مقام أمير المؤمنين عليه السّلام
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص59-63
2025-10-04
312
بالنسبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فهو قائد للمعارف الحقة وصاحب لواء الحمد، والسابق في مراحل التوحيد؛ فقد جاء به الله سبحانه في بيته وحرمه (الكعبة) بعد أن حفظ نوره المقدّس في الأصلاب نسلًا بعد نسل، من آدم إلى أبي طالب.
اسمه المبارك: علي؛ وكُنيته: أبو الحسن؛ ووالده: أبو طالب بن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف؛ وأبو طالب أخو عبد الله والد الرسول، وعلى هذا فانّه ابن عمّ رسول الله، تجتمع نسبتهما في جدّهما عبد المطلب.
وكان أبو طالب من أكابر أهل مكّة وممّن خدموا رسول الله، فقد كان يحامي عنه بحيث أنّ أحداً من مشركي قريش لم يستطع أن ينال الرسول بأذى في حياة أبي طالب وكان أبو طالب يحفظ النبيّ ويحرسه وسائر بني هاشم لمدّة ثلاث سنوات في الشعب المعروف بشعب أبي طالب، وكان يفدي رسول الله بنفسه ويحميه حتى رحل عن هذه الدنيا، وعندها تطاولت الأيادي المتجاوزة والمتجاسرة على رسول الله من قبل المشركين، فاجبر النبيّ الأكرم على الهجرة إلى المدينة.
وكان أبو طالب من المؤمنين الواقعيين والمسلمين الحقيقيين برسول الله[1]، وأشعاره التي نظمها في مدح رسول الله كثيرة ومثبتة في كتب الأحاديث والتاريخ، لكنّه كان يكتم إيمانه عن قريش لأسباب، من أهمها المحافظة على رسول الله وحراسته، وكان الرسول كثير المحبّة له وكان يخاطبه بـ (أبي).
اسم والدته: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف؛ ولأنّ أسد كان أخاً لعبد المطلّب، لذا فانّ أبا طالب وفاطمة كانا ابني عمّ بعضهما. وكانت فاطمة بنت أسد والدة أمير المومنين من أعلام النساء المسلمات، وهي أوّل امرأة آمنت برسول الله بعد خديجة؛ وكانت تحبّ رسول الله كثيراً، وكان الرسول يخاطبها ب (أمّي).
وكانت أول امرأة هاجرت من مكّة إلى المدينة: يقول ابن الجوزي: وهِيَ أولَ امْرَأةٍ هَاجَرَتْ مِن مَكَّةَ إلى المدِينَةِ مَاشِيَةً حَافِيةً، وهِيَ أولُ امْرَأةٍ بَايَعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه [و آلِه] وسَلم بِمَكَّةَ بَعْدَ خَدِيجَةَ[2].
ويقول ابن الصبّاغ المالكي: فاطمة بنت أسد، أسلمت وهاجرت مع النبيّ صلى الله عليه [و آله] وسلم، وكانت من السابقات إلى الإيمان بمنزلة الأم من النبيّ صلى الله عليه [و آله] وسلم ... فلما ماتت كفّنها النبيّ صلى الله عليه [و آله] وسلم بقميصه، وأمر أسامة بن زيد وأبا أيّوب الأنصاري فحفرا قبرها، فلما بلغا لحدها حفره رسول الله صلى الله عليه [و آله] وسلم بيديه وأخرج ترابه، فلما فرغ اضطجع فيه وقال: "اللهُ الذي يُحْيِي ويميتُ وهُوَ حَيّ لَا يموتُ اللَّهُمَ اغْفِرْ لُأمِيّ فَاطِمَةَ بِنْتِ أسَدٍ ولَقِّنْهَا حُجَّتها ووَسِّعْ عَليهَا مُدْخَلها بِحَقِّ نِبِيِّكَ محمّدٍ والانبياءِ الَّذِينَ مِن قَبْلي فَإنَّكَ أرْحَمُ الراحِمين"[3].
فقيل[4]: يا رسول الله! رأيناك وضعت شيئاً لم تكن وضعته بأحد قبلها؟! فقال صلى الله عليه [و آله] وسلم: ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنّة، واضطجعتُ في قبرها ليخفّ عنها من ضغطة القبر، انّها كانت من أحسن خلق الله صُنعاً إلى بعد أبي طالب رضي الله عنهما ورحمهما[5].
يقول سبط ابن الجوزي: وكانت وفاة فاطمة بنت أسد في السنة الرابعة للهجرة[6].
وقد أنجب أبو طالب وفاطمة بنت أسد أربعة أولاد هم بالترتيب: طالب، وعقيل، وجعفر، وعلى، وكان كلّ واحد منهم أسنّ من الأخر الذي يسبقه بعشر سنين، كما انجبا بنتاً واحدة تسمّى فاخته وتكنى بـ(امّ هاني)[7].
يقول المستشار عبد الحليم الجُندي، أحد أركان المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية في مصر في كتابه القيم (الإمام جعفر الصادق) ص 31: وعلى في كثير من الأمور هو الأوحد، فالنبيّ هو الذي ربّاه، وآخاه، وأعدّه للعظائم فصنعها، وعَهِد اليه في تبليغ آي القرآن ... وهي جميعها خصوصيّات لا يرقى رقيّه فيها أحد؛ أما ما لم يشركه فيه بشر فهو ما أجمعت عليه كتب الشيعة وشاركها فيه كثيرون من علماء اهل السنّة منذ القرون الاولى- كالمسعودي والحاكم والكنجي- حتى القرون الحديثة- كالآلوسي- وهو أنَّ عَليا وُلِدَ بِالْكَعْبَةِ.
كما يقول عبد الباقي عمر في هذا الشأن: ويقول الحاكم النيسابوري: لَم يُولَدْ في جَوْفِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ عليّ ولَا بَعدَهُ مَوْلُودٌ إكرامًا لَهُ وإجلألًا لِمَحلِّهِ كما يقول ابن الصبّاغ المالكي: وُلِدُ عليّ عَليه السلام بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ بِدَاخِلِ الْبَيتِ الْحَرَامِ في يَومِ الْجُمُعَةِ الثَّالِثِ عَشَرَ مِن شَهْرِ اللهِ الأصمِّ، رَجَبِ الْفَردِ سَنَةَ ثَلاثِينَ مِن عَامِ الْفِيلِ، قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثلاثٍ وعِشرِينَ سَنَةً، وقِيلَ بِخَمْسٍ وعِشرِينَ، وقَبْلَ الْبَعثِ بِاثنَتَي عَشَرة سَنَةً، وقِيلَ بِعَشرِ سِنين، ولم يُولَد في الْبَيتِ الحرامِ قَبْلَهُ أحَدٌ سِوَاهُ، وهِيَ فَضِيلَةٌ خَصَّهُ اللهُ تعالى بها إجْلالًا لَهُ وإعْلَانَاً لِمَرتَبَتِهِ وإظْهَارًا لِتَكْرمَتِهِ، وكَانَ عليّ هَاشِمِيّاً مِن هَاشِمِيّينِ وأوَّل مِن وَلدَهُ هَاشِمُ مَرَّتَينِ.
[1] يُرجع إلى كتاب (أبو طالب مؤمن قريش) تأليف عبد الله الخنيزي، وكتاب (الحجّة علي الذاهب إلى تكفير أبي طالب) تأليف فخار بن سعد بن فخار الموسوي بن معد الموسوي الحائري صصص يروي عن ابن ادريس الحلّي، ويروي عنه المحقّق الحلّي، ويرجع كذلك إلى كتاب (أبو طالب حامي الرسول وناصره) تأليف العلّامة نجم الدين الشريف العسكري.
[2] (الفصول المهمّة) لابن الصبّاغ، هامش الصفحة 13؛ و(تذكرة السبط) ابن الجوزي، ص 6.
[3] (الفصول المهمّة)، ص 13.
[4] وينقل ابن الأثير ذيل كلام ابن الصبّاغ في (أسد الغابة)، ج 5، ص 517.
[5] إلى هنا كلام ابن الصبّاغ
[7] (الفصول المهمّة) لابن الصبّاغ ص 12 نقلًا عن ضياء الدين أبي المؤيد الموفّق بن أحمد الخوارزمي في كتابه (المناقب).
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة