الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
ضرورة وجود برنامج لإعادة تأهيل الاطفال
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: تربية الأطفال واليافعين وإعادة تأهيلهم
الجزء والصفحة: ص38ـ41
24-4-2017
2647
إن إعادة التأهيل تعني إيجاد تحول في البناء التربوي السابق، والتغيير والتحول الإيجابي لدى الفرد أو المجتمع ضمن ظروف وإمكانات محددة.
فمن الممكن إعادة تربية الفرد من جديد، وجبران النقص وتقويم الانحراف فيه، وقطع جذور الفساد والانحراف فيه؛ لكن شرط أن يكون ذلك عن وعي ومعرفة، وعلى أساس خطة.
وأساساً فإن كل مربٍّ يريد ان يكون موفقاً في عمله، فإنه يحتاج الى برنامج وخطة، وخاصة في مجال الإعداد والتأهيل الذي يجب أن يكون بشكل تدريجي، ومرحلة بعد مرحلة، وليس بشكل مفاجئ ودفعي. وعلى المربي ان يعلم من اي نقطة عليه ان يبدأ، وأي مراحل عليه أن يطوي، والى أي هدف أو أهداف يجب أن يبلغ.
تلك هي فائدة وجود خطة وبرنامج، فهي تسمح للمربّي ان يقيم في كل مرحلة وضع الفرد الذي يربيه والمستوى الذي بلغه، ويرى ماذا فعل حتى الآن، وفي أي نقطة هو، وما هي المشاكل والموانع التي تقف في وجهه، وأي خطوات جديدة عليه أن يخطوها.
لا شك أن هذا البرنامج وتلك الخطة لا ينفّذان في الفراغ، إذن لا بد أن ننظر في الواقعيات الموجودة، وفي نفس الوقت يجب أن يكون البرنامج التربوي دقيقاً وعملياً ومرناً وقابلاً للتغيير، بحيث إذا اصطدم المربي خلال تنفيذه بمانع يتمكن من انتخاب طريق آخر حتى لا يصل الى طريق مسدود.
ـ صعوبة الأمر :
إن إعادة التأهيل أمر مهم وصعب، وهو عمل الأنبياء. لكن علينا أن لا نيأس من ذكر الصعاب، لأن الإقدام عليه واجب. وكل ما في الأمر هو إنه علينا أن نخطو في هذا الطريق بوعي ودراسة وتمعن.
ولا يمكننا هنا ان نذكر جميع الصعاب والموانع التي قد يواجهها المربي خلال سعيه نحو هذا الهدف، لكننا سنذكر اهمها وباختصار، ليتنبه لها المربون:
1ـ أساساً فإن إعادة البناء والتأهيل أصعب من البناء نفسه، ذلك لأنه عمل مجدد، وفيه عملان هما:ـ هدم البناء السابق، والبناء مجدداً.
2ـ إن كثيراً ممن يمارسون إعادة تأهيل أبنائهم وتربيتهم لا يمتلكون الوعي اللازم لذلك، لهذا فإن إعداد الأفراد المخالفين أو المنحرفين في المجتمع تزداد يوماً بعد يوم، وهذا الأمر بحد ذاته يزيد من صعوبة إعادة التأهيل، ويعقد العلاقة بين الفرد المطلوب تربيته والآخرين.
3ـ إن انشغال الوالدين وهمومهما المعيشية كماً وكيفاً تقلل من فرص اهتمامهما بتربية أبنائهما. لهذا فإننا نعتبر إن الأسرة فقدت بعض الأهمية والقيمة التي كانت لها من قبل، ولا يمكنها ان تنظم وضعها كما ينبغي ان تكون عليه، وهذا يقلل من قيمة جهودها المبذولة لبلوغ الأهداف الجديدة.
4ـ إن عوامل المحيط من مجتمع ومدرسة وبرامج ووسائل إعلام وآداب وسنن وفنون وآداب ليست متناسقة ومتكاملة لتحقيق إعادة التأهيل، بل إنها أحياناً تفرط العقد، وتخرب ما انجزه الآخرون.
5ـ أساساً إن تغيير سيرة الفرد أمر صعب، خاصة إذا أصبحت من طبيعته الثانوية، فإن الأطفال، بل وحتى الكبار لن يتركوا تلك العادات بسهولة، كما ان إرادتهم وتحركهم وحبهم للأمر الذي اعتادوا عليه يجعلهم يقاومون التغيير ويدافعون عما اعتادوا عليه.
ـ الموانع والمنافذ :
إن الأنبياء والمصلحين وعلماء الأخلاق والفلاسفة واصحاب الرسالات والمذاهب قد قدموا وصايا لبناء النفوس أو تأهيلها من جديد، وهي تدل على إمكانية إعادة التربية والتأهيل، لكن في نفس الوقت علينا ان نعلم ان التأهيل يتم تحت نفوذ وتأثير عوامل متعددة، أهمها: أبعاد الثقافة المادية والمعنوية للمجتمع والأسرة والإدراكات والعقائد والشخصيات ووسائل الإعلام وتربية المحيط والسيرة الاجتماعية والفلسفات والأفكار التي هي في عصرنا - مع الأسف ـ كثيرة ومتعددة. وما دامت تلك العوامل لا تخضع للرقابة، فإن إعادة التأهيل أمر غير ممكن. فمع وجود المحيط الفاسد وتعاليم المجتمع الخاطئة كيف يمكننا ان نتوقع تجلّي شخصيتنا الإنسانية؟ وأن تكون سيرتنا ربانية؟ ورغم ذلك قد يتمكن المربون بهمتهم وجهدهم من رفع تلك الموانع من الطريق، أو على الاقل ان يوجدوا سداً في مواجهتها، لئلا يعود ضررها على الشأن التربوي.
ـ وقت البدء :
إذن فمتى علينا ان نبدأ بإعادة التأهيل؟ لا بد هنا من جواب جدي وواضح. فبعد ان عرفنا الخطر، علينا ان نفكر في رفعه واجتثاثه، وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل. كان علينا ان نبذل الجهد قبل الوقوع في تلك العوارض وأن نتوقاها. لكن الآن بعد أن وقع التساهل، ولا بد من العلاج، علينا ان نسرع بمعالجة مرضانا.
فاليوم هو يوم العمل، وإذا لم نقم بما يجب، فلن ينفعنا ذلك غداً، فليست مشكلتنا في زلة ابننا وانحرافه، بل بحثنا هو في مضار عواقب الغد، وهو وضع يؤثر في مستقبل الطفل والمجتمع.
ولعل تهاون بعض المربين بأمر تأهيل اجيالهم ينتج من عدم ادراكهم لجدية الأمر، وانهم لا يعتبرونه أمراً ضرورياً، أو انهم يظنون ان الخطر لم يبلغ درجة الجدية، في حين ان هذا التهاون سيؤجل العمل الى الغد حيث يستحيل القيام به.