الولاية المطلقة لامير المؤمنين عليه السلام
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج5/ص71-72
2025-12-18
42
باطن النبوّة هو الولاية المطلقة؛ والولاية المطلقة هي عبارة عن حصول مجموع هذه الكمالات بحسب الباطن في الأزل؛ وإبقاءها إلى الأبد؛ كقول أمير المؤمنين عليه السلام: "كُنتُ وَلِيّاً وآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ والطِّينِ" وكقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "أنا وعلى مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ". وكقوله فيه: "خَلَقَ اللهُ رُوحِي ورُوحَ عَلِيّ بْنِ أبي طَالِبٍ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ بِألْفي عامٍ"(الحديث).
وكقوله فيه: بُعِثَ عَلِيّ مَعَ كُلِّ نَبِيّ سِرّاً ومَعِيَ جَهْراً.
ولاقتضاء هذه المرتبة، قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة البيان: "أنَا وَجْهُ اللهِ؛ أنَا جَنْبُ اللهِ؛ أنَا يَدُ اللهِ؛ أنَا الْقَلَمُ الأعلى؛ أنَا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ؛ أنَا {الْكِتابِ الْمُبِينِ}؛ أنَا الْقُرآنُ النّاطِقُ؛ أنا {كهيعص ؛ الم ذلِكَ الْكِتابُ}؛ أنَا طَاءُ الطَّوَاسِيمِ؛ أنَا حَاءُ الْحَوامِيم؛ أنَا الْمُلَقَّبُ بِيَاسِينِ؛ أنَا صادُ الصَّافَّاتِ؛ أنا سِينُ الْمُسَبِّحَاتِ؛[1] أنا النُّونُ {وَ الْقَلَمِ}؛ أنَا مَائِدَةُ الْكَرَمِ؛ أنا خَلِيلُ جَبْرَئِيلَ؛ أنَا صِفْوَةُ مِيكَائِيلَ؛ أنا الْمَوصُوفُ بِ «لا فَتَى»؛ أنَا الْمَمْدُوحُ في {هَلْ أَتى}؛ أنَا النباء العظيم؛ أنَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ؛ أنَا الأوَّلُ؛ أنَا الآخِرُ؛ أنَا الظَّاهِرُ؛ أنَا الْبَاطِنُ؛ إلى آخِرِهِ".[2]
حذار من أن تبدو هذه المطالب مستبعدة؛ لأنّ بُعْدَها فيما لو قام الإمام بهذه الأفعال بصورة مستقلّة؛ أمّا إذا كان الإمام مرآة محضة والآية الأكمل للحقّ، وكانت هذه الأفعال مظهراً للذات الأحديّة تجلّت في مرآة وجوده، إذا كان كلّ ذلك، فكيف يمكن أن نستبعد قيام الإمام بتلك الأفعال؟ وإذا كان العمل في باب التوحيد منحصراً بالحقّ المتعال؛ فما هو الفرق- عندئذٍ- بين عمل صغير من أعمال الإمام، كقلع باب خيبر، وقتل عَمْرو بن عَبْد ود، ومَرْحَبْ، وصناديد قريش في خَيْبَر، والأحزاب، وبَدْر؛ وبين عمل كبير، كطوفان نوح، وإرسال الريح السموم على عاد، وأمثالهما، لأنّ الفعل في كلتا الحالتين هو فعل الحقّ تبارك وتعالى.
[1] وهي خمس سور في القرآن الكريم تبدأ بكلمة سَبَّحَ وكلمة يُسَبِّحُ وتسمّى سُوَر المُسَّبِحَاتِ. وهي: سورة الحديد، والحشر، والصفّ، والجمعة، والتغابن. وفي المأثور أنّ الرسول الاكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يقرأ هذه السور قبل النوم. وعند ما سئل عن السبب. قال: في كلّ سورة من هذه السور آية تعادل ألف آية من القرآن. (مهر تابان: مذكّرات العلّامة الطباطبائيّ رضوان الله عليه، القسم الثاني ص 13).
[2] «جامع الأسرار» ص 382، 383.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة