أمير المؤمنين الوارث لكمالات جميع الأنبياء
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج4/ص54-55
2025-12-06
37
قد اتّضح أنّ رسول الله كان أقوى من كافّة الأنبياء والمرسلين وأشدّ وأعظم منهم في هذه المراحل الثلاث. وورث أمير المؤمنين عليه السلام منه تلك العظمة في مراحلها الثلاث، ولذلك فأنّه كان أعلم من جميع الأنبياء وأوصيائهم بكتاب التشريع والتكوين، وكان أقوى منهم في ذات الله وأنضج، وأكثر ذوباناً، وكان ببقاء الحقّ أعظم وأوسع. وهنا كشف الشارح المعتزليّ لنهج البلاغة، ابن أبي الحديد الغطاء فاعترف بأفضليّة عليّ عليه السلام على جميع الملائكة المقرّبين والأنبياء والمرسلين فأنشد في بعض أشعاره يقول:
قَدْ قُلْتُ لِلْبَرْقِ الذي شَقَّ الدُّجى *** فَكَأنّ زَنْجِيّاً هُنَاكَ يُجدعُ[1]
يَا بَرْقُ إنْ جِئْتَ الْغَرِيّ فَقُلْ لَهُ *** أتُراكَ تَعْلَمُ مَنْ بَأرْضِكَ مُودَعُ
فِيكَ ابْنُ عِمْرَانَ الْكَلِيمُ وبَعْدَهُ *** عيسى يُقَفِّيهِ وأحْمَدُ يَتْبَعُ
بَلْ فِيكَ جِبريلُ ومِيكالُ وإسْ *** -رَافِيلُ والْمَلُا الْمُقَدَّسُ أجْمَعُ
بَلْ فِيكَ نُورُ اللهِ جَلَّ جَلالُهُ *** لِذَوي الْبَصَائِرِ تَستَشِفُّ وتَلْمَعُ
فِيكَ الإمام الْمُرْتَضَى فِيكَ الْوَصِيّ *** الْمُجْتَبَى فيكَ الْبَطِينُ الأنْزَعُ[2]
لمّا كان ابن أبي الحديد معتزليّاً، والمعتزلة يفضّلون الملائكة على الأنبياء، لذلك قدّم موسى، وعيسى، ومحمّداً، ثمّ تدرّج فذكر جبرائيل وميكائيل، وإسرافيل وجميع الملائكة المقدّسين. فهذه هي منزلة سيّدنا عليّ بن أبي طالب، الذي ينوب عن نفس الحبيب المصطفي محمّد صلّى الله عليه وآله، بل هو عينه وذاته في عالم المعنى والحقيقة، أي الولاية الإلهيّة المطلقة الكبرى، وهو الشاهد على ناموس الكون، وعلى أحوال الأنبياء.
[1] هنا شبّه الليل المظلم بغلام زنجيّ؛ وكأنّ البرق الذي يشقّ ظلام الليل يجدع أنف الغلام الزنجيّ.
[2] هذه الأبيات من قصيدة عينيّة له، وهي إحدى القصائد السبع المعروفة بـ «العلويّات السبع». وقد طبعت ضمن «المعلّقات السبع». وصفحات الكتاب غير مرقّمة لكنّها في أوّل الربع الأخير من الكتاب. وما أروع الشعر الذي أنشده الملّا الروميّ.
هم آدم وهم شيث وهم ايّوب وهم ادريس *** هم يوسف وهم يونس وهم هود على بود
هم موسى وهم عيسى وهم خضر وهم الياس *** هم صالح پيغمبر وداود على بود
آن كاشف قرآن كه خدا در همه قرآن *** كردش صفت عصمت وبستود على بود
وترجمته: لقد كان عليّ خلاصة الأنبياء، فكان آدم، وشيثاً، وايّوب، وإدريس، ويوسف، ويونس، وهوداً، وموسى، وعيسى، والخضر، وإلياس، وصالحاً، وداود. هو الذي كشف عن أسرار القرآن، وأثنى عليه الله ووصفه بالعصمة في كتابه كلّه. *** - أي فيك الإنسان الكامل المنزّه والمطهّر من الشرك والذنب، والطافح بمعادن الخير وجواهر حقائق العلوم.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة