إسناد الإشراف على العملية الانتخابية إلى جهة دولية
المؤلف:
سعد مظلوم عبدالله العبدلي
المصدر:
ضمانات حرية ونزاهة الانتخابات
الجزء والصفحة:
ص 110-112
2025-11-25
43
قد يؤدي الصراع المحموم على السلطة بين الأحزاب والاتجاهات السياسية في الدولة ، وفقدان الثقة المتبادلة فيما بينها ، إلى عدم الاكتفاء بالمطالبة بإسناد مهمة الإشراف على الانتخابات إلى حكومة محايدة ، بل إلى تجاوز حدود الدولة نفسها ، والمطالبة بتكليف مراقبين دوليين للإشراف على الانتخابات ومتابعة نتائجها ، سواء كان ذلك تحت مظلة الأمم المتحدة أو لجنة القانونيين الدوليين أو الاتحاد البرلماني الدولي أو منظمات حقوق الإنسان أو الشخصيات العامة الدولية ، وقد شكل هذا الاتجاه ظاهرة في تسعينيات القرن الماضي(1) ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ، الانتخابات التي أجريت عام 1995 في الجزائر ، ولعل في ذلك يكمن السبب في اختلاف النتائج التي أسفرت عنها هذه الانتخابات بشكل كلي ، لا بالمقارنة بالنتائج المعتادة للانتخابات السابقة في الجزائر وحسب ، وإنما أيضاً بالنسبة لكافة الدول العربية الأخرى(2) .
وغالبا ما يتم اللجوء إلى هذا الخيار في الدول التي انتقلت من الحكم الديكتاتوري الشمولي إلى حكم ديمقراطي(3) ، أو في الدول التي انتقلت من حكم عنصري إلى حكم ديمقراطي متعدد الأعراق(4) ، أو في حالة الاستقلال الحديث(5) .
مع الأخذ بنظر الاعتبار ان هذا النوع من الإشراف قد يلقى معارضة شديدة في دول أخرى لما يعتقده البعض من ان الرقابة الدولية تحمل شبهة التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية ، وبما يتعارض مع نظرية السيادة الوطنية(6) .
ومن ابرز النشاطات التي قامت بها الأمم المتحدة في هذا المجال ، هي الانتخابات الكمبودية والتي كانت جزء من اتفاقية التسوية الشاملة في كمبوديا ، وقد تم وضع قانون الانتخاب ومجموعة القواعد التي تحكم سلوك الأحزاب السياسية من قبل الأمم المتحدة ، وقد عزز مصداقية تلك الانتخابات قبول الكمبوديين بنتائجها بالإضافة للمصادقة الدولية على النتائج التي تمخضت عنها .
في حين يقتصر المجتمع الدولي في أحيان أخرى على مستويات أخرى من التعاون والإشراف وبناءا على طلب من حكومة ذات سيادة ، فالأمين العام أرسل على سبيل المثال مراقبين لرصد عمل المجلس الانتخابي الأعلى في نيكاراجوا عام 1989 بناءا على طلب الحكومة ، وكذلك الأمر في هاييتي عام 1990 ، مع الأخذ بنظر الاعتبار ان هذه الدرجة العالية من تدخل الأمم المتحدة تتطلب تفويضا محددا بذلك من الجمعية العامة للأمم المتحدة(7) .
علما بأنه من سنة 1991 وحتى سنة 2000 ، تلقت الأمم المتحدة (226) طلبا للمساعدة من (89) بلدا وكيانا وإقليما ، بما فيها ( كوسوفو ، والصحراء الغربية ، والأراضي الفلسطينية المحتلة ) ، واستجابة لهذه الزيادة في طلبات المساعدة الانتخابية ، ابتعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تدريجيا عن تقديم المساعدة المباشرة لحدث انتخابي محدد ، منتقلا نحو إعداد برامج لبناء القدرات تكون أطول أجلا وتهدف إلى إنتاج إجراءات انتخابية فاعلة ومستدامة على المدى البعيد(8).
_______________
1- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ، النظم والعمليات الانتخابية ، عمان ، 2004 ، ص 3 .
2- فقد تم تنظيم هذه الانتخابات تحت إشراف مجموعة من المراقبين الدوليين من الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية وجامعة الدول العربية واللجنة الأهلية الجزائرية ، وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 74% ، وفاز فيها أول رئيس عربي بنسبة 61% من الأصوات ؛ ينظر : د. سليمان الغويل ، الانتخاب والديمقراطية ، ط1 ، أكاديمية الدراسات العليا ، طرابلس ، 2003 ، ص 251 .
3- كما هي الحال في دول المعسكر الشيوعي السابق ، مثل روسيا وبقية دول أوربا الشرقية .
4- مثال ذلك ، جنوب أفريقيا ، حيث أناط دستورها الصادر عام 1993 ، مهمة الإشراف على الانتخابات إلى لجنة مكونة من عشرة أشخاص ، وضمت اللجنة في عضويتها خمس شخصيات دولية للعمل بصفة مستشارين باللجنة ؛ ينظر : د. حمدي عبد الرحمن حسن ، الانتخابات التعددية في إفريقيا ، بحث منشور ضمن كتاب " الانتخابات النيابية في دول الجنوب " ، مركز دراسات وبحوث الدول النامية ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 1997 ، ص 38 .
5- مثل ناميبيا ، والسلطة الفلسطينية .
6- جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان ، الرقابة الانتخابية ونزاهة الحكم ، الرابط الالكتروني : www.ahrla.org
7- جاي س . جودوين ـ جيل ، الانتخابات الحرة والنزيهة ـ القانون الدولي والممارسة العملية ، ترجمة أحمد منيب ، مراجعة فايزة حكيم ، الدار الدولية للاستثمارات الثقافية ، القاهرة ، 2000 ، ص 43 .
8- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ، النظم والعمليات الانتخابية ، عمان ، 2004 ، ص 3 .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة