التصويت بالقائمة هو ذلك النظام الذي يُعطي الناخب فيه صوته لعدة مرشحين على قائمة ، بمعنى انه في ورقة الانتخاب توجد عدة أسماء ، وان الناخب يجد إما قائمة ، أو عدة قوائم ، تشتمل كل منها على عدد من أسماء المرشحين بعدد النواب المقرر لدائرته الانتخابية ، أو حتى المقرر للمجلس النيابي كله(1) ، ويكون عليه ان يدلي بصوته لا لصالح فرد أو مرشح واحد فقط ، وإنما لصالح قائمة تتضمن عددا من الأسماء ، وعادة ما تضع الأحزاب السياسية على رأس القائمة اسما معروفا ومرغوبا فيه لدى الناس ، حتى تحصل القائمة على اكبر عدد ممكن من الأصوات(2) ، ويقتضي هذا النظام ان تقسم الدولة إلى دوائر انتخابية واسعة النطاق(3).
1 : مزايا نظام التصويت بالقائمة :
1: التقليل من تأثير المرشحين على الناخبين ، مما يكون له بالغ الأثر في قيام الناخبين باختيار مرشحيهم على أساس البرامج الحزبية ، مما يجعل المنافسة بالانتخابات كفاحا بين برامج وآراء ، لا كفاحا بين أشخاص معتمدا على الصلات والعلاقات الشخصية(4) .
2 : يحول دون تدخل الرشوة ورؤوس الأموال في العملية الانتخابية ويؤدي إلى تخفيف تأثير التدخل الحكومي وذلك بسبب اتساع الدائرة الانتخابية وكثرة الناخبين(5) .
3 : يضمن هذا النظام تمثيل كافة الاتجاهات السياسية وأحزاب الأقلية ، خصوصا إذا تم تطبيقه من خلال نظام التمثيل النسبي .
4 : قد يقوم الناخب ـ في بعض أنواع التطبيقات لهذا النظام ـ باختيار عدة نواب وهذا يؤدي إلى مضاعفة حقوق الناخب ، مما يؤدي إلى جذب اهتمامه بالانتخابات والشؤون العامة الأخرى .
5 : كبر الدائرة الانتخابية يؤدي إلى وجود كفاءات في المجالس النيابية(6) .
2 : عيوب نظام التصويت بالقائمة :
1 : يقلل من حرية الناخبين في الاختيار ويؤدي إلى استبداد الأحزاب السياسية التي تتحكم في أسماء المرشحين التي توضع في القائمة ، خصوصا إذا كان النظام المطبق هو نظام القوائم المغلقة .
2 : قد تقوم الأحزاب بخداع الناخبين من حيث وضع أسماء لامعة وذات كفاءة على رأس القائمة بينما تكون بقية الأسماء من الشخصيات الضعيفة أو غير النافعة في مجال الخدمة العامة(7) .
3 : تكون مهمة الاختيار شاقة أمام الناخبين بسبب اتساع حجم الدائرة الانتخابية وكثرة المرشحين مما يجعل معرفة الناخب للمرشحين والمفاضلة بينهم مهمة صعبة ان لم تكن عسيرة .
4 : قد يؤدي إلى نشوب نزاعات داخلية ضمن الأحزاب بشان إعداد القوائم والأسماء التي توضع في المقدمة وكيفية اختيار هذه الأسماء عن طريق التعيين أو الانتخاب داخل الحزب(8) .
3 : أنواع التصويت بالقائمة :
يجدر بالذكر انه توجد عدة أنواع من نظام التصويت بالقائمة وأهم هذه الأنواع هي :
أ ـ نظام القوائم المغلقة :
وفقا لهذا النظام ، يكون على الناخب ان يدلي بصوته لصالح قائمة من القوائم المعروضة أمامه بكل ما فيها من أسـماء ، أي ان الناخب إما ان يقبل القـائمة كلها كما هي ، أو ان يرفضها برمتها كما هي ، دون ان يكون له الحق في إجراء أي تعديل فيها(9) .
وغالبية الدول التي تأخذ بنظام التصـويت بالقائمة ، تطبق نـظام القوائم الحزبية المغلقة ، مثل العراق والنمسا والبرتغال والسويد(10) ، وإسرائيل(11) .
والواقع ان هذه الطريقة بعيدة عن الروح الديمقراطية لأنها تحرم الناخب مما يجب ان يكون له من الحرية في اختيار ممثليه ، فهو يعطي صوته لقائمة قد تتضمن مرشحين لا يكونون موضع ثقته ولكنه يفعل ذلك نزولا عند إرادة قيادة الحزب(12) ، لا بل ان قصر الترشيح على القوائم الحزبية فقط يعد حرمان لطائفة معينة من حق الترشيح وإخلالا بمبدأ تكافؤ الفرص التي أكدت عليه اغلب الدساتير(13) .
ب ـ نظام القوائم المفتوحة :
في هذا النظام يكون من حق الناخب ان يجري ، تعديلات في القائمة التي يريد التصويت لصالحها ، ويتخذ ذلك عدة صور أو أشكال تتمثل في الآتي :
1: القوائم مع الشطب : أي السماح للناخب بشطب اسم أو أكثر من القائمة التي يريد التصويت لصالحها ، دون ان يكون باستطاعته وضع اسم من قوائم أخرى بدلا منها .
2: القوائم مع المزج : أي السماح للناخب بشطب اسم أو أكثر من القائمة ، وإضافة اسم أو أكثر إليها من قـوائم أخرى بدلا من الأسـماء التي قام بشـطبها ، أي السـماح له بالمزج بين القـوائم المختلفة ، وتعتبر سويسرا ولبنان مثالا لتطبيق هذا النوع من القوائم(14).
3: القوائم مع التفضيل : أي السماح للناخب ـ وذلك في نظام التمثيل النسبي ـ بتعديل نظام تقديم وترتيب أسماء المرشحين في القائمة ، بان يكون للناخب ان يضع على رأس القائمة الأسماء التي يفضلها ، والتي يرى ان لها فرصة اكبر للفوز ، وهو ما يعرف بالتصويت أو الاقتراع التفضيلي ، ومن أمثلة الدول التي تطبق هذه الطريقة ، هولندا واليونان وايطاليا وبلجيكا والبرازيل(15) .
4 : تطبيقات نظام التصويت بالقائمة :
تطبق بعض الأنظمة السياسية نظام التصويت بالقائمة في انتخاب أعضاء برلماناتها ، ومن أمثلة هذه النظم فرنسا بالنسبة لانتخابات المجالس البلدية ، وسويسرا بالنسبة لانتخاب أعضاء المجلس الوطني(16) ، والنمسا واليونان وهولندا بالنسبة لانتخاب أعضاء المجلس الثاني في البرلمان(17) .
وقد أخذت مصر بنظام التصويت بالقائمة في انتخابات أعضاء مجلس الشورى وفقا للمادة (7) من القانون رقم (120) لسنة 1980 ، وانتخابات المجالس الشعبية المحلية وفقا للمادة (86) من القانون رقم (50) لسنة 1981 ، وفي انتخابات مجلس الشـعب في ظل القانون رقم (114) لسنة 1983 ، قبل العودة لنظام الانتخاب الفردي(18) .
أما في العراق فان نظام التصويت الذي طبق في انتخابات مجالس المحافظات والجمعية الوطنية وبرلمان كردستان في 30 كانون الثاني 2005 وكذلك انتخابات مجلس النواب في 15 كانون الأول 2005 ، كان نظاما تصويتيا مختلطا ، حيث سمح هذا النظام لثلاث أنواع من الكيانات السياسية بالترشيح وخوض الانتخابات ، وهذه الأنواع الثلاث هي :
1: الأفراد ، حيث بإمكانهم الترشيح فرادا على شكل كيان سياسي فردي .
2: الأحزاب ( المجموعات ) ، ويتم ترشيحهم عبر قوائم مغلقة ، لا يقل عدد المرشحين فيها عن (12) مرشـح في انتخابات 30 كانـون الثاني ، وعن (3) مرشـحين في انتخابات كانون الأول 2005 ، ولا يزيد الحد الأعلى عن عدد المقاعد المخصص للدائرة الانتخابية(19) .
3: الائتلافات : وتتكون من ائتلاف اثنين أو أكثر من الكيانات السياسية المذكورة أعلاه ( أفراد ، أحزاب ) ، وعلى شكل قوائم مغلقة وبنفس الشروط(20) .
ان إمعان النظر في كل من النظامين ـ نظام التصويت الفردي ونظام التصويت بالقائمة ـ والتدقيق في أوجه المدح والقدح التي قيلت في كل منهما ، تجعلنا نقف على حقيقة واحدة ، هي ان ما يعتبر ميزة في احدهما هو في الوقت نفسه عيبا في النظام الثاني ، ومثل هذا الوضع المعقد من شانه ان يجعل من العسير الوصول لحكم موضوعي ومتجرد لتزكية أي من النظامين على الآخر ، والحال أننا أمام نظامين متساويين تسير عيوبهما ومحاسنهما في خطين متوازيين ، ان التفضيل بين النظامين لا يخضع فقط للحجج والمبـررات التي قال بها الفقهاء من أنصار هذين النظامين ، بل يتوقف إلى حد كبير على ظروف الدولة الخاصة والاعتبارات السياسية السائدة فيها(21) .
ونرى ان لكل بلد خصوصيته في اختيار النظام التصويتي الذي يلاءم مجموع المعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبنى التحتية للعملية الانتخابية ووعي الناخب والمرشح ونوع النظام الحزبي ... الخ ، وبالتالي فانه يجب التدقيق في كل العوامل السابقة للوقوف على النظام الأفضل لدولة ما في زمن ما ، كما يمكن اللجوء ـ وكما حدث في العراق ـ إلى اختيار نظام تصويت يجمع بين النظامين السابقين .
______________
1- وذلك في النظم التي تعتبر الدولة كلها دائرة انتخابية واحدة ، ومثال ذلك العراق في انتخابات الجمعية الوطنية التي جرت في 30/1/2005 ، حيث نصت المادة ( 3 ) من القسم الثاني من الأمر رقم (96) الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة ( قانون الانتخابات ) " يكون العراق دائرة انتخابية واحدة ... " .
2- مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ، كيف نشأت الأحزاب السياسية ، 2001 ، الرابط الالكتروني : www.ahram.org .
3- مثال ذلك العراق في انتخابات مجلس النواب التي جرت في 15 كانون الأول 2005 ، حيث نصت الفقرة ( ثانيا ) من المادة (15) من الفصل الرابع من القانون رقم (16) لسنة 2005 " تكون كل محافظة وفقا للحدود الإدارية الرسمية دائرة انتخابية تختص بعدد من المقاعد يتناسب مع عدد الناخبين المسجلين في المحافظة حسب انتخابات 30 كانون الثاني 2005 ، ... " .
4- د. مصطفى عفيفي ، نظامنا الانتخابي في الميزان ، مكتبة سعيد رأفت ، جامعة عين شمس ، 1984 ، ص 39 .
5- أو كما قال لامارتين " إذا كان من السهل ان تسمم كوبا من الماء فان من الصعب ان تسمم نهر بأكمله " ؛ ذكره : علي محمد صالح الدباس ، نظم الانتخاب ـ دراسة مقارنة ـ ، رسالة ماجستير في الحقوق مقدمة إلى كلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنية ، 1997 ، ص 37 .
6- أ. يحيى محمد عبد الرحمن الجفري ، الأنظمة الانتخابية الأكثر تطبيقا في العالم ، الموقع الالكتروني : دراسات ، الرابط الالكتروني : www.ray-party.org
7- حدث في الانتخابات الفرنسية سنة 1785 ان فاز شخص معتوه نتيجة إدراج اسمه في قائمة الحزب الراديكالي عن دائرة باريس ؛ ينظر : د. عفيفي كامل عفيفي ، الانتخابات النيابية وضماناتها الدستورية والقانونية ، دار الجامعين ، 2002 ، ص 506 .
8- أ. صادق الشامي ، من اجل قانون انتخابي ديمقراطي ، الموقع الالكتروني : مركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا ، الرابط الالكتروني : www.mascenter.com .
9- محمد زين الدين ، تأثيرات أنماط الاقتراع على الانتقال الديمقراطي ، الموقع الالكتروني : الحوار المتمدن ، 2006 ، الرابط الالكتروني : www.rezgar.com .
10- د. جورجي شفيق ساري ، النظام الانتخابي على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، ط 2 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2005 ، ص 105 .
11-Dr. Susan Hattis Rolef , Ms. Liat Ben Meir , Ms. Sarah Zwebner , party financing and election financing in Israel , The Knesset - Research and Information Center , P.7 .
12- د. محمد سليم محمد غزوي ، الوجيز في نظام الانتخاب ، دار وائل للنشر ، عمان ، 2000 ، ص 45 .
13- ينظر : حكم المحكمة الدستورية العليا ( المصرية ) في 16/5/1987 ، ق 131 ، س 6 ، مجموعة أحكام المحكمة ، الجزء الرابع ، قاعدة رقم 5 ، ص 31 ، حيث جاء فيه " وحيث انه لما كان مؤدى المواد الخامسة مكررا والسادسة ، فقرة ( أ ) والسابعة عشر ، فقرة (1) من القانون رقم (38) لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم (114) لسنة 1983 المطعون عليها ان المشرع حين نص على ان يكون انتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية وما استتبع ذلك من النص على اعتبار صورة قائمة الحزب الذي ينتمي إليه المرشح المثبت بها إدراجه فيها شرطا حتميا لقبول طلب ترشيحه يكون قد قصر حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب على المنتمين إلى الأحزاب السياسية المدرجة أسماؤهم بقوائم هذه الأحزاب وحرم بالتالي غير هؤلاء من ذلك الحق دون مقتضى من طبيعته ومتطلبات مباشرته ، ولما كان حق الترشيح من الحقوق العامة التي كفلها الدستور للمواطنين في المادة (62) منه ، ومن ثم فان حرمان طائفة معينة من هذا الحق على ما سلف ينطوي على إهدار لأصله وإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون ويشكل بالتالي مخالفة للمواد (8) و (40) و (62) من الدستور " ؛ ذكره : د. مصطفى عفيفي ، مصدر سابق ، ص 41 .
14- في لبنان ، يكون الناخب حرا في يكون قائمته كما يريد من شتى الأحزاب كما يشاء ، لكنه مقيد بالقيود الطائفية وحدها فيراعي العدد المطلوب من كل طائفة ؛ ينظر : د. شوكت أشتي ، التحالفات الانتخابية مسارات متناقضة ومصير مجهول ، بحث منشور ضمن كتاب " الانتخابات النيابية في لبنان 2005 في خضم التحولات المحلية والإقليمية " ، المركز اللبناني للدراسات ، بيروت ، 2007 ، ص 61 .
15- ينظر : د . داود الباز ، الشورى والديمقراطية النيابية ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2004 ، ص 86 ؛ محمد زين الدين ، تأثيرات أنماط الاقتراع على الانتقال الديمقراطي ، الموقع الالكتروني : الحوار المتمدن ، 2006 ، الرابط الالكتروني : www.rezgar.com.
16- يورج مارتن جابرييل ، كيف تحكم سويسرا ، ترجمة د. محمود بكر ، العربي للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 1987 ، ص 61 .
17- د. جورجي شفيق ساري ، النظام الانتخابي على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، ط 2 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2005 ، ص 111 .
18- د. عمرو هاشم ربيع ، تقييم نظم انتخابات مجلس الشعب ( 1984 - 2005 ) ، الموقع الالكتروني : مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ، الرابط الالكتروني : www.ahram.org.eg .
19- المادة (9) من الفصل الثالث من قانون الانتخابات رقم (16) لسنة 2005 " يكون الترشيح بطريقة القائمة المغلقة ، ويجوز الترشيح الفردي " ، والمادة (10) من نفس القانون " يجب ان لا يقل عدد المرشحين في القائمة عن ثلاثة ولا يزيد على عدد المقاعد المخصص للدائرة الانتخابية " ، علما انه لم يفز أي مرشح فردي في انتخابات الجمعية الوطنية أو في انتخابات مجلس النواب .
20- المادة (1) من القسم الثاني من الأمر رقم (97) لسنة 2004 ( قانون الأحزاب والهيئات السياسية ) " تعني عبارة ( الكيان السياسي ) أي منظمة ، بما في ذلك أي حزب سياسي ، تتكون من ناخبين مؤهلين يتآزرون طواعية على أساس أفكار أو مصالح أو آراء مشتركة بهدف التعبير عن مصالحهم ونيل النفوذ وتمكين مندوبيهم من ترشيح أنفسهم لمنصب عام ، شريطة حصول هذه المنظمة المكونة من الناخبين المؤهلين على المصادقة الرسمية ككيان سياسي من قبل المفوضية العراقية المستقلة للانتخابات ( المفوضية ) ، كما تعني عبارة ( الكيان السياسي ) شخصا واحدا بمفرده ينوي ترشيح نفسه لانتخابه في منصب عام ، شريطة حصول ذلك الشخص على المصادقة الرسمية ككيان سياسي من قبل المفوضية " .
21- وربما كان المفكر ( جمبيتا Gambetta ) على حق حين شبه ( الانتخاب بالقائمة ) بالمرآة المكسورة التي لا تعطي الصورة كاملة للأمة ، وشبه ( الانتخاب الفردي ) بالمرأة المشوهة ، إذ تشوه إرادة الأمة وتضخم صورة حزب الأغلبية بأكبر من حقيقته ؛ ينظر : علي محمد صالح الدباس ، نظم الانتخاب ـ دراسة مقارنة ـ ، رسالة ماجستير في الحقوق مقدمة إلى كلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنية ، 1997 ، ص 40 .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة