إثبات عصمة أمير المؤمنين عليه السّلام عن طريق اتّحاد نفسه مع نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص128-131
2025-10-09
368
إثبات عصمة أمير المؤمنين عن طريق اتّحاد نفسه مع نفس رسول الله.
انّ أمير المؤمنين له حكم نفس رسول الله بمقتضى النصوص الصريحة، ولذلك فانّ قلبه المبارك له ملكة العصمة القدسيّة. والروايات الواردة في اتّحاد روحه عليه السلام مع روح رسول الله صلى الله عليه وآله، عن طريق أهل السنّة كثيرة، ونذكر بعضها كنماذج:
يقول القندوزي الحنفي: وفي المناقب عن علي بن الحسن، عن عليّ الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليّ عليهم التحيّة والسلام.
قَالَ: "إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله خَطَبَنَا فَقَالَ: أيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ قَدْ أقْبَلَ إليكُمْ شَهْرُ اللهِ بِالبَرَكَةِ والرَّحْمَةِ والمغْفِرَةِ، وذَكَرَ فَضْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ ثمَّ بَكَى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: يَا عليّ! أبْكِي لمَا يُسْتَحَلُّ مِنْكَ في هَذَا الشَّهْرِ؛ كَأنِّي بِكَ وأنْتَ تُرِيدُ أن تُصَلي، وقَدِ انْبَعَثَ أشْقَى الأوَّلينَ والآخِرِينَ، شَقِيقُ عَاقِرِ نَاقَةِ صَالِحٍ، يَضْرِبُكَ ضَرْبَةً عَلى رَأسِكَ، فَيَخْضبُ بها لِحْيَتَكَ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وذلِكَ في سَلَامَةٍ مِنْ دِيني؟ قَالَ: في سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ.
قُلْتُ: هَذَا مِن مَوَاطِنِ الْبُشْرَى والشُّكْرِ.
ثم قَالَ: يَا عَلي! مَن قَتَلَكَ فَقَدْ قَتَلَني، ومَن أبْغَضَكَ فَقَدْ أبْغَضَني، ومَنْ سَبَّكَ فَقَدْ سَبَّني، لأنَّكَ مِني كَنَفْسِي، رُوحُكَ مِن رُوحِي، وطِينَتُكَ مِن طِينَتِي، وإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى خَلَقَني وخَلَقَكَ مِنْ نُوري، واصْطَفَاني واصْطَفَاكَ، فَاخْتَارَني لِلنُّبُوَّةِ واخْتَارَكَ لِلإمَامَةِ.
فَمَنْ أنكَرَ إمَامَتَكَ فَقَدْ أنْكَرَ نُبُوَّتِي. يَا عليّ أنْتَ وَصِيِّي، ووَارِثِي، وأبُو وُلْدِي، وزَوجُ ابْنَتِي، أمْرُكَ أمْرِي، ونَهْيُكَ نَهْيِي، اقْسِمُ بِاللهِ الذي بَعَثَني بِالنُّبُوَّةِ، وجَعَلَني خَيرَ البَرِيّةِ، إنَّكَ لَحُجَّةُ اللهِ عَلى خَلْقِهِ، وأمينُهُ عَلى سِرِّهِ وخَليفَةُ اللهِ عَلى عِبَادِهِ"[1].
وقد وردت في هذه الرواية فقرات صريحة في اتّحاد روح عليّ عليه السلام المقدّسة مع روح النبيّ، وأكثر ما يستحقّ التأمّل والاهتمام قوله صلى الله عليه وآله: "فَمَنْ أنْكَرَ إمَامَتَكَ فَقَدْ أنْكَرَ نُبُوَّتِي".
اذ يتّضح منها انّ مسألة الإمامة هي روح الإسلام وحقيقة الإيمان، إلى الحدّ الذي يصبح الإنسان بدونها عارياً عن الايمان ومُنكراً للنبوّة، ولو اعترف آلاف المرات بالنبوّة.
يقول في (السيرة الحلبيّة): قَالَ أبُو بَكْر: سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه [و آله] وسلّم يِقُولُ: "عَلي مِنّي بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَبِّي"[2].
ويقول القندوزي: عَن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: عليّ "مِني وأنَا مِنْهُ، وهُوَ وَليّ كُلٌّ مُؤمِنٍ ومُؤْمِنَةٍ بَعْدِي". رواه صاحب الفردوس[3].
كما يروي عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لِكُلِّ نَبِيّ صَاحِبُ سِرٍّ وصَاحِبُ سِرِّي عليّ بْنُ أبي طَالِبٍ". رواه صاحب الفردوس[4].
ويقول أيضاً: علي عليه السلام رفعه عنه صلى الله عليه وآله: "خُلِقْتُ أنَا وعليّ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ"[5].
ويروي كذلك عن أنس قال: رَأيتُ رَسُولَ اللهِ جَالِساً مَعَ عليّ فَقَالَ: "أنَا وهذَا حُجّةُ اللهِ عَلي خَلْقِهِ". رواه صاحب الفردوس[6].
ويروي كذلك عن عبد الله بن مسعود قال: قَالَ صلى الله عليه [و آله] وسلّم: "أنَا وعليّ مِن شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ والنَّاسُ مِنْ أشْجَارٍ شَتَّى". رواه صاحب الفردوس[7].
ويقول أيضاً: يروي صاحب كتاب (مودّة القربى) عن ابن عبّاس رضي الله عنه رفعه: "خُلِقْتُ أنَا وعليّ مِن شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ والنَّاسُ مِنْ أشْجَارٍ شَتَّى".
وفي رواية عنه: "خَلَقَ الأنبِيَاءَ مِن أشْجَارٍ شَتَّى وخَلَقَني وعَليًّا مِن شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأنَا أصْلُهَا، وعليّ فَرْعُهَا، والْحَسَنُ والحسين ثِمَارُهَا، وأشْيَاعُنَا أوْرَاقُهَا، فَمَنْ تَعَلَّقَ بها نَجَى، ومَن زَاغَ عَنْهَا هَوَى"[8].
[1] (ينابيع المودّة)، ص 53.
[2] (السيرة الحلبيّة)، ج 3، ص 400.
[3] (ينابيع المودّة)، ص 234.
[4] (المصدر السابق)، ص 235.
[5] (المصدر السابق)، ص 256.
[6] (المصدر السابق)، ص 239.
[7] (ينابيع المودّة)، ص 236. وأورد هذه الرواية أيضاً في بحار الأنوار ج 38، ص 309 الطبعة الحروفية، عن (كشف الغمّة)، عن (المناقب) للخوارزمي. وأوردها في ص 324 و325 عن (الأمالي) للشيخ الطوسي، انّ رسول الله صلي الله عليه وآله قال: يا على خلق الله الناس من أشجار شتى، وخلقني وأنت من شجرة واحدة أنا أصلها وأنت فرعها، فطوبى لعبدٍ تمسّك بأصلها وأكل من فرعها.
كما أورد في ج 35 عن (بحار الأنوار) ص 35 نقلًا عن (عيون أخبار الرضا) انّه عليه السلام قال: "قال النّبيّ صلي الله عليه وآله لعلي [عليه السلام]: الناس من أشجار شتّى وأنا وأنت من شجرة واحدة."
[8] (ينابيع المودّة)، ص 256.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة