ساعات فقط لقافلة صغيرة .. فإنّنا سنحكم في أنفسنا بصورة قاطعة على عدم الحكمة في هذا العمل، إذ من المناسب لمثل الهدف المتقدّم ذكره أن تُعد خيمة صغيرة فقط.
وعلى هذا فإنّ خلق هذه الدنيا العظيمة وما فيها من أجرام سماوية وشمس وقمر وأنواع المخلوقات الأرضية الاُخرى، هل يمكن أن يكون لهدف صغير محدود، كأن يعيش الإنسان فيها بضعة أيّام؟ كلاّ ليس كذلك، وإلاّ فانّه يعني أنّ خلق العالم سيكون بدون هدف، ولكن ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه المخلوقات العظيمة قد خلقت لموجود شريف ـ مثل الإنسان ـ ليعرف الله سبحانه من خلالها، معرفة تكون رأسماله الوحيد في الدار الآخرة، فالهدف إذن هو الدار الآخرة، وهذا دليل آخر على المعاد.
وهذا البيان هوما نجده في الآية الشريفة: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ} [ص: 27].
الثانية: هو أنّنا نلاحظ مشاهد المعاد في هذا العالم تتكرّر أمامنا في كلّ سنة وفي كلّ زاوية وكلّ مكان، حيث مشهد القيامة والحشر في عالم النبات، فتحيى الأرض الميتة بهطول الأمطار الباعثة للحياة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى} [فصلت: 39] وقد اُشير إلى هذا المعنى كذلك في الآية 6 من سورة الحجّ.
وقوله تعالى : {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [الواقعة: 63 - 67]
هل أنتم الزارعون أم الله؟
إستعرضنا لحدّ الآن أربعة أدلّة من الأدلّة السبعة التي جاء ذكرها في هذه السورة حول المعاد، والآيات ـ مورد البحث واللاحقة لها ـ تستعرض الأدلّة الاُخرى المتبقّية والتي كلّ منها مصداق لقدرة الله اللامتناهية.
فالدليل الأوّل يرتبط بخلق الحبوب الغذائية، والثاني يرتبط بخلق الماء، والثالث يتعلّق بالنار. وهذه المحاور تشكّل الأركان الأساسيّة في الحياة الإنسانية، فالحبوب النباتية أهمّ مادّة غذائية للإنسان، والماء أهمّ عنصر للحياة، والنار أهمّ وسيلة لإصلاح المواد الغذائية وسائر اُمور الحياة الاُخرى.
يقول سبحانه في البداية: {أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون}.
الملفت للنظر هنا أنّ الآية إستعملت تعبير (تحرثون) من مادّة (حرث) على وزن (درس) وهو يعني الزراعة ونشر الحبوب وتهيئتها للإنبات، وفي الآية الثانية كان التعبير بـ (تزرعونه) من مادّة «زراعة» بمعنى النمو والنضج.
ومن البديهي أنّ عمل الإنسان هو الحرث فقط، أمّا النمو فهو من عمل الله سبحانه فقط، ولذا نقل في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «لا يقولنّ أحدكم زرعت وليقل حرثت، فإنّ الزارع هو الله»(8).
شرح هذا الدليل هو أنّ عمل الإنسان في الزرع كعمله في الإنجاب حيث ينثر البذرة ويتركها، والله سبحانه هو الذي يخلق في وسط هذه البذرة الحياة، فعندما توضع البذرة في محيط مهيّأ من حيث التربة والضوء والماء، فإنّها تستفيد إبتداءاً من المواد الغذائية المخزونة فيها إلى أن تصبح برعماً وتولّد جذراً، ثمّ تنمو بسرعة عجيبة مستفيدة من المواد الغذائية الموجودة في الأرض حيث تعمل أجهزة عظيمة وتحدث تغييرات عميقة في داخل النبات، تتمخّض عن أغصان وسيقان وأوراق وثمار .. وأحياناً تنتج البذرة الواحدة عدّة آلاف من البذور(9).
يقول العلماء: إنّ التركيبات الموجودة في بناء نبات واحد أعجب وأعقد بمراتب من التشكيلات الموجودة في مدينة صناعية عظيمة مع معاملها المتعدّدة.
هل أنّ القوّة التي لها مثل هذه القدرة تعجز عن إحياء الموتى مرّة اُخرى؟
وفي الآية اللاحقة يؤكّد الدور الهامشي للإنسان في نمو ورشد النباتات فيقول: {لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون}.
نعم، يستطيع الباريء أن يرسل رياحاً سامّة تقتل البذور قبل الإنبات وتحطّمها، أو يسلّط عليها آفة تتلفها بعد الإنبات كالجراد، أو تنزل عليها صاعقة كبيرة بحيث لا تبقي ولا تذر إلاّ شيئاً من التبن اليابس، وعند ذلك تضطربون وتندمون عند مشاهدتكم لمنظرها.
هل كان بالإمكان حدوث مثل هذه الاُمور إذا كنتم أنتم الزارعون الحقيقيون؟ إذاً فاعلموا أنّ كلّ هذه البركات من مصدر آخر.
«حطام»: من مادّة (حطم) على وزن (حتم) تعني في الأصل كسر الشيء، وغالباً ما تطلق على كسر الأشياء اليابسة كالعظام النخرة وسيقان النباتات الجافّة، والمقصود هنا هو التبن.
ويحتمل أيضاً أنّ المقصود بالحطام هنا هو فساد البذور في التربة وعدم نموّها(10).
«تفكّهون»: من مادّة (فاكهة) بمعناها المتعارف، كما تطلق فكاهة على المزاح وذكر الطرائف التي هي فاكهة جلسات الاُنس، ويأتي هذا المصطلح أحياناً للتعجّب والحيرة، والآية مورد البحث من هذا القبيل.
في بعض الأحيان يضحك الإنسان في الحالة العصبية وتسمّى هذه الضحكة بـ (ضحكة الغضب) كما في المزاح الذي يكون عند الظروف الصعبة والمصائب الثقيلة، وبناءً على هذا فالمقصود: بالفكاهة ـ أحياناً ـ هو المزاح المقترن بالألم.
نعم تتعجّبون وتغمركم الحيرة وتقولون (إنّا لمغرمون(11) (12) بل نحن محرمون).
وإذا كنتم أنتم الزارعين الحقيقيين، فهل بإمكانكم أن تمنعوا وتدفعوا عن زرعكم الأضرار والمصير المدمّر والنتيجة البائسة؟ وهذا التحدّي يؤكّد لنا أنّ جميع اُمور الخلق من الله سبحانه، وكذلك فإنّه هو الذي ينبت من بذرة لا قيمة لها نباتات طريّة وأحياناً مئات أو آلاف البذور منها، تلك النباتات التي يتغذّى عليها الإنسان بشكل أساسي ويستفيد من أغصانها وأوراقها وأحياناً جذورها وبقيّة أجزائها غذاء للحيوان ودواء للأمراض والأسقام.
وقوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 68 - 74]
من الذي خلق الماء والنار؟
يشير سبحانه في هذه الآيات إلى سادس وسابع دليل للمعاد في هذا القسم من آيات سورة الواقعة، التي تبيّن قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، بل في كلّ شيء.
{أفرأيتم الماء الذي تشربون}.
{أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون}.
«مزن»: على وزن (حزن) كما يقول الراغب في المفردات تعني (الغيوم البيضاء) وفسّرها البعض بأنّها (الغيوم الممطرة)(13).
إنّ هذه الآيات تجعل الوجدان الإنساني أمام إستفسارات عدّة كي تأخذ إقراراً منه، حيث يسأل الله سبحانه: هل فكّرتم بالماء الذي تشربونه بإستمرار والذي هو سرّ حياتكم؟
وهل تدبّرتم من الذي يأمر الشمس بالشروق على صفحات المحيط حيث تفصل جزئيات الماء الخالص الحلو والطاهر من بين المياه المالحة؟
وهل علمتم من الذي يحمل هذا البخار نحو السماء؟
ومن الذي يأمر البخار بالتجمّع وتشكيل غيوم الأمطار؟
ومن الذي يأمر الرياح بالتحرّك وحمل الغيوم إلى الأراضي القاحلة والميتة؟
ومن الذي يمنح للطبقات العليا في الجوّ هذه الخاصيّة من البرودة بحيث تمنح إستمرار صعود البخار نحو الأعلى، كي يتحوّل البخار إلى قطرات صغيرة وملائمة تسقط على الأرض بهدوء وتعاقب؟
وهل نعلم ماذا سيحدث لو إنقطعت الشمس عن الشروق لمدّة سنة واحدة؟
أو توقّفت الرياح عن التحرّك؟
أو رفضت الطبقات العليا حفظ البخار من الصعود إلى الأعلى؟
أو حبسته من النّزول إلى الأرض؟
لا شكّ أنّ الذي سيحدث يمثّل كارثة، حيث يموت الزرع والنخيل وتهلك مزارعكم وحدائقكم وحيواناتكم، بل ستهلكون أنتم من الظمأ أيضاً.
إنّ القوّة التي أعطت هذه القدرة ومنحت كلّ هذه النعم والبركات العظيمة، بما أودعته من قوانين ونظم في عالم الخلق، أتظنّون أنّها غير قادرة على إحياء الموتى؟
وهل أنّ إحياء الموتى غير هذا؟
أليس إحياء الأراضي الميتة نوعاً من أنواع إحياء الموتى؟
نعم، إنّه دليل على ذلك، وهو دليل على التوحيد وعظمة القدرة الإلهيّة، ودليل أيضاً على الحشر والمعاد.
وإذا لاحظنا في الآيات أعلاه عملية إستعراض لماء الشرب ـ فقط ـ وعدم التحدّث عن تأثيره في حياة الحيوانات أو النباتات فإنّ السبب هو الأهميّة البالغة للماء في حياة الإنسان نفسه، بالإضافة إلى أنّه قد اُشير له في الآيات السابقة في الحديث الزرع، لذا لا حاجة لتكرار ذلك.
والطريف هنا أنّ أهميّة الماء وتأثيره في حياة الإنسان تزداد مع مرور الزمن وتقدّم الصناعة والعلم والمعرفة الإنسانية، فالإنسان الصناعي يحتاج إلى الماء بصورة متزايدة، لذلك فإنّ كثيراً من المؤسسات الصناعية العظيمة لا تكون لها القدرة على الفاعلية إلاّ حينما تكون على ضفاف الأنهار العظيمة.
وأخيراً ـ ولإكمال البحث في الآية اللاحقة ـ يقول سبحانه: {لو نشاء جعلناه اُجاجاً فلولا تشكرون}(14).
نعم، لو أراد الله تعالى، للأملاح المذابة في مياه البحار أن تتبخّر مع ذرّات الماء، وتصعد إلى السماء معها وتشكّل غيوماً مالحة ومرّة، وتنزل قطرات المطر مالحة مرّة أيضاً كمياه البحر، فهل هنالك من قوّة تمنعه؟ ولكنّه بقدرته الكاملة لم يسمح للأملاح بذلك، ولا للمكروبات ـ أيضاً ـ أن تصعد إلى السماء مع بخار الماء، ولهذا فإنّ قطرات المطر عندما يكون الجوّ غير ملوّث تعتبر أنقى وأطهر وأعذب المياه.
«اُجاج»: من مادّة (أجّ) على وزن (حجّ) وقد أخذت في الأصل من «أجيج النار» يعني إشتعالها وإحتراقها، ويقال «اُجاج» للمياه التي تحرق الفمّ عند شربها لشدّة ملوحتها ومرارتها وحرارتها.
نختتم حديثنا هذا بحديث لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث ذكر الرواة أنّ النّبي كان إذا شرب الماء قال: «الحمد لله الذي سقانا عذباً فراتاً برحمته، ولم يجعله ملحاً اُجاجاً بذنوبنا»(15).
وأخيراً نصل إلى سابع ـ وآخر ـ دليل للمعاد في هذه السلسلة من الآيات الكريمة، وهو خلق النار التي هي أهمّ وسيلة لحياة الإنسان وأكثرها أهميّة له في المجالات الصناعية المختلفة، حيث يقول سبحانه: (أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤن).
«تورون»: من مادّة (ورى) على وزن (نفى) بمعنى الستر، ويقال للنار التي تكون مخفية في الوسائل التي لها القابلية على الإشتعال والتي تظهر بشرارة «ورى» و «ايراء»، وخروجها يكون عن.
وتوضيح ذلك: إنّ لإشعال النار وإيجاد الشرارة الاُولى، والتي تستحصل اليوم بواسطة الكبريت والقداحات وما إلى ذلك، فإنّهم كانوا يحصلون عليها من الحديد والحجر المخصّص للقدح، حيث تظهر الشرارة بضرب الواحد بالآخر، أمّا أعراب الحجاز فكانوا يستفيدون من نوعين من الشجر الخاصّ الذي ينمو في الصحراء وهما (المرخ) و (العفار) حيث يأخذون قطعتي خشب ويضعون الاُولى أسفل والعفار فوقه فتتولّد الشرارة منها كما تتولّد من الحجر المستعمل للقدح.
وفسّر أغلب المفسّرين الآية بأنّها دليل آخر على قدرة الله البالغة في النار المخفية في خشب الأشجار الخضراء كمولّد للشرر والنار، في الوقت الذي تكون فيه الأشجار الخضراء مشبّعة بالماء، فأين الماء؟ وأين النار؟
هذا الخالق العظيم الذي يتميّز بهذه القدرة، الذي وضع الماء والنار جنباً إلى جنب الواحد داخل الآخر، كيف لا يستطيع أن يلبس الموتى لباس الحياة، ويحييهم في الحشر.
وقد ورد دليل شبيه بهذا حول المعاد في آخر آيات سورة «يس» أيضاً يقول تعالى: { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ } [يس: 80].
ولكن كما ذكرنا في تفسير الآية أعلاه فإنّ تعبير القرآن يمكن أن يكون إشارة إلى دليل أظرف، وهو حشر وتحرّر الطاقات وإنطلاقها.
وبتعبير آخر: فإنّ الحديث هنا ليس فقط عن (القادحات) بل عن المواد التي لديها قابلية الإشتعال ـ كالخشب والحطب ـ حيث تولّد عند إحتراقها كلّ هذه الحرارة والطاقة.
وتوضيح ذلك: أنّه ثبت من الناحية العلمية أنّ النار التي نشاهدها اليوم عند إحتراق الأخشاب هي نفس الحرارة التي أخذتها الأشجار من الشمس على مرّ السنين وادّخرتها في داخلها، فنحن نتصوّر أنّ أشعّة الشمس طيلة إشراقها على الشجر خلال خمسين سنة قد ذهبت آثارها غافلين عن أنّ حرارتها قد ادّخرت في الشجرة، وعندما تصل شرارة النار إلى الأخشاب اليابسة تبدأ بالإحتراق وتطلق الحرارة الكامنة فيها.
وبذلك يكون هنا أيضاً معاد ومحشر وتحيا الطاقات من جديد مرّة اُخرى، ولسان حال الأشجار يقول: إنّ الخالق الذي هيّأ لنا الحشر قادر أن يهيّأ لكم حشراً يا بني البشر. (ولمزيد من الإطلاع في هذا المجال راجعوا البحث المفصّل الذي بيّناه في الآية من سورة يس).
جملة (يورون) ـ بمعنى إشعال النار ـ بالرغم من أنّها فسّرت هنا بما يستفاد منه توليد النار، إلاّ أنّه لا مانع من أن تشمل الأشياء المشتعلة أيضاً كالحطب بإعتباره ناراً خفيّة تظهر وقت توفّر الشروط المناسبة لها.
ولا تنافي بين المعنيين، حيث المعنى الأوّل يفهمه العامّة من الناس، والثاني أدقّ، يتوضّح مع مرور الزمن وتقدّم العلم والمعرفة.
وفي الآية اللاحقة يضيف مؤكّداً الأبحاث أعلاه بقوله سبحانه: {نحن جعلناها تذكرةً ومتاعاً للمقوين}.
إنّ عودة النار من داخل الأشجار الخضراء تذكّرنا برجوع الأرواح إلى الأبدان في الحشر من جهة، ومن جهة اُخرى تذكّرنا هذه النار بنار جهنّم.
يقول الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) «ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنّم»(16).
أمّا تعبير (متاعاً للمقوين) فإنّه إشارة قصيرة ومعبّرة للفوائد الدنيوية لهذه النار، وقد ورد تفسيران لمعنى المقوين:
الأوّل: أنّ (مقوين) من مادّة (قواء) على وزن (كتاب) بمعنى الصحراء اليابسة المقفرة، ولهذا اُطلقت كلمة (المقوين) على الأشخاص الذين يسيرون في الصحاري، ولأنّ أفراد البادية فقراء، لذا فقد جاء هذا التعبير بمعنى «الفقير» أيضاً.
والتّفسير الثاني: أنّ (مقوين) من مادّة (قوّة) بمعنى أصحاب القوّة، وبناءً على هذا فإنّ المصطلح المذكور هو من الكلمات التي تستعمل بمعنيين متضادّين(17).
صحيح أنّ النار هي مورد إستفادة الجميع ـ ولكن المسافرين يستفيدون منها ويعتمدون عليها في الدفء والطهي وخاصّة في أسفارهم في الأزمنة القديمة أكثر من الآخرين.
وإستفادة «الأقوياء» من النار واضحة أيضاً، وذلك لإتّساع المجالات التي يستعملون النار فيها في اُمور حياتهم المختلفة، خصوصاً مع اتّساع دائرة البحث العلمي كما في عالمنا المعاصر، حيث إنّ الحرارة الناشئة من أنواع النار تحرّك عجلة المصانع العظيمة، وإذا ما تعطّلت هذه الوسيلة المهمّة وإنطفأت شعلتها العظيمة ـ والتي جميعها من الشجر ـ بما في ذلك النار المأخوذة من الفحم الحجري أو المواد النفطية حيث ترجع إلى النباتات بصورة مباشرة أو غير مباشرة ـ فإنّها ستتعطّل الحياة المدنية، بل وستنطفيء حياة الإنسان أيضاً.
وبدون شكّ فإنّ النار من أهمّ إكتشافات البشر، في حين أنّ الله تعالى هو الذي أوجدها ودور الإنسان فيها بسيط وعادي جدّاً.
لقد قفز إكتشاف النار بالإنسانية مرحلة مهمّة حيث بدأت تسير من ذلك الوقت في مراحل جديدة من التمدّن والرقي.
نعم هذه الحقائق جميعاً عبّر عنها القرآن الكريم بجملة قصيرة: {نحن جعلناها تذكرة ومتاعاً للمقوين}.
وممّا يجدر ذكره أنّ الآية أعلاه إستعرضت في البداية الفوائد المعنوية للنار، والتي تذكّرنا بيوم القيامة، والتي هي محور الحديث في هذا البحث، ثمّ إنتقلت إلى ذكر تفاصيل الفوائد الدنيوية لها، لأنّ للناحية الاُولى أهميّة أكثر، بل تمثّل الأصل والأساس في البحث.
بعد ذكر النعم الثلاث (الحبوب الغذائية، والماء، والنار) والتي روعي ترتيب أهميّتها وفق تسلسل طبيعي ـ لأنّ إهتمام الإنسان يبدأ أوّلا بالحبوب الغذائية ثمّ يمزجها بالماء ومن ثمّ يطهوها ويهيّؤها للغذاء بواسطة النار ـ يستنتج سبحانه نتيجة مهمّة بعد ما ركّز على أهميّة هذه النعم للإنسان وذلك بتسبيحه والشكر له تعالى بإعتباره المصدر الوحيد لهذه النعم .. فيقول سبحانه في آخر آية مورد البحث: {فسبّح باسم ربّك العظيم}(18).
نعم، إنّ الله الذي خلق كلّ هذه النعم، والتي كلّ منها تذكّرنا بقدرته وتوحيده وعظمته ومعاده، لائق للتسبيح والتنزيه من كلّ عيب ونقص.
إنّه ربّ، وكذلك فإنّه «عظيم» وقادر ومقتدر، وبالرغم من أنّ المخاطب في هذه الآية هو الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ أنّ من الواضح أنّ جميع البشر هم المقصودون.
_________________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13 ، ص516-530.
2 ـ (لولا) في الإصطلاح تستعمل للحضّ والتحريك لإنجاز عمل ما، وكما يقول البعض فإنّها في الأصل مركّبة من (لِمَ) و(لا) والتي تعطي معنى السؤال والنفي ثمّ تبدّلت الميم إلى واو، ويستعمل هذا المصطلح في مكان يتسامح فيه فرد أو أفراد في إنجاز عمل ما، ويقال لهم: لماذا لا تعملون هكذا وهكذا؟
3 ـ جاءت «رأيتم» هنا من الرؤية بمعنى العلم وليست المشاهدة بالعين المجرّدة.
4 ـ كتاب أوّل جامعة، ج1 (بحث معرفة الجنين)، ص241.
5 ـ في هذا الموضوع ذكرنا توضيحات اُخرى في نهاية الآية (5) من سورة الحجّ.
6 ـ طبقاً للتفسير الأوّل فإنّ الجار والمجرور في (على أن نبدّل) متعلّق بـ (قدّرنا) والذي جاء في الآية السابقة. طبقاً للتفسير الثاني فإنّها متعلّقة بـ (مسبوقين) (يرجى الإنتباه).
7 ـ إعتبر البعض أنّ الآية هي إشارة إلى مسخ الأقوام السابقين في هذا العالم، حيث إنّ الله سبحانه قد مسخهم بأشكال لا يعلمونها، إلاّ أنّ هذا المعنى لا ينسجم مع ظاهر الآية.
8 ـ القسم الأوّل من الحديث جاء في تفسير مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث، ونقل القسم الثاني في روح البيان كإضافة عليه.
9 ـ بالرغم من أنّ الحبّة الواحدة من الحنطة لا تنبت سوى عدّة مئات من الحبوب، إلاّ أنّه كما قلنا في ج2 من هذا التّفسير: أنّه قد وجد في بعض مزارع القمح في إحدى المحافظات الجنوبية لإيران أنّ سنبلة واحدة تحوي على أربعة آلاف حبّة وذلك طبقاً لما أعلنته منشورات صحفية.
10 ـ تفسير روح الجنان ،ذيل الآية مورد البحث.
11 ـ لجملة (إنّا لمغرمون) محذوف، تقديره (وتقولون إنّا لمغرمون).
12 ـ «مغرمون»: من مادّة (غرامة) بمعنى الضرر وفقدان الوقت والمال.
13 ـ لسان العرب مادّة مزن.
14 ـ في هذه الجملة حذفت اللام وفي التقدير هكذا «لو نشاء لجعلناه».
15 ـ تفسير المراغي، ج27، ص148; وتفسير روح المعاني، ج27، ص129.
16 ـ تفسير القرطبي، ج9، ص6392; وتفسير روح المعاني، ج27، ص131.
17 ـ من الجدير بالملاحظة أنّ كلمة (متاع) تطلق على كلّ وسيلة يستفيد منها الإنسان في حياته.
18 ـ الباء في (باسم ربّك) يمكن أن تكون للتعدية (حيث إنّ الفعل المتعدّي سبّح يؤخذ بمنزلة اللازم) وإحتمل البعض أيضاً أنّ الباء هنا جاءت للإستعانة أو زائدة أو ملابسة، إلاّ أنّ المعنى الأوّل هو الأنسب.